سامي النصف

حكاية الأخت مضاوي

استضافتنا فضائية BBC العربية يوم الثلاثاء الماضي في حوار ضمنا مع الأخت الفاضلة كوثر الجوعان ود.مضاوي الرشيد حول قرار منعها من دخول الكويت، ثم استضافتنا نفس المحطة في حوار آخر يُفترض أن يكون بُث ليلة أمس ويعاد 3 مرات هذا اليوم مع د.شفيق الغبرا ود.مضاوي الرشيد حول المنع والحريات بشكل عام في الوطن العربي.

وكانت وجهة نظرنا التي أوضحناها في البرنامجين أن أبسط حقوق الدول في السيادة على أرضها هو حقها السيادي في تقرير من يدخل ومن لا يدخل طبقا لمصالحها الوطنية وأمنها القومي، وأن هذا الأمر معمول به بشكل يومي في الولايات المتحدة حيث يتم إرجاع حتى بعض من تم إعطاؤهم الڤيزا دون أن يتهمها أحد بقمع الحريات، والأمر كذلك مع بريطانيا التي منع وزير داخليتها دخول النائب الهولندي جيرت فيلدز لأسباب خاصة بـ«النظام العام» مراعاة لمشاعر مسلمي بريطانيا (3% فقط من السكان)، كما منحت بريطانيا جنسيتها للدكتورة مضاوي ومنعتها بشكل سيادي عن رجل الأعمال الشهير محمد الفايد المقيم على أرضها قبل وصول الدكتورة بعشرين عاما دون أن تكتب الدكتورة مقالا واحدا للدفاع عن… مظلمته!

ومما ذكرته أن مصلحة الكويت تفرض عدم دخول د.مضاوي الرشيد للحفاظ على علاقاتنا المميزة بالمملكة والتي نعلم أنها لن تستضيف – على سبيل المثال – عزة الدوري كونها تعلم أن في ذلك إساءة لعلاقاتها الوثيقة بالكويت دون أن يكون في ذلك إملاء من هذا الطرف على ذاك أو من ذاك على هذا، قضية المنع ستستمر فيما لو قرر البعض منا استضافة سلمان رشدي أو تسليمة نسرين أو حتى… عزة الدوري، فحسن الاختيار هو الأساس وهناك المئات من المبدعات السعوديات في مختلف الاختصاصات ممن يمكن استضافتهن دون مصاعب أو عراقيل.

وقد استغربت من د.مضاوي أن تــدعي الديموقراطية ثم تقف مع صدام، والليبرالية والعلمانية وهي التي تقف مع الحوثيين ومنضوي القاعدة المتشددين دينيا، والوطنية وهي التي تقف مع كل من يدعي العداء لوطنها السعودية ويكفي كتابتها في جريدة «القدس العربي» لصاحبها عبدالباري عطوان المعادي بشكل أساسي لكل ما هو سعودي وخليجي، وقد نصحتها بأخذ العبرة من الشيخ حسن الصفار الذي يقوم بمعارضة إصلاحية من الداخل وأن واجبها هو تسخير قدراتها للدفاع عن وطنها وخليجها في هذه الأوقات الصعبة وأن تبتعد عن أحلام تفتيت وتشطير المملكة أملا في إحياء بعض العروش الدموية البائدة.

أما على مستوى الحريات في الوطن العربي فقد ذكرت أن الحريات للشعوب هي كالدواء للأفراد، لا يجوز من طرف حرمان الشعوب منها، ومن طرف آخر لا يجوز إعطاء الشعوب جرعة زائدة من الدواء حتى لا تتقاتل الجموع وتتفتت الأوطان باسم الحريات، بل إن لكل شعب جرعة من الحرية تناسبه، فجرعة سويسرا والسويد قد لا تناسب العراق والصومال، كما قد يحتاج الأمر للتدرج في إعطاء دواء الحرية حتى لا تستبدل ديكتاتورية الفرد بديكتاتورية 51%.

آخر محطة:
تطور المانيا واليابان وتدهور حال العراق في مرحلة ما بعد تحريرهم يقوم على معطى حجم جرعة الحرية التي أعطيت لهم، فألمانيا واليابان أعطيتا تدرجا في الحريات، أما العراق فقد تم إعطاؤه حريات مطلقة لشعب لم يعتد الحرية منذ نصف قرن مما جعلها أقرب للجرعة الزائدة للحرية والديموقراطية والتي لايزال يعاني العراق من مضاعفاتها.

احمد الصراف

صحف التابلويد

ظهرت كلمة «تابلويد» Tabloid لأول مرة قبل 126 عاما (1884/3/4) عندما قامت شركة صناعة أدوية بريطانية بتسجيل الكلمة بصورة رسمية لحبة دواء بالغة الصغر.
وفي الوقت نفسه تقريبا كانت الصحف البريطانية التقليدية التي تطبع على صفحات عريضة تواجه منافسة شرسة من الصحف الصغيرة التي كانت أقل اهتماما بالأخبار الجادة وأكثر تركيزا على نشر أخبار الفضائح، وهكذا أطلقت تسمية التابلويد على هذه الصحف بسبب صغر حجم صفحاتها ونوعية اهتماماتها، وبحثها الدائم عن الإثارة.
في الكويت، ارتفع عدد الصحف في الفترة الأخيرة من 5 إلى 13 أو ربما 15، ولكل واحدة نكهتها وسياستها، وقلة منها بلا نكهة ولا سياسة. وقد دفعت المنافسة البعض منها لشن حملات إعلانية كبيرة تضمنت مختلف الادعاءات والإغراءات، فواحدة أنها ضمنت لنفسها مكانة بين الصحف الثلاث الأكثر انتشارا. واحتراما لنفسها ولعقل من قرأ الإعلان فإنها لم تسم الصحيفتين الأخريين ولم تحدد مرتبتها بينهما.
كما قامت صحيفة أخرى بالادعاء بأنها الأوسع انتشارا، ولم يمنعها ذلك من الترويج عن مسابقة «سخية» للمشتركين الجدد، علما بأنه لم يسبق لتلك الصحيفة أن أعلنت من قبل أسماء أي من الفائزين بجوائزها.
وقامت صحيفة ثالثة بالاحتفال بسنتها ال‍ـ… والادعاء بأن أرقام توزيعها بلغت 70 ألف نسخة يوميا، وحيث انها تصلني، وبعض من أعرف، مجانا منذ صدورها وحتى اليوم، فبالتالي يصبح بلوغ ذلك الرقم الكبير في فترة وجيزة أمرا محتملا، فأن تطبع مليون نسخة وتوزعها على من هب ودب ليس بالأمر الصعب، إن تجاوزنا التكلفة العالية.
كما ادعت صحيفة رابعة بأنها الأولى…. نموا، أو شيء من هذا القبيل!
قد تكون ادعاءات هذه الصحف جميعها صحيحة، ولكن ما يطبع من أي صحيفة أو ما يوزع منها أو عدد المشتركين فيها لم يكن يوما، إذا ما تركنا العامل المادي جانبا، المقياس الذي به يحكم على مستوى صحيفة ما أو مدى أهميتها السياسية وتأثيرها المعنوي والمادي، وهذا ما يميز «القبس»، وربما صحيفة أخرى معها. فقد كانت «القبس» طوال تاريخها مترفعة على الصغائر كبيرة في مقامها تحترم عقل قارئها. إن شهادتنا فيها ليست مجروحة فلا مصلحة مادية تربطنا بها، ولم ندخل مبناها طوال 17 عاما إلا مرات لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة، ولا أعتقد أن هناك سياسياً أو صاحب قرار لا يقرأ «القبس»، وقد تكون كذلك الأكثر أهمية واحتراما خارج الكويت. ويمكن تلمس ثقلها المعنوي ودسامة موادها عند تصفحها، وكيف نجحت، وخاصة في حلتها المشوقة الجديدة، في المواءمة بين الرصين من المواد والمثير من الأخبار من دون ابتذال، مقارنة بغيرها، داخل الكويت وخارجها، وبالذات ضمن عالم الصحافة العربية.

أحمد الصراف