سامي النصف

قليل من الكلمات يبدد الكثير من الظلام

حتى سنوات قليلة كان البنّاء لا المهندس هو من يبني البيت، كما كان الحواي (المعالج الشعبي) لا الطبيب هو من يعالج المرضى، وتقوم الداية عادة بتوليد النساء.. الخ، تطورت الحياة وتنورت الناس وتعلمت وتثقفت وتولت تلك القضايا بالتبعية عقول مختصة نيرة بددت كثيرا من ظلام تلك الحقب.

 

حركة التنوير والنهضة تلك يجب أن تمتد الى دور الافتاء بعد أن حاز منضوو التيارات الإسلامية هذه الأيام أعلى الشهادات العلمية من أرقى الجامعات وفي مختلف التخصصات، والمفروض ان يتم توجيه بعض تلك العقول النيرة لدراسة الفقه وعلوم الشريعة حتى يمكنها استنباط الأحكام الذكية المواكبة لروح العصر كي نوقف فتاوى التشهير بالدين والإضرار به التي انتشرت هذه الأيام.

 

ان على المؤسسة الدينية بشقيها السني والشيعي أن تطهر نفسها وتجدد ذاتها وترفض الفتاوى الضارة كرضاعة الكبار وتفخذ الرضيعة وزواج الأطفال.. الخ، وان تدحض فتوى الشيخ عبدالرحمن البراك الأخيرة والتي تنص على «أن كل من رضي بعمل ابنته أو اخته أو زوجته مع الرجال، أو بالدراسة المختلطة فهو قليل الغيرة على عرضه وهذا نوع من «الدياثة» وغير ذلك مما يجر اليه الاختلاط وعليه فإن من استحل الاختلاط يجب ان يُستتاب وإلا وجب قتله».

 

معروف ان 99% من المسلمين يعيشون في دول يختلط فيها الناس في أماكن العمل والدراسة أو الأسواق أو الطائرات والباصات أو الحدائق أو المطاعم أو المستشفيات.. الخ، لذا لن يبقى أحد من المليار ومائة مليون مسلم طبقا لتلك الفتوى الظالمة إلا وأصبح ديوثا أو يستحل دمه، فهل يصح مثل هذا القول؟! وهل يجوز لأحد إصدار مثل تلك الفتوى؟!

 

ومن جانب آخر، فقد أتت تلك الفتوى الدموية ضمن سلسلة فتاوى استباحة الدماء كمن أفتى قبل مدة بجواز قتل مُلّاك الفضائيات التي تبث البرامج غير المحتشمة، وفتوى جواز قتل كبار الكتّاب الليبراليين، وفتوى الشيخ محمد المنجد بقتل «ميكي ماوس» في الحل والحرم، كونه جنديا من جنود الشيطان، والتي تناولتها الفضائيات والصحافة الأجنبية بشكل يسيء للدين الإسلامي.

 

نرجو أن تختص الجهات الرسمية فقط بإصدار الفتاوى، وان تتم بشكل جماعي لا فردي، كما يجب منع الإفتاء الفردي على الهواء مباشرة، والتأكد من أن المفتي رجل متعلم منفتح يرى ويسمع ما يدور حوله من متغيرات العصر، فلا يجوز للمنقطع عن الدنيا أن يفتي بأمورها وقضاياها.

 

آخر محطة: أن ترسل إسرائيل 11 شخصا لقتل شخص واحد فهذا يعني إما تأثرهم بالبيروقراطية العربية العتيدة، أو بحب التسوق الخليجي!