احمد الصراف

الوداع يا كويت.. والشرهة مو عليهم

كنت قد قررت «غسل يدي» من أوضاعنا المحلية، بعد أن انتابني اليأس من اصلاح الأمور، ومغادرة الكويت، والسكن في الخارج، بعيدا عن العجز المستمر للحكومة وقرف النواب وسوء أفعالهم، وذلك في حال أقر مجلس الأمة قانون اسقاط قروض المواطنين أو فوائدها، ولكني أجلت قراري لبعض الوقت بعد أن رأيت كل تلك الحماسة «الايجابية» من الحكومة في رد القانون، وحتى أكتوبر القادم ستمر مياه كثيرة تحت جسر القانون المرفوض!! وقد ازددت يقينا بأن قراري سليم بعد أن قرأت محضري جلستي المداولتين الأولى والثانية لاقرار القانون، ورأيت كمّ الزيف والكذب والنفاق الذي تفوه به عدد لا بأس به من النواب، والتناقض الواضح في المواقف والأقوال، لا لشيء الا للعودة لذلك الكرسي الأخضر اللعين الذي أصبح لونه بائسا في نظري، ولو تكلف المال العام مليارات الدنانير! فكيف قبل كل هذا العدد التنازل عن أهم واشرف قسم أدوه في المحافظة على وطنهم ومصلحته العليا، والتصويت على اقرار مثل هذا القانون الكسيح الذي علّقت عليه احدى قريباتي، من المشمولات بعطفه، بالقول إنها المرة الأولى التي يفرض فيها على مواطن أن يكون معسرا وهو ليس بذلك! فكرامتها لا تسمح بتصنيفها عاجزة عن السداد، وهي على غير استعداد للتفريط في ثقة المصرف الذي تتعامل معه، والمشروع الصغير الذي اقترضت من اجله يعمل بصورة جيدة وليس هناك بالتالي من سبب يدعو لالغاء قرضها أو التدخل في طريقة سداده، ومثلها كثيرون، أما غيرها من المعسرين فأمامهم صندوقهم!!
وبالتالي قرار الهجرة المتقطعة من الكويت مؤجل حتى أكتوبر القادم، وعهد عليّ أن أترك وطني إن أقر القانون في نهاية الأمر، فهذا يعني ان على الشيء الكثير السلام، فوجودي بعيدا عن أمثال هؤلاء النواب سيريحني حتما وسيساهم في زيادة سعادتي… واطالة عمري!!
وهنا لا يسعني الا تقديم الشكر للنواب أسيل العوضي، رولا دشتي، سلوى الجسار، صالح الملا، عبدالرحمن العنجري، عبدالله الرومي، علي العمير، علي الراشد، محمد المطير، مرزوق الغانم، معصومة المبارك والرئيس الخرافي، ولا ننسى النائب ناجي العبدالهادي الذي امتنع عن التصويت. أما البقية فان «الشرهة» ليست عليهم، ولكن على من اختارهم.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

كيفاش ندير؟

عبد القادر أيوب، الفنان الجزائري، رسام الكاريكاتير في هذه الجريدة، وجاري على الصفحة، العمود على العمود، والإحباط على الإحباط، والتدخين على التدخين. لا يبرح محله. يرسم يومياً، وأنا أذهب وأجيء. قد أغيب يوماً أو أكثر. وكلما سألت رسوماته عن الحال في غيابي، وهل تغير شيئاً في وضع البلد، أجابتني بدمعتين.

هو لا يفهم لهجتي إلا بعد جهد، وأنا لا أفهمه إلا بعد جهاد. أحياناً نلتقي في منطقة وسط، في منطقة اللهجة المصرية، وأحياناً نلتقي في الفصحى… هو كان يرسم في صحيفة جزائرية أثناء القلاقل والمشاكل والغبار ونحر الأطفال والكبار "تحت يافطة الإسلام والتوحيد". كاد يقتله أصوليو قومه أثناء نوبة جنونهم بحجة أنه يتبع "النظام الكافر"، وكادت تعتقله الأجهزة الأمنية ظنّاً منها أنه أصولي حلق ذقنه كي يتخلص من أدوات الجريمة. وهو لا هذا ولا ذاك. هو فنان بوهيمي، نقي شقي. الدنيا في عينه قشرة بصلة، وقيل بل قشرة بطاطة، واختلف العلماء والسفاحون ومباحث الشرطة.

"اضحك عليها بتعمر"، قال لي معلقاً على مقالتي الساخرة رغم دموع الوضع… قلت: كيفاش ندير يا عبد القادر إذا كان كل شيء في هذا البلد مختطفاً، بدءاً من البحر والشاطئ والهواء وانتهاء بكلمات الأغاني الوطنية التي تحولت إلى صفيحية. يا زميلي برلماننا ليس برلماننا، وحكومتنا علّمتنا "الزنباع وين ينباع" كما في أمثلتكم. كيفاش ندير ومداخيل النفط أصبحت كالحمامة تدخل في كمّ الساحر الأيمن وتخرج من الأيسر على شكل دخان يتلاشى في ثوانٍ. كيفاش ندير في إعلاميين بعضهم لا يساوي في سوق الصرف "دمنة تيس"، يقلبون الحقائق بحثاً عن الحقائب.

يا صديقي صدقني، ما يفعله قراصنة الصومال مجرد لعب عيال، هنا دوري المحترفين ولا فخر. في الصومال يسرقون حمولة سفينة تاهت عن القطيع. هنا يسرقون الفرح والابتسامة، وأنا أخفي ابتسامتي في دلاغي (شرّابي) كي لا يعثروا عليها. في الصومال يا عبد القادر، القراصنة ترثي لحالهم الدموع، ويطيّب خواطرهم الجوع، ويمسح على رؤوسهم التشرد من كل نوع، تشرد الأسرة، تشرد الأمل، الوطن، الاستقرار. هنا القراصنة يدخنون السيجار في أجنحتهم في الأدوار الشاهقة.

هل تشاهد هذه المرأة الطاعنة في البكاء والانطواء والتجاعيد؟ هذه امرأة ثرية عقّها كبارُ أبنائها، وصرفوا أموالها على الكلاب النبّاحة، ورفعوا الكلفة بينها وبين الحزن والوجوم. هي حزينة يا عبد القادر. الكويت حزينة إلى درجة الصمت. ضعيفة إلى درجة الشفقة.

كيفاش ندير يا عبد القادر في حكومة تعشق غبار الأمكنة المهجورة؟ هل نكنس بلدنا أم ماذا؟ كيفاش ندير ونحن نثق أننا لم نتباغض كما نتباغض اليوم، وأن حرباً أهلية –لا قدر الله- قادمة في الطريق، مسافة السكة.

معذرة عبد القادر، أعلم أنني نفخت في وجهك كل أنفاس سيجارتي الحارقة، وأطلقت زفراتي كلها مرة واحدة. لكن بالله عليك قل لي كيف كانت حياتكم عندما ارتفع صوت السكاكين والفؤوس والنحيب في بلدكم؟ هل سامحتكم الجزائر اليوم؟ قل لي فأنتم السابقون ونحن اللاحقون.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سعيد محمد سعيد

لا تزال الأرقام… مخيفة!

تمثل الأرقام العربية للأميين، وأعمارهم، موضع قلق مخيف! وهي تثير جدلا في شأن ما يعلن عن خطط وبرامج لل 

ومنبع القلق لدى المنظمة هو أنه على رغم المحاولات العديدة التي بذلت على الصعيد العربي، لم يرتق ملف الأمية إلى مستوى الأهمية التي ينبغي أن ينالها في المنطقة العربية التي يصل عدد سكانها إلى 335 مليونا، علاوة على ذلك، تبين الأرقام الإحصائية حول واقع الأمية في الدول العربية أن عدد الأميين لدى الفئات العمرية التي تزيد عن 15 عاما بلغ قرابة 99,5 مليونا، كما أن 75 مليونا من إجمالي الأميين العرب تتراوح أعمارهم بين 15 و45 عاما، ولهذا ترى المنظمة أن تعميم التعليم الأساسي وإلزاميته وتنظيم حملات مكثفة هي من الخطوات الأساسية لمحاربة الأمية.

ولعل وزارة التربية والتعليم في مملكة البحرين تضع هذه الحقائق نصب أعينها، ساعية الى تحقيق نتائج للقضاء على الأمية التي بلغت نسبتها 2.7 في المئة من خلال إدارة التعليم المستمر من خلال منهج جديد للعمل يركز على التعليم والتعلم مدى الحياة في مجالات ومهارات متعددة ومتجددة لا تقف عند حد، لذلك، فالمطلوب هو بذل المزيد من الجهد للقضاء على الأمية ونشر العلم بين الفئات التي حرمت منه لأي سبب من الأسباب.

وفي هذا الملف، الذي يأتي متزامنا مع الإحتفال باليوم العربي لمحو الأمية 8 يناير/ كانون الثاني، سنلقي الضوء على الجهود المبذولة في سبيل القضاء على الأمية في البحرين.

محمد الوشيحي

الصدق يبقى

الناس تختلف منذ بدء الخليقة. هناك الفارس دريد بن الصمة وهناك محيسن بن الخوافة، وهناك مسلّم البراك ودليهي الهاجري، وهناك أحمد السعدون وجاسم الخرافي، وهناك الحكومات الناجحة الذكية مثل حكومة فنلندا، وهناك حكومات تشعر بفراغ عاطفي إذا فات يوم من دون أن تتسبب في كارثة، مثل حكومتنا. وهناك المسلمون والمسيحيون واليهود والبوذيون والهندوس. بل وهناك السنة والشيعة واختلافهم التاريخي وهم من دين واحد، ووو. هذه هي طبيعة الأشياء. الاختلاف. اختلاف الشخصيات والمبادئ. ولكلٍّ عذره وحجته.

والبحث عن مبرر هو أسهل الأشياء في هذه الدنيا. أعطني أي قضية تخطر على بالك، وسأتحدث مؤيداً أو معارضاً لها. تعال معي إلى دريد بن الصمة ومحيسن مثلاً، دريد سيقول مبرراً فروسيته وشجاعته إن الأرض والعرض والقبيلة لا يحميها إلا الشجعان، وإن الجبن عارٌ، والتاريخ لا يخلد إلا أسماء الفرسان، و"لا يسلم الشرف الرفيع… إلخ"، ومحيسن سيقول إن الله خلق الإنسان ليعمّر الأرض لا ليقتل الخلق، ولو كان كل الناس مثلي لما كان قتل هناك ولا قتلة، ولعاشَ الناس في وئام تام، وضميري لا يطاوعني على أن أتسبب في يُتم أطفال وقتل معيلهم فيهلكوا من بعده، وسيرد عليه دريد، وسيعقّب محيسن، وستستمر الأرض في دورانها.

وفي قضية فوائد قروض المواطنين، هناك من يطالب بإسقاطها كي لا تختفي الطبقة الوسطى، فيتحول الشعب إلى طبقتين، طبقة فاحشة الثراء وأخرى تنام في العراء، وهناك من يعارض إسقاط الفوائد ويبكي أو يتباكى على مستقبل الأجيال القادمة، ويعتبر أن المواطن المُطالِب بإسقاط الفوائد يتصنع المسكنة، بينما هو في حقيقته مجرم بحواجب كثيفة، يجلس متربعاً، ويمسك فخذ العجل المشوية بيديه الاثنتين، وبين كل نهشة وضحاها يقهقه بأعلى صوته، وأنه لا يوجد مواطن لا يمتلك أربع سيارات على الأقل ويسافر كل صيف.

بعض المعارضين نصدقه، وبعضهم يستعبط، وبعضهم على أهبة الاستعباط، وبعضهم لا تسمع له صوتاً عن الفساد الذي أضاع أضعاف أضعاف تكلفة إسقاط الفوائد. لن تسمع، مثلاً، صوت الفاضل الوزير السابق بدر الحميضي في عقد "استاد جابر"، وستفتقد صوته في حكاية امتداد فترة انتظار السكن إلى ما يزيد على خمسة عشر عاماً، علماً بأن قضية السكن تهم بالدرجة الأولى الأجيال القادمة.

وستجد مسلم البراك يتحدث عن الأجيال القادمة والحالية ويعكف على تقديم المقترحات، وستجد السعدون يصرف من وقته نحو ثماني ساعات يومياً لإيجاد حلول لمشكلة السكن، إلى أن وجدها وتبناها مع كتلة العمل الشعبي وآخرين، ثم صرف وقتاً آخر في إيجاد حلول للحد من العبث بمشاريع البي أو تي، وصاغ مقترحاً تقدم به مع كتلته، وقبل ذلك كسروا احتكار شركة الاتصال فتنافست الشركات على إرضاء العميل، وهكذا. وفي المقابل، لم يتقدم جاسم الخرافي، على سبيل المثال، بأي مقترح يحفظ للأجيال القادمة أموالها، التي يبكي عليها اليوم، ولم يتقدم كذلك بمقترح يؤمّن للأجيال الحالية حتى ولو جبنة، كي لا يتشبهوا بالفئران.

وبالنظر إلى الأسماء سنجد اسمي السعدون والبراك مؤيدين لإسقاط الفوائد، والخرافي والراشد معارضين، فمَن نصدق؟ سنصدق الخرافي طبعاً لأنه حكيم الأمة. وقديماً قيل: "الصدق يبقى والتصنّف جهالة".

وألف مبروك إقرار القانون الذي عرفنا أنه سيُقر منذ أن منحت الحكومة ونوابها رئاسة اللجنة المالية للنائب الزلزلة، ليُسجل حصاد الموسم باسمه، لكننا سكتنا كي لا "نطرف عيننا بأصبعنا".

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

الطريق إلى غزة

ما كان للزيارة التاريخية لوفد جمعية الصحافيين الكويتية لقطاع غزة ان تتم لولا الجهد الطيب والاستثنائي لطاقم السفارة المصرية في الكويت ممثلا بالسفير الفاضل طاهر فرحات والمستشار خالد السحار، وطاقم سفارة دولة الكويت بالقاهرة ممثلا بالسفير الفاضل د.رشيد الحمد والاخوين العزيزين محمد الشرجي ويوسف اليتامى، ودعم الأخوين الفاضلين احمد يوسف بهبهاني وعبدالاله القناعي والسيد فتحي عطية مدير «مصر للطيران» في الكويت، اضافة الى الصحبة الطيبة لرفاق الدرب الاخوة والاخوات عدنان الراشد ود.عصام الفليج ومنى ششتر وبدرية درويش.

وقد بدأ طريقنا الى غزة بالمرور فوق احد معالم مصر المميزة ونعني جسر «سلام مبارك» المبني فوق قناة السويس لنبدأ بعد ذلك بدخول الجزء الآسيوي من مصر الأفريقية عبر طرق سريعة معبدة ومضاءة أوصلتنا لمدينة العريش المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط والتي لم نكن نتوقع ان تكون بهذا الجمال والحداثة حيث السواحل البيضاء المغطاة بأشجار النخيل وجوز الهند والجامعات والفنادق الراقية.

وشبه جزيرة سيناء منطقة فريدة وتستحق زيارة محبي مصر حيث يحدها جنوبا البحر الأحمر وشمالا البحر المتوسط وشرقا خليج العقبة وغربا خليج وقناة السويس لذا فمناطقها الجنوبية «مشتى» والشمالية «مصيف» وما بين الاثنين من مدن هو بين بين.

وقد يكون من سوء طالع الاخوة الفلسطينيين ان الضفة والقطاع كانتا جزأين من الأردن ومصر عندما كان البلدان بعيدين كل البعد عن مشاريع التنمية والبنى الأساسية «الاقتصادية» والمعمرة، مشغولين بالمطلق بالقضايا «السياسية» المدمرة، هذه الأيام تحولت مصر والأردن الى ورش عمل آمنة تستقطب عشرات الملايين من المستثمرين والسائحين ولنا ان نتصور الفائدة التي كان سيجنيها الاخوة الفلسطينيون فيما لو كانوا لايزالون جزءا من الدولتين اللتين تحظيان بتقدير دولي في انتظار تأسيس الفلسطينيين لدولتهم المستقلة.

بدأنا منذ الصباح بدخول معبر رفح في انجاز أقرب للاعجاز، لأسباب يطول شرحها، وكان للاتصالات المتواصلة التي قام بها الأخ عدنان الراشد دور كبير في تسهيل وتذليل عملية المرور ليتم استقبالنا بشكل طيب من قبل الاخوة الفلسطينيين ولنبدأ على الفور بزيارة مستشفى الرحمة الكويتي ثم لقاء وعشاء مع د.محمود الزهار وزير الخارجية ولقاء في اليوم التالي مع د.إسماعيل هنية رئيس الوزراء ود.أحمد بحر رئيس المجلس التشريعي بالإنابة، ولهذا موضوع آخر.

آخر محطة:
 
(1): الكويت بلد صغير لذا يجب تشجيع كل امتداد كويتي غير رسمي تجاه شعوب الدول الاخرى، ومن ذلك كل التقدير للجنة الرحمة العالمية التابعة لجمعية الاصلاح الكويتية على الدور الطيب والملموس الذي تلعبه لإنشاء مؤسسات مدنية تعنى بالرعاية الصحية ومصالح الأيتام وتوفير الأمن الغذائي للشعب الفلسطيني في غزة والضفة.

(2) في ختام اللقاء مع د.إسماعيل هنية ذكر الزميل عدنان الراشد ان للوفد الكويتي طلبا «صغيرا» وهو لقاء الجندي شاليط مما فجر عاصفة من الضحك بددت الوضع المأساوي الذي يعيشه القطاع هذه الأيام.

(3) إبان سير الوفد بمحاذاة البحر مخترقين مدينة خان يونس حلقت 10 طائرات هيليكوبتر إسرائيلية فوق القطاع وبدأ الراديو ببث تحذيرات من احتمال قيام عمليات قصف وهو ما تم صباح اليوم التالي.

(4) كان الزميل د.عصام الفليج منفتحا وضاحكا مع د.الزهار خاصة بعد انتهاء العشاء وقد التقطنا صورا «فريدة» ومقربة تظهر ذلك الانفتاح الجميل، وجعل الله جميع أيام بوعبدالله سعيدة و… منفتحة!

احمد الصراف

غليون المهاجر

في ندوة بعنوان «التحولات المجتمعية وجدلية الثقافة والقيم» وردت الفقرات التالية على لسان الباحث الفرنسي برهان غليون: إن المشكلة الرئيسية التي تمنعنا من تجاوز أزماتنا تكمن في أن قادة الرأي صاروا أساسا من رجال الدين، وهؤلاء ليس لديهم معرفة حقيقية لا بالمجتمعات ولا بالسياسة، يعني لو نفتح القنوات التلفزيونية لوجدنا رجال الدين مسيطرين عليها، وعلى كل شيء آخر. وليس صحيحا أنهم أقلية. واليوم رجال الفكر ليس لديهم دور. وسلطة رجال الدين المستبدين بالرأي العام العربي الذي أصبح رهينة بيدهم، هي الأعلى، وهؤلاء من كل الأنواع والأطراف، وهناك تحالف موضوعي مصلحي بين الديكتاتوريات السياسية وبين ديكتاتوريات السلطة الدينية، وفي كل الفرق، والذين يقومون بالمستحيل لاستبعاد أصحاب الرأي الآخر، سواء من مفكرين أو مثقفين، عن طريق اتهامهم بالعلمانية والحداثة والتحرر.
وفي شريط مسجل آخر متوافر على «اليوتيوب» وردت القصة التالية على لسان رجل الدين الشيعي السيد عبدالحميد المهاجر، المعروف على نطاق واسع في الكويت والعراق ولبنان، وكان ذلك أمام جمع غفير من محبي الاستماع إليه: يقول السيد المهاجر: رأيت أحد الهنود من السيك (يقصد السيخ) يأتي إلى «حجي كاظم» البغدادي صاحب الحسينية، وكان يدير ميناء «الفاو»، مال السفن واللنجات، والقصة صارت أمامي وأقسم بذلك، وكلما أتذكرها أهتز والله من قلبي. جاء هذا السيك للحجي كاظم، ودخل وسلم عليه ووقف عند الباب، فسلمه الحجي كيسا مملوءا بالترب (جمع تربة، وهي التي يضع المصلي الشيعي جبهته عليها في السجود، وهي من تراب كربلاء)، فقلت له: يا حجي أنت أعطيته ترب الحسين؟ قال: هؤلاء عندهم سفن تضرب في اقاصي البحار فتضربهم الأمواج العاتية ويشرفون على الغرق، وعندهم شيء مجرب، وهو انهم يأخذون تربة الحسين ويرمونها في البحر، فيهدأ ويختفي الموج!
وفي حديث انتشر في الأيام الأخيرة على الإنترنت وُصف آية الله السيستاني بأوصاف عنصرية وقبيحة ومكفرة لم يتوقع الكثيرون سماعها ممن نُسبت إليه، ونحن لسنا من هؤلاء، فقد سبق أن كتبنا عن هذا الرجل أكثر من مرة. والغريب أن السيد السيستاني بالذات هو واحد من أكثر رجال الدين احتراما لنفسه ولمكانته الدينية والسياسية، غير محب للظهور، وكان له دور كبير في تهدئة كل الأطراف في العراق، وبالتالي وصفه بالزنديق والمنحرف والكافر ما كان يليق.
***
محزن جدا أن يكون قادة الرأي الذين يتحكمون بعقول مئات الآلاف، ويمتلكون أفئدة أضعافهم ويشكلون رأي من يستمع إليهم، أن يكونوا من هذه النوعية المتواضعة الفهم، الذين يقتاتون من نشر الجهل والفرقة بين أبناء المجتمع الواحد لأغراض وضيعة في أنفسهم، فمتى نعرف حقيقة هؤلاء، ونمتنع عن الاستماع إليهم، ألا تستحق هذه الأمة رجال دين أفضل من هؤلاء؟ ربما لا هو الجواب..!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

الإرهاب… واضطراب الهوية

 

من أعتى العواصف التي تعصف بالمجتمع الخليجي خصوصا والإسلامي عموما وأشدها تهديدا لاستقراره، هي تلك التي تهب بشدة، ومن دون سابق إنذار، ولربما في فترات حرجة تتطلب عقولا واعية وخطابات معتدلة، وهي عواصف يثيرها – مع شديد الأسف – ثلة من الأسماء اللامعة في الساحة الدينية من علماء وخطباء ودعاة، أوجدوا لأنفسهم مساحة للظهور المدمر، في ظل غياب علماء وخطباء يمثلون التيار الإسلامي المعتدل.

هذا الظهور العاصف والمباغت، أيا كانت مبرراته، يفتقد لحس المسئولية الشرعية والوطنية في الحفاظ على استقرار المجتمع الإسلامي، والعمل على علاج قضاياه، مهما تعقدت وتشابكت وتصادمت وخصوصا على مستوى الخلاف المذهبي، بل ويترك تبعات خطيرة تسهم في تأجيج الصراع، فتلك النوعية من الخطباء والدعاة من مثيري الفتن ومشعلي الأحقاد قد يحصلون على مكاسب وأعطيات السلطة، لكن أيديهم، بالمقابل، تتلطخ بآثام ما تخلفه خطاباتهم من نتائج تدفع إلى التقاتل والإرهاب واضطراب الهوية.

طبعا، ما يؤسف له، أن تلقى تلك الخطابات الهوجاء انتشارها السريع في المجتمعات الإسلامية، وتقسمها إلى مؤيد مستعد لدفع حياته من أجل الثبات على تأييده، ومعارض مستعد هو الآخر لدفع حياته من أجل الثبات على معارضته، ولا نجد من الخطابات المعتدلة إلا مثل همل النعم، أو ما لا يمكن أن يلقى الصدى الإيجابي المؤثر بصورة حسنة في إزالة الأفكار المتشددة.

هذه واحدة من المخاطر المدمرة للمجتمع الخليجي والإسلامي، وهي للأسف، تلقى الرضا والقبول من جانب الكثير من الحكومات مع علمها ويقينها بالتبعات الخطرة التي لن تتمكن من مواجهتها مستقبلا بعد تفاقمها! ولعلني أؤيد الطرح الذي يقدمه البروفسور والاستشاري في الطب النفسي طارق علي الحبيب الذي يرى أن هناك خطرين داهمين يهددان المجتمع الإسلامي هما: الإرهاب، واضطراب الهوية، وخصوصا بالنسبة للمجتمع الخليجي.

وتضاعف الخطابات التحريضية والفتنوية التي تصدر من دعاة وعلماء في تحطيم معاني الاعتدال والتعامل الحسن، بين الأضداد في المجتمع، وهذا الخطر لن ينحصر في الصراع بين أتباع المذاهب، فالحكومات عليها مسئولية مواجهة هذا النوع من الخطاب المدمر بدلا من تشجيعه والسكوت عليه وفقا لغايات تفرضها التحولات في المنطقة وصور الاضطراب الأمني والمواجهة العسكرية في أكثر من بؤرة.

يتوجب على أولئك الذين انحرفوا عن مسئوليتهم الدينية والوطنية والإنسانية كدعاة، حتى وإن ارتدوا لباسا عسكريا وتوجهوا إلى الجبهة لكسب صورة إعلامية، أن يدركوا بأن خطابهم هذا سينقلب عليهم! ويتوجب على كل فرد منا أن ينظر إلى مسئوليته الشخصية، لا إلى قبول الخطاب التحريضي وفقا لانتمائه المذهبي ويتحول إلى عبوة ناسفة ليست من الإسلام في شيء.

سامي النصف

من الخيران إلى الخور

في بلدنا رجال تدل عليهم مشاريعهم واعمالهم الخيرة التي يراها حتى الأعمى، وقد كنا في الف خير ونعمة عندما فتحنا الباب واسعا لاولئك المبدعين من رجال الاقتصاد طبقا لمبدأ «دعه يعمل، دعه يمر» الشهير، وقد تخلف بلدنا عندما بدأنا بعرقلة جهودهم ودفعناهم دفعا للخروج بأموالهم وافكارهم خارج الكويت.

 

وقد جلست ابان انتظار فتح انابيب المياه المغذية لقنوات مدينة صباح الأحمد البحرية بالقرب من م.أسامة جواد بوخمسين وتحدثت معه في مشروع خور أو نهر الكويت الذي يدخل مياه البحر من منطقة بنيد القار ويخرجها من منطقة القبلة المحاذية لفندق الشيراتون عبر مشروع B.O.T يسترد في النهاية من قبل الدولة بعد ان يحيل قلب البلد الى حدائق خضراء وشلالات وأنهر وكافيهات ومطاعم ومواقف سيارات، ويسترد المطور الكلفة الضخمة لذلك المشروع من جزيرتين يبني فوقهما برجين يتم انشاؤهما من الرمل الفائض من الحفر، وقد تم للاسف عرقلة ذلك المشروع في السابق والذي نأمل ان نراه قائما في القريب العاجل كعنوان لمرحلة الانماء الحالية والقادمة.

 

ولا يمكن دوران عجلة الاعمار والانماء في البلد دون الالغاء الكلي لقانون B.O.T الجديد لاسباب عدة منها، (1) انه منح صاحب المبادرة او المشروع نسبة 5% فقط كافضلية مما يعني ان مشروعه قد يرسو على غيره رغم انه من دفع الملايين على الدراسات والاستشارات اللازمة، (2) طرح 50% للاكتتاب العام رغم ان المشاريع بشكل عام قد لا تربح بالضرورة (مشاريع دبي على سبيل المثال)، فلماذا نعرقل ونورط الناس بملكيات غير مضمونة قد تقضي على مدخراتهم ومن ثم لومهم للحكومة وطلب التعويض، (3) توسيع قاعدة الملكية عبر الاكتتاب العام يعني البطء الشديد بالقرار وعدم المحاسبة، (4) حقيقة ان شرط الاكتتاب العام لا يوجد مثيل له في دول العالم «اجمع» التي تفرش عادة البساط الأحمر للمستثمرين دون شروط اذعان كحال شرط الاكتتاب.

 

آخر محطة: (1) نرجو التعديل السريع لكل تشريع لا مثيل له في دول العالم الاخرى فلا يصح الاعتقاد بأن بعض مشرعينا اكثر فهما وحنكة وذكاء من الألمان واليابانيين والاميركان والبريطانيين.. الخ.

(2) نرجو ان تبادر الدولة هذه المرة بعد تعديل التشريعات المعرقلة بالاتصال برجال الاعمال الكويتيين والاجانب لاشعارهم بالتغيير الذي تم والطلب منهم استثمار اموالهم في المشاريع التي ستقام على الاراضي الممنوحة، فقد كلَّ وملَّ المستثمرون في السابق من الجري خلف الدولة وحان الوقت لان يعتدل الحال وينعكس.

(3) كما نرجو الإحياء السريع لمشروع تنمية جزيرة فيلكا (احلى الجزر سابقا) فقد شب المشروع عن الطوق وقارب ان يصبح في العشرين من عمره وهو احد الشروط السابقة لاتمام الاعمال في بلدنا الواعد.

احمد الصراف

بندقية إيران وقمحها

لا شك ان أحلام الشعب الإيراني بنظام أكثر عدالة وقوانين أكثر إنسانية وحياة أكثر حرية قد ضاعت، ربما منذ اليوم الأول لتبوؤ الخميني الحكم. فبعد ثلاثين عاماً من الثورة، ومهما حاولنا تبرير الوضع الكارثي الذي وجد الشعب الإيراني نفسه فيه بعد كل سنوات العذاب والمعاناة تحت حكم الشاه، لا يبدو ان إيران تعيش أياماً أحسن مما كانت في عهد الملكية، فالفقر لايزال منتشراً في مناطق كثيرة من إيران، والحريات مراقبة، والبوليس السري يعدّ أنفاس الجميع، والسجون تمتلئ بالأبرياء والمعتقلين السياسيين، ويبدو واضحاً ان رجال الثورة وقادتها، الذين أكلوا بعضهم بعضا في تصفيات جسدية، قد استبدلوا بدكتاتورية الشاه الطغيان الديني، الذي قد لا يكون أكثر بطشاً لكنه حتماً أكثر تخلفاً! وعندما يقف الممثلون السينمائيون ومخرجو الأفلام والشعراء وكتاب الرأي والصحافيون ومقدمو البرامج التلفزيونية والروائيون والرسامون وجمع هائل من النشطاء السياسيين والأطباء والصيادلة وأساتذة الجامعة وشيرين عبادي، الفائزة بجائزة نوبل، وجمع كبير من المبدعين الآخرين ضد النظام فمآله الى السقوط، حتى لو كانت شرعيته تعتمد على العقيدة الدينية أو السياسية المدعومة بالبندقية! هكذا كان حال ومصير جميع الأنظمة الدكتاتورية، الشيوعية والفاشية في الكثير من الدول، وهذا ما سيحدث عاجلاً أو آجلاً في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أول دولة ثيوقراطية في التاريخ الإسلامي.
فبعد 30 عاماً من الثورة المباركة لا يزال نزيف الهجرة البشرية مستمراً في تجفيف فواصل الدولة من الكوادر المؤهلة والمتعلمة والخبرات التي اختارت الهرب بالطرق القانونية، لمن امتلك المال أو النفوذ، وبغير ذلك للفقراء والمعدمين، الذين باسمهم قامت الثورة، والذين لقي 15 منهم مصرعهم على أيدي شرطة النظام في يوم مقتل الحسين نفسه الذي تعتبر مناسبته ذروة الحزن الشيعي وقدس أقداس عزائه!
لقد تنبأت في ندوة أقيمت في بداية عام 1990 بسقوط نظامي صدام والخميني، وكنت أدين موقفي الطرفين من حرب الخليج الأولى، إن من جهة من بدأها أو من أصر على استمرارها كل ذلك الوقت! وتسبب ما قلته وما شاركت فيه من مناقشات تالية، في أكثر من مناسبة، في وقوع تصادم لفظي بيني وبين السفير العراقي عمر غني، الذي نقل من منصبه قبل الاحتلال العراقي للكويت وأعيد اليها لمصادرة وثائق الحكومة الكويتية، والذي تسببت عودته القصيرة في القضاء على ترددي في الخروج من الكويت بعد وصوله بيوم واحد.
إن ما يحدث في إيران من غليان وقتل وفيضان الاعتقالات السياسية التي طالت كل الأطراف هي مؤشرات واضحة ان النظام الديني لا يمكن أن يسقط بسهولة وإن اضطر لدحرجة الكثير من الرؤوس في سبيل بقائه، وهذه الرؤوس هي التي ادعى النظام أنه انقلب على الشاه للمحافظة عليها.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

عفرتة

عموما لنتحدث عن تهديدهم ووعيدهم الأخير وتحديدا في آخر يوم من ديسمبر 2009، فهم يطالبون «الداخلية» و«الإعلام» بعدم خروج الاحتفالات عن إطار شريعتنا الإسلامية!! وإن خرجت عن ذلك الإطار فهم يهددون بالويل والثبور وعظائم الأمور!

قبل أن نتكلم عن «عفرتة» هذا التيار أو على الأقل معظم نوابه، لنبرر لماذا نفرح في رأس السنة الميلادية، مع أن مشاعرنا لا تحتاج إلى تبرير، لكن كي تتضح الصورة للمخلص منهم في قناعاته وليس عدواً للفرح… في الكويت كل أعمالنا تسير وفق التاريخ الميلادي بما فيها جلسات مجلس الأمة وأعيادنا الوطنية، وبدء العام الجديد يعني لنا صفحة جديدة من حياتنا نمنّي أنفسنا فيها بحياة ملؤها الفرح والإنجاز على الصعيد الشخصي، والأسري، والاجتماعي، والعملي، والوطني بلا شك، فالعام الجديد هو الثوب الجديد الذي تزهو به الطفلة واللعبة الجديدة، وهي مقياسنا لبداية جديدة بالضبط كما هو النهار بالنسبة لليل، وهو حدث يستحق أن نحتفي به ونملأه سرورا وبهجة لعلنا نجده يبادلنا هذا السرور.

لكن كل هذا الشرح لا يهم، فـ«المتعفرتون» يرددون بأنها عادة مسيحية كافرة لا يجب أن نمضي خلفها، وهو أمر، وإن لم أكن أراه كذلك، أحترمه، طيب مادامت العادة غير إسلامية، ومادمنا نعيش في مجتمع مختلط، ثلثا قاطنيه من الأجانب، وفيهم بلا شك نسبة لا بأس بها من المسيحيين، فكيف لنواب الإسلام السياسي أن يطالبوا المحتفلين بعدم الخروج عن إطار الشريعة الإسلامية؟

وكأننا نقول بأن يطالب مسيحي متطرف في بريطانيا بضرورة ألا يخرج شهر رمضان في بريطانيا، عن إطار الشريعة المسيحية! أو أن يهدد عضو في الكونغرس وزيرا أميركيا بألا يخرج عيد الأضحى عن إطار منظمة الرفق بالحيوان؟

يقر النواب أنفسهم بأن الاحتفال عادة غير إسلامية ويطالبون بعدم خروجها عن الإطار الإسلامي «صج عفرتة».

المصيبة أن نواب الإسلام السياسي أنفسهم والمتمسكون بالشريعة الإسلامية كما يدعون صوّتوا قبل أسبوع على إسقاط فوائد الديون على الرغم من عدم جواز ذلك، كما صرح شيوخ دين كثر منهم الدكتور الفاضل عجيل النشمي، رغم علمهم بإخلال تصويتهم بالمساواة التي سنها الدين وليس الدستور فقط، «خوش دين وخوش إسلام أيها المتعفرتون».

 خارج نطاق التغطية:

الكويت هي الدولة الأولى في العالم التي تم تداول اليورو فيها في 1-1-2001، لأنها الدولة الوحيدة التي رحلت العطلة في ذلك العام، بمعنى أن الاتحاد الأوروبي بهيكله التنظيمي ومؤسساته لم يتداول اليورو إلا في 2-1-2001 لأن رأس السنة كان عطلة رسمية، الغريب في الأمر أن قرار تعليق عضوية الكويت من اللجنة الأولمبية تم اتخاذه في 1-1-2010!! فمن هذا «العفريت» الأقوى الذي كان وراء إصدار قرار هامشي كهذا بالمقارنة مع تداول اليورو في يوم عطلة رسمية عالمية؟

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة