سعيد محمد سعيد

هل تحظى الأنشطة الشبابية بالدعم الفعلي؟

 

على رغم الحديث الذي تكرر لسنوات بشأن احتياجات فئة الشباب في البحرين، وعلى رغم الإقرار أن هذه الفئة لا يزال ينقصها الكثير من الاهتمام والرعاية، وعلى رغم برامج العمل التي تعلن فجأة وتختفي فجأة، وعلى رغم الاعتراف بأن الشباب في البحرين يواجهون مشاكل لا حصر لها، إلا أنه على أرض الواقع، لا يمكن الوقوف على خطة وطنية حقيقية للنهوض بهذه الفئة، وتلبية احتياجاتها، لا سيما على صعيد القرى، وإن كان الشباب في كل مناطق البحرين ينتظرون الرعاية والاهتمام.

ولعل السؤال الذي نكرره كثيرا :«هل تحظى الأنشطة الشبابية بالدعم الفعلي خصوصا من قبل الدولة أو من قبل مؤسسات القطاع الخاص؟»، وإجابة على هذا التساؤل يمكن القول إن هناك اهتماما لكنه لا يرقى إلى مستوى الطموح حتى مع وجود مبادرات مميزة، سواء على صعيد الأنشطة الثقافية والمهنية والتعليمية، أو على مستوى الفعاليات الرياضية والثقافية وغيرها من أنشطة تتيح لهذه الفئة إثبات وجودها والتعبير عن جهة نظرها فيما ينقصها من احتياجات.

وتبدو مبادرة مركز سند الثقافي والرياضي بتنظيم دورة رياضية في كرة القدم للناشئين في 24 فبراير/ شباط الجاري تحت عنوان «بطولة الوطن»، واحدة من المبادرات التي تستحق الدعم، فهناك ما يقارب من 400 شاب من مختلف مناطق البحرين قرروا المشاركة في هذه البطولة وهم من الشباب غير المنتمين الى أي من الأندية أو المراكز الشبابية…أي يمثلون الفئة (المهملة) دائما… والمشاركة بهذا الحجم تعتبر نقطة تميز لمركز سند الثقافي والرياضي الذي نجح في استقطاب هذا العدد، وتمكن أيضا من الحصول على دعم المؤسسة العامة للشباب والرياضة، ومن الأهمية بمكان أن تساهم المحافظة الوسطى ومجلس بلدي المنطقة الوسطى والمؤسسات في المنطقة لدعم مثل هذه المبادرات لتحقق النجاح المرجو منها، ولكي تقدم انطباعا بأنها مؤمنة بضرورة دعم الأنشطة الشبابية على اختلافها.

شباب البحرين، كما يصف رئيس اللجنة المنظمة للبطولة علي حسن العربي، يمتلكون طاقات إبداعية خلاقة في المجالات الثقافية والرياضية والمهنية والعلمية، ولهذا، فإن توجيهات القيادة ومنها اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى، تستوجب من المؤسسات الحكومية والأهلية أن تساهم بدرجة أكبر في تقديم برامج عمل وأنشطة تستقطب الشباب وتمنحهم الفرصة لإبراز امكاناتهم، وعدم الاكتفاء بتقديم الصور السلبية واتهام شباب البحرين دائما بأنهم يفتقدون الإرادة للعمل البناء.

المنطقة الغربية تحديدا، تحتاج إلى الكثير من الاهتمام الموجه للفئة الشبابية، وبالمناسبة، فإن بطولة «الوطن»التي ينظمها مركز سند، ستقام على استاد اتحاد الريف، وفي هذا رسالة الى أن اجتماع 400 شاب في دورة رياضية بتلك المنطقة، يعكس التوجه نحو تكثيف الاهتمام بالشباب، ومن المهم الإشارة الى الزيارة التفقدية التي قام بها رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة الشيخ فواز بن محمد آل خليفة لقرية المالكية في شهر يوليو/ تموز من العام 2008، والتي التقى خلالها أسرة النادي وأبناء القرية وذلك للوقوف على احتياجاتهم ودراسة السبل الكفيلة باستقطاب شباب القرية وتوجيههم التوجيه السليم كعناصر أساسية في عملية تنمية المجتمع المحلي، وخصوصا أن المنطقة الغربية قدمت الكثير من النماذج الشبابية والرياضية المشرفة.

يبقى أن نقول، إن مبادرة مركز سند وغيره من أندية ومراكز شبابية، يجب أن تقابلها مبادرات داعمة من جانب مؤسسات الدولة الحكومية والأهلية، على أن يكون هناك توجه حقيقي لتلبية احتياجات الشباب في كل مناطق البحرين.

سامي النصف

تاريخ الكويت وتاريخ أسرة الحكم

قام مختار اليرموك «القدوة» الأخ عبدالعزيز المشاري بالدعوة لمحاضرة هامة حول بداية الدولة الكويتية على مسرح خدمة المجتمع في المنطقة حاضر فيها كل من د.ميمونة العذبي والسيد أنور الرفاعي وكانت المحاضرة حافلة بالمعلومات المفيدة التي تستحق ان يتم تضمينها كمقررات إلزامية على طلبة المدارس ليتفقهوا في تاريخ دولتهم.

