سعيد محمد سعيد

اهملوا مجتمعكم… وتفرغوا للفتنة!

 

ردود فعل كثيرة، وإتصالات عديدة وردت من الأخوة والأخوات القراء تعقيبا على عمود يوم الخميس الماضي المعنون بـ»مجتمع العصابات والأمن المفقود»، الذي تناولت فيه التحذير من النتائج السلبية المترتبة على تصوير المجتمع البحريني الذي ينعم وسيبقى كذلك متنعما بالأمن والمنعة، بأنه مجتمع محاط بالقلق والخوف وانعدام الأمن…

مع الاعتراف بأن هناك نمطا من الممارسات العدائية التي بدأت تنتشر في المجتمع البحريني، إلا أن ذلك لا يعني أن يعلق الناس كل الخطأ على الدولة وأجهزتها، إذا ما أدرك كل مواطن دوره في الحفاظ على أمن واستقرار وسلامة هذا المجتمع الذي نعيش فيه مهما كانت الظروف، ومع الإعتبار أيضا لوجهات النظر السليمة التي تشدد على أن التهاون وعدم تطبيق القانون على الجميع، هو من دواعي الأمن من العقوبة، وبالتالي إساءة الأدب.

الأمثلة في ذلك كثيرة… فكما يقول أحد المواطنين مستغربا: «لا أدري كيف استطاع اللصوص سرقة منزلي وأنا مسافر مع عائلتي؟ جيراني الأعزاء موجودين، وهم يعلمون بسفري والغريب أن منزلي سرق كما أفاد أحد الشهود في وضح النهار عندما أوقف اللصوص شاحنتهم الصغيرة بكل ثقة، وراحوا ينقلون محتويات منزلي دون أن يتوقف أحد ولو لأخذ رقم الشاحنة والتعرف على الأشخاص، وهم أجانب، لتسهيل عملية البحث والتقصي»، فيما يقول مواطن آخر: «تعرضت زوجتي للسحب من السيارة والضرب بقسوة وقلة حياء وأدب من قبل أحد الشباب، فيما كان الإستغراب يملؤها وهي ترى (رجاجيل مشوربة) واقفة للتفرج فقط ولم تأخذهم الحمية للتدخل لإبعاد ذلك المعتدي عنها أو الإدلاء بشهادتهم لدى الشرطة على الأقل»، فيما تقول مواطنة: «اعترض سيارتي أحدهم وقام بحركات مخدشة للحياء أمام الناس، وراح يصرخ ويشتم فقط لأنني لم أتمكن من منحه فرصة العبور أمامي في وضع مزدحم… وخرج من باصه الصغير ليلقي المزيد من الكلمات القذرة هو ومن معه في الباص وكنت أدير النظر يمنة ويسرى لعلني أرى (رجلا واحدا) يدافع عني أو يلجم ذلك الوقح».

ربما نصدق تلك القصص، وربما نكذبها ونقول أنها من نسج الخيال، لكن أليس غيرها الكثير مما نقرأه في الصحف، ومما يراه الكثيرون منا أمامهم رأي العين ويكتفي الكثيرون منا بالفرجة؟ بل لا يقتصر الأمر على الشارع، حتى في أماكن العمل، أصبحت النزاعات والخلافات والشجار بين بعض الموظفين والموظفات وكأنها جزء من التقاليد الوظيفية، فهذه موظفة تعرضت كثيرا للتحرش من جانب مرؤوسها ولم يرتدع رغم تهديدها له مرة وأكثر، حتى تدخل الزوج الغاضب، وهذا حقه، ليطالب الجهة المعنية بمساءلة هذا المسئول قانونيا وهذا ما فعل، وأخذ القانون حقها.

في الوقت الذي يشهد فيه المجتمع ذلك الإنحراف المقلق، ينبري بعض (المواطنين الصالحين ذوي الولاء المنقطع النظير للوطن والقيادة) مدعومين ببعض الكتاب في الصحافة وفي المنتديات الإلكترونية الفتنوية، لإثارة المزيد من نيران الفتنة الطائفية، والتشكيك في ولاء الناس لبلادهم، ومطالبة الدولة بتوقيع أقسى العقوبات على فئة من الشعب البحريني، ومن ناحية أخرى يلمعون في الدفاع عن أوجه الفساد والتبرير لها، واعتبار كل الممارسات الخاطئة من قبل بعض المسئولين بأنها (واجب وطني)، ولم نسمع أو نقرأ لهم تصريحا أو بيانات أو نشاطا يحذر مما يحيط بالمجتمع من ظواهر تعرض الإستقرار والسلم الإجتماعي للخطر، ويتسترون على بعض الأفعال السيئة فقط بدوافع مذهبية…

الشراكة المجتمعية التي يرفضها البعض، ليست في حقيقتها (عيون مباحث ومخابرات وقمع لمن يطالب بحقه بطريقة سلمية مشروعة)، وليست فكرة منطلقة من ضرب المجتمع ببعضه البعض، الفكرة يا سادتي الكرام نحتاجها في مجتمع لابد أن يستمر في أمنه واستقراره، ليكون كل مواطن (شرطيا) لحفظ نفسه وأهله وأهل مجتمعه من اللصوص ومن المجرمين ومن مثيري العداوات في البلد… وهي مسئولية دينية شرعية ووطنية، قبل أن تكون (خطة حكومية) يفهمها البعض وفقا لهواه… واعيدوا النظر فيما يحدث في مجتمعنا يا سادة

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *