نحن في عصر نتمنى أن يأتينا فيه المغرب. متى يرتفع أذان المغرب وينتهي هذا العصر الثقيل الطويل الممل المعل؟ عصر الإدارة الحكومية التي تكش الذبابة من وجهها فتبتسم الذبابة ساخرة وتضرب كفّاً بكف وتشتم الدنيا والزمن.
ولمَن يسأل عما حدث للزميل زايد الزيد أقول: «أصابته إنفلونزا الخنازير». هاجمه خنزير، والخنازير تجبن أمام الرجال، لذا كانت الحادثة مجرد «عطسة خنزير» أعقبها هروب سريع، لا أكثر. والخنزير المهاجم ليس كويتياً، كما يعتقد زايد من اللمحة السريعة، بل عربي. وهذا يدل على أن خنازير الكويت دخلت عصر الاحتراف في ظل هذه الإدارة الحكومية الرخوة. مع التركيز على أننا لا نتهم الحكومة في القضية هذه، ولا نتهم أحدا بعينه أو من دون عينه، نحن نتهم هشاشة الرخويات وساعات هذا العصر الحكومي الطويلة.
زايد يعرف جيداً أنه لن ترضى عنه اللصوص حتى يتبع ملتهم، وينزل إلى السرداب معهم، لكن قامته الطويلة لا تسمح له بالانحناء أمام باب السرداب. مشكلة. وإلى أن تجد الحكومة حلاً سريعاً لعلاج هذه الإنفلونزا، سنعتبر زايد هو الرقم «واحد»، وستكرّ السبحة بإذن الله، وسيملأ الكتّاب ورؤساء التحرير غرف المستشفيات، وسيتبادلون الزيارات والورود والعصائر، من باب حقوق الجيرة، وستتحول الكويت إلى واحدة من غابات الأمازون، وسيرتعب مقاتلو رواندا من بشاعة جرائمنا. فاليوم زايد وغداً صديق زايد وبعد غد ستنقلب الآية ليسقط خصم زايد، ولن يكون سقوط خصمه بـ»عطسة خنزير» بل بـ»عضة نمر» تنقله من عالم إلى آخر. ألا هل بلّغت اللهم فاشهد.
وقد يتساءل البعض: «ربما هي قضية شخصية لا علاقة لها بآراء زايد ولا بخطّه السياسي»، فنجيب هؤلاء البعض: لو كانت القضية شخصية، لما أظهرها زايد أمام العلن، ولدفنها تحت تراب الصمت، لكن ما حدث هو العكس، زايد هو الذي يطالب بالقبض على الجناة وعرضهم أمام الشمس. وزايد ليس غبياً ولا جباناً، كما أعرفه من قرب.
على أن تساؤلاً أهم من هذا كان يشغلني ولايزال: لماذا لم تصدر وزارة الداخلية بياناً كما جرت العادة في مثل هذه الحوادث؟ (الساعة في يدي الآن تشير إلى الخامسة إلا ربعاً عصر الاثنين)، أم تراها تريد الإيحاء للناس أن الحادثة بسيطة، لا علاقة لها بالرأي ولا بجرائم الرأي، وأن زايد لا يستحق حبر البيان، فهو مجرد كاتب والسلام، ومَن يستحق فقط هم الشيوخ والوزراء والنواب والتجار؟! لا أدري. الذي أدريه أن وزارة الداخلية تتحدى القبور في صمتها، إلى هذه اللحظة، وهذه خطيئة نتمنى ألا تكون مقصودة.
نحن نتجه إلى «المرحلة الحمراء»، إن لم نكن قد دخلناها فعلاً، وهي مرحلة يُكثر فيها الناس ترديد: «إنّا للهِ وإنا إليهِ راجعونَ».