من الواجب أن نوضح في البداية، أن طرح فكرة هذا الموضوع جاءت مؤسسة على وجود معضلة في المجتمع البحريني، أو قل معضلتان: الأولى تزايد معدل الإصابة بالأمراض النفسية والإكتئاب (تصل نسبته إلى 10 في المئة بين النساء في البحرين)، والثاني هي الأوضاع التي يعيشها المريض النفسي في المجتمع، مع أن للمرضى عموماً حقوقاً نادى بها الدين الإسلامي أولاً وحفظتها الأعراف ثانية ثم ان هذه الحقوق ذاتها تنطبق على المرضى النفسيين. للمريض النفسي الحق كل الحق في أن يعامله الناس طبقاً لاحتياجاته، ويقدمون له الدعم النفسي، فأحد أولئك المرضى تمنى أن تتطرق الصحافة إلى هذه الفئة من المرضى حتى تزول فكرة الخوف الشديد من المريض النفسي الذي يحتاج إلى كل الناس.
في كتابه الرائع: «الطب النفسي والقانون… أحكام وتشريعات الأمراض النفسية» للباحث لطفي الشربيني، يشير إلى ان دراسة الطب النفسي وعلاقته بالقانون أمر حيوي يتصل اتصالاً مباشراً بمواصفات الحياة للناس، وسلامة المجتمع، ويعتبر المقياس الحقيقي لحضارة الشعوب، والتقييم الصحيح لمنظورات المجتمع السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية، فإن المرض النفسي يختلف عن غيره من الأمراض من حيث أن له طبيعة خاصة في أعراضه وأسبابه وآثاره وطرق علاجه… فهو يؤثر ليس على المريض فحسب وإنما على الأسرة والمجتمع ككل، فالمرض النفسي هو مرض يصيب أساسا الوظائف المعرفية مثل الإدراك والتركيز والقدرة على اتخاذ القرار، والاستبصار بالمرض، وهذا يحدث بدرجات متفاوتة في أنواع مختلفة في المرض النفسي فالذهان مثلا يختلف في هذه النقطة عن مرض العصاب، وكذلك مرض الاكتئاب عن مرض الخرف.
وعندما نتكلم عن طبيعة المرض النفسي فلابد ان يكون هذا في سياق المجتمع إذ ان أعراض المرض النفسي كالضلالات، والهلاوس، والانطوائية، والاندفاعية تقابل غالبا بالرفض والنظرة السلبية، ويوصم المريض النفسي بوصمة سلبية تلاحقه هو أسرته طيلة الحياة، وهناك طبيعة أخرى تميز المريض النفسي وهي انه غالبا لا يشكو من مرضه بل وفي بعض الأحيان يتعايش ويتفاعل مع هذه الأعراض ذات الطبيعة الخاصة، ولهذا تقع على المجتمع مسئولية اكتشاف المريض والبحث عنه وتقديم المساعدة للمريض حيثما وجد فهذا حق من حقوقه