سامي النصف

فعّلوا التفتيش القضائي

«العدل أساس الملك» وما قاله تشرشل عن أن بريطانيا بخير مادام جهازها القضائي بخير لم يكن يقصد به على الإطلاق مباني المحاكم أو الوزارات المعنية التي أصابها التدمير كحال مباني بريطانيا الأخرى، بل كان يقصد به حال القضاء البريطاني الحازم وضمائر القضاة الإنجليز الذين اشتهر عنهم الاحتراف الشديد في العمل والإخلاص المطلق للعدالة.

 

ثقتنا مطلقة بمجلس القضاء الأعلى وبالقضاة والمستشارين الأفاضل في محاكمنا، وهذه الثقة تتطلب منا الدعوة لتفعيل التفتيش القضائي وتثبيت القضاة المفتشين في مراكزهم حيث إن عمليات التدوير المتواصلة في ذلك المرفق الهام تعني ان القاضي المفتش سيفتش عليه بعد مدة من قبل نفس من قام بتفتيشهم.

 

إن من يرصد أحكام المحاكم الابتدائية التي كانت تنشر في الصحف إبان فترة السبعينيات على سبيل المثال يجد أنها أقرب لأحكام التمييز في صلابتها ومتانتها لذا قلّ أن تنقض محاكم الاستئناف آنذاك تلك الأحكام، وحتى إن تم هذا الأمر يأتي النقض عادة في حدوده الدنيا وضمن تناغم تام بين الأحكام، فحكم الإعدام قد يخفف إلى السجن المؤبد، وحكم السجن او الغرامة قد يعدل ضمن نسب معينة مما يرسخ مفهوم العدل في وجدان المتقاضين فيقبلون الأحكام دون شكوى.

 

مما يلحظ فيما تنشره الصحف من أحكام هذه الأيام الفارق الكبير «أحيانا» بين حكم المحاكم الابتدائية وحكم محاكم الاستئناف، فحكم الإعدام وهو الأشد قد ينتهي بالبراءة وهي الأخف، والحكم المغلظ على المتعدي على الأعراض أو المتجاوز على الأموال ينتهي بكفالة مالية لوقف التنفيذ مما يحير المتقاضين والمراقبين ويتساءلون: في أي من الحكمين المتناقضين تمثلت العدالة ونطقت الحقيقة؟

 

كما نقرأ في بعض الأحيان منطوق أحكام تصب جميعها لصالح طرف واحد من الأطراف مع تجاهل تام لدفوع الطرف الآخر مع معرفة الجميع ان للحقيقة أوجها عدة وان من يذهبون للمحاكم لديهم في العادة دفوع خاصة بكل طرف ويصعب او يستحيل ان تكون هناك قضية يتحدث فيها طرف واحد دون الآخر.

 

لذا نرجو ان تفعّل عمليات التفتيش القضائي مع تثبيت القائمين عليها واختيارهم ممن لا يجاملون او يخشون في الحق لومة لائم، ومعها محاسبة أي عملية بها تعطيل للأحكام، فالعدل البطيء ظلم ناجز يشجع الآخرين على التمادي والتجاوز كما لا نرى مواءمة أو ملاءمة لنشر أسماء وصور المحامين ضمن بعض الأحكام الصادرة وخاصة التي تحتوي على اختلاف كبير بين الحكم الابتدائي والحكم النهائي، فليست تلك الأحكام القضائية وسيلة للدعاية والإعلان.

 

آخر محطة: (1) ضمن مذكرات المحامي المصري إبراهيم الهلباوي (185(8)1940) ذكر انه ترافع ضد رجل قام بقتل زوجته فتغير الحكم من 3 سنوات سجنا إلى المؤبد، ويضيف أن قضاة تلك القضية ذكروا له انهم فكروا بإعدام المتهم إلا انهم احجموا عن ذلك لاعتقادهم ان الفارق الكبير بين الحكم الابتدائي والنهائي يؤثر على صورة العدالة أمام الرأي العام.

(2) ضمن مذكرات الهلباوي نستطيع ان نستشف مستقبل الكويت خلال السنوات المقبلة، فقد كان للهلباوي، وهو محام عادي، خدم وحشم في بداية القرن الماضي ذكر أسماءهم في تلك المذكرات، كما كان يدخل ابناءه وبناته مدارس الفرنسيسكان والأميركان وفيما بعد الجامعات الأوروبية وكان يصيّف كل عام 3 أشهر في أوروبا ويطلب سيارته الجديدة من هناك وكان اولها موديل 10110 التي اصطدم سائقها بسيارة سعد زغلول.

(3) الزيادات السكانية الرهيبة في مصر مع ثبات الموارد أدت الى الفقر وهو ما سيصيب الكويت قطعا إذا ما أبقينا على قوانين تشجيع «الخلفة» والولادة دون خلق موارد بديلة للنفط.

احمد الصراف

درس بوحمد وحمد

مرت في 4 فبراير الذكرى السنوية الخامسة لاستشهاد الملازم حمد السمحان، متأثرا بجراحه التي اصيب بها في المواجهة التي شهدتها منطقة مبارك الكبير بين قوات الامن وارهابيي خلية او عصابة عامر خليف العنزي، المتشدد دينيا، واستشهد قبله بخمسة ايام الرقيب جواد عبدالمحسن بوحمد على يد العصبة المجرمة نفسها. وعلى الرغم من برقيات التعزية الرسمية التي أرسلت لذويهما في حينه وورد فيها انهما سيظلان في ذاكرة ابناء الكويت ووسام فخر على صدر كل كويتي، فإن من الواضح ان هذه الذكرى لم تكن بتلك القوة، والاوسمة لم تعن شيئاً، فلا تزال شوارع الكويت ومبانيها تسمى بأسماء من يسوى ولا يسوى، ولا تزال تخلو من اسم جواد بوحمد او حمد السمحان اللذين كان يجب ان يكون استشهادهما، وغيرهما كثر، درسا لنا في عدم التقاعس إزاء هؤلاء الارهابيين الذين لا يزال البعض منهم يسرح ويمرح بيننا ولهم صولات وجولات في كل ميدان، وبحر الانترنت شاهد على تصريحاتهم ومعاركهم، ومنها شريط مكالمة اجراها احدهم مع سفير دولة عربية، حيث قام بالتحدث معه كأنه صديق حميم، ثم اصدر تعليمات له، وعندما رفضها السفير اصدر مجموعة من التهديدات التي بينت تمكنه وجماعته، داخليا وخارجيا، وكل ذلك موثق على الانترنت.
قد نجد عذرا للحكومة في التقاعس عن تكريم هؤلاء الشهداء وغيرهم ممن سقطوا على يد المحتل العراقي، ولكن ما عذر الجهات غير الرسمية من شركات وجمعيات وهيئات؟ هل هي تخشى ايضا «الاساءة» الى مشاعر الجهات التي وقفت، ولا تزال تقف، معنويا وماديا، خلف الحركات الارهابية؟ ربما!!
ولو عدنا لارشيف «القبس» للفترة نفسها تقريباً لوجدنا نص مقابلة اجراها الزميل ناصر العتيبي مع خالد المغامس المدير في الخارجية، ونجد انها لا تزال صالحة، وكأنها تتحدث عن اليوم، فما ذكره من ان اموال اي تنظيم او فرد او جمعية يثبت تعاملهم مع جماعة طالبان او تنظيم القاعدة يتم تجميدها، تصريح لم يكن دقيقا في وقته، ولا يزال كذلك اليوم! واكد السيد المغامس ان هناك من يستغل العمل الخيري ويسيء اليه، ويجمع الاموال من دون تصريح، وان الوزارة لا تعلم الى اين يوجه هؤلاء الاموال؟ وعلى الرغم من مرور 5 سنوات على هذا التصريح الصريح والخطر فإنه لا يزال ساريا، وكأنه يصف الوضع الحالي، وبالتالي هل يستغرب احد سوء اوضاعنا الامنية؟

***
• ملاحظة: أرسلت الحكومة مشكورة مبلغ 5.3 ملايين دولار لاغاثة منكوبي هايتي، وسبق ان حولت مبلغ 10 ملايين جنيه استرليني لدعم مركز ديني محدد في بريطانيا يقوم بدراسات اسلامية!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

التأمينات… كان يا ما كان

لا أخفيكم، أشعر أن أهمية الحديث عن فساد أي مؤسسة كويتية، في هذا الزمن، أشبه بأهمية حديث ابني نقار الخشب، سعود ذي العامين، عندما يدخل غرفتي وهو يصرخ وقد بدت على وجهه علامات الاهتمام والتركيز الشديدين: "بابا مياو مياو"، قبل أن يشدني من يدي ويقودني إلى مكمن دهشته، حيث القطة التي شاهدها، فأصرخ بدهشة مصطنعة: "ما شاء الله"، ثم أقبّله وأحمله على كتفيّ، فيدلدل رجليه ذات اليمين وذات الشمال، وأعود به إلى حيث كنت أجلس بعد أن شاهدنا معاً ذلك المنظر الغريب (القطة).

وكنت متحمساً لفضح الفساد في وزارات ومؤسسات الدولة، فاكتشفت أنني أصرخ في الحكومة: "مياو مياو"، فترد الحكومة عليّ بدهشة مصطنعة: "ما شاء الله"، وتحملني على كتفيها، مدلدلاً رجليّ ذات اليمين وذات الشمال، وتعود بي إلى حيث كانت تجلس… ومن يومها، تركتُ القطط تعبث في المطبخ كما تشتهي، مكتفياً بالتمتمة بيني وبين نفسي، أو الشخبطة في مساحة مقالتي: "مياو مياو"، وأشير بأصبعي إلى أحد الاتجاهات.

وفي الفترة الأخيرة، كثر الحديث عن فساد في "التأمينات"، وبدأت الألسن والأقلام تلوك سمعة هذه الفتاة الجميلة (من الخارج على الأقل)، وأغرقتني الرسائل والاتصالات عن مخالفاتها. وأنا رجل لا يعرف عن التأمينات إلا أنها أفضل مؤسسة تنجز فيها معاملاتك، تدخلها باحترامك وتخرج منها باحترامك ذاته، لم ينقص منه شيء.

لذا، سأجمع ما تستطيع يداي جمعه من أسئلة ومخالفات قرأتها في مقالات الزملاء الأفاضل، والمدونات، لأضعها أمام القارئ وأمامك أيضاً يا مدير عام التأمينات، فإن كنت تمارس أعمالك تحت ضوء الشمس أجبت عنها، أما إن كانت "التأمينات" تعيش في المناطق الرطبة المظلمة، فسنقول "كان يا ما كان"، وسنستعد للحرب… والأسئلة باختصار، مراعاة لمساحة المقالة، كالتالي:

1) ما سبب الخسائر التي تعرضت لها المؤسسة في الفترة الأخيرة؟ وما مبرر خسارة 1.88 مليار دينار، وهي الخسارة الأولى للتأمينات منذ نشأتها، كما ذكرت جريدة القبس؟

2) كيف تتبع "إدارة التدقيق الداخلي" سلطة المدير العام، وهي التي تراقب أداءه؟ وهل يمكن أن يكتب مدير التدقيق ما لا يتوافق مع رغبات رئيسه في العمل، الذي هو أنت؟ ثم لماذا يتم شراء ولائه بتعيينه عضواً في إحدى الشركات التي تساهم فيها التأمينات؟

3) لماذا تم ضخ 900 مليون دينار في بنك في مملكة البحرين، والبحرين لا تضمن الودائع، في حين كان من الأفضل ضخها في الكويت، حيث الودائع المضمونة حكومياً؟ لمَ كل هذه المخاطرة؟ وهل كنت ستفعل ما فعلت لو كانت تلك الأموال أموالك الخاصة؟

4) أين وصلت قضيتك المحالة إلى النيابة العامة، إذ إنني لم أجد ما أقرأه عنها في الصحف، ويبدو أن للأذرع المالية الثلاث الكبرى في الكويت، وهي "التأمينات" و"صندوق التنمية" و"هيئة الاستثمار"، قدسية غير معلنة عند بعض ملاك الصحف؟ فما سر ذلك؟ ألا تعتقد معي أن هناك مصالح مشتركة تجمعكم بهؤلاء الملاك؟

5) كل هذه المخالفات التي ذكرها ديوان المحاسبة، ألا ترى أنها تستحق استقالتك،

أو على الأقل، تصحيحها والاعتذار عنها والتعهد بعدم تكرارها؟ فثقافة الاستقالة شبه معدومة عندنا في الكويت.

6) ما سبب خسارة التأمينات في شركتين محليتين، بنسبة تفوق 93% في الأولى و92% في الثانية، وبمجموع خسائر 170 مليون دينار؟ ألهذه الدرجة من اللامبالاة تتعاملون مع أموال المتقاعدين؟

7) ما ردك على ما ذكره الزميلان المحترمان، د. طارق العلوي وعلي الكندري، الكاتبان في جريدة القبس، من مخالفات وعمولات وفضائح تتم في "التأمينات"؟ خصوصاً أن العلوي ذكر الحساب رقم 22110090106Z، ولا أظنه سيخترع حساباً مصرفياً ويخمّن رقمه، فما علاقتك بالحساب البنكي المذكور؟

هذا، وتقبلوا فائق الإحباط من مواطن فقد ثقته بغالبية مؤسسات الدولة، ويحتاج إلى مسؤولين أكفاء يستخرجون له "بدل فاقد".

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

النزوح الكبير

قابلت قبل مدة قصيرة في منتدى عام خبيرة نفط كويتية شهيرة كانت عائدة للتو من العراق ووزير نفط أسبق، ومما قالاه اننا أضعنا في الكويت على أنفسنا فرصة ذهبية لن تتكرر عندما أوقفنا مشروع تطوير حقول الشمال الذي كان سيستخدم التقنية الحديثة لاستخراج النفط من المكامن الصعبة في تلك الحقول خلال الـ 15 عاما الماضية.

وأضافا ان توقيع العراق هذه الأيام لاتفاقيات مع شركات النفط العالمية للعمل في حقل الرميلة والحقول الأخرى سيمكنهم من استخراج النفط بطريقة متقدمة، ما سيجعل نفطنا يرحل من المكامن المشتركة الى حقولهم طبقا لحقيقة توجه السوائل نحو أماكن الشفط القوية، وذكرا ان افضل ما يمكن عمله في هذه المرحلة المتأخرة هو استخراج ما يمكن استخراجه خلال العامين المقبلين من تلك الحقول قبل ان يودعنا نفطنا للنزوح شمالا.

تخذيل مشروع حقول الشمال الواعد ومثله مشروعا المصفاة وشراكة الداو خذل بالتبعية شركات النفط والكيماويات العالمية المؤثرة بشدة في قرارات الدول الكبرى، ومثل ذلك قيام وزير مواصلات أسبق بإلغاء صفقة طائرات الإيرباص والبوينغ بخفية بالغة دون معرفة ان للشركتين ذراعهما العسكرية والسياسية ولهما صوت مسموع لدى حكوماتهما، وفي ذلك يقول وزير مواصلات سابق ان نائب رئيس شركة البوينغ أبلغه بأنهم لا يأخذون قرارات الشراء الكويتية بمحمل الجد، نخشى مع نزوح مصالح الشركات الكبرى للجيران ان ينزح معها القرار السياسي لصالحهم بسبب مزايدات «هواة» العمل السياسي من النواب وتعريضهم بالتبعية الأمن القومي الكويتي للضرر والخطر.

رفضت المحكمة الدستورية المصرية فرض ضرائب مالية على الأرض الفضاء كونها لا تدر دخلا، فكيف تفرض ضرائب دخل على ما لا دخل له؟! لماذا لا تحيل الحكومة القانونين 8 و9 غير الدستوريين للمحكمة الدستورية حتى يتم تعديلهما أو إلغاؤهما بعد ان أوقفا تماما عمليات التنمية في البلد ولكونهما احد العوائق الرئيسية لتحويل الكويت لمركز مالي عبر تشددهما في منح واستخدام الأراضي العامة للدولة، وهل سينشئ المستثمر الأجنبي مشاريعه في الهواء؟!

ومادمنا في سياق الأراضي الفضاء فأحد أهم أسباب انتشار القاذورات والأوساخ في المناطق السكنية النموذجية هو قانون قديم للبلدية يمنع أصحاب القسائم من تسويرها، المرجو ان تفرض البلدية في عهدها الجديد الواعد على كل صاحب قسيمة تسييجها حفظا لملكه إضافة الى منع جعلها مكبا للأوساخ ومخلفات البناء في المنطقة، خدمة التسوير يحتاجها كثيرون يخشون ان يبني أحد على قسائمهم ثم يصبحوا ضحية المقولة الشهيرة «يبقى الوضع على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء للقضاء» وبالطبع سيوافيهم الأجل قبل صدور الحكم لصالحهم في ملكية أرضهم!

آخر محطة:

في شهر أعيادنا الوطنية، هناك 10 قضايا ومصطلحات لو اتفق القائمون على الصحف والفضائيات على عدم التطرق لها إيجابا او سلبا لتعززت بشدة وحدتنا الوطنية، من تلك المصطلحات والقضايا «تجنيس السبعينيات» و«اللفو» و«عيال بطنها» و«الدماء الزرقاء» و«أبناء القبائل وأبناء الحضر» و«الرافضة» و«النواصب» و«الوهابيين التكفيريين» و«العيم».. إلخ، جميع تلك المصطلحات لا فائدة منها كونها تفرق ولا تجمع ويقصد منها في العادة الإساءة البالغة للآخرين.

احمد الصراف

الدولة الدينية القبلية

عدد من يستحق التقدير والاحترام بين كبار ضباط وزارة الداخلية ليس بالكبير، وليس في الأمر غرابة، فالكويت من دول العالم المتخلف، وهذه سمة من سمات هذه الدول، فالضابط فيها يمتلك البقالات وصالونات الحلاقة ويضارب في بورصة الأسهم ويتاجر في الإقامات ويستخرج رخص القيادة «للمحتاجين» مقابل رشوة، وأحيانا كثيرة يُقبض عليه متلبسا بجريمة أو بأخرى، ولا يُلام هؤلاء على ضعفهم بقدر ما يلام النظام القبلي والديني الذي أصبح يلفنا بعباءته الخشنة من كل جانب.
يعتبر الفريق أحمد الرجيب، وكيل وزارة الداخلية، من القلة التي تحظى بالتقدير والاحترام، وبالرغم من أن تصريحه الأخير، الذي سنأتي على ذكره لاحقا، بيّن مدى ما يشعر به من ضعف، فإنه أظهر أيضا حقيقة معدنه ورفضه للطريقة التي يدار بها الكثير من الأمور في الوزارة، وإيمانه بدولة القانون وضرورة اتباع القيادات الأمنية لكافة الإجراءات القانونية قبل دهم أي بيت أو حفل خاص.
ففي انتقاد لاذع يندر صدوره عن وكيل الداخلية، قال الفريق الرجيب إن على مديري الأمن الامتناع عن القيام بأعمال لا تدخل في صلب اختصاصهم، كمداهمة أوكار مشبوهة أو اقتحام حفلات خاصة بحجة وجود أفراد من الجنس الثالث فيها، وكل ذلك بناء على وشايات أو شبه تعليمات من نواب! وقال، وهذا مصدر اعتراضنا على تصريحه، ان هذه التدخلات في شؤون الناس غير المدعومة ببلاغات رسمية أو بأوامر قضائية تضعف موقف الوزارة ضد مرتكبي الجرائم وستبرئهم مستقبلا، وإن كانوا غير ذلك، وقد ينتج عنها ايضا رفع قضايا تعويض على الوزارة!!
وبالرغم من وضوح تصريح الوكيل الرجيب، فإنه أغفل أمرا أساسيا، فقد كان حريا به، وهو المسؤول المتمرس، لفت نظر قادة الأمن الى واجب الالتزام بالدستور وقوانين البلاد. فدعم موقف الوزارة أمر مهم، ولكن احترام خصوصيات الأفراد، من مواطنين ومقيمين، شيء أكثر أهمية، وهذا ما يجب أن يعيه رجل الأمن ويعمل حسابه لا ان يخاف من دفع تعويض مادي للمتضرر نتيجة خطأ في الإجراءات.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا يتعلق بالسبب الذي يجعل وكيل الداخلية يصرح بمثل هذا التصريح، «المخملي» نسبيا، بشأن مخالفات دستورية صدرت عن ضباط كبار لم يكن من المفترض ارتكابهم لها، ولماذا أطلق الفريق الرجيب تصريحه علنا، ولماذا لم يقم بإحالة واحد على الأقل من هؤلاء الضباط للمحكمة العسكرية، أو تجميده ونقله لإدارة غير تنفيذية؟
نعتقد بأن علانية التصريح، الذي تضمن اتهامات خطيرة لضباط كبار، مقصودة، وأن في الأمر شيئا ما، وأن الكيل ربما طفح بالوكيل، بحيث رأى أن من الضروري نقل الخلاف للعلن. وبيّن تصريحه أن من يدير الوزارة أمنيا ليس الوكيل الحريص على عدم تعريضها لما هي في غنى عنه، بل جهة أخرى! وبيّن ايضا أن كل ما يقال عن الدولة المدنية والدستورية أمر غير صحيح، فقد تحولنا منذ عقود لدولة «دينية قبلية» تدير الأجهزة الأمنية من خلال شبكة علاقات شخصية لا من خلال إجراءات قانونية ومواد دستورية، فهذا آخر ما تؤمن به.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

