بعيداً عن تصريحات البشر. (كائن من يكون ذلك البشر رئيس دولة أو فقيراً معدماً في بقعة ما من أرض الله الواسعة)، فإن الانتماء، كما يقول الباحث العربي غالب الفريجات في بحوثه القيمة في موضوع المواطنة والانتماء، هو حال وطنية لا شعورية تتم تغذيتها بالتربية، ولابد أن تكون لدى كل انسان، حتى أنه من الممكن أن تكون لدى كل كائن حي يشعر بارتباطه بالوطن الذي ولد فيه وترعرع.
وفيما بين المواطنين لا يجوز تجريد أحد من حال الانتماء هذه، لأنه ليس لأحد الادعاء بها دون سواه، وليس من حقه أن يجردها عن الآخر ايا كان هذا الآخر، إلا إذا قام هذا الآخر بما يتنافى مع هذه الحال، كما في العملاء والجواسيس والخونة، الذين لا انتماء لهم، عندما يقفون في خندق الاعداء على حساب الوطن تحت أي مبرر كان في ضوء القاعدة التي تقول إن الجاسوس أو الخائن لا وطن له، كما أنه ليس من العدل في عملية فرضها على طرف أو اطراف هم في واقع الأمر يملكون هوية وطنية تتعرض للالحاق أو الالغاء، كما هو في الممارسات الصهيونية ضد الهوية الوطنية الفلسطينية.
ولكن بالضرورة ان تتوافر لمثل هؤلاء حال من الانتماء المزدوج، كأن يتم التزاوج فيما بين انتمائهم للوطن الذي يعيشون على ارضه ويملكون حقوق مواطنيه وعلى وجه الخصوص السياسية إذا كان وطنا عربيا لأنهم في هذا يتوحدون مع المواطنين الاصليين بالانتماء القومي، ما يعني واجب الدفاع عن الوطن الذي يتمتعون فيه بالحقوق السياسية في حال تعرض هذا الوطن لأي عدوان خارجي من دون أن يفقدهم حقهم في الانتماء للوطن والهوية الاصلية التي سلبت منهم.
المواطنة تتمثل في ارتباط الإنسان بوطن، ومن حق كل إنسان يعيش على بقعة أرض أن يملك حقوق المواطنة على هذه الأرض في ضوء القوانين المرعية لادارة هذا الوطن، على ألا تكون قد جاءت باطار فوقي أو اغتصابي، والمواطنة لها وجهان لا ينفصلان: حقوق وواجبات، فعلى كل مواطن أن يقدم ما يترتب عليه من حقوق لهذا الوطن، وعلى القائمين على صناعة القرار فيه أن يفوا باحتياجات هذا المواطن، والتي قد تكون في صورة تعاقدية ما بين النظام السياسي والمواطنين في وثيقة الدستور، ولكنها ليست تلازمية، بمعنى أن أي تقصير في توفير الاحتياجات والمصالح من جانب النظام السياسي لابد أن تقابله ممانعة أو معارضة في تقديم الواجبات المنوطة بالمواطنين، إلا من خلال استخدام الانظمة والقوانين كحق التظاهر السلمي والعصيان المدني، والسعي إلى التغيير بالوسائل والطرق الديمقراطية