سعيد محمد سعيد

مأجورين

 

عام بعد عام، تثبت مملكة البحرين أنها الدولة الخليجية والعربية والإسلامية الوحيدة التي تتصدر قائمة الدول في اهتمامها بإحياء ذكرى عاشوراء الحسين (ع) من دون توقف منذ مئات السنين، وهذا التواصل الكريم في إحياء الذكرى المجيدة يمثل أصدق صورة لوحدة المجتمع البحريني الذي لم تتمكن حوادث تاريخية متفرقة وقعت هنا وهناك من تغييب هذه الذكرى عن الوجدان، أو عن ارتباطها الوثيق بأصالة المجتمع البحريني بكل طوائفه.

ووفقا لما نشرته “الوسط” يوم الأحد الماضي الذي صادف العاشر من المحرم، في صفحة القرية، فإن قرى البحرين عرفت المجالس الحسينية منذ قرون مضت، ويذكر الكثير من الخطباء والمؤرخين أن أهل البحرين سنة وشيعة، كانوا يمتازون بحب أهل البيت (ع)، والاشتراك في إحياء مراسم الذكرى، وكانت المجالس الحسينية قديما تقام في البيوت أو المساجد أو العرشان والغرف الخشبية، ثم تطور الوضع ليتأسس المأتم بإشراف الأوقاف، وتشير بعض المصادر الى أن أول حسينية تأسست في البحرين كانت في العام 104 هجرية لبني تميم أو زيد مناة، وآراء أخرى ذهبت الى أن جماعة يرجع نسبهم الى عبدالقيس هم من أسس أول حسينية.

موسم عاشوراء هذا العام كان متميزا بدرجة تصاعدية أعلى من السنوات السابقة، وهذا ما سيكون عليه الحال في السنوات المقبلة بعون الله، فكل الأجهزة الحكومية الخدمية، وهي تستحق كل الشكر والثناء، عملت على قدم وساق لتوفير كافة التسهيلات والمتطلبات التي أسهمت في نجاح الموسم بهدوء وبمشاركة ضخمة من المعزين، في حين لم يقتصر النشاط العاشورائي على الحسينيات والمواكب العزائية، ليتطور النشاط الثقافي من مشروعات كبيرة كمشروع (عاشوراء البحرين) بجمعية التوعية الإسلامية تحت شعار “نحو أخلاق الحسين”، ومهرجانات عاشوراء التي شهدتها مختلف القرى، ومشاركة الجمعيات واللجان كجمعية المرسم الحسيني والتصوير الضوئي ومهرجان عاشوراء الفني للفنان عباس الموسوي وغيرها الكثير مما لا يعد ولا يحصى بدءا بحملات التبرع بالدم والأنشطة الفنية والثقافية والاجتماعية انتهاء عند جمع المساعدات المالية للأسر المحتاجة.

في البحرين، تمثل ذكرى عاشوراء موسما دينيا وطنيا فريدا من نوعه، حتى لو تسابقت دول أخرى في إحياء ذكرى سيد الشهداء في نهضته الإسلامية الإنسانية العظيمة المخلدة، فسيبقى قصب السبق للبحرين، حكومة وشعبا، في تقديم نموذج رائع لتلاقي الجهود الحكومية والأهلية، وهو موسم تحرص القيادة الرشيدة على أن يحظى بكل دعم ممكن على كافة الأصعدة.

نسأل الله أن يعيد هذه الذكرى على بلادنا الغالية وعلى الأمة الإسلامية جمعاء في خير ونماء وتقدم وأمن وأمان، ونقول للجميع: مأجورين، بارك الله فيكم.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *