في الرابع عشر من شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي 2009، تم تدشين مشروع تأهيل وتوظيف الخريجيين الجامعيين، ولا شك في أن مشروعا كهذا، وإن كان يعكس حقيقة وجود مشكلة في سوق العمل لاستيعاب الكوادر البحرينية المؤهلة علميا، إلا أنه يمثل انطلاقة تصحيحية مهمة للقضاء على ظاهرة البطالة بين الخريجين، ليس من الخريجين الجامعيين فحسب، بل بين كل بحريني عاطل عن العمل.
هذه الخطوة (التصحيحية) التي تمضي فيها وزارة العمل بالتعاون مع صندوق العمل (تمكين)، لن تنجح إلا من خلال مبادرة الخريجين والخريجات أنفسهم للاستفادة من الخيارات المطروحة أمامهم، فالمشروع كما هو معلوم مدعوم من قبل عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وهذا يعني أن كل المعوقات التي ربما تظهر بسبب تلكؤ القطاعين الحكومي والخاص، سيكون من السهل تجاوزها، فهذه نقطة مهمة، وخصوصا أن تكدس أعداد العاطلين الجامعيين وغيرهم، كان من بين أسبابه عدم جدية بعض القطاعات من شركات كبرى ومصارف وشركات صناعية ومؤسسات مالية في القيام بدورهم الوطني لتوظيف أبناء بلدهم في الوظائف الشاغرة.
ولربما استطاعت وزارة العمل أن تزيل هذا العائق من خلال قرارات إدارية صارمة، واستحداث أنظمة تدعم التوجهات لاستيعاب البحرينيين في سوق العمل وفتح المجال أمامهم ودعمهم في المنافسة القسرية أحيانا مع غير البحرينيين في الشواغر المغرية، بالإضافة الى تواصل الوزارة مع كافة القطاعات، لكن مع ذلك، تبقى الكرة في ملعب الخريجين والخريجات.
هناك فئة منهم، لا يريدون الوظائف المتاحة أمامهم، ويعتقدون أن خيار الوظيفة الحكومية، هو الخيار الأول أمامهم ومن دونه فلا، مع أن هناك من الخريجين من التحق بوظائف في القطاع الخاص واستطاع إثبات نفسه والوصول على مستويات وظيفية تتميز بالراتب الممتاز وظروف العمل المناسبة والتقدير المستمر للجهود التي يبذلونها، ولعلنا اليوم نرى أن الكثير من المؤسسات المالية والاستثمارية وشركات التأمين وشركات المقاولات الكبيرة وشركات الاتصالات، تضم كوادر بحرينية خريجة ومؤهلة، لكنها استطاعت من خلال الصبر وتحمل ظروف العمل في وظائف دنيا لأن تكتسب الكثير من المهارات والخبرات وفهم أنظمة العمل وتكوين الشخصية المهنية المرموقة، وبذلك حققوا ما يطمحون إليه، فالتوفيق من الله سبحانه وتعالى، والجهد والسعي، يلزم من الإنسان أن يكون متفائلا دائما بأن من جد وجد، ومن زرع حصد.
أيضا، يصر بعض الخريجين والخريجات على الحصول على وظائف قيادية مكتفين فقط بالشهادة الأكاديمية، فيما لا يتردد بعض الخريجين عن القول إنهم (ليسوا في حاجة الى تأهيل) وكأن الدراسة الأكاديمية وحدها كافية لبدء الحياة العملية من دون تدرج في الوظائف ومن دون مسار شاق لاكتساب المهارات والخبرات.
هناك بضع عوائق تضعها فئة من الخريجين والخريجات منها أنهم لا يريدون العمل في القطاع الخاص، فيما تذهب فئة أخرى الى أنهم لن يقبلوا إلا بوظائف وامتيازات تناسب مؤهلهم الجامعي حتى وإن كانوا يحتاجون فعلا للتدريب والتأهيل، لكن في المقابل، يمكن أن نرصد نماذج من الخريجين الذين بدأوا في وظائف إدارية يسيرة، ثم استطاعوا بفضل الله أن ينالوا فرص عمل مغرية للغاية.
وللحديث صلة