إذا شاهد القراء الكرم مقطعا إعلانيا قصيرا اسمه (بائعة المناديل)، وهو بالمناسبة ينتقل عبر البريد الإلكتروني هذه الأيام، فلا شك وأنه سيعبر عن إعجابه بالفكرة التي تهدف إلى نشر الابتسامة والتسامح بين الناس.
ولعل أحد الزملاء الأعزاء، وهو الأخ الكريم واصل عزيز، مشرف موقع (منتدى الإحساس)، هو أول من شرح قصة فتاة صغيرة تبيع المناديل، مرت على سيدة تبكي… وقفت الفتاة تتأملها لحظة ثم رفعت السيدة رأسها والدموع تغرق وجهها، فقدمت لها الطفلة منديلا وهي تبتسم بصدق ثم انصرفت دون أن تتسلم ثمن العلبة ملوحة للسيدة التي أرسلت رسالة نصية إلى زوجها الجالس حزينا في أحد المطاعم كتبت فيها: «آسفة… حقك علي»، قرأها وابتسم واعطى الجرسون 50 جنيها مع أن حساب الفاتورة 5 جنيهات! فرحا بهذا الرزق الذي لم يكن ينتظره.
يخرج العامل من المطعم ويقدم جنيها من الخمسين لسيدة عجوز تفترش ناصية الشارع تبيع الحلوى فيشرق وجه السيدة فتلم بضاعتها المتواضعة وتذهب إلى الجزار لشراء قطعة من اللحم وتذهب إلى بيتها لإعداد العشاء في انتظار حفيدتها التي هي كل ما لديها في هذه الدنيا… جهزت الطعام وهي تتبسم، وفي هذه الأثناء تدخل الطفلة بائعة المناديل وعلى وجهها ابتسامة رائعة تنير وجهها الطفولي الجميل لتتناول العشاء مع جدتها، ولننظر إلى الربط من بداية القصة إلى نهايتها، لندرك حديث نبينا محمد «ص»: «تبسمك في وجه أخيك صدقة».
تأملت شخصيا هذه الصورة، القادمة من مجتمع غربي أصبحت الكثير من مؤسساته تدرك أهمية نشر التسامح والمحبة، وربطتها مع عمل رائع نراه قليلا في الإعلام العربي لكن لا بأس به، وفي الوقت ذاته، تأملت بضع حوادث مؤلمة، كحادثة اعتداء مواطن جنسيا على ابنة شقيقة زوجته البالغة من العمر 8 سنوات بهتك عرضها، وحادثة الاعتداء على طفل في دولة الإمارات من قبل وافد أجنبي اعتدى عليه في دورة مياه أحد المساجد صبيحة عيد الأضحى المبارك وكتم أنفاسه ليمنع صراخه ثم ليترك جثة هامدة، واستحضرت حادثة طفل «حائل» الذي اعتدى عليه وحش بشري ثم قتله ورماه في الصحراء ليلقى ذلك الوحش – قبل أيام – جزاءه بالإعدام بعد ضبطه وهو يحاول الاعتداء على ضحيته… الرابعة! واستحضرت الكثير الكثير من الدعوات العدائية والتحريضية في المجتمعات الإسلامية التي لا ينفك مروجوها من بثها ليل نهار، وعندنا في المجتمع البحريني منها الكثير (الفاشل)والخسيس.
كم بيننا من يقدر على الإتيان بالعمل الذي قامت به بائعة المناديل؟ الكثير قطعا، مع القليل من الأشرار الذين يرفضون التبسم في وجوه الناس، حتى أن بعضهم يرى أن من هندام المؤمن المتقي، أن يكون متجهما صلفا محمر العينين حتى في وجوه أهله… لكن كم منا من بكى وهو يسمع ويقرأ عن الوحوش التي تترعرع بيننا؟