فمما أظهرته د.ميمونة بالوثائق والدلالات القاطعة ان انشاء الكويت لم يكن كما يعتقد بعض المؤرخين في منتصف القرن الثامن عشر بل مع بدايات القرن السابع عشر وتحديدا عام 1613، كما أشارت الى ان هناك احتفالية كبرى ستقام عام 2013 بمناسبة مرور 400 عام على نشوء الدولة، وقد عرض السيد أنور الرفاعي بعد ذلك مجموعة قيمة من الوثائق والصور التاريخية لبدايات الكويت.

وقد بدأت المداخلات بسؤال تاريخي هام للدكتور خليفة الوقيان وفحواه ان تثبيت بداية الدولة بعام 1613 ـ وهو ما دعمه وكتب عنه الدكتور قبل عشرة أعوام ـ يخلق ثغرة زمنية قدرها 150 عاماً تفصل بين بدء الدولة وبدء حكم آل الصباح عام 1756 فما الذي جرى في تلك الحقبة الفاصلة بين التاريخين؟

أعتقد ان هناك أكثر من تفسير منطقي للفارق بين هذين التاريخين احدها ان يكون احد المؤرخين اعتقد ان بداية الكويت كانت عام 1756 لذا جعل بداية حكم آل الصباح منذ ذلك التاريخ وأرخ لفترة حكم كل حاكم طبقا لذلك، ولو علم ان نشأة الكويت بدأت في تاريخ سابق لعدّل التاريخ تباعا، التفسير الآخر ان بداية حكم آل الصباح كانت بالفعل عام 1613 وان حقب البعض منهم أطول مما هو مدون في كتب تاريخنا، أو كما ذكرت د.ميمونة قد يكون هناك حكام من آل الصباح لم يذكروا في بداية الدولة لقلة المؤرخين.

ومن الأمور الهامة التي يجب ان يتم التطرق لها وايضاحها للأجيال الحاضرة والقادمة عند الحديث عن علاقة الكويت بالدولة العثمانية وبوالي البصرة تحديدا حقيقة ان الدولة القطرية المستقلة في العالم لم تنشأ الا في فترة متأخرة من التاريخ اي بعد سقوط الامبراطوريات العظمى عام 1918، اما قبل ذلك فقد كانت «جميع» الدول تابعة لهذه الامبراطورية او تلك فالعراق والشام يحكمهما ولاة أتراك ومصر والسودان ألبان من أسرة محمد علي وليبيا إيطاليون والمغرب العربي فرنسيون وإسبان، لذا فوجود إمارة او دولة في ذلك الوقت المبكر يحكمها بشكل مستقل ومطلق ابن من ابنائها هو السقف «الأعلى» لاستقلالية الدول قبل 4 قرون حتى انتهاء الحرب العالمية الأولى، وغني عن القول ان الامبراطوريات العظمى لم تعط صكوكاً لأحد لوراثة ممتلكاتها حتى يحق لصدامي مغرض ادعاء انه وريث سلاطين بني عثمان في ممتلكاتهم التي لم نكن على اي حال منها.

آخر محطة:
 
(1) قرأت في وثائق الخارجية البريطانية 1940 ـ 1958 ان مشكلة ميناء أم قصر «اختلقها» ساسة العراق كرد فعل على السخونة التي سادت ضفتي شط العرب بين العراق وايران في الثلاثينيات (وما خص الكويت؟!) فقرر نوري السعيد انشاء ميناء «طوارئ» في أم قصر يستخدم في حال الحرب مع ايران واغلاق ميناء البصرة وطالب بالاستحواذ دون وجه حق على خور عبدالله وجزيرة وربة حتى لا تتكرر مشاركة شط العرب مع ايران وادعى كما أتى في الوثائق ان الكويت قد تنقلب ضده خلال 20 عاماً!

(2) أسقط واقع الحرب العراقية ـ الإيرانية 1980 ـ 1988 ذلك التصور الخاطئ الذي كان سبب بداية الإشكال الحدودي بين العراق والكويت حيث لم تكتف الحرب بإغلاق الموانئ العراقية في شط العرب بل أغلقت كذلك ميناء أم قصر الخليجي، ولم يفد العراق الا موانئ دولة الكويت التي بقيت مفتوحة لذا تقتضي التجربة والحكمة والرؤية الاستراتيجية الصحيحة تسليم العراق ميناء أم قصر للكويت للحفاظ عليه مفتوحا إبان الحروب وان يستخدم ميناء البصرة العميق خلال فترة السلم.

(3) لم يعد هناك عذر لعدم وجود سفير عراقي في الكويت والواجب طلب الاستعجال في تعيينه حتى يزول سوء الفهم بين البلدين وتنتهي مرحلة الصدامية دون صدام اي حقب الشك وسوء النوايا ووصاية الكبير على الصغير غير المعمول بها في علاقات الدول المتقدمة.

احمد الصراف

الفرق بين ابتهالك وابتذالهم

«… أن يبدأ يوم ابني البكر الجامعي بالنظر الى صورة والدته في الصفحة الأولى للجريدة مذيلة بخبر رخيص منقول من الإنترنت، أن يقرأ والدي الخبر الذي يعلن ابنته مؤيدة للمواقع الاباحية، وحاثة على الالحاد ومشجعة للتوجه المثلي، هذا الرجل ذو السمعة التي تبرق كما الألماس، أن يتواجه زوجي والصفحة الأولى لجريدة تعلن زوجته إنسانة خارجة وصاحبة آراء مبتذلة، وهو الذي أبقى يديه خلف ظهري يحميه عندما يدفعني الغير للسقوط، وهو الذي بقي صدره أمامي يتلقى السهام ويحجب نيران الاذى ويظللني بظله الذي هو بحق ظل رجل وليس ظل «حيطة» كتلك الحوائط التي ما فتئت ترميني بالطوب والحجر، يرشقونني بسهام القبيح من الحديث لينالوا مني ما تصل إليه أيديهم، دون حتى أن يتحققوا من «الجريمة» ودون عناء معاينة «موقع الحادث» قبل اصدار الحكم الأخير الرخيص برخص الجهد المدفوع فيه، وكل ذلك وبكل أسف باسم الدفاع عن الدين وحمايته من المتآمرين عليه والذين هم… أنا، وحدي أنا…» – إبتهال الخطيب
****
هذا ما كتبته الأخت والصديقة والقريبة والمبدعة ابتهال الخطيب في معرض دفاعها عن كل ذلك الابتذال الذي نالها من حمقى وجهلة متعصبين ومن.. سياسيين وبرلمانيين يعتقدون أن الحصانة التي يمتلكونها تعني الحكمة والمعرفة والإنصاف.
أعتقد، وأعتقد أنني محق، أن الهجوم على ابتهال في غالبه ليس هجوما على شخصها، بقدر ما هو هجوم على «امرأة» ترفع صوتها وتطالب بحقها في أن تبدي رأيها. ابتهال لم تكن «جريئة» في أي مما قالته، ولم تتعد خطوط السخف الحمراء، وما قالته لم يزد عما سبق أن قلناه وكتبناه، وفعل الأمر ذاته الكثير غيرنا، وليس في هذا طعن في جرأتها وقوة حجتها وصواب رأيها، ولكن الهجوم عليها لكونها امرأة في مجتمع متخلف، والحرب ضدها ما هي إلا معركة متصلة من قوى الشر والتعصب ضد كل رأي مستنير، وبالذات عندما يصدر عن امرأة. ولو استعرضنا وجوه ومؤهلات وسابق مواقف وآراء، وحتى التاريخ الإجرامي للبعض ممن تهجم عليها باللفظ والكلمة المكتوبة، لوجدنا كم هو شاسع ذلك البون بين تفكيرها المتقدم وأسلوبها الرائع في الحوار وتهذيبها الجم في المخاطبة وأدبها وعلمها مقارنة بهم، ولكنهم يعلمون أنهم يحاربون النور الذي إن استمرت أضواؤه في الإشعاع فستكشف عريهم البشع وخواء فكرهم وبوار تجارتهم في الدين، واستغلالهم لجهل الرعاع وتأليبهم لها على القلة المفكرة التي بها يكمن الأمل وعلى يديها ينتظر الخلاص من كل هذا الانحطاط الذي وجدنا أنفسنا نجر له جرا!
آه يا سيدتي كم أنت صادقة في ابتهالك بأن ينالوا المغفرة، وكم هم سادرون في ابتذالهم بطلب الفناء لك.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

القضية… 
خبز وبصل


عقب الحرب العالمية الأولى، عندما كانت تركيا تحت احتلال ست دول، نجح أتاتورك في انقلابه، وباشر تحرير بلاده، فهزم الجيش البريطاني وحرر اسطنبول، ثم أرسل إلى إيطاليا رسالة، كعادته، مختصرة: «اخرجوا من بلادنا فوراً، التوقيع مصطفى كمال»، فثارت ثائرة السلطة الإيطالية: «كيف يجرؤ راعي الغنم هذا على التحدث مع إيطاليا العظيمة بهذه الطريقة؟»، وأعلنت إيطاليا أنها غاضبة وستتخذ تدابير أشد مع تركيا، وراح الزعماء السياسيون يدبجون الخطبة تلو الخطبة، ويرتقون البيان في ذنب البيان، بينما كان أتاتورك يعزز جيشه بصمت. وطرقت الحرب الأبواب، فكتب أحد العقلاء الإيطاليين: «تركيا ستفترسنا، ولست عسكرياً، فأنا لا أفهم الخطط الحربية، لكنني أعرف أن الدول تنهض وتنتصر وتفشل وتُهزم بقياداتها، وإيطاليا اليوم تحت سلطة الضعفاء واللصوص، في حين تعيش تركيا أزهى عصورها لوجود حاكم مثل مصطفى كمال، الذي أحاط نفسه بخيرة رجال تركيا، وهم مجموعة تختلف عن (حبيبنا) السلطان العثماني ودراويشه، فلا تدخلونا في حرب معهم أرجوكم. انسحبوا من أرضهم فوراً كما طلبوا، فالخشية أن تنقلب الأمور فيحرروا بلدهم ويحتلوا جزءاً من بلدنا»… وهذا ما تم فعلاً، وتبهدلت إيطاليا شر بهدلة، وكتبت الصحف الأوروبية: «الجزمة الإيطالية تغوص في الوحل»، في إشارة إلى خريطة إيطاليا الجغرافية التي تشبه الجزمة.

إذاً، الدول تنجح وتفشل وتنتصر وتُهزم بحسب حكوماتها، كما قال ذلك الإيطالي، فإيطاليا ذاتها التي كانت تحتل تركيا أيام السلطان، هي ذاتها التي راحت تستجدي أتاتورك إيقاف الحرب وتعلن استعدادها لتنفيذ جميع شروطه، بما فيها تحمل تكاليف الحرب. فما الذي تغير؟ فقط شيء واحد، الحكومة التركية.

ومنذ أن كانت بيوت مانهاتن من العشيش والصفيح، ومنذ أن كان الباريسيون ينقلون الماء على الحمير، وحكوماتنا تعاني أزمةَ البدون، وتحك جبهتها حيرة أمام مشكلة بهذا الصغر. وعندما غضب الشعب، راحت الحكومة تلوح بعصاها وتقسم لنا بأغلظ الأيمان أن قضية البدون ميتة لا محالة، فصدقناها واصطففنا للصلاة على الميت في انتظار وصول الجنازة، لكنها لم تصل بعد! يبدو أن الحكومة تؤمن بفلسفتي، فأنا أسعى إلى تحقيق أحلامي وأتمنى ألا أنجح كي لا أموت حيّاً، والحكومة كذلك مع قضية البدون.

بعض الزملاء صوروا القضية «كرة ثلج تتدحرج من أعلى الجبل»، وصورتها أنا «كرة جمر تتدحرج علينا من فوهة البركان»، وصورتها الحكومة «قطعة خبز ملفوفة بالقصدير الأصلي لتحافظ على حرارتها سنين عدداً». وما بين الثلج والجمر والخبز، كتب العقلاء الكويتيون: «أنهوا القضية فوراً، بالتي أو اللتيا، أيهما قبل، فالخشية أن تنقلب الأمور ويُفرض علينا من الخارج ما لا يرضينا». فرأت الحكومة أنّه «إذا كليت بصل، فاشبع بصل»(1)، وقررتْ أن تضيف على البدون «بدوناً» جُدُداً، هم أبناء الكويتيين من أمهات «بدون»، رغم المخالفة الصريحة السافرة للقانون.

ومنذ أن قرأت ما كتبه الزميل سعود العصفور في «الراي» يوم الأحد الماضي وأنا أضحك دمعاً، وأتخيل كيف أن الحكومة التي تبكي من ثقل قضية البدون، تضيف حملاً آخر على كتفيها. يا دان وادانة، دانة علم دانة.

ووالله لو كانت الحكومة زوجتي، لأرسلتها منذ اليوم الثالث على الأكثر إلى أهلها، ولأرسلت إليها ورقة طلاقها على ايميل «ياهو» أو «غوغل»، أيهما أسرع.

(1) من الأمثال، ويعني الهروب إلى الأمام. 

احمد الصراف

نقص الأعضاء البشرية

لقد سبق أن كتبنا أن دول العالم كافة تعاني نقصا كبيرا في الأعضاء البشرية المطلوبة لمئات آلاف المرضى. وفي الولايات المتحدة وحدها هناك 100 ألف مريض على قائمة انتظار متبرع بقلب، رئة، كلية أو كبد، والكثير من هؤلاء لن يعيشوا حتى حصولهم على ما هم بحاجة اليه. وبسبب اليأس من وجود حل سريع أو متبرع قريب، فإن البعض يضطر الى اللجوء للسوق السوداء لشراء حاجتهم من الأعضاء البشرية! ولمواجهة هذه التجارة المحرمة، فقد لجأت بعض الدول لاستراتيجيات متعددة. فإسرائيل، على سبيل المثال، قامت بإصدار تشريع يعطي الأفضلية للمتبرع على غيره في أي عمليات تبرع مستقبلية. كما يضغط الكثير من الأميركيين لتمرير قانون مثير للجدل يسمح ببيع الأعضاء البشرية وشرائها، وهذا ما تقوم به إيران، حيث تعطي الحكومة المتبرع 1200 دولار، مع منحه علاجا مجانيا لمدة سنة في أي مستشفى. وعلى الرغم من أن هذا النظام ساهم في زيادة أعداد المتبرعين هناك، فإن كلفته البشرية والمادية كانت عالية. وفي رد على سؤال وجهته إذاعة البي بي سي للدكتور الكويتي مصطفى الموسوي، الرئيس السابق لجمعية الشرق الأوسط لزراعة الأعضاء، وأحد أكثر المهتمين بقضايا منع المتاجرة بالأعضاء البشرية، قال ان القانون الإيراني ساهم في سد بعض النقص، ولكنه غير عادل للمتبرعين الذين عادة ما يكونون من الفقراء والمعدمين.
وقد سبق أن أشدنا في هذه الزاوية قبل شهرين بقرار وزير الصحة، د. هلال الساير، الذي أوقف بموجبه العمل بنظام التبرع بالأعضاء من غير أقرباء المرضى، لمنع استغلال هذا النظام في بيع الأعضاء وشرائها. وقد نمى إلى علمنا أن عملية التبرع بالأعضاء، أو بالأحرى المتاجرة بها، قد عادت الى سابق عهدها، وأن القادر على دفع المال أصبح بإمكانه استغلال حاجة الغير وشراء كلية مثلا، أما الفقير فعليه انتظار السماء. وقيل إن تدخلات من بعض نواب «الكلأ والكلك» قد أثرت على موقف الوزارة، وجعلتها أكثر تسامحا مع المرضى، وأكثر ظلما للمتبرعين. ووزير الصحة المحترم، وبقية أعضاء مجلس الأمة، يعرفون جيدا المخرج لمشكلة نقص الأعضاء في الكويت، ولكن قلة من هؤلاء المشرعين تود فهم المشكلة أو تمتلك الشجاعة للقيام بعمل ما لحلها.
وبهذه المناسبة، نهيب بمحبي الانسانية، من مواطنين ومقيمين، من أصحاب النفوس الكريمة والكبيرة، الانضمام إلى الجمعية الكويتية للتبرع بالأعضاء، ويمكنهم الاتصال برقم هاتف الجمعية 22520230 أو زيارة مقرها في منطقة الروضة شارع أبو حيان التوحيدي، لمعرفة المزيد عن شروط العضوية السهلة جدا، كما أننا على استعداد لترتيب المواصلات لمن يريد زيارة مقر الجمعية والاطلاع على أنشطتها.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

شهالصيحة؟

لم يسمح لي الوقت أو الكسل بالأصح لمشاهدة اللقاء الكامل للدكتورة والصديقة العزيزة ابتهال الخطيب مع وفاء الكيلاني، وقد كانت نتيجة ذلك اللقاء أكثر من لقاء صحفي مع الدكتورة لتوضيح الصورة، لعل أبرزها مع الزميلة «الراي» وتصدره للصفحة الأولى من «الجريدة» بالإضافة إلى لقاء تلفزيوني على مدى ساعتين، وأكثر من عشر مقالات تتحدث عن هذه القضية. في اعتقادي أننا في الكويت لا نملك الفهم الصحيح لأن يحمل الإنسان رأياً معيناً، فكل إنسان حر في رأيه مهما تطرّف أو اعتدل، وإن تعدى الخطوط الحمراء فهناك جهاز قانوني متكامل يحاسبه، نقطة وانتهى الكلام. أما أن نفرز الناس ونلقيهم في غياهب النبذ لمجرد رأي مهما كان مرفوضا لعقولنا، فهو أمر غريب ومقيت في الوقت نفسه، لأوضح الصورة لكم أكثر، المحامي محمد عبدالقادر الجاسم كاتب لن أقتنع أبداً- من وجهة نظري الخاصة- بحرصه على الوطن، مهما علا صوته وتألق قلمه، فأنا لست مقتنعاً به أبداً، ولكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أن أرفض أن يكتب أو أمنع الناس من قراءته، والأمر ذاته ينسحب على أناس كثر من أصحاب الرأي المكتوب أو المرئي أو غيره. ليس المهم ما قالته ابتهال ومدى عنفه على عقول وعواطف البعض، وليس من الضروري أو الواجب تأييدها فيما ذهبت إليه، ولكن من المحتم في الكويت، ولو كره الكارهون، أن يتاح لها المجال لتكون حرة فيما تقول، وإن تجاوزت القانون، وأكرر القانون وحده لا سواه، فهناك إجراء قانوني لن يتجرأ المنتقدون بشكل أعمى على اللجوء إليه، أقول القانون ولا شيء سواه فلا الدين ولا العادات تحل محل القانون، والدستور واضح في هذا الأمر وحرية الاعتقاد والتعبير فيه مكفولة. قبل أن أختم لا بد لي أن أتساءل لماذا يُعتبر مَن يطرح رأياً دينياً متطرفاً أو شاذاً كإباحة قتل المدنيين من غير المسلمين أو إرضاع الكبير أو «زواج الفريند» أو التدخين في رمضان أو غيرها من أمور، مجتهداً فأخطأ وله أجر أو حسنة واحدة، في حين أن من يطرح رأيا وهو ليس برجل دين وإن كان متطرفاً أو شاذاً فهو زنديق كافر لا هم له سوى وأد الدين؟ لماذا ينتصر أسامة بن لادن الإرهابي على ابتهال الخطيب المفكرة في الحسنات عند البعض أو الكثير من هذا البعض؟ لماذا تحتاج الدكتوره ابتهال الخطيب إلى ألف لقاء صحفي وتلفزيوني لتبرير رأيها، وبن لادن يكسب الحسنات- حسب رأي البعض- لقتله الآلاف وتخويف الشعوب؟ خارج نطاق التغطية: الدكتور حسن جوهر قدم حجته في شأن غرفة تجارة وصناعة الكويت، وأحمد الهارون وزير التجارة قدم رده وقال الفصل هو المحكمة الدستورية، ولم يتنصل من واجباته، فليتوجه الدكتور حسن إلى المحكمة الدستورية، ولتنهِ المسألة ولا داعي أن تلف وتدور في جدل سفسطائي لا جدوى منه. 

سامي النصف

تانكي التأمينات والموت عطشاً

98% من الكويتيين يعملون موظفين في القطاع الحكومي، و2% يعملون في القطاع الخاص لا كملاك للشركات بل اغلبهم كموظفين كذلك في ذلك القطاع العام الذي تغطيه نفس المؤسسة لذا فـ 99% من الشعب الكويتي سيحتاج الى راتب التقاعد بشكل أساسي لتوفير حياة كريمة له عند وصوله للسن التي يتوقف فيها عطاؤه ولا تسمح صحته له بالعمل.

