احمد الصراف

دخان المركبات والمشعوذ السوري

تعرض بعض العاملين معي لمصادرة مركباتهم واجازاتهم وحجزها لعشرة أيام قبل تسليمهم السيارات لإصلاح مخالفاتها، كخروج أدخنة من عوادمها، ومن ثم عرضها على الفحص الفني وتسليمهم الاجازات ودفتر الملكية بعد الكشف عليها. كما غرموا مبالغ كبيرة مقارنة برواتبهم! وبالرغم من قسوة العقوبة فإنني رفضت التدخل لمصلحتهم لوضوح مواد قانون المرور. ولكن لو تفحصنا بتمعن حالة المركبات التي تسير في الشارع لوجدنا ان الكثير منها، وبالذات سيارات أجرة المطار التقليدية القديمة، في حال يرثى لها، ولكن بسبب ما لأصحابها من «واسطات» مع أقربائهم من الشرطة فإنها تستمر في تجاوز الفحص الفني سنة بعد أخرى. ولو أرادت جهة ما القضاء على الفساد في المرور مثلاً فليس أسهل من طلب هذه المركبات ومراجعة من قام بإجازتها في آخر فحص فني، وسيكتشف العجب. ولكن المرور أو الداخلية بشكل عام تريد بقاء «خمالها» فيها.
وفي الجانب الآخر، قام رجال مباحث الهجرة مشكورين بإلقاء القبض على مقيم سوري مصاب بمرض الكبد الوبائي، المعدي والمميت. وتبين ان لديه شهادة صحية تثبت لياقته. وكانت المفاجأة بعد استجوابه اكتشاف انه يعمل في مجال «القراءة والنفث في الماء» ليسقيه لمرضاه المؤمنين بقدراته، وهو أمر كاف لإصابتهم بنفس المرض المعدي والمميت. «كلعتهم».
وبالرغم من الجهود الجبارة التي بذلتها الداخلية من خلال العدد الكبير من العسكريين الذين شاركوا في القبض على هذا المشعوذ، الذي ربما تعلم سر الإثراء السريع من أقرانه الكويتيين وغيرهم من قراء الطالع والبخت وتفسير الأحلام، فإنه لا أحد فكر في الكيفية التي قبلت بها جهات في إدارة فحص العمالة ووزارة الداخلية وربما الشؤون شهادة اللياقة الصحية التي حصل عليها هذا المشعوذ! وأيضاً هنا كل طرف يود التغطية على نفسه، ولو قام مسؤول كبير، وما أكثرهم وأقل قيمتهم، بتتبع مسار هذه الشهادة ضمن دوائر حكومية محددة لاكتشف العجب، ولكن هذه الجهات، كما سبق ان ذكرنا، يبدو ان بعضها يتستر على بعضها الآخر، فتغطي إهمالها من منطلق «أنا وابن عمي على الغريب».
نعود لقصة العلاج بالرقية، المتمثل لدى الكثيرين بالنفث أو البصق في الماء المقروء عليه، فنحزن لحالنا بعد مئات الملايين التي صرفتها الدولة طوال 60 عاماً على التعليم الذي لا شك كان متخلفاً، ولا يزال، وعاجزاً حتى عن إظهار مدى خطورة مثل هذه الشعوذة التي يقتات منها المحتالون، وما أكثرهم في.. الوطن!!

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *