محمد الوشيحي

التأمينات… كان يا ما كان

لا أخفيكم، أشعر أن أهمية الحديث عن فساد أي مؤسسة كويتية، في هذا الزمن، أشبه بأهمية حديث ابني نقار الخشب، سعود ذي العامين، عندما يدخل غرفتي وهو يصرخ وقد بدت على وجهه علامات الاهتمام والتركيز الشديدين: "بابا مياو مياو"، قبل أن يشدني من يدي ويقودني إلى مكمن دهشته، حيث القطة التي شاهدها، فأصرخ بدهشة مصطنعة: "ما شاء الله"، ثم أقبّله وأحمله على كتفيّ، فيدلدل رجليه ذات اليمين وذات الشمال، وأعود به إلى حيث كنت أجلس بعد أن شاهدنا معاً ذلك المنظر الغريب (القطة).

وكنت متحمساً لفضح الفساد في وزارات ومؤسسات الدولة، فاكتشفت أنني أصرخ في الحكومة: "مياو مياو"، فترد الحكومة عليّ بدهشة مصطنعة: "ما شاء الله"، وتحملني على كتفيها، مدلدلاً رجليّ ذات اليمين وذات الشمال، وتعود بي إلى حيث كانت تجلس… ومن يومها، تركتُ القطط تعبث في المطبخ كما تشتهي، مكتفياً بالتمتمة بيني وبين نفسي، أو الشخبطة في مساحة مقالتي: "مياو مياو"، وأشير بأصبعي إلى أحد الاتجاهات.

وفي الفترة الأخيرة، كثر الحديث عن فساد في "التأمينات"، وبدأت الألسن والأقلام تلوك سمعة هذه الفتاة الجميلة (من الخارج على الأقل)، وأغرقتني الرسائل والاتصالات عن مخالفاتها. وأنا رجل لا يعرف عن التأمينات إلا أنها أفضل مؤسسة تنجز فيها معاملاتك، تدخلها باحترامك وتخرج منها باحترامك ذاته، لم ينقص منه شيء.

لذا، سأجمع ما تستطيع يداي جمعه من أسئلة ومخالفات قرأتها في مقالات الزملاء الأفاضل، والمدونات، لأضعها أمام القارئ وأمامك أيضاً يا مدير عام التأمينات، فإن كنت تمارس أعمالك تحت ضوء الشمس أجبت عنها، أما إن كانت "التأمينات" تعيش في المناطق الرطبة المظلمة، فسنقول "كان يا ما كان"، وسنستعد للحرب… والأسئلة باختصار، مراعاة لمساحة المقالة، كالتالي:

1) ما سبب الخسائر التي تعرضت لها المؤسسة في الفترة الأخيرة؟ وما مبرر خسارة 1.88 مليار دينار، وهي الخسارة الأولى للتأمينات منذ نشأتها، كما ذكرت جريدة القبس؟

2) كيف تتبع "إدارة التدقيق الداخلي" سلطة المدير العام، وهي التي تراقب أداءه؟ وهل يمكن أن يكتب مدير التدقيق ما لا يتوافق مع رغبات رئيسه في العمل، الذي هو أنت؟ ثم لماذا يتم شراء ولائه بتعيينه عضواً في إحدى الشركات التي تساهم فيها التأمينات؟

3) لماذا تم ضخ 900 مليون دينار في بنك في مملكة البحرين، والبحرين لا تضمن الودائع، في حين كان من الأفضل ضخها في الكويت، حيث الودائع المضمونة حكومياً؟ لمَ كل هذه المخاطرة؟ وهل كنت ستفعل ما فعلت لو كانت تلك الأموال أموالك الخاصة؟

4) أين وصلت قضيتك المحالة إلى النيابة العامة، إذ إنني لم أجد ما أقرأه عنها في الصحف، ويبدو أن للأذرع المالية الثلاث الكبرى في الكويت، وهي "التأمينات" و"صندوق التنمية" و"هيئة الاستثمار"، قدسية غير معلنة عند بعض ملاك الصحف؟ فما سر ذلك؟ ألا تعتقد معي أن هناك مصالح مشتركة تجمعكم بهؤلاء الملاك؟

5) كل هذه المخالفات التي ذكرها ديوان المحاسبة، ألا ترى أنها تستحق استقالتك،

أو على الأقل، تصحيحها والاعتذار عنها والتعهد بعدم تكرارها؟ فثقافة الاستقالة شبه معدومة عندنا في الكويت.

6) ما سبب خسارة التأمينات في شركتين محليتين، بنسبة تفوق 93% في الأولى و92% في الثانية، وبمجموع خسائر 170 مليون دينار؟ ألهذه الدرجة من اللامبالاة تتعاملون مع أموال المتقاعدين؟

7) ما ردك على ما ذكره الزميلان المحترمان، د. طارق العلوي وعلي الكندري، الكاتبان في جريدة القبس، من مخالفات وعمولات وفضائح تتم في "التأمينات"؟ خصوصاً أن العلوي ذكر الحساب رقم 22110090106Z، ولا أظنه سيخترع حساباً مصرفياً ويخمّن رقمه، فما علاقتك بالحساب البنكي المذكور؟

هذا، وتقبلوا فائق الإحباط من مواطن فقد ثقته بغالبية مؤسسات الدولة، ويحتاج إلى مسؤولين أكفاء يستخرجون له "بدل فاقد".

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

النزوح الكبير

قابلت قبل مدة قصيرة في منتدى عام خبيرة نفط كويتية شهيرة كانت عائدة للتو من العراق ووزير نفط أسبق، ومما قالاه اننا أضعنا في الكويت على أنفسنا فرصة ذهبية لن تتكرر عندما أوقفنا مشروع تطوير حقول الشمال الذي كان سيستخدم التقنية الحديثة لاستخراج النفط من المكامن الصعبة في تلك الحقول خلال الـ 15 عاما الماضية.

وأضافا ان توقيع العراق هذه الأيام لاتفاقيات مع شركات النفط العالمية للعمل في حقل الرميلة والحقول الأخرى سيمكنهم من استخراج النفط بطريقة متقدمة، ما سيجعل نفطنا يرحل من المكامن المشتركة الى حقولهم طبقا لحقيقة توجه السوائل نحو أماكن الشفط القوية، وذكرا ان افضل ما يمكن عمله في هذه المرحلة المتأخرة هو استخراج ما يمكن استخراجه خلال العامين المقبلين من تلك الحقول قبل ان يودعنا نفطنا للنزوح شمالا.

تخذيل مشروع حقول الشمال الواعد ومثله مشروعا المصفاة وشراكة الداو خذل بالتبعية شركات النفط والكيماويات العالمية المؤثرة بشدة في قرارات الدول الكبرى، ومثل ذلك قيام وزير مواصلات أسبق بإلغاء صفقة طائرات الإيرباص والبوينغ بخفية بالغة دون معرفة ان للشركتين ذراعهما العسكرية والسياسية ولهما صوت مسموع لدى حكوماتهما، وفي ذلك يقول وزير مواصلات سابق ان نائب رئيس شركة البوينغ أبلغه بأنهم لا يأخذون قرارات الشراء الكويتية بمحمل الجد، نخشى مع نزوح مصالح الشركات الكبرى للجيران ان ينزح معها القرار السياسي لصالحهم بسبب مزايدات «هواة» العمل السياسي من النواب وتعريضهم بالتبعية الأمن القومي الكويتي للضرر والخطر.

رفضت المحكمة الدستورية المصرية فرض ضرائب مالية على الأرض الفضاء كونها لا تدر دخلا، فكيف تفرض ضرائب دخل على ما لا دخل له؟! لماذا لا تحيل الحكومة القانونين 8 و9 غير الدستوريين للمحكمة الدستورية حتى يتم تعديلهما أو إلغاؤهما بعد ان أوقفا تماما عمليات التنمية في البلد ولكونهما احد العوائق الرئيسية لتحويل الكويت لمركز مالي عبر تشددهما في منح واستخدام الأراضي العامة للدولة، وهل سينشئ المستثمر الأجنبي مشاريعه في الهواء؟!

ومادمنا في سياق الأراضي الفضاء فأحد أهم أسباب انتشار القاذورات والأوساخ في المناطق السكنية النموذجية هو قانون قديم للبلدية يمنع أصحاب القسائم من تسويرها، المرجو ان تفرض البلدية في عهدها الجديد الواعد على كل صاحب قسيمة تسييجها حفظا لملكه إضافة الى منع جعلها مكبا للأوساخ ومخلفات البناء في المنطقة، خدمة التسوير يحتاجها كثيرون يخشون ان يبني أحد على قسائمهم ثم يصبحوا ضحية المقولة الشهيرة «يبقى الوضع على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء للقضاء» وبالطبع سيوافيهم الأجل قبل صدور الحكم لصالحهم في ملكية أرضهم!

آخر محطة:

في شهر أعيادنا الوطنية، هناك 10 قضايا ومصطلحات لو اتفق القائمون على الصحف والفضائيات على عدم التطرق لها إيجابا او سلبا لتعززت بشدة وحدتنا الوطنية، من تلك المصطلحات والقضايا «تجنيس السبعينيات» و«اللفو» و«عيال بطنها» و«الدماء الزرقاء» و«أبناء القبائل وأبناء الحضر» و«الرافضة» و«النواصب» و«الوهابيين التكفيريين» و«العيم».. إلخ، جميع تلك المصطلحات لا فائدة منها كونها تفرق ولا تجمع ويقصد منها في العادة الإساءة البالغة للآخرين.

احمد الصراف

الدولة الدينية القبلية

عدد من يستحق التقدير والاحترام بين كبار ضباط وزارة الداخلية ليس بالكبير، وليس في الأمر غرابة، فالكويت من دول العالم المتخلف، وهذه سمة من سمات هذه الدول، فالضابط فيها يمتلك البقالات وصالونات الحلاقة ويضارب في بورصة الأسهم ويتاجر في الإقامات ويستخرج رخص القيادة «للمحتاجين» مقابل رشوة، وأحيانا كثيرة يُقبض عليه متلبسا بجريمة أو بأخرى، ولا يُلام هؤلاء على ضعفهم بقدر ما يلام النظام القبلي والديني الذي أصبح يلفنا بعباءته الخشنة من كل جانب.
يعتبر الفريق أحمد الرجيب، وكيل وزارة الداخلية، من القلة التي تحظى بالتقدير والاحترام، وبالرغم من أن تصريحه الأخير، الذي سنأتي على ذكره لاحقا، بيّن مدى ما يشعر به من ضعف، فإنه أظهر أيضا حقيقة معدنه ورفضه للطريقة التي يدار بها الكثير من الأمور في الوزارة، وإيمانه بدولة القانون وضرورة اتباع القيادات الأمنية لكافة الإجراءات القانونية قبل دهم أي بيت أو حفل خاص.
ففي انتقاد لاذع يندر صدوره عن وكيل الداخلية، قال الفريق الرجيب إن على مديري الأمن الامتناع عن القيام بأعمال لا تدخل في صلب اختصاصهم، كمداهمة أوكار مشبوهة أو اقتحام حفلات خاصة بحجة وجود أفراد من الجنس الثالث فيها، وكل ذلك بناء على وشايات أو شبه تعليمات من نواب! وقال، وهذا مصدر اعتراضنا على تصريحه، ان هذه التدخلات في شؤون الناس غير المدعومة ببلاغات رسمية أو بأوامر قضائية تضعف موقف الوزارة ضد مرتكبي الجرائم وستبرئهم مستقبلا، وإن كانوا غير ذلك، وقد ينتج عنها ايضا رفع قضايا تعويض على الوزارة!!
وبالرغم من وضوح تصريح الوكيل الرجيب، فإنه أغفل أمرا أساسيا، فقد كان حريا به، وهو المسؤول المتمرس، لفت نظر قادة الأمن الى واجب الالتزام بالدستور وقوانين البلاد. فدعم موقف الوزارة أمر مهم، ولكن احترام خصوصيات الأفراد، من مواطنين ومقيمين، شيء أكثر أهمية، وهذا ما يجب أن يعيه رجل الأمن ويعمل حسابه لا ان يخاف من دفع تعويض مادي للمتضرر نتيجة خطأ في الإجراءات.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا يتعلق بالسبب الذي يجعل وكيل الداخلية يصرح بمثل هذا التصريح، «المخملي» نسبيا، بشأن مخالفات دستورية صدرت عن ضباط كبار لم يكن من المفترض ارتكابهم لها، ولماذا أطلق الفريق الرجيب تصريحه علنا، ولماذا لم يقم بإحالة واحد على الأقل من هؤلاء الضباط للمحكمة العسكرية، أو تجميده ونقله لإدارة غير تنفيذية؟
نعتقد بأن علانية التصريح، الذي تضمن اتهامات خطيرة لضباط كبار، مقصودة، وأن في الأمر شيئا ما، وأن الكيل ربما طفح بالوكيل، بحيث رأى أن من الضروري نقل الخلاف للعلن. وبيّن تصريحه أن من يدير الوزارة أمنيا ليس الوكيل الحريص على عدم تعريضها لما هي في غنى عنه، بل جهة أخرى! وبيّن ايضا أن كل ما يقال عن الدولة المدنية والدستورية أمر غير صحيح، فقد تحولنا منذ عقود لدولة «دينية قبلية» تدير الأجهزة الأمنية من خلال شبكة علاقات شخصية لا من خلال إجراءات قانونية ومواد دستورية، فهذا آخر ما تؤمن به.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

حراس بلدية المنامة… الكر والفر

 

أكثر ما يجعل المتابع لمطالب مجموعة من حراس أمن بلدية العاصمة الوظيفية يشعر بالاستغراب، هو عدم اكتراث المسئولين، لا بوزارة شئون البلديات والزراعة، ولا ببلدية العاصمة بالنظر في مطالبهم بشكل جدي، وبالتالي، التوافق على حل جذري للإشكال القائم بدلا من تبادل التصريح والتصريح الصحافي المضاد، وكأن أولئك الحراس يؤذنون في مالطة، مع يقينهم بأن وزير شئون البلديات والزراعة جمعة أحمد الكعبي تابع الكثير من التفاصيل وتفهم الوضع.

وإذا سنحت الفرصة لحراس الأمن ببلدية العاصمة للالتقاء بالوزير مجددا، فإنه سيكون اللقاء الثاني، ولا أحد يستطيع الجزم بأن هناك حلولا جذرية لمجموعة منهم لايزالون يجأرون بالشكوى من حرمانهم من الترقي والحصول على الدرجات التي يستحقونها دون القفز عليهم والإصرار على وضع المبررات والمسوغات التي تمثل مانعا بينهم وبين الهدف الذي يسعون إليه، وعلى ما يبدو أن هناك حالة من الصراع الخفي بينهم وبين عدد من المسئولين كان المحرك لتنظيم اعتصام ولقاءات متكررة ووساطات وشكاوى في الصحافة، قابلته حالة من التحدي لأن تبقى تلك المجموعة على حالها مهما فعلت، ولا أدري حقيقة، لماذا لا يتم وضع حد لهذه المشكلة؟ ولماذا لا يتم الجلوس مع الحراس في جلسة مكاشفة يقدم فيها كل طرف ما لديه بكل جرأة؟

فإن كان الحراس هم المدانون وهم المقصرون وهم الذين لا يستحقون الترقية وهم المتسببون في المشاكل، فلتلقى في وجوههم التهم مباشرة، وإذا كانوا غير ذلك، فما المانع من إنصافهم بدل الكر والفر؟ ولننظر إلى ما نشرته الصحافة خلال الأسبوع الماضي فيما يتعلق بشكوى الحراس، وجاء فيما جاء أنهم يرفضون الاستهزاء والمماطلة والتمطيط في تحقيق حقوقهم الوظيفية، مطالبين الوزير بالتدخل لإنهاء المشكلة وخصوصا أن الوزير اطلع على تفاصيل المشكلة منذ طرحها لأول مرة في العام 2007، متسائلين عن المعايير التي على أساسها تتم الترقيات.

بعدها مباشرة، وفي يوم الخميس الماضي، جاء رد بلدية المنامة بالقول «إن البلدية تقوم بشكل مستمر بترقية الموظفين وفق الشواغر الوظيفية المتاحة، وبحسب الهيكل التنظيمي المعتمد لحراس الأمن، إذ إن نظام الترقيات يأتي وفق أنظمة وقانون ديوان الخدمة المدنية»، وهذا رد عام، حتى بالقول إن هناك توجيهات لدراسة أوضاع حراس الأمن والاهتمام بأصحاب الكفاءات والخبرات الموجودة، لكن ليس واضحا في الرد، هل هؤلاء مستحقون أم لا؟ وبالتالي، لم يقدم الرد إجابات على ما طرحه الحراس، منها على الأقل نفي ما قالوه من أن هناك مماطلة وتمطيطا.

إذا كانت المسألة مسألة تعامل بندية فهذا خطأ جسيم! وإذا كانت هناك أمور (خفية) لا تود البلدية إعلانها، فإنها بذلك لن تحل المشكلة، ومنها ما يعتقده البعض أنها خطوات تسبق (خصخصة) هذا القطاع… ومع الاحترام للمسئولين والحراس على حد سواء، إلا أن الأوان مناسب للتحدث بصراحة وجها لوجه، دون مواراة، فما المانع في ذلك؟