محمد الوشيحي

. وجه من الحفل

آه لو يعود الزمن القهقرى. شوية قهقرى يعني مش أكثر. أي إلى وقت طفولتي. لكنت حرصت على تعلّم الإنكليزية والفرنسية بدلاً من اللف والدوران ما بين أساطير الزير سالم وعنترة العبسي وأبوزيد الهلالي. وإذا كان لدي من اللغة الإنكليزية ما يسد رمقي بخبزة حافة جافة، يأنف من التهامها اليتيم الفقير، ففرنسيتي "لا غيمة فيها ولا بارق ولا رعّاد".

ولو كنت أعرف الفرنسية لالتهمت صحافتها هناك وتلذذت بحرية كتّابها ومحرريها، ولتفسحت بين سطور أدبائها وخبرائها وهم يصلبون المسؤولين صلباً ويقصلونهم قصلاً (بالإذن من اللغة العربية)، ويقلّبونهم على جمر الغضا، فأستعيض بها عن صحافتنا العربية المنافقة الغبية.

والله الله لو "مشت معاي" وأصبحتُ كاتباً فرنسياً، وأصبح الشيخ أحمد العبدالله وزيراً للنفط والإعلام الفرنسي، على افتراض أن الفرنسيين أغبياء همج بَجَم، يقبلون وجود وزارة إعلام، ويستمتعون بمشاهدة "استقبل وودّع وكان في معيّة معاليه".

تخيلت ذلك، وتخيلت ماذا كنت سأكتب عن طريقة معاليه في إدارة الوزارات التي يتسلمها، والتي لم أرَ فيها أو أسمع عن إنجاز واحد نفاخر به وتغيظ به بناتنا قريناتهن الفرنسيات. فكل ما يفعله معاليه هو إطفاء الأنوار، ودعاء النوم، وقراءة المعوذتين، هصصصصص! وتخيلت ماذا كنت سأكتب عن النائب البطل علي الدقباسي الذي يعادل في سوق الصرف السياسي مئة وسبعة وثمانين وزيراً من أحمد العبدالله، ورغم ذا يتعالى النباح حول الدقباسي، وتتعالى الزغاريد حول العبدالله، الذي يُكتب تحت اسمه في الصورة الجماعية للحكومة "وجه من الحفل"، وتنسى أنه وزير، وإذا به بعد عامين أو أكثر "يفجؤك"، كما يقول طه حسين، بتصريح في حفل لإحدى السفارات الأجنبية عن علاقة الكويت المتينة بتلك الدولة، فتتساءل: "مَن هذا؟".

ولو أننا نتعامل مع الاستجوابات كما تتعامل فرق كرة القدم في مباريات النهائي، فنحضر "حكّاماً" أجانب يديرون مباراة الاستجواب، بعدما فقدنا الحيادية في برلماننا. تُرى كم ستكون النتيجة؟ وماذا سيكتب مراقب المباراة عن النائب والوزير والحكومة، وعن النواب الذين يعيشون في المناطق الرطبة المظلمة، ويقتاتون على استجوابات ضعاف الوزراء؟

على أنني لو كنت مكان النائب الدقباسي لاكتفيت بمحور واحد أسأل فيه معاليه أسئلة شاطئية لا تتطلب إتقان الغوص والخبرة البحرية: كم قطاعاً في كل وزارة؟ وكم وكيلاً مساعداً؟ وما هي طبيعة أعمالهم؟ وكم مادة في قانون المطبوعات الذي لم تطبقه وتسبب في كارثة كادت تقود إلى فتنة؟ وبس. ثم أجلس وأتركه يغرد بإجاباته، ويرسم البسمة الداكنة على وجوه الناس وهم يرون مستقبلهم في أيدي وزراء بهذه "العَظَمة". وإذا جاء دوري للتعقيب، فسأكرر ما قاله الفنان المصري محمد نجم وهو يقلد اللهجة الخليجية: "حياك الله بالخير"، ثم أتوكل على الله فأنوح وألطم.

وقد بلغني أمس، أن معاليه للتو أدرك أنها خطة حكومية مرسومة لقمع الحريات، وللتو انتبه أنه من سيدفع الفاتورة وهو لم يشترِ شيئاً، فغضب! وسّع صدرك طال عمرك وانزل إلى الميدان، فلم يعد يهم الناس غضبك ولا رضاك.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

رواسب الاشتراكية

يختلف ليبراليو اليسار «الأمس» عن ليبراليي اليمين «اليوم» في الكويت والمنطقة العربية في تقييمهم لحقبة الرئيس عبدالناصر ومثيلاتها، فبينما يقدسها الاولون كونها مثلت لهم عصر التحرر والانحسار الديني والتحول الاقتصادي للاشتراكية والقطاع العام، يعتبرها اللاحقون حقبة الشيطان كونها مهدت كما يرون لقمع الحريات وفتح السجون والتحالف مع الانظمة القمعية الشيوعية وروجت للعداء للغرب الاب الروحي لليبرالية والعلمانية العربية.

وعندما لم تجد الثوريات العربية الا الخراب الاقتصادي والانتكاسات العسكرية كأبرز منجزاتها، بدأت بتزييف الحقائق في افلامها وصحفها وكتبها واغانيها بقصد اتهام اعدائها من رجال «الاقتصاد الحر» بتلك النكبات عبر اطلاق المسميات القميئة عليهم، وقد انتقل ذلك الداء من تلك البلدان الى بلدنا حيث ندر ان تجد مسرحية او مسلسلا الا ويقدم فيه رجل الاعمال بشكل سيئ.

ولا يمكن ان نتجه للخصخصة او التحول للمركز المالي والتخلي التدريجي عن النفط مادام رجل الاعمال يفرش له السجاد الاحمر في الدول الاخرى بينما تنثر الاشواك في طريقه ببلدنا، وقد استمعت قبل ايام من احد الفعاليات الاقتصادية لشكوى مريرة من طريقة تعامل قلة من النواب والكتاب مع غرفة التجارة، حيث يذكر ان جميع الغرف التجارية في العالم لها خصوصيتها وتدفع لها الرسوم مقابل خدماتها وتمثيلها للقطاع الخاص في القضايا المختلفة وكي تحافظ على استقلاليتها.

ومما قاله ان الغرفة لا تفرض الانتساب لها على التجار والحرفيين بدلالة وجود 130 ألف سجل تجاري في قيود وزارة التجارة بينهم فقط 30 ألف منتسب للغرفة اي ان هناك مائة ألف يمارسون التجارة دون انتساب لها، واعاد محدثي للاذهان حفظ الغرفة عبر مكاتبها ومعارضها في ابوظبي ودبي ابان الغزو بضائع لموردين صغار وكبار جاوزت 130 مليون دينار، ودور احد رجالها وهو المرحوم يوسف الفليج في نقل سجلات جميع التجار من وزارة التجارة الى الغرفة حيث تم الحفاظ عليها من الضياع ابان الغزو.

انتشر على اليوتيوب هذه الايام صور لسيارات جديدة يتم «تزيينها» عند احد المحلات وشباب يقول ان وكالة السيارات تغش زبائنها بهذا العمل، وقد اخبرني احد المطلعين بأن وكالة السيارات تبيع في بعض الاحيان سيارات لشركات محلية تقوم اما باعادة تصديرها او حتى استخدامها بعقود لآخرين، ولا يمكن للوكالة حسب قوله ان تمنع من اشترى السيارات منها من القيام بأي تعديل او تغيير في سيارته، مضيفا ان امرا كهذا يستحيل ان تقوم به الوكالة لاسباب ثلاثة، اولها علمها ان الوكالة الام لا تقبل بمثل هذا التصرف، والثاني ان ذلك التغيير يسقط كفالة الشركة الام عن جميع السيارات المستوردة للوكالة، والسبب الأخير ان تلك الاعمال التي يحذر منها الوكلاء عادة لو ارادوا هم القيام بها ـ وهو امر مستحيل حسب قوله ـ لأدخلوها كراجاتهم الواسعة، لا وضعها امام الملأ في محل يقع على الشارع العام.

آخر محطة:
 
1 – لو كان الامر بيدي لأقمت تمثالا في الصفاة لكل رجل اعمال سواء كان صاحب بقالة صغيرة او وكالة كبيرة، كونهم استقلوا بأنفسهم ووفروا لنا الحاجيات التي نلقاها بالاسواق ولم نعد نحتاج للذهاب خفافا والعودة ثقالا من السفر.

2 – صرخة من شخص مهتم: أنقذوا اسواق الاحمدي التراثية من الهدم!

احمد الصراف

«دي دي وا»..وأحمد البغدادي!

انتشرت على الانترنت مقالة للروائية الجزائرية احلام مستغانمي عما واجهته في اليوم الذي وصلت فيه بيروت في بداية التسعينات، وهي الفترة التي اشتهرت فيها اغنية «دي دي وا» للشاب خالد، والتي رفعته الى النجومية العالمية وقذفت به للمجد، وكيف انها كانت قادمة لتوها من باريس، وفي حوزتها مخطوط «الجسد» المكون من أربعمائة صفحة، والذي قضت اربع سنوات في نحت جمله، محاولة ما استطاعت تضمينه نصف قرن من التاريخ النضالي للجزائر، انقاذا لماضي وطنها، ورغبة في تعريف العالم العربي بأمجاده واوجاعه! ولكنها لاحظت انها كلما أعلنت هويتها كانت تجامل بالقول: «آه، انت من بلاد الشاب خالد!»، وكيف انها لم تجد جوابا في هذا الرجل الذي يضع قرطا في اذنه، ويظهر في التلفزيون الفرنسي برفقة كلبه، سوى الضحك الغبي، وانها عندما تبدي عدم فهمها لـ«دي دي وا» لا تجد غير التحسر على قدر الجزائريين، الذين بسبب الاستعمار، لا يفهمون اللغة العربية! وقالت انها تأسفت كثيرا لكل الاهتمام والملاحقة اللذين يلقاهما المشاركون في برامج ستار اكاديمي مثلا، وكيف ان سجينا في معتقل اسرائيلي يطلق سراحه بعد ربع قرن لا يجد من يستقبله على حدود وطنه!
وفي السياق نفسه، احتج اصحاب الكثير من الرسائل الالكترونية على عدم اهتمام الصحافة باخبار صحة الزميل والاكاديمي المعروف احمد البغدادي، وتحسروا لتجاهل وسائل الاعلام لاخبار مرضه، وانه لو كان مطربا من الدرجة الثالثة لأفسحت العديد من الصفحات عن تقدم علاجه واوضاع نومه وقيامه وما يأكل ويشرب!
والحقيقة ان عدم الاهتمام باخبار الروائيين والاكاديميين والمفكرين والكتّاب والفلاسفة، وحتى العلماء والمكتشفين والمنقبين والقادة العسكريين من قبل وسائل الاعلام، مقارنة بكل الشوق والاهتمام باخبار الفنانين والمطربين والممثلين والراقصين والمسرحيين، امر طبيعي جدا، فهذه طبيعة البشر.
وهناك مثل عراقي يقول: «قالوا له: عندك تأكل؟ قال: لا، قالوا له: عندك تغرم؟ قال» نعم»، اي ان الواحد منا يصرف الكثير على الطرب والمتعة، ولكنه لا يصرف بالقدر نفسه على الامور الضرورية من مأكل وملبس، دع عنك الامور الجادة من فكر وأدب!
ونجد انعكاس ذلك، كمثال فقط، ان ما يكسبه مطرب امي ومكوجي سابق في عام واحد يزيد عما حققه نجيب محفوظ من بيع جميع مؤلفاته طوال نصف قرن! ولكن يجب ان نعرف كذلك ان هذا الولع بالفن والفنانين ومشاهير السينما والتلفزيون وحتى المسرح، ظاهرة تشمل العالم اجمع، ولها اسبابها، فما تكسبه عارضة ازياء في الغرب يزيد عشر مرات على ما يكسبه عالم فيزيائي يحمل جائزة نوبل، ولكن الفرق بيننا وبينهم ان رواية ما في الغرب قد تحول كاتبها لمليونير، كما في شفرة دافنشي التي بيع منها 80 مليون نسخة او 200 مليون نسخة من «هاري بوتر»، في الوقت الذي لم تبع فيه رواية كــ«عزازيل» ليوسف زيدان، وهي في طبعتها الرابعة، اكثر من خمسين الف نسخة. ولكن لو قام المؤلف نفسه بالسير عاريا في شارع مزدحم في القاهرة لزادت مبيعات كتبه حتما!

أحمد الصراف

سامي النصف

قليل من الكلمات يبدد الكثير من الظلام

حتى سنوات قليلة كان البنّاء لا المهندس هو من يبني البيت، كما كان الحواي (المعالج الشعبي) لا الطبيب هو من يعالج المرضى، وتقوم الداية عادة بتوليد النساء.. الخ، تطورت الحياة وتنورت الناس وتعلمت وتثقفت وتولت تلك القضايا بالتبعية عقول مختصة نيرة بددت كثيرا من ظلام تلك الحقب.

 

حركة التنوير والنهضة تلك يجب أن تمتد الى دور الافتاء بعد أن حاز منضوو التيارات الإسلامية هذه الأيام أعلى الشهادات العلمية من أرقى الجامعات وفي مختلف التخصصات، والمفروض ان يتم توجيه بعض تلك العقول النيرة لدراسة الفقه وعلوم الشريعة حتى يمكنها استنباط الأحكام الذكية المواكبة لروح العصر كي نوقف فتاوى التشهير بالدين والإضرار به التي انتشرت هذه الأيام.

 

ان على المؤسسة الدينية بشقيها السني والشيعي أن تطهر نفسها وتجدد ذاتها وترفض الفتاوى الضارة كرضاعة الكبار وتفخذ الرضيعة وزواج الأطفال.. الخ، وان تدحض فتوى الشيخ عبدالرحمن البراك الأخيرة والتي تنص على «أن كل من رضي بعمل ابنته أو اخته أو زوجته مع الرجال، أو بالدراسة المختلطة فهو قليل الغيرة على عرضه وهذا نوع من «الدياثة» وغير ذلك مما يجر اليه الاختلاط وعليه فإن من استحل الاختلاط يجب ان يُستتاب وإلا وجب قتله».

 

معروف ان 99% من المسلمين يعيشون في دول يختلط فيها الناس في أماكن العمل والدراسة أو الأسواق أو الطائرات والباصات أو الحدائق أو المطاعم أو المستشفيات.. الخ، لذا لن يبقى أحد من المليار ومائة مليون مسلم طبقا لتلك الفتوى الظالمة إلا وأصبح ديوثا أو يستحل دمه، فهل يصح مثل هذا القول؟! وهل يجوز لأحد إصدار مثل تلك الفتوى؟!

 

ومن جانب آخر، فقد أتت تلك الفتوى الدموية ضمن سلسلة فتاوى استباحة الدماء كمن أفتى قبل مدة بجواز قتل مُلّاك الفضائيات التي تبث البرامج غير المحتشمة، وفتوى جواز قتل كبار الكتّاب الليبراليين، وفتوى الشيخ محمد المنجد بقتل «ميكي ماوس» في الحل والحرم، كونه جنديا من جنود الشيطان، والتي تناولتها الفضائيات والصحافة الأجنبية بشكل يسيء للدين الإسلامي.

 

نرجو أن تختص الجهات الرسمية فقط بإصدار الفتاوى، وان تتم بشكل جماعي لا فردي، كما يجب منع الإفتاء الفردي على الهواء مباشرة، والتأكد من أن المفتي رجل متعلم منفتح يرى ويسمع ما يدور حوله من متغيرات العصر، فلا يجوز للمنقطع عن الدنيا أن يفتي بأمورها وقضاياها.

 

آخر محطة: أن ترسل إسرائيل 11 شخصا لقتل شخص واحد فهذا يعني إما تأثرهم بالبيروقراطية العربية العتيدة، أو بحب التسوق الخليجي!

محمد الوشيحي

الدين يسحب لها الكرسي


معلش. أو بالأحرى «معلشّان» اثنان. المعلش الأول هو أنني سأكتب عن مقالتي السابقة «تزويج غير الأصيل». المعلش الثاني هو أنني سأستشهد بمقالة لي قديمة، تحدثت فيها عن تجارة الأوروبيين بالعبيد الأفارقة، وما كتبه البحارة الأوروبيون عن ذلك.

وكان التنافس على أشده بين بريطانيا وهولندا والبرتغال، في القرون الماضية، على جلب الأفارقة صحاح الأجسام، وتسخيرهم للعمل أكثر من 12 ساعة في اليوم، مقابل الأكل والشرب، فقط. وأثناء رحلة جلبهم من بلدانهم، كانت المعارك تنشب في عرض البحر بين «العبيد» أنفسهم لأسباب مضحكة مبكية، أهمها «ادعاء الأفضلية العرقية على الآخرين»، فيصاب بعضهم بجروح خطيرة، يضطر معها البيض إلى ربط المصابين منهم بأثقال ورميهم في البحر، على وقع الضحكات، فلا وقت لعلاج العبيد.

كتب أحد البحارة ما معناه: «أمرهم غريب هؤلاء الأفارقة، نبيعهم ونشتريهم، ويفاخرون بأنسابهم العريقة. والمدهش أننا استطعنا تغيير معتقداتهم الخرافية ودينهم الغريب، لكننا فشلنا في إلغاء عاداتهم الغبية وتفاخرهم بأنسابهم».

العرْق مصيبة، تسهل دغدغته وحكحكته. ولا تقلّ خطورة استغلاله عن الدين. انظروا إلى هتلر و»آريّته» التي استغلها للوصول إلى الحكم، فألقى بألمانيا في جحيم الاحتلال، ودفع الألمان العظماء إلى الاصطفاف في طوابير أمام المحتل الاميركي والبريطاني والسوفياتي للحصول على قطعة خبز، واقرأوا ماذا فعل بهم الجنود السوفيات، من هتك أعراض واستعباد وغير ذلك من مهانة. (مونتجيمري وروزفلت تحدثا عن ذلك).

وأميركا، إلى هذه اللحظة، لايزال بعض محافظيها، من أنصار الحزب الجمهوري، وهُم قلة، يرفضون تجنيس المهاجرين بحجج عديدة، منها وضاعة أعراق المهاجرين واختلاف عاداتهم، بينما يطالب الليبراليون، أنصار الحزب الديمقراطي، بتجنيس من تنطبق عليه الشروط فوراً (لاحظ الاختلاف بيننا وبينهم، إذ يعارض الليبراليون عندنا تجنيس البدون، في حين يطالب به المحافظون).

طيب، أو حسناً حسناً، على رأي العظيم عباس العقاد. كل هذا أفهمه جيداً وأحفظه عن ظهر قرف. إنما الجديد هو أن البعض يرى أن «الدين يجلس في المقصورة الرئيسية، كالسيد المطاع والآمر الناهي، لا شك في ذلك، لكن ما إن تأتي الإمبراطورة، وهي العادات والتقاليد، حتى ينهض الدين مرتعداً لتجلس هي مكانه، فيقف خلفها، ويهف عليها بمهفته إذا شعرت بالحر». وهذا ما قلته لمجموعة من الأصدقاء فخالفوني في الرأي، فكتبت مقالة الثلاثاء الماضي، فهبّت العواصف والأعاصير، وقرأنا معاً التعليقات كلها، وصفقتُ لنفسي ألماً بعدما ثبت صدْق وجهة نظري.

شرعاً، فقط الدين والأخلاق هما الشرطان الرئيسيان للزواج، وأما حكاية «تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس»، فهو حديث مكذوب، كعادة العرب في الكذب والتزوير. والرسول، صلى الله عليه وسلم، زوّج بنات أشرف أشراف مكة من الموالي والخدم، زيد بن حارثة، وابنه أسامة، وبلال الحبشي الأسود، وغيرهم. لكن الناس اليوم ليسوا على استعداد للتخلي عن عاداتهم من أجل الدين، سوري. وفي مجتمع كهذا، وعنصرية كهذه، بالتأكيد سيحقق المرشح العنصري أرقاماً أولمبية في الانتخابات، وسيتساقط دعاة الوحدة الوطنية.

وأمس، هاتفتني امرأة طُلّقت بعد زواج استمر شهرين فقط، وأبلغتني أنها الآن تجاوزت الأربعين بسبب نسبها العريق الذي حال دون زواجها مرة أخرى من رجل من «ساير الناس». ثم أضافت ما معناه: «حقي سآخذه من أخي المتدين المتجهم يوم القيامة، فهو يتمتع بزوجتين، ويتركني أتمتع بدموعي. ليتني لم أكن بهذه الأصالة والعراقة».

وحادثني صديق «أصيل» مثقف، بصوت يتلفت هلعاً: «نحن مثلك نؤمن بما تؤمن به في هذا الجانب، لكننا لا نجرؤ على إعلان ذلك. نحن ننتظر من يرفع البيرق ويتلقى الطلقة الأولى كي نواصل مسيرته، وليس أنسب منك لتلقي الطلقات والصدمات! وتغيير العادات يحتاج ما لا يقل عن خمس عشرة سنة من الجهد المتواصل، وها أنت بدأت، أعانك الله وأعاننا».

والأدلة على أن «العادات أهم من الدين» كثيرة تستحق الذكر، لولا أن المقالة طالت وتمددت بحرارة الموضوع. والسؤال هنا: «هل من فرق بيننا وبين العبيد الأفارقة؟ فكروا جيداً… وقبل أن أنسى، أؤكد إيماني بما قلته في مقالتي السابقة. نقطة. 

احمد الصراف

… نتمنى لكم نوما سعيدا!

تنبأت أكثر التقارير تفاؤلا أن الكويت ستواجه عجزا في موازنتها العامة خلال سنوات قليلة جدا. والأسلوب المعيشي الريعي المتبع الآن في إدارة الدولة كارثي بمعنى الكلمة، فالكويت تعتبر من أعلى دول العالم استهلاكا للكهرباء، على الطل. والسبب الرئيسي في هذا الهدر الرهيب لهذه الطاقة الجميلة والمكلفة يكمن في أسلوب الحياة اللامبالي المتبع في غالبية البيوت، وعجز الدولة عن تحصيل ثمن استهلاك الأهالي للكهرباء والماء، بالرغم من تفاهة تكلفتها المدعومة من الدولة.
وقد جاء التحذير الأخير للبنك الدولي للحكومة بالامتناع عن زيادة الرواتب في وقته، فهذا البند يلتهم غالبية موارد الدولة من دون مردود حقيقي، فهناك بطالة مقنعة تصل الى أربعة أضعاف ما هو مطلوب أداؤه، كما أن إنتاجية الغالبية تصل الى مستويات مخيفة في تدنيها.
كما أثبت جميع المراقبين أن النظام التعليمي فاشل، بالرغم من الانفاق الكبير عليه، وأنه لا يستجيب لمتطلبات سوق العمل، ولا يزال الطلبة الكويتيون يحتلون المراكز الدنيا في الامتحانات الدولية. كما أن مقارنة نتائج عام 1995 بعام 2007 بينت عدم حصول أي تحسن على مستوى المخرجات بين سنتي المقارنة، وفوق هذا وذلك تعتبر معدلات القبول في جامعة الكويت الأدنى في العالم أجمع، ولا تنافسها في التدني غير الجامعات العربية الدينية التي لا تتطلب غالبيتها غير طلب للالتحاق بها.
وبالرغم من أن في الكويت أعلى نسبة من حملة شهادة الدكتوراه فان غالبيتها غير معترف بها، لكي لا نذكر وصفا أكثر دقة!
ولو قمنا بمقارنة اقتصاد الكويت بشقيقاتها الخليجيات لوجدنا أن الكويت، وإلى حد ما قطر، الأكثر اعتمادا في مواردها على النفط فقط. وبالرغم من أن الكويت تتميز عن شقيقاتها بما تمتلكه من احتياطيات مالية كبيرة، فان هذه يمكن أن تضيع خلال فترة قصيرة، كما ضيعنا أشياء كثيرة نفيسة بسوء إدارتنا.
وتطرق التقرير الأخير الصادر عن «طوني بلير»، رئيس وزراء بريطانيا السابق، إلى أن هناك شكا في صحة الاحتياطيات النفطية للدولة، وأنها ستنضب بمعدل أسرع مما هو متوقع، خاصة مع تنامي الطلب على النفط في العالم. وبالرغم من أن التقرير أشار إلى أن نضوب إمدادات النفط شكل مصدر قلق لغالبية الكويتيين الذين استطلعت آراؤهم، فانني أشك في صحة نتيجة ذلك الاستطلاع، فما هو سائد في الكويت أن «اليوم بيرة من غير كحول وغدا أمر!».
نقول قولنا هذا ونتمنى لكم نوما سعيدا.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

رحيل المبتسم «جميل عبدالأمير»

 

مساء يوم الأربعاء السابع عشر من شهر فبراير/ شباط الجاري كان موعدا حزينا لرحيل شاب من أهالي قرية البلاد القديم عهدته شخصيا والابتسامة لا تفارق وجهه أبدا.

المرحوم العزيز (جميل عبدالأمير) الذي فارق الحياة في عمر (35 عاما) في حادث مأساوي أودى بحياته بعد أن انحشر بين رافعة ومقطورة في أحد المواقع بميناء خليفة، ترك فراغا في الحقيقة بين أهله وأحبائه، ولا اعتراض على قضاء الله وقدره وأمره جل وعلا.

لا يبعد بيتنا عن بيت المرحوم «جميل» سوى أمتار قليلة، ولعل أهالي بلاد القديم يذكرونه دائما هو وإخوته، حينما يتذكرون والدهم المرحوم (عبدالأمير)، فقد كان الحاج عبدالأمير وجها مألوفا لدى أهل القرية لأنه اعتاد على طرق أبواب بيوت القرية بيتا بيتا ليدعو أهل البيت لحضور زفاف فلان ابن فلان، فقد كان (عزاما)، يعتمد عليه أهل القرية، بل يعتمد عليه أهالي المنطقة من قرية الزنج إلى قرية الخميس في توجيه الدعوات السعيدة لحضور حفل زفاف أبنائهم، ودائما كان يكرر – قبل انصرافه – من على باب بيت المدعوين: «حياكم لا تخلون، الله يطرح البركة للجميع».

أما المرحوم، ابنه «جميل»، فقد كان يمتاز بالابتسامة الدائمة، وشخصيا، لا أتذكر أنني شاهدته عابس الوجه أبدا، وإذا كنت تبحث عنه ذات مساء ولم تجده، فلابد من أنك ستلقاه في المناسبات الدينية حاضرا ضمن فريق المتطوعين من الشباب في مضيف «أم البنين» الذي يشرف عليه الأخ كريم كرم، وفي غيرها من الأوقات، إن لم يكن في عمله، فستلقاه في مكان ما يعمل مع أهل القرية، وربما وجدته يساعد البنائين في تشييد منزل أحد الجيران، أو مساعدة واحد من المزارعين في أعمال مزرعته.

رحيل الشاب جميل، في ذلك الحادث، يعيد التساؤلات بشان توافر اشتراطات السلامة في مواقع العمل، فعلى رغم القوانين والإجراءات المنظمة لضمان سلامة العمال، إلا أنه بين الحين والآخر يلقى عامل مصرعه بسبب خلل في إجراءات السلامة من دون ريب.

لقد أعلنت الشركة التي يعمل المرحوم لديها أنها أجرت تحقيقات فنية للحادث، وأشارت إلى أنها ستراجع نظام العمل لتحسين ترتيبات السلامة، بالإضافة إلى كشف الأسباب الفنية، والمخالفات الخاصة باشتراطات السلامة لدى استخدام الرافعات وعمليات الشحن والتفريغ فور انتهاء التحقيق، وهي خطوة مشكورة، لكنها تلزم عدم إهمالها وإبلائها الاهتمام الأكبر تجنبا لتكرار مثل هذه الحوادث المأساوية مستقبلا.

سامي النصف

أميرة الطرب ومطرب العرب

ما يقوم به الزميل الشيخ خليفة علي الخليفة القائم على فعاليات هلا فبراير من إحياء للفن العربي الأصيل فيه إعادة للدور التنويري للشيخ الراحل جابر العلي الذي استقدم كبار الفنانين العرب في الستينيات والسبعينيات وجعل تاريخهم وأعمالهم ترتبط بأغاني كويتية قاموا بأدائها وستبقى باقية بقاء الدهر.

 

لم أجد الرغبة في حضور حفلات هلا فبراير في السابق وقد قبلت قبل ايام دعوة الصديق الكابتن حسام الشملان وحرمه ام مشعل لحضور حفل يجمع بين اميرة الطرب العربي وردة الجزائرية ومطرب العرب الأول محمد عبده لإحساسي بأن تلك الحفلات قد تكون الأخيرة للسيدة وردة بسبب سوء حالتها الصحية، أطال الله في عمرها لأهلها وجمهورها ومحبيها.

 

حضرت الحفل متأخرا بعض الشيء في محاولة لأن أبقي سمعي نظيفا من أغاني مطربي تسخين القاعة المبتدئين ممن يعشق أغانيهم الشباب والشابات، بينما انشغلت ام مشعل بالحديث مع ام عبداللطيف وبـ «الثناء الشديد» على بعض قادة التوجهات السياسية في الكويت ولبنان وإبداء «الإعجاب» ببعض جيران البلدين.

 

حضرت المطربة الكبيرة وردة مستندة على مذيعة الحفل واعتذرت عن مرضها ثم ألهبت القاعة بأغانيها الجميلة، وكان أولها «في يوم وليلة» التي تعمد ملحنها الراحل اللواء الدكتور محمد عبدالوهاب ان يفرد عضلاته بمقدمة موسيقية طويلة مملة جاوزت 20 دقيقة، مما أتعب المطربة المرهَقة أصلا، وهو أمر كانت تشتكي منه ـ للعلم ـ السيدة ام كلثوم حيث كان عبدالوهاب يجعلها تقف متصلبة امام الجمهور لأربعين دقيقة تستمع خلالها لمقدمته الموسيقية وبعد ان تنتهي من الغناء تذهب تلك الألحان لراقصات شارع الهرم ليتمايلن على أنغام «انت عمري» و«أمل حياتي» و«فكروني».. الخ، وهو أمر لم يحدث قط مع ألحان السنباطي وزكريا أحمد الرائعة.

 

حاولت وردة ان تكمل وصلتها الغنائية إلا ان صحتها لم تحتمل فتركت المسرح معتذرة بعد ان طلبت من الجمهور في اكثر من أغنية ان يغني معها او «بدلا عنها» وهو ما تم بإتقان شديد أثبت ان جمهورنا الكويتي عاشق شديد للفرح وحافظ من الدرجة الأولى لأغاني كل المطربين، وفائدة غناء الجمهور بدلا من المطربة إثباته ان الحفل حقيقي وليس قائما على تقنية «البلاي باك» اي التسجيل المسبق والاكتفاء بتحريك الشفاه وخداع الجمهور كما يقوم بذلك بعض المطربين الصغار و.. الكبار!

 

تلا وردة مطرب العرب محمد عبده الذي غنى مجموعة كبيرة من أغانيه التي أحسست من خلالها انه وصل لمكانة من يغني لذاته واختيار ما يرضيه بأكثر من محاولة إرضاء الجمهور، والخلاصة ان الجو العام في تلك الحفلات مليء جدا بالفرح والسرور والبهجة فما الخطأ في ذلك؟! وما الذي يمنع تكرار فعاليات هلا فبراير التسويقية من قبل نفس الشركة خلال أوقات أخرى من السنة وبمسميات مختلفة خاصة بعد ان ضمت لها فعاليات دينية وشعرية شعبية؟ أي لماذا نحرم الناس من عمل ما يودونه ونضطرهم للفرار مع كل عطلة قصيرة؟!

 

آخر محطة: تحولنا لمركز مالي يفرض علينا ان نستقطب الناس لا ان «نطفشهم»، ونفرحهم لا ان نحزنهم!

احمد الصراف

«عزازيل» و «ظل الأفعى»

تعتبر رواية عزازيل، للروائي يوسف زيدان الاكثر شهرة في العصر الحديث بعد «عمارة يعقوبيان» للأسواني. ولو نظرنا الى تاريخ الرواية العربية، المخجل في قصره، والذي بدأ قبل اقل من 90 عاما مع صدور رواية «زينب» لمحمد حسين هيكل، لجاز القول بأن «عزازيل» ستكون مع الوقت الأكثر شهرة ومبيعا، هذا ان سمحت الرقابة في بقية الدول العربية بتداولها، وربما يكون هذا بحد ذاته سببا في انتشارها اكثر!.
وقد اثارت «عزازيل» جدلا واسعا عند صدورها بسبب تعرضها للخلافات اللاهوتية المسيحية القديمة حول طبيعة المسيح ووضع السيدة العذراء، والاضطهاد الذي تعرض له الوثنيون المصريون على يد المسيحيين الجدد في الفترات التي اضحت فيها المسيحية ديانة الاغلبية المصرية. وقد اتهمت الكنيسة القبطية المؤلف بالاساءة للعقيدة المسيحية بكشفه التناقضات التي كانت تجول في رأس بطلها، الراهب «هيبا» والمتعلقة بالمنطق والفلسفة وصعوبة التقائهما بالدين، وهي التناقضات نفسها التي ادت لمقتل «هيباتيا»، فيلسوفة زمانها، والتي جسد فيلم أغورا Agora شخصيتها بشكل رائع، وكيف تم التمثيل بجثتها بأبشع صورة باسم الرب. كما دانت الكنيسة تطرق الرواية بشكل مستفيض للتناقضات الكثيرة حول ماهية المسيح، وهي التناقضات التي نشأ عنها اختلافات وتفرق الكنيسة لكنائس متعددة متعارضة متحاربة في اغلب الاحيان.
إضافة الى رواية «عزازيل» فإن للمؤلف قصة قصيرة نسبيا بعنوان «ظل الأفعى»، وهي من اجمل ما كتب في المرأة في التاريخ الروائي العربي القصير. فقد نجح يوسف زيدان خلالها في التسلل لأدق خلجات النفس الانثوية وسبر غورها ووضعها في المرتبة البشرية الرائدة التي تستحقها والتي فقدتها مع نشوء الدين اليهودي، الذي معه بدأ العزف على وتر نجاسة المرأة ووضعها في مرتبة بشرية ادنى من الرجل، وهي النظرة نفسها التي نقلتها عنها معتقدات عديدة اخرى.
من يرغب في الحصول على نص قصة «ظل الأفعى» الاتصال بنا على البريد الالكتروني.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

سأزوّج ابنتي من عَوَج دخّان … شتبون؟

مَن يتذكر حكاية الزوجين السعوديين اللذين تم فصلهما بحكم قضائي بسبب "الفارق في الأصل والنسب"؟. ولمن لا يتذكر، فقد رفع إخوة الزوجة دعوى قضائية يطالبون فيها بتطليق أختهم من زوجها "غير الأصيل" نسباً، بحجة أنهم كانوا يجهلون ذلك قبل تزويجها! علماً بأنها رزقت منه طفلين. فصدر الحكم وتفرقت الأسرة… هذا الأسبوع، حكمت المحكمة العليا في السعودية بإعادة لم شمل الأسرة المنكوبة وألغت حكم الطلاق.

وقبل سنوات، وقعت حادثة طريفة أثناء احتفالات رأس السنة في الجزائر أو المغرب. فأثناء تجمع الناس حول "بابا نويل" لالتقاط الصور معه، فوجئوا بـ"بابا نويل" يرمي لحيته وقبعته ويصرخ بأعلى صوته: "يا ابن الكلب" قبل أن يهجم على عاشقين متعانقين في انتظار التصوير معه، فهربت البنت بعد أن اكتشفت "السبب"، وتعارك الرجلان، بابا نويل والعاشق، وتبين لاحقاً في قسم الشرطة أن البنت هي أخت بابا نويل، ولم تعرفه بسبب تنكّره باللحية والقبعة، وتبين أن حبيبها الذي كان يقف معها في الطابور ما هو إلا خطيبها المهندس الذي رفضته أسرتها لعدم تكافؤ الأنساب. وانتهت القصة بزواج العاشقين خلسة، وهروبهما حتى الساعة.

هذا الأمر، أي أهمية العرق، موجود عند الأوروبيين أيضاً، لكنهم بدأوا يتخلصون منه حتى كاد يتلاشى، فخفّ حملهم وانطلقوا يسعون في مناكب الأرض. أما نحن الغلابة، أهل الخليج العربي (بالإذن من إيران)، حيث "لا شغل ولا مشغلة"، وحيث التوافه أساسيات، والأساسيات توافه، فلا يمكن أن نتغير بسهولة، وستجد بيننا الأصيل وغير الأصيل، وما بين بين، وهو "عوج دخان"(1). على اعتبار أن دخان الأصيلين دايركت، مستقيم، بينما غير الأصيلين لا دخان لهم، في حين يستطيع الأخ "عوج دخان" إنتاج الدخان، لكن دخانه ينحرف قليلاً! يبدو أن لديه خطأ هيكلياً في التصميم.

وفي الكويت، الحضر ينقسمون إلى أصيلين وبياسر (2)، والأصيلون الحضر مستويات وطوابق متعددة، بينما ينقسم البدو إلى "أصيلين" و"غير أصيلين". والرجل الأصيل يتزوج من مصرية أو سورية أو عراقية أو تركية أو حتى هندية، لكنه لن يتزوج كويتية غير أصيلة يسكن أهلها معه في نفس الشارع! بينما لا يمكن لأخته أن تتزوج إلا من أصيل، أو فالعنوسة في انتظارها. وما أكثر العانسات، وما أكثر المطلقات الأصيلات اللواتي فقدن الأمل في الزواج. فالطلب هنا أقل كثيراً من العرض. (تذكرت حكاية التلميذ البليد الذي سأله معلّمه: اذكر أسباب الطلاق، فاجابه: "الزواج"… صحيح، فالعزاب لا يطلّقون).

والمصيبة، أنه حتى في داخل القبائل الأصيلة، هناك قبائل أعلى مستوى من أخرى (معلش، الزعل ممنوع). بل، في القبيلة ذاتها، هناك مستويات ودرجات، وهكذا تستمر الأمجاد… والغريب أن "علماء السنة والشيعة"، أي رجال الدين، ذوي الكلمة المسموعة شعبياً، لم ينهوا عن ذلك، بل على العكس، أغلبيتهم يشجعونه.


ولهذا، سأصعد أعلى هذا العمود الصحافي – أنا الأصيل بحسب تصنيفهم – لأعلن: لن أمانع من تزويج ابنتي من أي إنسان، أصيلاً كان أو غير أصيل، عوج دخان أو مائلاً قليلاً، أردنياً أو هولندياً، لكن بشروط ليس من بينها الأصل بالتأكيد. فإن قامت المظاهرات ضدي، وقفتُ أمام بيتي متأهباً برشاش أوتوماتيكي صنعه "عوج دخان" سوفياتي اسمه "كلاشينكوف".


 


 


 



(1): أعدادهم كبيرة في الجزيرة، وقيل إنهم سلالة أصيل تزوج من غير أصيلة فنبذه قومه، وقيل بل هم قبائل أصيلة لكن عاداتهم مختلفة. وتعددت الروايات، وتمددت السخافات.



(2): مفردها بيسري، وهو غير الأصيل.

 


 


 


كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء


يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة