محمد الوشيحي

ارقصوا في غياب الصافرات

الأخبار من الأردن تقول إن شابة أُدخلت المستشفى لإجراء عملية جراحية في أربطة قدمها اليسرى. استغرقت العملية سبع ساعات، وهي عادة لا تستغرق أكثر من ساعتين، وتم شد الأربطة بنجاح، واستفاقت الشابة من التخدير لتشاهد الطبيب وطاقم التمريض حول سريرها، يبتسمون ويسكبون تهاني النجاح في أذنيها، فقالت لهم بصوت أسيف كسير وهي تنظر إلى قدميها: «شكراً، لكنكم أجريتم العملية في قدمي اليمنى السليمة»! الخبر أغضب الأشقاء في الأردن، لكن أحد الكتّاب كانت له وجهة نظر تستحق الاحترام: «تعالوا ننظر لها من الزاوية المشرقة فنحمد الله لأن الخطأ وقع في القدم الأخرى السليمة، ولم يخطئ الطبيب فيشد أربطة الدماغ، إن كان للدماغ أربطة، فقضاء أهون من قضاء».

وهنا في الكويت، وفي ظل حكوماتنا، راحت على الديك الكويتي نومة وشخير، وجاع البعير في صحرائنا وعطش، وراح يجترّ غذاءه من سنامه إلى أن أفرغه، فترنح لشدة العطش والجوع، وترنح، وترنح إلى أن سقط «مُغشاً عليه»، على رأي أحد شبابنا الجامعيين، وقريبا سيموت البعير جوعاً. لذا فالمطالبة بالتنمية وتحديث البنى التحتية وتشجيع الكفاءات ومحاسبة اللصوص والقراصنة، أو المقارنة بدبي وأبوظبي وقطر، هي من باب البطر والعياذ بالله، والواجب أن نحمد الله، وننظر إلى الزاوية المشرقة، فنحيي الأفراح والليالي الملاح ونرقص العرضة إذا مرّ يوم لم ترتفع فيه صافرات سيارات الإطفاء والإسعاف والنجدة. ويوم الاثنين الماضي الثامن والعشرين من سبتمبر، لم تحدث كارثة بحسب علمي، والحمد لله، وهو أمر يجعلنا نبوس أيدينا وش ودقن كما يقول اللمبي.

* * *

المحامي والكاتب عماد السيف هو الذي تولى رفع دعوى قضائية نيابة عن سمو رئيس الحكومة على الكاتب محمد عبد القادر الجاسم على خلفية إحدى مقالاته، ولا أدري إن كان عماد السيف هو المختص برفع الدعاوى القضائية على بقية الزملاء أم لا. الذي أعرفه أن مراقبة ما يكتب الكتّاب والبحث عن هفوة هنا أو كلمة شاردة هناك، والتفتيش عن ثغرة يمكن الدخول منها للاقتصاص من خصوم الرئيس السياسيين، أمر يجب أن يتولاه محامون من خارج الجسم الصحافي.

صحيح أن ما قام به «الزميل» السيف حلال قانوناً، لكنه مكروه ذوقاً ومحرج عرفاً. وكان بإمكانه الاعتذار عن هذه «المهمة» كما اعتذر زملاء له طلبت منهم بعض الجهات الحكومية رفع دعاوى قضائية ضد بعض زملائهم الكتّاب، وما أكثرهم.

على أي حال، هذا رأي عماد السيف وهذا هو موقفه، ويبدو أنه سعيد جداً بهما، والدليل تصريحاته التي أرسلها إلى الصحف. لذا فهو يستحق منا التهنئة: «مبروك يا زميل وعقبال القضايا ضد المدونين». 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *