محمد الوشيحي


الكويتيون… 
جبناء شِرْدان

كان ذلك قبل الغزو… أحد عشر كويتياً مراهقاً، يسبح كلٌّ منهم في بحر عامه الثامن عشر، وعشرون مراهقاً عراقياً يكبرونهم بعامين، تجمعهم الكلية العسكرية في القاهرة.

وكعادة المراهقين، لا يمر يوم من دون أن يسجل التاريخ لهم «هوشة»، أو «عركة» بالعراقي. إلى أن ضاق العراقيون ذرعاً بنا وبعركاتنا التي لا تنتهي، وصاروا يتفادون مصادمتنا، لا خوفاً منا بل من عقوبات إدارة الكلية التي قد تنتهي بالفصل الذي يتبعه عقاب الجيش العراقي.

وتوالت الأيام والعركات، وبلغني ذات مساء أن العراقيين ضربوا أحد الزملاء، وأنه يرقد الآن في عيادة الكلية في حالة حرجة، فاقتحمت «عنبر» العراقيين، على اعتبار أنهم ما إن يروني حتى يتشعبطوا بالسقف هرباً، أو يندسوا تحت أسرّتهم فزعاً، فأضطرّ مكرهاً إلى سحب كلٍّ منهم بـ»كراعه» من تحت سريره، وكف كفين، وبكس بكسين، وأعود إلى «عنبر» الكويتيين بالغنائم. لكن خطأً ما حدث في السيناريو، إذ أغلق العراقيون باب مهجعهم، وأنا في الداخل! ووفقهم الله فخنقوني، وألهمهم الله فداسوا في بطني، وأعطوني ما تيسر من اللكمات، والرفسات، ثم حملوني، مشكورين، ورموني خارج «العنبر» وأغلقوا الباب على أنفسهم، تحسباً لانتقام الكويتيين.

وكنت – لشدة الخنق الذي تعرضت له – أشرح ما حدث للربع بالبحّ الفصيح: بح بح بحوح، وأشير بأصبعي إلى عنبر العراقيين، فهجم الربع عليهم، بعدما انتزعوا ألواح الأسرّة ليستخدموها كهراوات، وأخذوا يدفعون الباب من الخارج ليقتحموا العنبر، والعراقيون المتحصنون يدفعون الباب من الداخل، وباءت محاولات الربع بالفشل. ونقلوني إلى العيادة، وكان عذري للطبيب كالعادة: «تزحلقت على السلّم»! وروى لي الربع أن الزميل الجهراوي الأصيل بدر الشمري – الرائد حالياً، شفاه الله من مرضه العضال، وهو من فصيلة النمور الرعناء، لكنه تسلل زوراً وبهتاناً وانضمَّ إلى فصيلة الإنسان، وأشهد أن أبويه لم يربياه على الآيس كريم والجاتوه – جلس ليله كلّه أمام عنبر العراقيين وهو يصرخ عليهم من تحت الباب بكلمات غير صالحة للنشر، تترجمها «ام بي سي 2»: أيها الحمقى.

أيام ما أجملها، وما أجمل تعليق اللواء متولي، المسؤول عن أمن الطلبة، على عذرنا الذي لا يتغير عند سؤاله لنا عن أسباب انتفاخ شفاهنا وتغيّر ألوان عيوننا بعد الخناقة: «تزحلقنا على السلم»، إذ قال غاضباً: «ايه حكاية الزحلقات الجماعية دي؟ في ايه، دي سلالم والا قشر موز».

الشاهد في الموضوع، هو ما أثاره أحد الطلبة العراقيين، وهو الرجل الشهم، عمّار الدوري، الله يمسيه بالخير إن كان لايزال ينبض، عندما قال لنا ذات جلسة صلح: «فرْد سؤال دا يشاغلني، بدون زعل، انتو كويتيين أكيد، لوو مِنّا ومِنَا؟»، وعندما استغربنا سؤاله، صعقنا بإجابته: «هسّه اللي نعُرفه إن الكويتيين جبناء يشردون من فأر، كل الناس تحجي عنكم هيج، بس انتو ابتليتوا الكلية بمشاكلكم، والكلّ دا يتفاداكم، المصريين والتنزانيين والسودانيين، واحنا العراقيين حارّين هواية، وصرنا قوالب ثلج مقارنة بيكم».

لاتزال كلمة عمار ترن في أذني، يعززها ويؤكدها بعض ما يذكره الأصدقاء عن سمعة الكويتيين عند العرب، خصوصاً في الدول السياحية، وكيف أننا جبناء شردان (مفردها شرود، أي سريع الفرار). وبعدما أربط ما تقدمه الكويت للعراقيين وما يقدمونه هم إلينا من تحرشات واستفزازات، تزول دهشتي، فأصدّق أقوال القوّالين. ليأتي بعد ذلك «لاريجاني» رئيس البرلمان الإيراني، ويثبت أن «سمعتنا» تجاوزت العرب، وانتشرت في أصقاع الصقيعة، عندما تحدث بيننا بعنجهية ولا عنجهية هتلر أيام عزه، وهدد الآخرين من على أرضنا وبين جمهورنا، وتحت مظلة حكومتنا الصامتة المرتعدة، قبل أن يتصدى له النائب البطل د. فيصل المسلم.

بقيت تركيا، ونحن بانتظار السيد أردوغان، كي يمردغنا ويجرّب ملمس قفانا المخملي، ويغادر بمثل ما استُقبل به من حفاوة وتكريم… ورحم الله صاحب المثل: «الخوف ما نجّا الحبارى من الطير». والطير هو الصقر في لهجة أهل البادية، والحبارى هي الكويت. 

احمد الصراف

أنا أحب الليونز والروتاري

لم أبد حماساً كبيراً عندما عرض علي أصدقاء من لبنان قبل أكثر من سنة فكرة تأسيس وإدارة فرع لليونز، ومع هذا سررت لقيام مجموعة من المواطنين والمقيمين من الجنسين، بإقامة حفلة بمناسبة تأسيس نادي الليونز في الكويت. ونتمنى أن نرى أيضاً فرعاً لنادي الروتاري، لحاجتنا لمثل هذه الأنشطة الاجتماعية والخيرية غير المتحيزة.
أسس بول هاريس وثلاثة من أصدقائه نادي الروتاري في مدينة شيكاغو عام 1905، وسمي بالروتاري، أو الدورية، لتناوبهم الأربعة في استضافة اجتماعاته. وكان هدف النادي، ولا يزال، خدمة المجتمع الذي يقع في دائرته، وخدمة أعضائه، من خلال توثيق الصلات بينهم، وهم المنتمون لمهن مختلفة. ومع الوقت اتسعت عضوية النادي لتشمل مليونا ونصف المليون عضو من خلال 32 ألف فرع في 200 مدينة تغطي العالم أجمع. ووصلت ميزانية الروتاري في السنوات الأخيرة لأكثر من 120 مليون دولار، وتقوم بتوفير دعم سنوي للكثير من الأنشطة التعليمية وتصرف أمصال شلل الأطفال بكميات كبيرة للمحتاجين.
وبعد 12 عاماً من تأسيس الروتاري، قام ملفن جونز بتأسيس نادي الليونز في المدينة نفسها، ولتحقيق الأهداف نفسها تقريباً، ولكن في مجالات متعددة أخرى. ويبلغ عدد أعضائه الآن 1.3 مليون، وميزانيته ضخمة وطموحاته أكثر ضخامة.
وبالرغم من نبل أهداف الناديين فان اجتماع الليونز الأول في الكويت لاقى اعتراضاً من البعض، وربطوا بينه وبين الماسونية، وأطلقوا عليه صفات قبيحة ووصفوا أنشطته بالمشبوهة! وقال أحدهم إن الليونز «منافقون يهود». وقال آخر انه ليس من السهل الاشتراك في هذه الأندية لغير رجال الأعمال والأثرياء والملوك والرؤساء (!).
ولو علم هؤلاء السذج ان ما قدمته الليونز مؤخراً لمساعدة هايتي، من مال ودواء ودعم بشري كبير، يزيد عما قدمته الدول العربية والإسلامية مجتمعة، لشعر «ربما» بالخجل. أما «تهمة» صعوبة الاشتراك فيها لغير أصحاب الثروات، فهي صحيحة إلى حد ما لأنها نواد خيرية تعتمد على كرم وأريحية المشاركين فيها وقدرتهم على جمع المال، ولكن «التهمة» غير صحيحة حيث انها تقبل في صفوفها غير الأثرياء من الشخصيات المؤثرة اجتماعياً وفنياً.
وعليه يمكن تفسير سبب كراهية المتشددين دينياً لأنشطة هذه الأندية، بما فيها الماسونية، لما تقيمه هذه الأندية من حفلات بغرض جمع أكبر قدر من المال والملابس والطعام خدمة لأغراضها الخيرية التي، وهنا المهم، لا تقتصر على فئة محددة ولا اتباع دين واحد. كما ان هذه الأندية لا تقوم على أسس دينية ولا مذهبية ولا عرقية، وبالتالي تذهب مساعداتها للجميع، وبعرف هؤلاء فإن دفع مال كويتي مسلم لتوفير مصل شلل أطفال لطفل فلبيني مسيحي مثلاً أمر لا يجوز حدوثه، ومساعداتنا يجب أن تخصص لأبنائنا فقط، وهذا ما يتفق مع أعرافنا المذهبية والقبلية والأصيل من عاداتنا وتقاليدنا التي لا يوجد ما هو أكثر اصالة منها… في العالم كله!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

حراس بلدية المنامة… الكر والفر (2)

 

وجهة نظر المسئولين في بلدية المنامة بشأن وجود إصرار على إعادة تنظيم السوق المركزي وإنهاء المشاكل المتراكمة ومحاسبة المقصرين على العين والرأس، كلامهم الذي يتعلق بوجود إهمال وتسيب بين بعض حراس الأمن والمفتشين والمشرفين أيضا على العين والرأس، وتأكيدهم اهتمام مدير عام بلدية المنامة المهندس يوسف الغتم، الذي نكن له كل الاحترام، على متابعة الكثير من ملفات العمل والتعامل مع قائمة من القضايا التي تتطلب دراسة ومعالجة وحلولا صارمة في أمور كثيرة… أيضا على العين والرأس.

لكن ليس على العين والرأس إطلاقا، أن يتصل أحد المعنيين ليحذر حارس أمن من المشاركة في الاعتصام الذي نفذته المجموعة أمام مجلس النواب يوم الثلثاء الماضي للفت أنظار كبار المسئولين لمشاكلهم على أن ذلك سيجلب له المشاكل، فنحن نعيش في بلد لمواطنيها جميعا الحق في التعبير عن آرائهم وطرح معاناتهم بالطرق السلمية! وليس على العين والرأس أن يحرم حارس أمن أو موظف مستحق للترقية لأن هناك من زملائه من ينام في العمل أو يتسيب أو يخالف الأنظمة عمدا، وليس على العين والرأس ألا تكون هناك مكاشفة وصراحة بين المسئولين وبين الحراس الذين لايزالون مصرين على الحصول على حقوقهم في الترقي على رغم مضي سنوات من المطالبة وعلى رغم صدور توجيهات وعلى رغم وعود بالنظر في أوضاعهم، ولعلني من الناس الذين يتفقون مع الرأي القائل بضرورة أن يكون تقييم الأداء صريحا على أن يكون عادلا ومنصفا.

إن القول بأن هناك بعض الحراس القدامى في الخدمة لا يستحقون الترقيات بعد مضي سنوات من العمل تتراوح بين 7 إلى 14 سنة مثلا بسبب سوء أدائهم، يستدعي النظر في استمارات تقييم الأداء سنويا، وهذا يعني أن يجازى المجد في عمله ويحاسب المقصر طالت سنوات خدمته أم قصرت، أما إبقاء حالة الصدام بين الحراس ومسئوليهم مستمرة طوال هذه السنوات والتي لها ما لها من تأثيرات على الاستقرار الوظيفي وعلى سير العمل بهذه الصورة، فإنه يعكس ضعفا في أداء المشرفين على هذا القطاع… فليس معقولا أن يعلق أحد المعنيين بالقول إنه «يعلم أن من بين الحراس من يعمل في وظائف أخرى، ومنهم من اعتاد على أن (يترك القرعة ترعى)، ومنهم من يسعى للتحريض والتأليب»، فهو بذلك إنما يدين نفسه ويكشف ضعف إدارته وضبطه للعمل، ثم إنه بالنسبة للحراس أو عامة الموظفين الذين يعملون في وظائف أخرى، فإنه إذا كان ذلك لا يتضارب مع عمله فدعه يترزق، بل مطلوب من كل مواطن أن يبحث عن مصادر أخرى للرزق بدلا من التسول والشكاية من ضيق ذات اليد طالما هو يقوم بواجبه الوظيفي على أكمل وجه.

كما أن القول بأن هناك موظفا (يترك القرعة ترعى) فأين كان مسئوله، ولماذا تركه؟ وذلك الذي يحرض ويؤلب، ألا توجد لوائح عمل تعاقب من يقوم بهذه المخالفة حال ثبوتها عليه؟

بصراحة شديدة، ليس من اللائق أن تبقى مشكلة (بسيطة) قابلة للحل في جهاز حكومي حيوي ومهم كل هذه المدة، وتخضع للتجاذبات بين الحين والآخر، ولعلني أقترح حلا بسيطا للغاية أعرضه على المسئولين ببلدية المنامة: حددوا الحراس المتظلمين، وواجهوهم بالأدلة والحقائق التي تدينهم وتكشف تقصيرهم، وافرزوا منهم من يستحق أو من حرم من الترقية وهو مستحق، وكفى الله المؤمنين شر القتال.