عندما قلت إن لدينا فائضاً من الفساد جاهزاً للتصدير، وإن الكويت بعد نضوب النفط ستصدّر الفساد، لم يصدقني إلا القلة، ودارت الأيام على حل شعرها، وإذا بصحف أميركا الشقيقة تتحدث عن فساد شركة كويتية تلاعبت بمبنى إحدى السفارات الأميركية، وعلى رأس هذه الصحف واشنطن بوست.
وفي الصحف تلك قرأنا أن مجلس النواب عقد جلسة استماع واستدعى بعض المعنيين بالأمر، فتحدث موظف أميركي، كان يعمل في الشركة ثم استقال، عن سوء المعاملة التي تتلقاها العمالة الفقيرة في هذه الشركة الكويتية، والظروف المعيشية السيئة التي أجبرتهم عليها الشركة، ثم قال بالحرف الواحد: «لم أرَ مثل هذا التلاعب (قال كلمة بذيئة جداً فاستبدلتها أنا بكلمة تلاعب) في حياتي من قبل، فقد تم تحطيم كل قوانين العمل الأميركية».
وإذا كان الأميركان «زلم وما ينخاف عليهم»، وسيستردون حقهم، وستركع لهم الرؤوس وتقبّل أيديهم الشفاه، فمن يخلصنا نحن الذين لسنا «زلم» ولا تربطنا بالزلامة زمالة، إذا عرفنا أن الشركة هذه بقضها وقضيضها ونصبها ونصيبها ستتولى أعمالاً كبرى في إحدى المدن الإسكانية الجديدة؟… يا حبيبي هؤلاء استغفلوا الأميركان، ما تبيهم يستغفلون حكومتك الرخوة؟ هذه الحكومة التي حتى الديك الرومي، وهو أغبى الحيوانات من المحيط إلى الخليج، يعمل فيها النون وما يعلمون.
وكي تعرف كيف سنسترد حقوقنا من الشركات، خذ سيارتك الله لا يهينك، واسلك الدائري السادس كي تشاهد «ستاد جابر» كيف وُلِدَ مشوّهاً، بعد تعسّر شديد في الولادة، وبعدما تقافزت تكلفته، قبل أن نتسلمه مريضاً بالفشل الكلوي، أو فلتتوقف عند مشروع الصبية الذي يشبه فتاة أجبروها على الزواج من شيخ سبعيني مريض، أو فلتتحدث عن مشروع «طوارئ 2007» والملايين التي طارت في الهواء وتساقطت لنا على شكل معدات كهربائية خربة ومتهالكة، ثم ارفع أصبعك الكريمة وأشر بها إلى أي مسؤول يستطيع أن يقتصّ لنا من هذه الشركة أو تلك، وسأرفع لك أنا أصبعي أيضاً، بل وسأعطيك إياها… خذ.
هذه الشركات الجميلة، وغيرها، ناحت ولطمت ونثرت التراب على رأسها تباكياً على التنمية التي أوقفها البرلمان والصحافة الحرة، كما تزعم، وهددت بأنها في حال إقرار قانون «بي أو تي» كما يشتهي التكتل الشعبي، ستنقل أموالها خارج الكويت وتتركنا بلا طعام ولا زاد، وسترفسنا برجلها إن تشعبطنا بأسفل ثوبها. كانت تريد أن تستفرد بنا. لكن نوابنا أقروا القانون، وحددوا أطر الملعب، وسدوا ثغرات الجدار بقوانين من الحديد الصلب، فضاقت مساحة التلاعب على بتوع البيضة والحجر، فراحوا يشوهون سمعة النواب ويرفعون القضايا على الكتّاب، بتهمة السبّ المريع والقذف السريع.
وقبل أن تقع الفأس بالرأس، أقول الآن للشيخ أحمد الفهد (مسمّاك الرسمي يا شيخ أطول من ليل الشتاء): هذه الشركة الذيبة تتعامل مع إحدى وزاراتك، وها هي تقعي هناك على رأس جبل في انتظار غفوتك كي تفترس الأغنام، والبندقية في يدك، فانتبه واحرص على أغنامنا.