محمد الوشيحي

لثم الشفايف… خطر

يفتح النقاش معك، فتفتحه معه، والبادئ أظلم: "بأمانة، قل لي ماذا استفدنا من الديمقراطية؟"، وقبل أن ترد عليه يواصل قصفك: "يا أخي، نحن لسنا أهلاً للديمقراطية، نحن شعوب لا تستقيم إلا بالعصا الغليظة. انظر إلى صحافتنا وفضائياتنا، انظر إلى الحرية ماذا فعلت بنا، انظر انظر انظر…".
تجيبهُ: أنا معك، أسأنا استخدام الديمقراطية، لكننا أيضا أسأنا استخدام الكهرباء واسأل سكّان الجهراء، وأسأنا استخدام الإنترنت، وأسأنا استخدام الشعِر الوطني، واقتحم المستشعرون المجال فتدحرج الشعراء الحقيقيون إلى سفح الجبل، وأسأنا للتمثيل والمسلسلات، وغابت موهبة الإبداع، وانتشر المنتجون في سوق الجمعة يبحثون عن الأرخص من الممثلين والمؤلفين والمصورين ومهندسي الديكور والمخرجين، فكانت النتيجة مسلسلات مشوهة، وأسأنا استخدام كلمة "خبير"، فإذا كل من تمتلك محل كوافير إيجاره الشهري 300 دينار "خبيرة تجميل"، وأتذكر أنني في بداية عملي العسكري، تم تعييني في "مكافحة المتفجرات"، فإذا بي أُفاجأ برقم هاتفي متربعاً  على مداخل مخافر المنطقة الجنوبية تحت اسم "خبير المتفجرات"، فضحكت حتى جعت عطشاً بعد أن حصلت على لقب "خبير" بالمجان المريح! فخبير المتفجرات الفرنسي – الذي تدربنا على يديه، والذي يتقاضى أجره الباهظ بالساعة، ويعادل ما يقبضه في الساعة سبعة أشهر من راتبي – حصل على لقبه بعد أكثر من ثلاثين سنة، وبعد أن أصبح يعرف أنواع المتفجرات بحاسّة الشم، بينما حصلت أنا على اللقب في غضون سنوات خمس، وبنظام "احفظ وسمّع"، خير البر عاجله، وأنا – إلى يومي هذا – لا أفرق بين الألغام الألمانية والأميركية إلا بعد حكّ الجبهة والقفا. وعندما أخبرت زميلي عن لقبي الذي حصلت عليه، صعقني: "أنت على الأقل، أمضيت خمس سنوات متنقلاً بين المتفجرات والعبوات والألغام، أما أنا فحصلت على اللقب بعد دورة تدريبية مدتها ستة أشهر، هاهاها".
ما علينا، نعود لإساءة الاستخدام… نحن أيضاً أسأنا استخدام النفط، وأسأنا استخدام الكبريت، وأسأنا استخدام السيارت فملأناها بالمتفجرات واقتحمنا بها جثث الأبرياء ودهسنا بها المارة، وأسأنا استخدام الموبايلات، وكاميرات الموبايلات، وأسأنا وأسأنا وأسأنا…
ما رأيك لو استغنينا عن الديمقراطية وعن كل ما أسأنا استخدامه، فنستغني عن الكهرباء والإنترنت والشعر والمسلسلات والممثلين والمنتجين والنفط والصحف والفضائيات والكبريت والسيارات والموبايلات والكاميرات، ونعود كما كنا، سلط ملط؟
يا سيدي، إساءة الاستخدام تتم برعاية حكومية، ولأدلل على كلامي، سأضرب لك الأمثال ضرباً مبرحاً، على رأي الشاعر المبدع الغائب فهد عافت… دعك من الانتخابات والنواب، وتعال معي إلى بحري الذي أعرفه، تعال إلى الصحافة. هنا، في الكويت، عندما يكشف كاتب صحافي ما عن فضيحة في إحدى الوزارات، تنهمر عليه الانتقادات: "تباً لهكذا صحافة تنشر غسيل بلدها"، "هذا الكاتب يقبض من الخارج ليسيء إلى بلده"، وتتزاحم التّهم في شليلك(1)، وتتناهشك الدعاوى القضائية، فتتساءل دهشة: "أليس الأولى أن يُحاسب المسؤول؟ كيف انقلبت الأمور لأُحاسَب أنا؟"، ثم تتذكر أن صحافياً أميركياً اسمه "سيمور هرش" احتاج إلى مدير أعمال يرتب له مواعيد تكريمه ولقاءاته التلفزيونية التي يقبض مقابلها أموالاً  طائلة، واحتاج إلى تخصيص إحدى غرف بيته ليكدس فيها الجوائز والشهادات التي حصل عليها، وأصبح يمهر توقيعه على أوتوغرافات المعجبين والمعجبات، وتنافست عليه الصحف. فما الذي فعله هذا "الهرش"؟ الجواب: هو من كشف فضيحة سجن "أبو غريب" في العراق، وهو من صور الأميركان وهم يعذبون العراقيين… فيا عجباً لهؤلاء الأميركان، يكرّمون المصور الهرش الذي "أساء إلى بلده"، ويعاقبون كبار مسؤولي السجن وقيادات الجيش. وهذا هو الفرق بين حكومات "البوس" وحكومات "خد بخد"، والشاعر العراقي يقول: "بوس الشفايف سحر، مو مثل بوس العين"، وأنا أقول: "لثمِ الشفايف خطر، أخطر من النهدين".

(1) الشليل: أسفل الثوب.

احمد الصراف

فريدة الفريدة

يعتقد الكثيرون أن الأطباء يشتهرون، ولأسباب وجيهة، بصفتين:
الانطوائية والضعف في المواد الادبية وخاصة اللغة! وبالرغم من صحة هذه «الاتهامات»، الى حد ما، فان من الصعب على من هو في سني الاقرار بها بسبب حاجتي المتزايدة لخبرة هؤلاء الأطباء يوما بعد يوم.

***
دعيت يوم الاربعاء الماضي لحفل افتتاح مركز «صباح الاحمد للقلب». وعندما علمت ان الاستشارية الدكتورة فريدة الحبيب هي المسؤولة عن انشائه وادارته شعرت بأن في الامر شيئاً يستحق المعرفة والكتابة عنه. فهذه السيدة الفريدة كانت تعمل في أكثر من مستشفى، كما كانت تدير عيادة قلب خاصة وناجحة، وهي في الوقت نفسه زوجة وأم، وكل هذه تتطلب وقتا وجهدا، فكيف استطاعت التوفيق بينها جميعا والقيام فوق ذلك، وفي فترة قياسية، بانهاء بناء هذا الصرح الطبي المميز على مستوى المنطقة، وربما العالم، لما يحتويه من اجهزة طبية عالية الكفاءة لمرضى القلب؟
بالسؤال تبين لي أن الرغبة السامية لتولي امر الاشراف على بناء وتجهيز المستشفى في احسن صورة تليق بمقام المتبرع، دفعت الدكتورة فريدة، غير آسفة، للتضحية بوظيفتها الطبية الاستشارية وبما كانت عيادتها الخاصة تدره عليها، والتفرغ وظيفيا لانهاء انجاز هذا المشروع المميز، والذي من خلاله تستطيع ان تعطي وطنها ومرضاها ما يستحقونه من عناية وأهمية.
تعرفت على الدكتورة فريدة قبل سنوات، وأعجبت بها طبيبة استشارية وخطيبة مفوهة وكاتبة كبيرة، وعرفت مدى قوة شخصيتها من خلال الطريقة التي ادارت بها معركتها، او معاركها، مع أولئك الذين حاولوا الحط من قدرها او الطعن في كفاءاتها الطبية، وكان ذلك قبل سنتين تقريبا. كما استمعت اليها تلقي كلمات رائعة فوق اكثر من منبر، ولو لم اعرف تخصصها لاعتقدت أنها كاتبة أو صحافية، أو على الأقل ناشطة سياسية.
وكثيرا ما أعجبتني مقالاتها في «القبس»، على قلتها، وطالبتها أكثر من مرة بأن تكثر منها لما تتميز به من قدرة جميلة على التعبير.
هذه هي د. فريدة الحبيب، مديرة مركز صباح الأحمد للقلب، الذي نتمنى أن يكون المركز فريدا بادارته، وان يستمر كذلك ويكون نموذجا يحتذى.

***
• ملاحظة‍: سنغيب عن الوطن شهرا، ولكن تواصلنا سيستمر عبر صفحات «القبس» بحلتها الجديدة.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

هل تحظى الأنشطة الشبابية بالدعم الفعلي؟

 

على رغم الحديث الذي تكرر لسنوات بشأن احتياجات فئة الشباب في البحرين، وعلى رغم الإقرار أن هذه الفئة لا يزال ينقصها الكثير من الاهتمام والرعاية، وعلى رغم برامج العمل التي تعلن فجأة وتختفي فجأة، وعلى رغم الاعتراف بأن الشباب في البحرين يواجهون مشاكل لا حصر لها، إلا أنه على أرض الواقع، لا يمكن الوقوف على خطة وطنية حقيقية للنهوض بهذه الفئة، وتلبية احتياجاتها، لا سيما على صعيد القرى، وإن كان الشباب في كل مناطق البحرين ينتظرون الرعاية والاهتمام.

ولعل السؤال الذي نكرره كثيرا :«هل تحظى الأنشطة الشبابية بالدعم الفعلي خصوصا من قبل الدولة أو من قبل مؤسسات القطاع الخاص؟»، وإجابة على هذا التساؤل يمكن القول إن هناك اهتماما لكنه لا يرقى إلى مستوى الطموح حتى مع وجود مبادرات مميزة، سواء على صعيد الأنشطة الثقافية والمهنية والتعليمية، أو على مستوى الفعاليات الرياضية والثقافية وغيرها من أنشطة تتيح لهذه الفئة إثبات وجودها والتعبير عن جهة نظرها فيما ينقصها من احتياجات.

وتبدو مبادرة مركز سند الثقافي والرياضي بتنظيم دورة رياضية في كرة القدم للناشئين في 24 فبراير/ شباط الجاري تحت عنوان «بطولة الوطن»، واحدة من المبادرات التي تستحق الدعم، فهناك ما يقارب من 400 شاب من مختلف مناطق البحرين قرروا المشاركة في هذه البطولة وهم من الشباب غير المنتمين الى أي من الأندية أو المراكز الشبابية…أي يمثلون الفئة (المهملة) دائما… والمشاركة بهذا الحجم تعتبر نقطة تميز لمركز سند الثقافي والرياضي الذي نجح في استقطاب هذا العدد، وتمكن أيضا من الحصول على دعم المؤسسة العامة للشباب والرياضة، ومن الأهمية بمكان أن تساهم المحافظة الوسطى ومجلس بلدي المنطقة الوسطى والمؤسسات في المنطقة لدعم مثل هذه المبادرات لتحقق النجاح المرجو منها، ولكي تقدم انطباعا بأنها مؤمنة بضرورة دعم الأنشطة الشبابية على اختلافها.

شباب البحرين، كما يصف رئيس اللجنة المنظمة للبطولة علي حسن العربي، يمتلكون طاقات إبداعية خلاقة في المجالات الثقافية والرياضية والمهنية والعلمية، ولهذا، فإن توجيهات القيادة ومنها اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى، تستوجب من المؤسسات الحكومية والأهلية أن تساهم بدرجة أكبر في تقديم برامج عمل وأنشطة تستقطب الشباب وتمنحهم الفرصة لإبراز امكاناتهم، وعدم الاكتفاء بتقديم الصور السلبية واتهام شباب البحرين دائما بأنهم يفتقدون الإرادة للعمل البناء.

المنطقة الغربية تحديدا، تحتاج إلى الكثير من الاهتمام الموجه للفئة الشبابية، وبالمناسبة، فإن بطولة «الوطن»التي ينظمها مركز سند، ستقام على استاد اتحاد الريف، وفي هذا رسالة الى أن اجتماع 400 شاب في دورة رياضية بتلك المنطقة، يعكس التوجه نحو تكثيف الاهتمام بالشباب، ومن المهم الإشارة الى الزيارة التفقدية التي قام بها رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة الشيخ فواز بن محمد آل خليفة لقرية المالكية في شهر يوليو/ تموز من العام 2008، والتي التقى خلالها أسرة النادي وأبناء القرية وذلك للوقوف على احتياجاتهم ودراسة السبل الكفيلة باستقطاب شباب القرية وتوجيههم التوجيه السليم كعناصر أساسية في عملية تنمية المجتمع المحلي، وخصوصا أن المنطقة الغربية قدمت الكثير من النماذج الشبابية والرياضية المشرفة.

يبقى أن نقول، إن مبادرة مركز سند وغيره من أندية ومراكز شبابية، يجب أن تقابلها مبادرات داعمة من جانب مؤسسات الدولة الحكومية والأهلية، على أن يكون هناك توجه حقيقي لتلبية احتياجات الشباب في كل مناطق البحرين.