قبل فترة، أرسل لي زميل تونسي مجموعة من قصص الحكمة الصينية ترجمها الأديب التونسي إبراهيم رغوثي، ووجدت في الكثير من تلك القصص الرائعة ما ينمُّ عن عقلية عبقرية، وخصوصا قصص الكاتب الصيني ليو دي هيو، ما رأيكم لو قرأنا معا اليوم، تلطيفا للنفس من الكثير من العناء، قصة الديك الأعرج ابن الدجاجة العرجاء؟
تقول القصة:
اصطاد ثعبان ديكا أعرجَ واستعدَّ لالتهامه، لكن ثعلبا سرقه منه بحركة سريعة بارعة، ولم يترك له فرصة لاستعادته، فقال الثعبان: أنا من اصطاد هذا الديك البَرِّيَّ فمن حقي أن أتمتع بأكله!
ردَّ عليه الثعلب: سيكون من نصيبي يا ثعبان، فمنذ شهر، أوقفته وعضضته من إحدى قائمتيه… أنظر مليّا، أليس هذا الديك أعرج؟
أمام هذه الحجة الدامغة ترك الثعبان الديك للثعلب، واستعد الثعلب لالتهام الديك لكن ذئبا انقضَّ على الفريسة وخلصها منه، فلم يستسلم الثعلب بسهولة، وصار يحاجج الذئب: إنه ديكي يا ذئب… أنا من اصطاده، فهو ملكي ومن حقي التهامه… فلماذا تسطو على رزق غيرك أيها الظالم الغشوم؟
ردَّ الذئب مبتسما: هذا لن يكون أبدا يا ثعلبي العزيز… ولتعلم أنني اصطدت هذا الديك منذ ستة شهور لكنني لم آكل هذا الطائرَ البَرِّيَّ لأنه كان هزيلا، فربطته في كهف وجعلت أسمنه، ومع حرصي الشديد، غافلني ابن الدجاجة الملعونة وفرَّ بجلده. أنظر مليّا، ألا ترى ذيله المنتوف يا ثعلب؟
كان الثعلب يعرف أن ما قاله الذئب كذب في كذب، وأن مقولته لا أساس لها من الصحة مثلها مثل تأكيداته هو للثعبان، ولكن ما حيلته أمام حجج الذئب الدامغة، فتخلّى له عن الديك.
في تلك اللحظات، وصل نمر بغتة… انقض على الديك وخلصه من بين أنياب الذئب الذي صاح محتجّا: اترك لي ديكي أيها النمر، فأنا من اصطاده… إنه رزقي الحلال.
فردَّ النمر على افتراءات الذئب قائلا: هذا غير صحيح يا حبيبي؛ لأن هذا الديك ملكي الخاص… لقد حجزت هذا الطائر منذ سنة، والله لأقْطعَنَّ اليد التي تمتد نحو ريشة من ريشه.
فارتفع لغط الذئب والثعلب والثعبان، لكن الأخير، أي الثعبان، كان ذكيا فقال للنمر: هذا كذب بائن يا نمر، فعمر هذا الديك أقل من سنة، هات حجة أخرى إن كنت صادقا؟
فقال لهم النمر هادئا مطمئنا: كلامكم سليم يا أحبابي، ولكن لتعلموا أنني اصطدت منذ سنة دجاجة عرجاء وبلا ذيل، فاستعطفتني هذه الدجاجة المسكينة وطلبت مني أن أطلق سراحها، ووعدتني بأن تهبني كل فراخها مقابل عطفي وكرمي… انظروا أيها العميان، أليس هذا الديك أعرج وبلا ذيل؟ إنه بلا شك واحد من ذرية دجاجتي، فمن العدل إذا أن يكون من نصيبي