حراس بلدية المنامة… الكر والفر

 

أكثر ما يجعل المتابع لمطالب مجموعة من حراس أمن بلدية العاصمة الوظيفية يشعر بالاستغراب، هو عدم اكتراث المسئولين، لا بوزارة شئون البلديات والزراعة، ولا ببلدية العاصمة بالنظر في مطالبهم بشكل جدي، وبالتالي، التوافق على حل جذري للإشكال القائم بدلا من تبادل التصريح والتصريح الصحافي المضاد، وكأن أولئك الحراس يؤذنون في مالطة، مع يقينهم بأن وزير شئون البلديات والزراعة جمعة أحمد الكعبي تابع الكثير من التفاصيل وتفهم الوضع.

وإذا سنحت الفرصة لحراس الأمن ببلدية العاصمة للالتقاء بالوزير مجددا، فإنه سيكون اللقاء الثاني، ولا أحد يستطيع الجزم بأن هناك حلولا جذرية لمجموعة منهم لايزالون يجأرون بالشكوى من حرمانهم من الترقي والحصول على الدرجات التي يستحقونها دون القفز عليهم والإصرار على وضع المبررات والمسوغات التي تمثل مانعا بينهم وبين الهدف الذي يسعون إليه، وعلى ما يبدو أن هناك حالة من الصراع الخفي بينهم وبين عدد من المسئولين كان المحرك لتنظيم اعتصام ولقاءات متكررة ووساطات وشكاوى في الصحافة، قابلته حالة من التحدي لأن تبقى تلك المجموعة على حالها مهما فعلت، ولا أدري حقيقة، لماذا لا يتم وضع حد لهذه المشكلة؟ ولماذا لا يتم الجلوس مع الحراس في جلسة مكاشفة يقدم فيها كل طرف ما لديه بكل جرأة؟

فإن كان الحراس هم المدانون وهم المقصرون وهم الذين لا يستحقون الترقية وهم المتسببون في المشاكل، فلتلقى في وجوههم التهم مباشرة، وإذا كانوا غير ذلك، فما المانع من إنصافهم بدل الكر والفر؟ ولننظر إلى ما نشرته الصحافة خلال الأسبوع الماضي فيما يتعلق بشكوى الحراس، وجاء فيما جاء أنهم يرفضون الاستهزاء والمماطلة والتمطيط في تحقيق حقوقهم الوظيفية، مطالبين الوزير بالتدخل لإنهاء المشكلة وخصوصا أن الوزير اطلع على تفاصيل المشكلة منذ طرحها لأول مرة في العام 2007، متسائلين عن المعايير التي على أساسها تتم الترقيات.

بعدها مباشرة، وفي يوم الخميس الماضي، جاء رد بلدية المنامة بالقول «إن البلدية تقوم بشكل مستمر بترقية الموظفين وفق الشواغر الوظيفية المتاحة، وبحسب الهيكل التنظيمي المعتمد لحراس الأمن، إذ إن نظام الترقيات يأتي وفق أنظمة وقانون ديوان الخدمة المدنية»، وهذا رد عام، حتى بالقول إن هناك توجيهات لدراسة أوضاع حراس الأمن والاهتمام بأصحاب الكفاءات والخبرات الموجودة، لكن ليس واضحا في الرد، هل هؤلاء مستحقون أم لا؟ وبالتالي، لم يقدم الرد إجابات على ما طرحه الحراس، منها على الأقل نفي ما قالوه من أن هناك مماطلة وتمطيطا.

إذا كانت المسألة مسألة تعامل بندية فهذا خطأ جسيم! وإذا كانت هناك أمور (خفية) لا تود البلدية إعلانها، فإنها بذلك لن تحل المشكلة، ومنها ما يعتقده البعض أنها خطوات تسبق (خصخصة) هذا القطاع… ومع الاحترام للمسئولين والحراس على حد سواء، إلا أن الأوان مناسب للتحدث بصراحة وجها لوجه، دون مواراة، فما المانع في ذلك؟

سامي النصف

الولاء للكويت لا لبنكها المركزي

الكويت بلد صغير له مصلحة مباشرة في أن يستضيف على أرضه بشكل دائم الكم الأكبر من المنظمات الخليجية والعربية والآسيوية والإسلامية والدولية، وهو أمر قائم بالفعل عبر ما نراه من منح الدولة لأراض والقيام ببناء مقرات عربية للمدن والتخطيط والتنمية الاقتصادية ورعاية الطفولة وغيرها من عمليات استضافة وتوطين ناجحة.

