ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة التي يسعى فيها وكيل وزارة الشئون الإسلامية فريد المفتاح للنهوض بمشروع إسلامي وسطي من خير العمل على تنقية الخطاب الديني من الأمور ذات النتائج السلبية العكسية، ولاسيما تلك المتشددة التي تثير الضغائن والأحقاد والعداوات والفتن بين أهل البلد.
ليست المرة الأولى، فالمعروف أن الشيخ المفتاح، كان ولايزال صاحب خطاب ديني، ثقافي، اجتماعي، إنساني، فكري معتدل، حتى قبل أن يتولى مسئولية هذا المنصب الحساس في وزارة حساسة، ولن تكون الأخيرة باعتبار أنه ما من مناسبة سانحة إلا ومضى الشيخ المفتاح ينشر مبادئ مشروع الخطاب الديني المعتدل… في المؤتمرات والملتقيات والاجتماعات بل وحتى في كلمته في الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج والمولد النبوي.
لكن كل ذلك سيذهب سدى؟
مع شديد الأسف… لا مشروع الشيخ المفتاح سينجح، ولا الضوابط ستفيد، ولا مشروع تحت مسمى «الخطاب الديني الوسطي» سينجح، بل الذي سينجح من دون أدنى شك هو الخطاب التحريضي التفتيتي، وهو خطاب يبدو أن أصحابه لهم (دلال) خاص لا ندري من الذي يدللهم ويدلعهم كل هذا الدلع!
لن تنجح مثل هذه الخطوات، وكلامي هذا ليس إثارة للتشاؤم، ولكن لأن البلد في حاجة إلى تطبيق القانون على الجميع… المشكلة ليست في إصدار التشريعات والقوانين، إنما في تطبيقها على كل من يثبت عليه تجاوز القانون.
لننظر خلال السنوات العشر الماضية، سنرى أن هناك من ساهم في تأجيج الوضع في البلاد من خلال خطبه الطائفية، ومع ذلك، وقلتها سابقا، فعل ويفعل وسيفعل، يستمر في الخطابة، وستكون الخطب التفتيتية المقبلة أشد وطأة، ولا يهمنا من ذلك كله إلا أن يتم تطبيق القانون… ليس على طائفة بعينها، ولا على خطباء بعينهم، بل ليكن أولئك الذين يكررون مقولة: «نحن أبناء الدليل، أينما مال نميل»، يستخدمون هذا الدليل في إثبات التهم على من يتهجم على الدولة وعلى الناس… لا بأس في ذلك، إن كان الناس سواسية أمام القانون.
ضوابط الخطاب الديني التي أقرتها وزارة العدل والشئون الإسلامية، مشكورة، ليست سوى صيغة من الصيغ التي اعتدنا عليها في بلادنا، وهي صيغة الكلام أو الحبر على الورق، وكلاهما يذهب أدراج الرياح، ثم لو نظرنا إلى المشكلة من الأساس، لن نجد أن الخطاب الديني المتعصب هو السائد… أبدا، فأهل البحرين، من الطائفتين الكريمتين، لا يرتضون أصلا أن يخطب فيهم من هو ليس أهلا للخطاب ولاحترام عقول الناس، ولكن القلة القليلة الشاذة من الخطباء، ومن يقال عنهم «علماء أفاضل»… قلة قليلة، لكنها تفعل فعلها الكريه المسموم.
ومع ذلك، لو لاحظتم أيها الأعزاء، لوجدتم أن عددهم تناقص نوعا ما! فقد كان هناك، إذا عدنا إلى قبل خمس سنوات مثلا، ثلاثة يصنفون على أنهم من أشد الخطباء إثارة للفتنة، تناقص العدد إلى واحد صامد مدعوم قوي لا يشق لها غبار، لا أعتقد أن الضوابط لوحدها ستفيد… تطبيق الضوابط بقانونيتها هو المفيد.
وإلا أصبح حال ما يسمى «ضوابط الخطاب الديني» حالها حال ما سمعنا عنه قبل سنوات… «ضوابط منع الكتب الطائفية»…
«فلا رضت برجيلها ولا خذت سيدعلي»!