لعلني أميل إلى الصوت الذي يطالب بالاستماع الى ما يريده الشباب الذين توجه إليهم أصابع الاتهام بالحرق والتخريب وإشعال البلاد، في تأجيج مسرف تجاه تغييب الاطمئنان وبث الشعور بالخوف والرهبة وعدم الأمان… أقول إنني أميل إلى ذلك الصوت من ناحية استخدام مفردة «الاستماع»، لكن ليس من المعقول أن يكونوا هم الطرف المقابل للتحاور أو للاستماع… هذا لا يمكن إطلاقا من عدة نواح أهمها:
– أنه، ومن باب معرفة وقرب وتفهم، فإن أولئك الشباب في بعض قرانا وأحيائنا السكنية ليسوا سوى طلبة مدارس إعدادية وثانوية ويشاركهم أحيانا بعض طلبة المرحلة الابتدائية، وفي بعض الأحيان يشاركهم المتسربون من التعليم وقليل من العاطلين «الصغار في السن»… فالمسألة لم تتعد مساحة إيجاد برنامج للتنفيس يكون مهربا من الوضع المعيشي أو الأسري من خلال دوي اسطوانات الغاز أو لون دخان الإطارات المشتعلة.
– ثانيا، وهذا جانب مهم، هو أنك ستعرف حينا من يكون أولئك الفاعلون الملثمون، وستسمع حينا آخر أنهم ينتسبون إلى هذه الجهة أو تلك، وهنا، فمن واجب الأهالي أولا إيقاف الشباب الذين يلوذون بالحرائق – بتصرفهم – من دون موجه أو قيادة علمائية، وثانيا، العمل على القبض على المشتبه بهم ممن يقول البعض عنهم إنهم ينتسبون إلى الداخلية أو المخابرات أو أية جهة. نعم، ما المانع من أن يقبض عليهم الشباب الأشداء في القرى وهم كفء لهذا العمل، ثم يقدمونهم للمساءلة القانونية بمعرفة الوجهاء وممثلي الشعب؟
على أن ما تقدم، لا يحرم هذه الفئة، التي تود أن توصل صوتا، هو من حقها في المطالبة المشروعة، ولكن ليس من خلال تدمير ذاتهم ومستقبلهم ومجتمعهم وبلادهم. لقد تابعنا الشباب الأربعة الذين اعتصموا بسلام أمام وزارة الداخلية يطالبون بوظائفهم… ألم يصلوا إلى نتيجة بهدوئهم ووجدوا من يأخذ بيدهم؟
نحن، نريد أن نوصل صوت من له مطالب، ولكن من خلال التحاور بين النواب والناشطين والوجهاء والعلماء، ومن حقنا أن نتحدث عن البطالة والفقر وسوء الحال المعيشي، وليس صحيحا أن نجلس مع طلبة تسربوا من التعليم وفضلوا طريق التسكع والعنف لنسبغ عليهم صفة البطولات ثم نتورط بهم وهم يتحكمون في الديرة… بل يقارعون حتى علماء الدين.
الصحيح، هو أن العلماء والوجهاء والفئات المثقفة في هذه القرية أو تلك، أعلم بمطالب الناس ومبتغاهم، ويدركون أسباب أية ممارسة ودوافعها وحلولها، وهؤلاء من يجب أن يكونوا طرفا مهما لدى السلطة… للحوار!