سامي النصف

عام المحاسبة

أثبتنا في مقال الأمس وعبر أمثلة صارخة ان كثيرا من قضايا الاستجوابات والتهديدات الساخنة التي توقف حال البلد تنتهي بإقصاء خبرات كويتية نحن في أمس الحاجة إليها، ولنضف لتلك الأمثلة قضيتي الدعوة لإغلاق المدارس بسبب إنفلونزا الخنازير والاعتراض على إزالة المخالفات التي شوهت صورة البلد ونتساءل لماذا لا يعتذر من أضاع الأوقات الثمينة للمجلس بالاعتراض على أمور أثبت الوقت خطأ اعتراضه عليها خاصة انه يدعو لأمور لم يقم بمثلها احد في العالم؟ بودنا أن يلزم كل نائب يتقدم بمقترح بإظهار أنه معمول به في الدول الأخرى حتى لا نصبح «أضحوكة» و«مسخرة» العالم.

وهل لنا ونحن في مطلع عام جديد ان ندعو بعض النواب للعمل هذه المرة فيما ينفع البلد عبر التركيز على قضايا التشريع والتنمية على حساب الدور الرقابي الذي يجب ان تتكفل بالجزء الأكبر منه القيادة السياسية عبر إعفاء وإقالة المخطئين من المسؤولين قبل أن يثور النائب وقبله الناخب عليهم، ولنأخذ مما تتناقله الأخبار من جدة ودبي والدوحة وغيرها الأمثلة على ضرورة المحاسبة.

لو فكرنا في السبب الأهم لكل مصائبنا وتأخرنا في العقود الماضية لقلنا: عدم المحاسبة التي تطورت وأصبحت «المحاسبة المعاكسة» أي توجيه العصا والعقاب للمبدعين والمنجزين والمخلصين، ومنح الجزرة وبكل أريحية لمحدودي القدرات ومخرومي الذمم من محاربي أصحاب الإبداعات.

والحقيقة أن عدم المحاسبة هو سر ابتعاد الأكفاء والأمناء، والصعود السريع لمن لا يأتمنهم احد في الدول الأخرى حتى على قطيع من الأبقار أو الأغنام، فلو فعلت المحاسبة لابتعد كل من تولى مركزا «يخب» عليه وتوقف الشعار الكويتي الفريد بضرورة وضع الرجل غير المناسب في المكان الذي يناسب غيره ولاختفى على الفور من يتسببون في الدمار والانهيار والتخلف الذي نشهده على جميع الأصعدة.

إن أفضل ما نفعله ونفعله منذ اليوم لخدمة الكويت ووضع قاطرتها على السكة التي توصلنا للمستقبل الباهر الذي يحلم به الجميع هو تفعيل أداتي «المحاسبة» و«التغيير» فبقاء نفس الأشخاص وبقاء نفس المنهاج كفيل بأن يتكرر في عام 2010 وما شهدناه في العقود الماضية من إخفاقات يتولد عنها غضب وإحباطات يمكن ان تستغل في حشود الشوارع ومن ثم اقترابنا خطوة أخرى من الوقوع في الهاوية أو.. المساس بالخط الأحمر.

لفهم مغزى ومعنى الخط الأحمر الذي نحذر منه، نعلم ان العام الذي مضى لم يشهد اندلاع حرب أهلية في العراق أو سويسرا فهل الدولتان على درجة واحدة من الأمن السياسي والاجتماعي؟! الحقيقة أن هناك خطا أحمر متى ما وصلت إليه المجتمعات أو الدول بدأت فيها عمليات الانفلات والفوضى والحروب الأهلية لذا فالفارق بين الدولتين سالفتي الذكر هو ان سويسرا تعيش بعيدة جدا عن ذلك الخط لذا لا يهم إن حدث بها اختراق أمني أو أزمة سياسية أو اقتصادية كونه لن يوصلها الى تحت ذلك الخط، أما العراق الشقيق فهو ومثله بعض دول المنطقة يعيش قريبا جدا من ذلك الخط لذا قد لا يحتاج الأمر إلا لحادث أمني لتعم الفوضى وتحترق البلد.

آخر محطة:

علينا ألا نعيش وهم الأمن الكاذب القائم على أن شيئا لم يحدث في الماضي، لذا فإنه بالقطع لن يحدث مستقبلا ولنستبدل ذلك الوهم بـ «التغيير» للأفضل وتفعيل «المحاسبة» حتى لا نصل لحافة الخطر ومن ثم نجاح من يريد دفعنا إليها.

احمد الصراف

نداء مخلف الشمري وجمعياتنا الخيرية

وزع الشيخ والحقوقي السعودي مخلف الشمري، عضو لجنة الأمان الأسري، بيانا استنكر فيه تقاعس وغياب الجمعيات الخيرية عن كارثة جدة، والغياب الواضح لمشايخ وأئمة المساجد والدعاة عن الدعم والمساندة فيما تعرض له سكان جدة من محن. وقال الشمري «شعرت بالاشمئزاز والتقزز وأنا أرى أحد منتسبي الجمعيات الخيرية بمراكز الايواء يرتدي نظارة سوداء ويبتسم للكاميرا، بينما فقير كبير السن يقبل ظرف الاعانة المقدم له من الشاب في صورة دعائية فاضحة، لم تحترم كبر سن ذلك المسلم الفقير وتعمدت اذلاله من شاب في سن أحفاده». وأضاف: هذا يكفي لمعرفة نوعية من يقوم على العمل الخيري، فقد أوكل لغير أهله. ويكفينا مراقبة من يعمل في الجمعيات الخيرية، لنرى كيف أصبح من الأثرياء في زمن قصير، وفقراؤنا يزدادون فقرا، فهذا أحد أبواب الفساد المغلف بالدين. وتساءل الشمري: «أين الدعاة وأين أئمة المساجد والمشايخ وأين رؤساء مجالس ادارات الجمعيات الخيرية وأين هيئة الأمر بالمعروف عن كارثة جدة؟ وقال: بعد هذا الفشل من الجمعيات الخيرية في التصدي للكارثة وفي مراكز الايواء، وقبلها فضائح الاختلاسات في مشروع افطار الصائم واستخدامها لتمويل الارهاب وغيره، فعلينا جميعا استيعاب الدرس والاستفادة من التجارب المرة التي نتجرعها. ولهذا، نيابة عن فقرائنا، أناشد خادم الحرمين الشريفين هازم الارهاب والفساد، وكل مسؤول اغلاق هذه الجمعيات وتحويلها الى بنك للتكافل الاجتماعي يستخدم التقنية الحديثة ومعايير المحاسبة والادارة المتعارف عليها.
ولو تم استخدام أموال العمل الخيري في بلادنا بصورة صحيحة وتم تنظيمه فلن يوجد لدينا محتاج، ولن يساور أحد الشك في أين تذهب أموال هذه الجمعيات، وعندها سيطمئن الناس الى بنك التكافل الاجتماعي ويزيد العطاء ويختفي المحتاج من المملكة! لمزيد من التفاصيل يمكن الاطلاع على الرابط التالي:
http://news-sa.com/snews/482-2009-12-03-15-37-39.html
ولو نظرنا لوضعنا في الكويت لوجدنا أوجه تشابه كثيرة بيننا وبينهم، فقد أصابتنا كارثة مماثلة قبل سنوات وتسببت في خسائر كبيرة، ومع هذا لم نجد أو نسمع عن أي تحرك لجمعياتنا الخيرية.

أحمد الصراف

سامي النصف

قليلاً من الرقابة كثيراً من التشريع

هناك قصة تروى في الغرب عن مواطن ألماني اتى النازيون ليأخذوا جاره الايسر فقال لهم خذوه فهو شيوعي، وفي المرة التالية اتوا ليأخذوا جاره الايمن فقال خذوه فهو يهودي، في المرة الثالثة اتوا لاخذه دون تهمة او رحمة فالتفت لجيرانه لينقذوه ويدافعوا عنه فلم يجد احدا منهم بعد ان ضحى بهم.

ما سبق هو ما قصده الرئيس جاسم الخرافي تجاه الطريقة التي تم بها التعامل مع السيد محمد الجويهل الذي لم يترك له كغيره حق التوجه لأمن الدولة بسيارته وبشكل لائق ومحترم، وفي هذا السياق التقيت يوم الخميس لدى مدير فرع البنك باليرموك بأخ قطري من اصول قبلية حضر مصادفة حادثة القبض بالمطار، وقال انها تسيء لسمعة الكويت فيما لو تم تصويرها من قبل الاجانب حيث لم يكن هناك داع ـ حسب قوله ـ لتقييد يديه وربط عينيه على الملأ مما تسبب في بكاء طفله، وكان يمكن استبدال ذلك بطريقة اكثر حضارية وانسانية ويترك للقضاء تقرير الحكم.

أبى العام الذي مضى ان يتركنا دون ان يوصل لنا اخبارا تظهر كم النزق الذي تعيشه حياتنا السياسية الملتهبة دون داع، والتي يقدّم فيها الجانب الرقابي المصطنع و«المدغدغ» على الجانب التشريعي والتنموي الذي تحتاجه البلاد بشكل ماس او.. مأساوي!

اول الاخبار التي ذكرناها سابقا تبرئة موظفي مكتب طوكيو الذي كان احد محاور استجواب وزير النفط الاسبق الشيخ علي الجراح الذي خرج مظلوما من الوزارة، الثاني دعاوى محاسبة وزير الاعلام هذه الايام على معطى عدم اغلاقه احدى المحطات في وقت نتذكر فيه اننا فرطنا في اعلامي بقامة محمد السنعوسي وخبرة نصف القرن التي يحملها كونه اغلق احدى الفضائيات (!) اي إن اغلق المسؤول المحطة تم اشعال الدنيا واشغال البلد وان لم يغلقها تشعل الدنيا ويشغل البلد كذلك.

الخبر الثالث عن اعتداء تم على احد الطلبة في احدى المدارس الحكومية ـ من تاني ـ وهو احد محاور استجواب السيدة نورية الصبيح ذات الخبرة الشديدة في قطاع التعليم العام، وقد كتبنا في حينها كيف يتم محاسبة وزير عن امور تتم بالسر في دورات المياه؟! وان تلك الانحرافات في «التربية» وغيرها من الوزارات يتم التعامل معها ضمن القوانين والانظمة المرعية دون محاسبة الوزير، هذه المرة لم يصعد احد ممن صعدوا في السابق من نواب وكتاب ـ وهو امر جيد ـ رغم تطابق الحالة لسبب بسيط هو ان المتهمين ليسوا بنغالا بل طلبة كويتيون لدى اهلهم اصوات يمنحونها او يمنعونها.

آخر محطة:
 
1 – هل ستوضع حقا كاميرات في حمامات مدارس البنين والبنات لوضع حد لتلك الاعتداءات؟! ذلك المقترح ليس حلا والقضية ترتبط بالتربية المنزلية والمدرسية وقضايا اخرى ليس منها التصعيد وتشويه سمعة المعتدى عليهم عبر فضحهم امام الملأ.

2 – نذهل ونحن نقرأ المثالب والاخطاء الكبرى في بعض التشريعات المقدمة لاقرارها من قبل البرلمان، فكيف تمر تلك المقترحات وبها تلك المثالب التي عادة ما يكتشفها كتاب او نواب سابقون او اعضاء تجمعات مدنية ..الخ، اي ماذا لو ان هؤلاء «المتطوعين» لم يكتشفوها، فهل كانت ستمر دون ان ينبه احد مسؤولي الدولة لخطورة اقرارها؟!

احمد الصراف

مقارنة صابئية مسيحية سنية شيعية

«.. ماذا تريدون.. أن أصدمكم بالواقع أم أخدعكم بالوهم؟»
(طارق حجي – «ثقافتنا بين الوهم والواقع»)
* * *
قرأت مقالا على الإنترنت لكاتب عراقي وقعه باسم مستعار، بعنوان «شكرا للمسيحيين، وشكرا للصابئة الذين لقّنونا درسا». وبالرغم من النفس الطائفي الذي اتسم به النص فإن نقاطا فيه استرعت انتباهي ودفعتني لكتابة هذا المقال. يقول الكاتب ان بيانات كثيرة صدرت من عدة كنائس في العراق في عيد الميلاد الأخير أعلنت فيها امتناعها عن إقامة الاحتفالات المعتادة لتزامنها مع ذكرى استشهاد الإمام الحسين. كما تطرق المقال الى قصيدة الشاعر العراقي عبدالرزاق عبدالواحد التي أشاد فيها بمآثر الإمام الحسين، بالرغم من أن الشاعر، المنفي قسرا عن وطنه، صابئي معروف، وكيف وصف الحسين ملهما للسيوف والسواعد والقلوب لتزهق الباطل، بينما الكثيرون، برأي الكاتب، لا يرون فيه غير ضحية نبكي عليه ونتذكر عطشه وجوعه!
كما لاحظنا بكل أسف أن إرهابيين في باكستان قاموا في الفترة نفسها بإرسال انتحاري ليفجر نفسه في يوم عاشوراء والميلاد في حسينية في باكستان ويقتل العشرات ويجرح المئات، وليتبع ذلك ما يماثله، في التوقيت نفسه، في مدن عراقية أخرى، وكان الضحايا في غالبيتهم من السنة وفي مناطق أخرى من الشيعة، كما تعرضت بعض الكنائس للحرق!
وذكرني المقال كذلك بما حاول الإرهابي النيجيري عمر عبدالمطلب الإقدام عليه، وأيضا في التوقيت نفسه، عندما قرر تفجير طائرة محملة بثلاثمائة نفس بشرية بريئة فوق مدينة شيكاغو في ليلة عيد الميلاد، وكيف أن كل تلك الأرواح وعيون الأطفال الذين كانوا من حوله ومعه لم تثنه عن فكرة الإقدام على قتلهم جميعا ومعهم آلاف آخرون ربما على الأرض، كل ذلك باسم الدين ورغبة في الهرولة للجنة، فأي بشر هؤلاء وعن أي إيمان يتكلمون..؟!
كما ذكرني المقال بحكم الإعدام الذي نفذته الحكومة الصينية، في الفترة نفسها، بمواطن بريطاني لمحاولته تهريب كمية من المخدرات إلى الصين، وكيف أن الحكومة البريطانية قدمت، على مدى أكثر من عام، 27 رجاء والتماسا وطلبا لإطلاق سراحه، أو تخفيف الحكم عنه، مراعاة لظروفه العقلية، وكيف أن العالم المسيحي الغربي، وعلى رأسه بابا الفاتيكان، وسياسيون كبار ورؤساء أحزاب فاعلة لم يترددوا في تقديم الالتماس تلو الآخر للحكومة الصينية لتخفيف الحكم عنه لأسباب إنسانية بحتة، ولا شك أن أياً من هذه الجهات التي تدخلت بكل ثقلها مع الحكومة الصينية لإخضاع المتهم «شيخ» لمحاكمة أكثر عدالة نظرا لظروفه العقلية، لم تضع في اعتبارها أنه من أصل هندي وليس أوروبيا أو أنه مسلم وليس بمسيحي، وهنا تكمن إنسانية هؤلاء وهمجية البعض منا عندما نتعمد إيقاع أقصى الخسائر وأكبر الكوارث بغيرنا في أجمل ساعات فرحهم وسعادتهم باسم التدين والرغبة في الحصول على الأجر الأكبر!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

ما رأيكم لو نسينا الماضي؟

 

لم يتأخر عن الاعتراف بالكثير من الأخطاء والحماقات التي ارتكبها، لكنه كان سعيدا في الوقت ذاته، حيث شعر براحة كبيرة تملأ صدره وهو يتكلم بهدوء تارة، وبحماس تارة أخرى، وبعصبية مفتعلة تارات أخرى مع زوجته في جلسة قصيرة في اليوم الأول من العام الجديد.

قال لها :»يا زوجتي العزيزة، ها نحن نعيش اليوم الأول من عام جديد، وكم هو جميل أن نتصارح ونتحدث ونظهر ما تجيش به صدورنا… ترى، كم من البشر اليوم يصلون ركعتين حمدا وشكرا لله على نعمته الكبيرة بأن أطال أعمارهم ليعيشوا عاما جديدا؟ لا شك أنهم قلة، لنكن منهم؟ ترى، كم من الأزواج والزوجات جلسوا في لقاء صريح ليعيدوا حساباتهم وينظروا فيما مضى من الأعوام؟ يعترفون بالأخطاء ويعتذرون ويقررون بدء صفحة جديدة؟ لنكن منهم يا عزيزتي؟».

قالت وهي تحاول إخفاء دمعة ترقرقت في عينيها :»هو عام جديد دون شك… وكل يوم يمر على الإنسان وهو في خير وعافية هو عيد وحياة جديدة…اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك… اللهم لك الحمد… كم هي الآلام والأوجاع التي مررنا بها معا… كم تخاصمنا وتزاعلنا ثم عدنا تجمعنا الابتسامة ويظللنا بيتنا الصغير الجميل… ودفء أطفالنا… أنا أيضا يا عزيزي أريده عاما جديدا مليئا بالهدوء والسكينة، لكن، ما كل ما يتمنى المرء يدركه».

قال وقد بانت دلائل التفاؤل على وجهه وفي نبرات صوته :»البيوت أسرار… هكذا هي الحياة… لكن، اذا كان الكثير من الأزواج يعيشون المشاكل تلو الأخرى، وتتحول حياتهم الى جحيم لا يطاق، وتضطرب علاقاتهم ويتأثر حال الأسرة، ويحزن الأطفال الصغار ويصابون بمشاكل نفسية، وفي الوقت ذاته لا يريدون أن يجلسوا ويتفاهموا لوضع حد لذلك الاضطراب المؤذي، فلا يجب أن نكون مثلهم… في مقدورنا أن نفتح صفحة جديدة… لن تكون كل أيام العام حلوة بمذاق العسل، ولكننا سنعيش الأيام الحلوة، وسنصبر على الأيام المرة… لكنني لا أريد أن أغادر المنزل في الصباح مهموما كئيبا، وأكره العودة اليه ظهرا، ولا أرغب في أن أراك متضايقة وزعلانة، ولا اقوى على قراءة الشقاء والألم في وجوه أطفالي… لعنة الله على الشيطان… صدقيني، ما دمنا نتعوذ من الشيطان دائما ونتبعه دائما فلا فائدة… لنتعلم أن نتعوذ منه بقوة، ونصده بقوة حتى لا يعيث الفساد في بيتنا… هذه طليعة أيام العام الجديد، فما رأيك لو نسينا الماضي؟».

ابتسمت وقالت :» كل الصواب ما قلت يا زوجي العزيز… فلنبدأ صفحة جديدة في عام جديد، نكتب مع أطفالنا فيها حروف البسملة، وننسى أوجاع الماضي وخلافات الأيام الغابرة، ونعيش… نعيش»

سامي النصف

مع نهاية عام مضى

خط الزميل وليد الوزان مقالا يوم الأربعاء 30/12/2009 في جريدة «الوسط» وضع ضمنه أسماء العديد من النواب والكتاب والإعلاميين المعروفين، ذكر انه كان يرقب تصريحاتهم ومواقفهم السياسية في الاعلام المرئي والمسموع وقارنها بطرح «المواطن» الذي قال إنه وجد لديه حرصا على ايجاد الحلول المناسبة والمنطقية لمعظم الأزمات معنونا المقال بـ «قبل فوات الأوان.. أين انتم يا ؟!».

وتعقيبي على تساؤل الزميل الفاضل وليد الوزان هو انني جغرافيا في العريش على بوابة الدخول لغزة المحاصرة، وعقلي وقلبي على بلدي الذي بتنا نخشى عليه من ان تنتهي أزماته السياسية الطاحنة، والاحتكام المتكرر للشارع الى ان نصبح ساحة اخرى من ساحات حروب الوكالة الشهيرة في منطقتنا الملتهبة ولا نملك انت وأنا وكل الخيرين الا الاشارة للمخاطر لا أكثر..

وقد يكون الأخطر في مقال الزميل وليد هو جملة «قبل فوات الأوان» حيث بات الجميع يخشى وبحق مما هو قادم في وضع شبيه بما كنا عليه قبل عام 1990 عندما كنا نلحظ كيف يتم التعامل مع الكويت على انها «كيان مؤقت» فانتهينا بما توقعناه وخططناه لأنفسنا، ان افضل ما يمكن ان يقدم للكويت مع بداية هذا العام هو التحول من مشروع الشركة الضعيفة المؤقتة التي يتسابق الكثيرون على تصفيتها إلى نهج الدولة القوية الباقية بقاء الدهر، ولكل مسار مسلك ورجال..

وشاهدت واستمتعت مع نهاية العام بلقاء الزميل الإعلامي أحمد الفهد على قناة الوطن مع الشيخ د.صلاح الراشد حيث فنّد ونقض كثيرا من الدعاوى التي تمنع الفرح وتحرم الموسيقى والغناء في الأعياد رغم ان رسول الرحمة كان يفرح ويضحك حتى تبان نواجذه، واستحضر الراشد ما هو مثبت من ان جاريتين كانتا تغنيان في بيت الرسول في احد الأعياد اضافة الى غناء الأحباش في مسجده فمن أين أتت دعاوى الهم والغم وتحريم الموسيقى والغناء ومقولة ان الشيخ الفلاني لم يره احد يبتسم قط؟! ولمصلحة من يصور الإسلام على انه دين حزن وغضب بعكس ما كان يقول ويقوم به رسول الأمة؟!

ومن الأمور الغريبة ان يطلب منا كمسلمين وككويتيين تارة ان «نفرح» عند حزن الآخرين من شركائنا في الدين والوطن، وتارة أخرى ان «نحزن» عند فرح اخوتنا في الانسانية من اهل الكتاب، وفي وقت لحظنا فيه احتفال جميع اصحاب الديانات والحضارات والثقافات بحلول السنة الجديدة.

آخر محطة:

كل عام وأنتم جميعا بخير وصحة وعافية وجعل الله عامنا الجديد عام أمن وانجاز لا عام اختلاف واهتزاز.

احمد الصراف

تجارة الأعضاء في الخليج

تعتبر الدول الخليجية الأقل اهتماما واكتراثا بقضية دولية أصبحت الشغل الشاغل لعدد متزايد من المنظمات والسلطات الصحية العالمية، ألا وهي قضية المتاجرة بالأعضاء البشرية. ويعود سبب ذلك لغنى مواطني هذه الدول وتزايد أعداد المحتاجين منهم لأعضاء بشرية، بسبب أنماط معيشتهم الشرهة والمتطرفة، وقدرتهم على شرائها من أي مصدر كان. وبالرغم من هذه الحقيقة، وكل مظاهر التدين التي تنتشر بها، فإن أيا من رجال الدين أو جهات الإفتاء فيها لم تكلف نفسها يوما لتحريم استغلال حاجة شعوب الدول الفقيرة للمال واضطرارهم لبيع أعضائهم للأثرياء العرب والمسلمين وغيرهم.
وبالرغم من أن الجهود الدولية الداعية لتنظيم عملية التبرع بالأعضاء تعود لأكثر من 30 عاما، فإن الكويت، ومعها بقية الدول العربية، لا تزال تفتقر للتشريعات المنظمة في هذا المجال، ولا تزال الغلبة فيها لكلمة رجل الدين في تحديد الموت، وليس للطب، بسبب إصرارنا على التخلف الذي نأبى إلا التمسك بكل نواجذنا بتلابيبه!
ولو قام أي مسؤول صحي، وهنا نعني وزير أو وكيل وزارة الصحة بالذات، مع عدد من النواب الذين لا يزال فيهم خير، بزيارة الجمعية الكويتية للتبرع بالأعضاء، التي أسسها وأدارها الدكتور مصطفى الموسوي باقتدار كبير لسنوات طويلة، لوجد أن هناك الكثير الذي يمكن القيام به في هذا المجال. وأن لدينا خبرات ومواهب يمكن عن طريقها، مع بعض التنظيم، الوصول الى الاكتفاء ذاتيا بالأعضاء البشرية ووقف استغلال حاجة الآخرين في الدول الفقيرة وشراء أعضائهم البشرية بأثمان بخسة وتشجيع المتاجرة بها، ولكي توفر الدولة ملايين الدنانير سنويا التي تصرف على «سياحة شراء الأعضاء». فهناك دائما في الكويت من هو على استعداد للتبرع بأعضائه، في حال إصابته بحادث ما، كما هي الحال معنا ومع غيرنا. ولا أدري إن كانت بطاقة التبرع بالأعضاء التي احملها في محفظتي تخول المستشفى أو الطبيب القيام بنقل أعضائي دون خوف من المساءلة القانونية، وهذا ما هو مطلوب التأكد منه مع ضرورة قيام الدولة بتشجيع المواطنين على الانضمام الى جمعية التبرع بالأعضاء وحصر تحديد الميت بيد الطب فقط دون تدخل من خريج علوم شرعية.

أحمد الصراف