ونمتلك كمواطنين بشكل مباشر اموال تلك المؤسسة الرائدة عبر الاستقطاعات التي ندفعها، لذا يهمنا كثيرا امرها فافلاسها، لا سمح الله، سيكون له وقع وضرر «دائم» على الكويتيين يزيد ربما على ضرر الغزو «المؤقت»، لذا يجب ان نتوقف عند اللغط الذي يدور حولها هذه الايام كي نضع الامور في نصابها الصحيح دون الانحياز لهذا الطرف او ذاك وبعيدا عن عمليات التسييس التي اصبحت تدمر كل شيء جميل في البلد.

وقد قرأنا ما كتب وقرأنا الردود ولم نقرأ بعد الردود اي تعقيبات مما يعني صحتها، ومن ذلك اكتشفنا ان ما قيل انه خسائر بمقدار 90% بسبب الاستثمار في كبرى الشركات الكويتية المساهمة هو في الحقيقة ارباح تم تحصيلها بشكل مسبق فالـ 6 ملايين دينار التي استثمرت حصدناها 8 ملايين دينار ومازال الخير لقدام مع تعافي تلك الشركات الكويتية الكبرى.

كما ان خسائر استثماراتنا (غير المحققة) في الاسواق العالمية التي انهارت بشكل كامل لم تزد على 12% وهي استثمارات قابلة كذلك للعودة لتحقيق الارباح في حال تحسن تلك الاسواق العالمية كما هو متوقع، اما الحديث عن طول مدة بقاء المسؤولين في المناصب فهو حديث يحتاج الى وقفة عنده، فبعض المديرين قد لا يستحق ان يبقى على مقعده حتى 3 دقائق والبعض الآخر يستحق البقاء 30 عاما وأكثر فالمقياس هو الكفاءة والقدرة على الابداع والتجدد وقلة الاخطاء.

ان مؤسسة التأمينات هي اشبه بتانكي مياه ممتلئ يوفر لاحدى القرى حاجيات الشرب والري.. الخ، والاشكال هو ان هناك انبوبا (واحد انش) يصب في ذلك التانكي الا ان سكان القرية وبعض ممثليهم اصبحوا يتسابقون على خرق التانكي ووضع انابيب 3 و5 و7 انش لسحب المياه منه، لذا فالقضية لا تحتاج لخبراء اكتواريين للتنبؤ والقول ان ذلك التانكي سينقضي مخزونه خلال كذا سنة، وان الحكمة الا نعتمد على وعد مستقبلي بأن هناك من سيزوده حينذاك بالمياه من الامطار غير المضمونة، ان فائض الميزانية العامة قد لا يكون به فائض عندما يقارب المخزون على الجفاف، والحكمة ان نتوحد لإيقاف تلك الانابيب الظالمة الخارجة منه.

ان انابيب الهدر تلك تتمثل في المطالبات الشعبوية بالتقاعد المبكر (نساء، موظفين، عسكريين، فنيين، خصخصة، أهالي معاقين، اصحاب شهادات طبية كاذبة.. الخ)، فالمرأة التي تمثل نصف المجتمع سمح لها بالتقاعد بعد 15 عاما اي تعطي الصندوق ما يقارب 4 آلاف دينار (انبوب انش) ثم تأخذ منه ما يقارب 200 ألف دينار حسب دراسات التأمينات (انبوب 50 انشا) فكيف ستبقى مياه في التانكي؟ ان على جميع مالكي ذلك الخزان كبارا وصغارا ان يحاربوا من يستبيح محتوياته عبر الدعاوى المدغدغة حتى لا يصحوا ذات يوم ويكتشفوا ان التانكي قد جف ولم يبق لاهل القرية إلا الهجرة او الموت عطشا.

آخر محطة:

الشعبوية «الحقة» والحكمة تقتضيان ان ينفرد بعض النواب بايضاح الحقائق وطلب دعم المواطنين لرفض المطالبات الشعبوية الزائفة التي زادت على حدها والهادفة لافلاس الدولة ومؤسساتها العاملة وعلى رأسها «التأمينات الاجتماعية» حفظها الله لمالكيها.

احمد الصراف

سيدي محمد بن راشد (2 – 2)

ما يدفعني إلى الكتابة لكم يا سيدي، هو أهلية دبي الفريدة في حمل لواء الحداثة والحرية في المنطقة، هذا اذا كنا نرغب في بلوغ معدلات تنمية حقيقية في أوطاننا. فما تمتعتم به دوما من جرأة وإقدام في اقتحام الصعب من المجالات وطرق أبواب المشاريع المستحيلة والنجاح في فتحها، يدفعنا لمطالبتكم بحمل شعلة الحرية الأكاديمية، المماثلة تماما للحرية الغربية والمتناغمة معها، والتي كانت تتمتع بها يوما مصر ولبنان، والتي ميزت الشعبين في أكثر من مجال. ولا شك يا سيدي أنكم على علم تام بأن من شبه الاستحالة تحقيق أي تنمية حقيقية مستدامة من دون حرية، ولا يمكن التفكير في استمرار تلك التنمية بعد تحقيقها بغير المزيد من الحرية، والحرية المقصودة هنا هي الحرية الفكرية، والأكاديمية بالذات، ضمن مشروع لا يمكن الرجوع عنه، وغير خاضع للأهواء الشخصية أو النزعات الفردية، بل حرية مطلقة غير مرتبطة بأي قيد سياسي ديني أو اجتماعي. فتخلفنا، عربيا واسلاميا، لا علاقة له بالاستعمار والصهيونية، ولا بالفقر ولا بقلة الخبرات، بل بانعدام الحرية في مجتمعاتنا منذ اليوم الذي نولد فيه وحتى نموت، وفي أحيان كثيرة بعد ذلك!
وحيث إن التنمية البشرية الحقيقية تبدأ على مقاعد الدراسة، فإن الوطن والأمة والعقيدة تطالبكم بقيادة تجربة الثورة التعليمية من دبي، لتكون قدوة للآخرين في تخليص أنظمتهم التعليمية المترهلة من كل ما علق بأردانها من وهن ووهم تلبساها طوال قرون. ويمكن الوصول إلى هذه الحرية الفكرية من خلال دعوة منظمة اليونيسكو إلى وضع نظام تعليمي «عالمي» غير متحيز لمدارس الحكومة في دبي، يكون صالحا لكل المراحل التعليمية السابقة للجامعة. كما يتطلب الأمر، من جهة أخرى، دعوة جامعة غربية عريقة إلى أن تفتتح في دبي فرعا تقوم هي بالاشراف التام عليه، وتكون لها وحدها اليد الطولى في وضع أنظمتها وقوانينها ومناهجها التعليمية المتطابقة تماما مع مناهج الجامعات الغربية العشر الأولى في العالم، وأن تكون غير خاضعة لغير السلطات التي تخضع لها مثيلاتها في الدولة الغربية المعنية.
لا شك يا سيدي أنكم تعلمون بأن المباني والقصور والجسور التي كانت في زمن ابن رشد والفارابي وابن سينا وغيرهم المئات من العقول العربية والاسلامية الذين أناروا الطريق لمن جاء بعدهم، قد زالت جميعها، ولم يتبقّ منها في زماننا غير الآثار الفكرية لهؤلاء الأفذاذ، وستبقى كذلك أبد الدهر. وحظ مباني ومنجزات دبي الخرسانية، على الرغم من عظمتها، ولمستكم القوية عليها، ستذهب وتندثر مع الزمن، ولكن ما سيتبقى، بعد عمر طويل نتمناه لكم، هو منجزاتكم في عالم حرية الفكر البشري ودوركم في تنمية وطنكم وحفظ تراث أمتكم من خلال الاهتمام بتنمية عقول حرة، بعد أن نجحتم في التنمية المادية والمعنوية لدبي.
وتفضلوا سموكم بقبول فائق التقدير وشديد الاحترام.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

إلى رفيق… سعد خيّب الظن

صباحك لبنان يا رفيق. صباحك نماء يا عملاق… في ذكرى محاولة اقتلاعك الفاشلة أعترف، لم أحزن في ذكراك العام الفائت، ولا الذي قبله، ولا الذي قبله، كما العام هذا. يبدو أنني اليوم أسدد فاتورة الأعوام الفائتة دفعة واحدة. ولا تسألني عن السبب، فأنا لا أجيب نيابة عن الحزن، ولا أتحدث باسمه.

من أنا؟ أحد سكان المناطق الخلفية في الكويت، عاشقٌ للبنان، لا يميّز بين شهوره، فآذار لبنان كشباطه، لا فرق إلا في الطقس. أنا رجل لا يحب الحكومات العربية، ولا حاملها وكاتبها وشاهدها وبائعها وشاريها، لكنه يعشق القادة العظام، يُطربه مصطفى كمال أتاتورك وشراسة مسدسه المدني، وغاندي وغصن زيتونه وعُريْه الذي كسا الهند، ونيلسون مانديلا وثباته الجبلي، وعبدالرحمن سوار الذهب وزهده الثري، وعبدالله السالم وبساطته الشامخة ومحبته لشعبه، ورفيق الحريري ولبنانيته الشاملة وعملقته الفاخرة…

رفيق، أيها العملاق، أرادوا اقتلاعك ففشلوا، ونجحوا في اغتيالك، وكان يجب أن تُغتال. ليس ثمة طريقة أخرى لتخليص الحمامة من مخالب النسر إلا باغتيالك. أما اقتلاعك "فبعيد عن شواربهم"، كما في لهجتنا. لم يُخلق بعد من يقتلع أرزات لبنان الشاهقة من قلوب لبنان وعشاقه.

بعد محاولة اقتلاعك، أضحت الشوارع تشك في الخطوط السريعة، والخطوط السريعة تشك في المدن، والمدن تشك في الدول… تكدّسَ الشك في السماء بسببك أيها الكبير. غيابك أوجد الشك، كما أوجد حضورك الحب.

عن لبنان تسأل؟ تطمئن؟… شوف يا عظيم، لبنان لايزال يشرب القهوة سادة، قبل أن يُحكم ربطة عنقه ويهمّ بالخروج استعداداً للسهر ورقص الدبكة. وكأنما دبْك أقدامه يذكّر الأرض بوجوده وثباته. لبنان كله يرقص. يمتلئ رقصاً. يفيض رقصاً. أظنه يؤمن بالأديان القديمة التي تشرّع: "الرقص حرام، إلا للحزانى والمكلومين"، "الرقص ترجمة الآلام". وكان الرقص حكراً على الثكلى والأرملة، ومع تسامح الأديان رقصَ الأب والابن والأخ والزوج، ومع تسامحها أكثر، رقص لبنان كله. هل تسمع حزنه؟ يا لفصاحته ووقاره. لبنان يرقص بعدما حفظ الأحزان عن ظهر دمع، وحفظ الاقتتال عن ظهر دم… لبنان يرقص.

عن ابنك سعد تسأل؟ هو لم يعد "ابنك" فقط، هو الزعيم، هو دولة الرئيس. لكنه خيّب الظن فيه، فلم يكن على قدر المسؤولية كما أردنا، كان أكبر من المسؤولية وقدرها وقضائها، كما أردت أنت. كان على قدر العشق، عشقِ لبنان بألوانه كلها، كما أراد هو.

واسمح لي أن أوجز لك ما فعله سعد في التفاوض الأخير… هل تعرف حكاية المولود الذي اختطفته الجارة، فأرادت أمه استرداده فعجزت، فاختصمتا إلى قاض نبيه، فحكم بأن يُقطع نصفين، تأخذ كلّ منهما النصف، فصرخت أمه بأعلى حبال الأمومة: "لاااااا، هي أمه وأنا أكذب"، بينما وافقت الجارة على تقطيعه، فحكم القاضي بإعادته إلى أمه الحقيقية. هذا ما حدث مع سعد بالضبط، عندما تجاذبوا لبنان حتى كادوا يمزقونه، فصرخ بأعلى حبال حريريته: "لا، أنتم أمه"، وأذعن للبنان، فراحوا يكدسون أرباحهم من خسائر لبنان، وراح يبحث عما يعوّض الخسائر تلك… أرادوا إفشال حرث سعد فتضاعفت فواكهه. أرادوه أن يقضي وقته انكساراً وقضماً لأظافر الخيبة، فقضاه نصراً وزرعاً لبذور التفاؤل.

سعد مثلك، ألبسوه قميص بيروت، فتمزق القميص عليه لضيقه، فاستبدلوه بقميص لبنان، فلاق له وبه. ألبسوه جلباب "السُّنّة" فبدا أقصر منه، وتعرت ساقاه، فاستبدلوه بجلباب لبنان فكان على مقاسه، من قمة كتفيه إلى أخمص غيمته… بعض حلفاء سعد أهدوه المؤازرة، لكنهم تناسوا، عن عمد وسابق إصرار وتبجح، ورقة السعر على الهدية كي يردها إليهم مضاعفة، بالنظام التجاري المعروف المقروف "الشيء ومقابله"، فردها إليهم مضاعفة كي لا يتوقف لبنان عن الرقص.

إيجازاً: لبنان يجني حرثك، وسعد يؤكد فشل محاولة اقتلاعك… اطمئن.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

احمد الصراف

سيدي محمد بن راشد (1 – 2)

اسمح لي يا سيدي الكريم بمخاطبتكم مباشرة، من دون استخدام أي من ألقابكم الرسمية، وآمل أن تتقبل مني ذلك فمقامكم الحقيقي في القلب والعقل، وليس على الورق.
أنا مواطن كويتي، وعلاقتي بدبي قديمة كتاجر ومستثمر وسائح، كما استضافتني دولتكم ومساكن مدينتكم الجميلة، كلاجئ ورجل أعمال، عندما شردتني قوات صدام، ومئات الآلاف غيري من أبناء وطني.
أحببت دبي، وطالما أعجبت بتجربة نموها المتسارع في عهدكم، وكنت دائم الاشادة بمنجزاتكم الكبيرة، مع تحفظاتي على بعض جوانبها. وقد تألمت، كالكثيرين غيري من محبي دبي، لما تعرضت له اخيرا من مصاعب خارجة عن ارادتكم، أقول هذا على الرغم من أن مصالحي التجارية، مع تواضعها، لم تتأثر الا قليلا بالأزمة الأخيرة.
أكتب لأقول لكم كذلك، يا سيدي، ان دبي، بتجربتها الرائدة، وجدت لكي تبقى، فهي الأمل، وهي القدوة، وهي الواحة الوارفة الظلال في صحراء شديدة الجفاء والجفاف، حتى مع أبنائها. ولو عرف حساد دبي ما ستكون عليه حال المنطقة من غيرها، لشعروا بالخجل. نكتب ذلك ونحن على ثقة بأن دبي، بقيادتكم، ستخرج من أزمتها أشد صلابة وأكثر ثقة بنفسها.
وهنا، أتمنى يا سيدي أن يتسع صدركم لما سأقوله، والذي يتعلق بصورتكم القادمة في التاريخ، ودور دبي التاريخي القادم.
أعتقد، وقد أكون مخطئا، بأن البنية التحتية لدبي سوف لن ينتهي العمل بها لسنوات طويلة قادمة، وأن الصرف على العمران قد وصل الى حدود معقولة وكافية، للعقد الحالي على الأقل. وأن على دبي الآن الاستثمار أكثر في الانسان والفكر الانساني، بعد أن نجحت من خلالكم في الاستثمار في كل مجال عمراني وصناعي وترفيهي. وعلى الرغم من كل المحاولات الجادة التي قمتم بها في مجال التنمية البشرية، فإن التجربة، إن سمحتم لنا، لا تزال تفتقد لشيء جاد وغير مسبوق في منطقتنا، وهنا نقصد زيادة جرعة الحرية الفكرية والتعليمية التي جسدها الغرب طوال القرن الماضي خير تجسيد.
(يتبع غدا)

أحمد الصراف