محمد الوشيحي

سأزوّج ابنتي من عَوَج دخّان … شتبون؟

مَن يتذكر حكاية الزوجين السعوديين اللذين تم فصلهما بحكم قضائي بسبب "الفارق في الأصل والنسب"؟. ولمن لا يتذكر، فقد رفع إخوة الزوجة دعوى قضائية يطالبون فيها بتطليق أختهم من زوجها "غير الأصيل" نسباً، بحجة أنهم كانوا يجهلون ذلك قبل تزويجها! علماً بأنها رزقت منه طفلين. فصدر الحكم وتفرقت الأسرة… هذا الأسبوع، حكمت المحكمة العليا في السعودية بإعادة لم شمل الأسرة المنكوبة وألغت حكم الطلاق.

وقبل سنوات، وقعت حادثة طريفة أثناء احتفالات رأس السنة في الجزائر أو المغرب. فأثناء تجمع الناس حول "بابا نويل" لالتقاط الصور معه، فوجئوا بـ"بابا نويل" يرمي لحيته وقبعته ويصرخ بأعلى صوته: "يا ابن الكلب" قبل أن يهجم على عاشقين متعانقين في انتظار التصوير معه، فهربت البنت بعد أن اكتشفت "السبب"، وتعارك الرجلان، بابا نويل والعاشق، وتبين لاحقاً في قسم الشرطة أن البنت هي أخت بابا نويل، ولم تعرفه بسبب تنكّره باللحية والقبعة، وتبين أن حبيبها الذي كان يقف معها في الطابور ما هو إلا خطيبها المهندس الذي رفضته أسرتها لعدم تكافؤ الأنساب. وانتهت القصة بزواج العاشقين خلسة، وهروبهما حتى الساعة.

هذا الأمر، أي أهمية العرق، موجود عند الأوروبيين أيضاً، لكنهم بدأوا يتخلصون منه حتى كاد يتلاشى، فخفّ حملهم وانطلقوا يسعون في مناكب الأرض. أما نحن الغلابة، أهل الخليج العربي (بالإذن من إيران)، حيث "لا شغل ولا مشغلة"، وحيث التوافه أساسيات، والأساسيات توافه، فلا يمكن أن نتغير بسهولة، وستجد بيننا الأصيل وغير الأصيل، وما بين بين، وهو "عوج دخان"(1). على اعتبار أن دخان الأصيلين دايركت، مستقيم، بينما غير الأصيلين لا دخان لهم، في حين يستطيع الأخ "عوج دخان" إنتاج الدخان، لكن دخانه ينحرف قليلاً! يبدو أن لديه خطأ هيكلياً في التصميم.

وفي الكويت، الحضر ينقسمون إلى أصيلين وبياسر (2)، والأصيلون الحضر مستويات وطوابق متعددة، بينما ينقسم البدو إلى "أصيلين" و"غير أصيلين". والرجل الأصيل يتزوج من مصرية أو سورية أو عراقية أو تركية أو حتى هندية، لكنه لن يتزوج كويتية غير أصيلة يسكن أهلها معه في نفس الشارع! بينما لا يمكن لأخته أن تتزوج إلا من أصيل، أو فالعنوسة في انتظارها. وما أكثر العانسات، وما أكثر المطلقات الأصيلات اللواتي فقدن الأمل في الزواج. فالطلب هنا أقل كثيراً من العرض. (تذكرت حكاية التلميذ البليد الذي سأله معلّمه: اذكر أسباب الطلاق، فاجابه: "الزواج"… صحيح، فالعزاب لا يطلّقون).

والمصيبة، أنه حتى في داخل القبائل الأصيلة، هناك قبائل أعلى مستوى من أخرى (معلش، الزعل ممنوع). بل، في القبيلة ذاتها، هناك مستويات ودرجات، وهكذا تستمر الأمجاد… والغريب أن "علماء السنة والشيعة"، أي رجال الدين، ذوي الكلمة المسموعة شعبياً، لم ينهوا عن ذلك، بل على العكس، أغلبيتهم يشجعونه.


ولهذا، سأصعد أعلى هذا العمود الصحافي – أنا الأصيل بحسب تصنيفهم – لأعلن: لن أمانع من تزويج ابنتي من أي إنسان، أصيلاً كان أو غير أصيل، عوج دخان أو مائلاً قليلاً، أردنياً أو هولندياً، لكن بشروط ليس من بينها الأصل بالتأكيد. فإن قامت المظاهرات ضدي، وقفتُ أمام بيتي متأهباً برشاش أوتوماتيكي صنعه "عوج دخان" سوفياتي اسمه "كلاشينكوف".


 


 


 



(1): أعدادهم كبيرة في الجزيرة، وقيل إنهم سلالة أصيل تزوج من غير أصيلة فنبذه قومه، وقيل بل هم قبائل أصيلة لكن عاداتهم مختلفة. وتعددت الروايات، وتمددت السخافات.



(2): مفردها بيسري، وهو غير الأصيل.

 


 


 


كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء


يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة


 


احمد الصراف

السراويل المنجبة

في محاولة للاحتفاظ بالثروة داخل الأسرة، تقوم الكثير من العائلات الغنية في باكستان بتزويج فتياتها بـ«القرآن»، وهو عرف سائد في الكثير من المدن والقرى هناك، وهو نظام يجعل البنت غير قابلة لأن تتزوج، أو حتى أن تطلق. كما يقوم بعض الآباء باتباع الطريقة ذاتها إذا كانت الفتاة المعيلة الوحيدة للأسرة، أو يخاف من زواجها ممن هو أدنى منها. وتقف الحكومة عاجزة أمام مثل هذه القضايا لكم المشاكل التي تغرق فيها يوميا.
وفي السياق نفسه، وردتني رسالة من صديق في قطر يقول فيها انه فوجئ بالحارس الباكستاني المسلم الذي كان يعمل بالقرب من منزله هناك يوزع حلويات على أصدقائه، وما ان رآه حتى قفز صوبه وقدم له شيئا منها، وعندما سأل عن المناسبة، قال بأنه رُزق بولد! وقال انه بارك له ومضى لحال سبيله، ولكن سرعان ما رجع ليسأله عن الكيفية التي حدث فيها ذلك، وهو يعيش في قطر منذ أكثر من سنتين لم يغادرها، وفكر أنه ربما تزوج في قطر وأنجب فيها؟ فقال له الحارس ان الولد من زوجته في باكستان، وهذا شيء شائع عندهم هناك، فالكثير من الرجال يضطرون لمغادرة وطنهم وأهلهم لسنوات طويلة ويتركون وراءهم زوجة وأولادا وحدهم، ومع هذا يرزقون بأولاد بين فترة وأخرى! وعندما سألته متعجبا كيف يتم ذلك؟ قال: اننا نترك عادة أحد سراويلنا (البنطال) عند الزوجة، ومن خلاله يتم الحمل فالولادة، وعندما سألته عمن قال لهم أو علمهم ذلك قال: شيوخ المنطقة، او رجال دينها الكبار، والذين يؤكدون لهم أن الأولاد أولادهم طالما بقيت سراويلهم عند زوجاتهم!
بالرغم من غرابة ما سمعت فانني كنت أميل لتصديق القصة، فقد مررت بتجربة قريبة منها خلال عملي في البنك قبل نصف قرن تقريبا، عندما قام أحد الموظفين الهنود بتقبل تهاني زملائه من جنسيته، وهم يتضاحكون من حوله، وعندما سألتهم عن السبب قيل لي بأنه رزق بابن في الهند وهو في الكويت منذ أكثر من سنتين! وبالسؤال علمت بأن لديهم تقليدا دينيا يمكن الزوج من الاتفاق مع قريب له، وغالباً ما يكون شقيقا له، بمعاشرة زوجته، وتكون ثمرة المعاشرة ابنا أو بنتا للزوج!
نعود لقصة صاحبنا الباكستاني التي أثارت انتباهي والتي سألت فيها صديقا باكستانيا عن مدى صحتها فأكد وجود جماعات في باكستان، الهند سابقا، تؤمن بنظرية قدرة السروال على الإنجاب، وأن الأمر مغطى شرعا بفتاوى من رجال الدين عندهم.
ولكي لا يستمر ضحكنا كثيرا من مثل هذه القصص فإن محاكم دول عربية تقف حائرة وغير قادرة على الفصل في قضايا الإنجاب أو «الحمل المستكن»، وهو الحمل أو الإنجاب الذي يقع بعد موت الزوج أو توقفه، لأي سبب، عن معاشرة الزوجة لسنوات عدة قد تمتد لأربع أحيانا!
وما علينا غير أن نعيش رجبا لنسمع ونرى من علمائنا..عجبا!

أحمد الصراف