وعليه فما الخطأ في منح الدولة أرضا لإقامة مقر للمجلس الأولمبي الآسيوي الذي يمثل أكبر قارة في العالم تضم 53 دولة (ربع دول العالم) و4 مليارات نسمة (أكثر من نصف سكان العالم)؟! وللمعلومة وجود مشاريع تجارية ومكاتب ضمن المشروع لتمويله بدلا من ان يموله المال العام أمر يجب ان يقتدى به لا أن يحارب.

يفرح البعض بكل فشل يصيب مشاريعنا الكبرى ويحزن بشدة لكل نجاح في تلك المشاريع بينما تفرض المواطنة الحقة المتباكى عليها ان نفرح لنجاح مشاريعنا ونحزن لفشلها، ومن ذلك فلقد سررنا بالمؤتمر الصحافي الذي عقد بالأمس وأظهر حقيقة ان ستاد جابر الأحمد قد أنشئ طبقا لأحدث المواصفات الدولية وانه لا يعاني، كما أشيع، من هبوط أرضية الملعب او تصدع مدرجاته، كما لم تزد كلفته الإجمالية على كلفة «صيانة» ستاد آخر في احدى الدول الشقيقة، على شركاتنا الخاصة ان تبتعد عن نهج وزاراتنا العتيد المؤمنة بأن «الصمت حكمة» و«السكوت من ذهب» وان تفعّل إدارات الإعلام والعلاقات العامة فيها.

كلنا وبقوة مع زيادة دخل الأسرة الكويتية وتنمية مدخراتها إلا ان غير المقبول هو الدفع بعملية الاكتتاب العام في كل مشروع جديد لا يعلم احد ان كان سيربح ام سيخسر، فـ «الكويتية»، على سبيل المثال، والتي يفترض ان يتم الاكتتاب بـ 50% من ملكيتها، لاتزال تخسر مئات ملايين الدولارات كل عام وتلك الخسارة تمتد لشركات الطيران الخاصة في البلد رغم انها غير مكبلة بالعمالة الفائضة وتعمل على خطوط اقتصادية قصيرة بطائرات حديثة، الخوف هو من «مناحة» جديدة شبيهة بمناحة القروض بعد عام او عامين ومن ثم اتهام الجهات الرسمية بأنها من سوقت وخدعت المكتتبين في تلك الاكتتابات العامة «ويللا» عوضونا ـ من تاني ـ عن خسائرنا!

في هذا السياق، هناك من يلوم البنك المركزي وينتقده بشدة في «قميص عثمان» القروض إلا ان هذا البعض ذاته من كتاب ونواب يظهر الولاء الشديد للبنك المركزي وما يطبعه من دنانير ونقود في وقت يفترض فيه ان يكون الولاء خالصا للكويت، حيث يجب ان يتوقف السيل الجارف من المقترحات المالية المدغدغة التي تدمر حاضرها ومستقبلها.

آخر محطة:

(1) «قد» نفهم ان يكون هناك مقترح منحة مالية قدرها 10 آلاف دينار «كبديل» لإسقاط القروض او فوائدها، ما لا نفهمه على الإطلاق هو ان «يضاف» المبلغ للكلفة الباهظة لمعالجة تلك القضية «المصطنعة» وغير المسبوقة في اي دولة اخرى تشاركنا العيش على كوكب الأرض.

(2) لو كان للوطن حنجرة لسمعت الكواكب السيارة والمجرات البعيدة صرخات أمنا الكويت وهي تنحر من الوريد الى الوريد بمثل تلك المقترحات وفي أعيادها الوطنية!

احمد الصراف

آه.. ما أجمل النسيان!

ذهب الرجل وزوجته للطبيب بسبب حالات النسيان التي أصبحت تنتابهما فأخبرهما هذا بأن كبر السن له علاقة بالأمر وان عليهما تقبل الوضع ومحاولة التغلب على المشكلة بتدوين كل ما يودان تذكره، والأفضل الاحتفاظ بورقة وقلم لهذا الغرض. في الليلة نفسها واثناء مشاهدة الزوجين للتلفزيون قام الزوج ليحضر وجبة عشاء خفيفة لنفسه فطلبت منه زوجته أن يحضر لها شطيرة جبنة بيضاء مع خيار، وطلبت منه تدوين ذلك في ورقته لكي لا ينسى، ولكنه قال ان طلبها سهل ولن ينساه، فأكدت أنه حتما سينسى ما طلبته خصوصا أنها تريد شطيرة مع حبتي زيتون، فقال انه لم يصل الى درجة الخرف، وأصر على عدم التدوين وأصرت على انه لن يتذكر ما طلبته. عاد بعد نصف ساعة يحمل ما حضره لنفسه وطبقا فيه بيضتان مقليتان لزوجته فنظرت اليه معاتبة وقالت: لقد قلت لك ان تدون الطلب وأنك ستنسى ما طلبت لكنك أصررت على موقفك. فنظر اليها بدهشة وهو يقول: ألم تطلبي بيضا؟ فقالت: نعم هذا ما طلبت ولكنك نسيت البطاطا!
تذكرت هذه الطرفة وأنا أقرأ طرفة أخرى عن النسيان عن مجموعة من الأصدقاء من طلاب جامعة أميركية اتفقوا يوم تخرجهم على البقاء على اتصال بعضهم ببعض مدى الحياة. وفي لقائهم الدوري، وكانوا جميعا قد بلغوا الأربعين من العمر، قرروا تناول العشاء في مطعم «جوستاف» لأن فيه نادلة صبوحة الوجه وجميلة القوام. بعد عشر سنوات التقت المجموعة ذاتها وقرروا تناول العشاء في مطعم «جوستاف» لأن لحومه طيبة المذاق، وقائمة مشروباته ثرية. وفي لقائهم الثالث بعد عشر سنوات أخرى، وبعد أن أصبحوا في الستين، قرروا، بعد نقاش قصير، تناول عشاء لقائهم الدوري في مطعم «جوستاف» لأنه مطعم يمتاز بجوه الهادئ، كما أنه يخلو من المدخنين والشباب الصاخب. وفي اللقاء السبعيني، وبعد التئام شملهم، قرروا بالاجماع تناول العشاء في مطعم «جوستاف» لسبب مهم حيث إنه مناسب لأصحاب الإعاقات وبالذات من مستخدمي الكراسي المتحركة، كما أن فيه مصعدا. وفي اللقاء الخامس بعد أن أصبحوا في الثمانين، تم الاتفاق بالاجماع، بين من بقي منهم على قيد الحياة، تناول العشاء في مطعم «جوستاف» لان الجميع يتحدث عنه، ولم يسبق لهم ان تعشوا به من قبل.

أحمد الصراف
[email protected]

محمد الوشيحي

قرط مقارَط

المزاج اليوم مغربي، أعانكم الله. وأنا لم أزر المغرب إلا يوماً ونصف يوم، "طرانزيت"، قبل أن أضع أسفل ثوبي في فمي وأجري مغرب شمس، باتجاه "فرانصا"، لكن إنتاج الزملاء المغاربة الأدبي والصحافي يعجب ويُبَهبِه. ولا تسألني عن البهبهة، ولن أسالك أنا. ولولا أنهم يوغلون في العامية المغربية لما رفعت رأسي عن كتبهم وصحفهم، لكنني ما إن أندمج في موضوع لأحدهم حتى ينحرف بي شمالاً فأصطدم بالحائط فتتورم جبهتي الكريمة: "والطفل يبقى دركاش عبوساً تقريطة محنان"! لا إله إلا الله، انتبهوا على أطفالكم. أجل تقريطة محنان، هاه؟ المحنان وربي هو من يقرأ لك مرة أخرى.

ومنذ "دجنبر أو نونبر"، كما يقول المغاربة، أي ديسمبر أو نوفمبر، والدوقة النائبة الدكتورة سلوى الجسار تشد شعر وزيرة التربية الدكتورة موضي الحمود وترفع سكين المطبخ في وجهها مهددة باستجوابها. ليش؟ لأنها تريد أن تلعب معها الشطرنج، فتزيحها عن كرسي الوزارة لتحتله هي، كما أظن وأجزم وأقسم.

وطرْحُ الثقة بالوزيرة يحتاج إلى خمسة وعشرين نائباً مما تعدون، وسلوى لن يقف معها إلا النائب محمد هايف، وهو عن ألف فارس من بني ثغيل بن طوقان، وهو سيساندها لسبب لا تعرفه هي، وهو أن موضي لا ترتدي الحجاب، لكنه سيضرب على جبهته حائراً، ثم يقرر طرح الثقة بالاثنتين معاً، الوزيرة والنائبة، الأولى بسبب الحجاب، والثانية بسبب صوتها العورة، وقد يضطر إلى الالتفات إلى رولا وأسيل، النائبتين غير المحجبتين، ليشملهما بمكرمته، وقد يخلع عقاله، وقد تتعالى أصوات النساء والأطفال فيحتمون بالجبل، ويتساقط القتلى والجرحى، وبخٍ بخٍ، وليلة طويلة، وحصار ومنجنيق، وتستسلم خراسان! ومحمد هايف، سواء أحببته أم أبغضته، لا يمكنك أن تطعن في مصداقيته وشجاعته وبساطته.

حتى زملاء سلوى في "العمل الوطني" لن يلتفتوا إليها، فموضي الحمود أقرب إليهم منها. ثم إنهم مشغولون الآن بتحدي الشيخ طلال الفهد في الرياضة، ولسان حالهم يقول بالمغربي لسلوى التي تستجديهم: "شكون اللي داير فيكي يا الروينة نهار العيد"، أي مَن سيهتم بكِ والناس مشغولون بالتزيّن في نهار العيد.

وبشكل عام، الوقت هذا ليس وقت استجوابات في نظر الأغلبية، فخطة التنمية أم 37 ملياراً على الأبواب والنوافذ، والناس في تصادم. وأعرف نائباً اجتمع قبل يومين مع وزير، في مكتب الأخير، الساعة السادسة والربع صباحاً، والناس هُجّع نيام، هرباً من أعين الحساد والعذال، ولولا عدم وجود دليل مادي بحوزتي لذكرت اسميهما.

ولو استمعَت سلوى إلى نصيحتي، لساومَت زميليها مرزوق وصالح: "استجوابي مقابل استجوابكما للعفاسي، وزير الشؤون". فهُما محتاسان حوسة أم الأيتام في أروقة وزارة الشؤون قبل وصول العفاسي، ويعلمان أن الوزير لا يحتاج حتى إلى "لزاق جروح"، بعد الاستجواب، بينما سيقضيان ليلتهما في مستشفى الرازي للعظام.

والعفاسي كتلة من الشهامة والرجولة والجدية والصلاح ترتدي غترة وعقالاً. وهو متألم لحال الرياضة، أكثر من المتضادين، الشيخ طلال الفهد ومرزوق الغانم، اللذين يتباكيان عليها، ويهدد كل منهما باستجوابه بسببها، طلال سيستجوب عن طريق دليهي الهاجري، وخصمه مرزوق الغانم سيستجوب بمساندة جناحه الأيمن صالح الملا. ولأن "حلاة البيع جملة"، حبذا لو استجوب الاثنان الوزيرَ معاً، أو لو استجوب أحدهما الآخر، والفائز منهما يقابل الوزير، كي ننتهي من هذا التقريط المحنان، وتعود إلينا رياضتنا.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

شهادة كابتن عراقي بحق المقاومة الكويتية

يذكر الكابتن العراقي مازن وهو قبطان رحلة الجامبو العراقية البوينغ 747 التي ضربتها المقاومة الكويتية ظهر يوم الاربعاء 3/10/1990 تفاصيل تلك الرحلة المثيرة، حيث يذكر ان الرحلة كانت من نوع COMPI أي تحمل في الكابينة الرئيسية الثلثين ركابا والثلث الأخير للشحن، والطائرة موجودة الآن في احدى العواصم العربية.

 

تأخر اقلاع الرحلة نصف ساعة من الكويت انتظارا لوصول ثلة من كبار المسؤولين الصداميين من ضمنهم السكرتير الخاص لصدام حسين الذي كان يحمل رسائل هامة من محافظ الكويت آنذاك الجزار علي حسن المجيد، وكان الركاب في أغلبيتهم العظمى حسب قول الكابتن من كبار العسكريين وقلة من تجار المسروقات (شهادة هامة تثبت ان المقاومة الكويتية لم تستقصد ركابا مدنيين أبرياء كما أشيع) اما الحمولة فكانت جميعها من المسروقات التي نهبت دون وجه حق من الكويت.

 

أقلعت الطائرة من الممر الشمالي ولم تصل الى ارتفاع 80 قدما حتى اصاب صاروخ المقاومة الأول الذي أطلق من فوق سطح إحدى عمارات الفروانية قلب المحرك رقم 3 فدمره تماما، وتلاه على الفور صاروخ آخر أصاب الغطاء الخارجي للمحرك رقم 4 فتم ايقافه ولم تستطع الطائرة، التي أصاب الرعب الشديد قلب ركابها، العودة للكويت خشية التعرض للمزيد من صواريخ المقاومة فاضطر الكابتن للتوجه للبصرة، إلا ان الأوامر الرئاسية وصلت بالتوجه مباشرة لبغداد حتى مع تعطل المحركين 3 و4 بسبب أهمية الركاب وأهمية الرسائل وكذلك أهمية المسروقات!

 

كان من النتائج المباشرة لذلك العمل المقاومي المجيد ان سقطت أكذوبة قبول الكويت بالاحتلال، او ان الطاغية علي حسن المجيد (الكيماوي) استطاع ان يخضع الكويت لرغباته وأوامره، كما تم اغلاق مطار الكويت منذ تلك اللحظة أمام الملاحة الصدامية فصعبت عملية ترحال قادته وجنوده وسرقاته حتى تحررت الكويت فأعيد العمل سريعا بالمطار.

 

شريط ذلك العمل الذي قامت به المقاومة الكويتية موجود في الأرشيف ويمكن ان تعرضه احدى المحطات الفضائية وتستضيف طرفي الحدث اي رجال المقاومة الكويتية وكابتن الطائرة كشهود للعصر، وفي هذا السياق بودنا ان تطلق افلام المقاومة الكويتية للعلن وان يكرم من قام بها وتدون شهادتهم للتاريخ فهذا ما تقوم به دول العالم أجمع.

 

آخر محطة: (1) بودنا ان يستضاف كذلك الطيارون الكويتيون العسكريون والمدنيون (طيارو «الكويتية») الذين ساهموا في حرب تحرير الكويت لسماع شهادتهم للتاريخ.

(2) حادث الطائرة العراقية مسجل بطريقة مغلوطة ضمن احد اشهر كتب حوادث الطيران المسمى «AVIATION DISASTERS» ص222، حيث يذكر ان الطائرة العراقية هي من نوع اليوشن 76 وانها تحطمت بعد ان أصابتها المقاومة الكويتية بصاروخ أرض ـ جو مما نتج عنه قتل جميع ركابها البالغ عددهم 130.