احمد الصراف

نعم ثانية للهجرة

أعترف بأنني دهشت، سواء لعدد أو لمدى حدة الردود التي وردت «القبس» وصحيفة الآن الإلكترونية والنقال على مقال «الهجرة من الكويت»! وعلى الرغم من أن غالبية الردود كانت سقيمة المعنى والأسلوب، ومنها ذلك الذي كتبه احد الكتاب، وهو يعرف نفسه، فان بعضا منها كان إيجابيا، وبعضها الآخر مؤدبا ومتسائلا، ولهؤلاء أكتب هذا التوضيح، ولكن قبل ذلك أود أن أبيّن أنني لم أهدد بالهجرة ولا أعتقد أن أحدا سيتأثر بأي من قراراتي الشخصية، فلست بالسياسي ولا بالشخصية العامة أو الفنان ليفتقد أحد -غير أحبتي- وجودي، بل كل ما هدفت اليه هو أن أبين مقدار أسفي من إقرار قانون اعتبرته القشة التي قصمت ظهر البعير، ولا يعني هذا أن البعير لم تنله ضربات أشد وأقسى من قبل من قوانين أكثر جورا وظلما، ولكنه صبر إلى أن فاض به الكيل فصرح وكتب ما كتب.
* * *
ما هي الكويت بالنسبة الى الكثيرين، أليست شعبا وأرضا وفوق هذا ثروة؟!
ومن الذي بإمكانه الادعاء بأن هذه الثروة، أو حتى الدخل البسيط، لم يكونا -وحتى الأمس القريب- العامل الذي جذب المواطن والمقيم للكويت منذ نشأتها وحتى اليوم؟ ومن سيبقى إن تبخرت هذه الثروة، ولم يجد الشعب عملا أو قوتا يقيمان أوده؟ وما الحكمة التي ارتجاها مشرعو الزمن الجميل عندما أقروا قانون «رصيد الأجيال القادمة»، والفريد من نوعه، ألم يكن في بالهم أن الثروة النفطية لن تبقى الى الأبد وستنضب يوما، وان عجز حكوماتنا المتعاقبة عن جعل الكويت مكتفية ذاتيا، ولو إلى حد ما، أو خلق بديل لتلك الثروة، كان وراء ذلك القانون، فقط لكي يجد أحفادنا مستقبلا ما يحميهم، ولو لفترة ما، من ذل السؤال والفاقة؟! فكيف إذاً نُصرّ على التصرف كالسفهاء، ونصرف ما في الجيب، خاصة على من لا يستحق، ونحن نعلم أن الغيب لا يعتمد عليه، وأنه قاس ومظلم؟!
نعم، سأهاجر عندما أُقر القانون في النهاية، ليس احتجاجا فقط، ولكن لأن تلك ستكون بداية الانحدار باتجاه خسارة بقية الحقوق وتكريس عدم الاكتراث بأي واجبات.. فهل ستنتظرون معي ذلك اليوم، أم أن علينا جميعا أن نحتج ونرفع الصوت من الآن ونطالب بتحكيم العقل، وألا ندع ثقافة الصحراء، التي تدفع بتناول الكلأ قبل جفافه، والماء قبل تبخره، تتحكم في أهوائنا ومقدراتنا، بحجة أن هذا هو حكم الديموقراطية، فاللعنة عليها إن هي سلبت وطني وأبنائي وأحفادي ضمان مستقبلهم!
أما بخصوص مواقفي من القوانين المالية الماضية، فأرشيف مقالاتي خير شاهد عليها، وبإمكان المتشكك والمعترض العودة اليها.

أحمد الصراف

احمد الصراف

مجرمون ومجرم سابق

كانت المواطنة (..) تعاني أمراضا نفسية. وقد فشل أهلها في تقديم العلاج المناسب لها، وهنا فكر خمسة منهم، ثلاث نساء ورجلان، في اصطحابها لتلقي علاج غير تقليدي.. وهكذا ذهبوا بها إلى «رجلي دين»، الاول أردني والثاني مصري، وبعد الفحص والبسملة والحوقلة وإشعال البخور والتمتمة ببعض الجمل غير المفيدة، أكدا لأهلها أن «نتيجة الفحص» بيّنت ان الفتاة تشكو «مسّا شيطانيا»، وان علاجها يتطلب اخراج الجنّي من جسدها، وأداة إجبار الجسد على لفظ الجني خارجا هي العصا!
وعندما اقتنع أهل الفتاة بصحة التشخيص، قاموا، منفردين ومجتمعين، بضرب قريبتهم ضربا مبرّحا، فأصابها هياج شديد من اثر الضرب، فسقطت على الأرض مغشيا عليها، وماتت بعدها بلحظات، وربما في اللحظة نفسها التي غادر فيها «الجني المزعوم» جسدها البريء من كل مس!
وقد نظرت محكمة الجنايات في الأسبوع الماضي قضية المتهمين الخمسة من اقارب الفتاة الضحية، ومعهم رجلا الدين، او الشيخان ــ كما يحبان أن يخاطبا ــ وقررت ارجاء المداولة حتى 27 لحين حضور ضابط الحادثة.
وهنا نتساءل: هل سيأتي اليوم الذي سننتصر فيه على أي عدو؟.. وحتما لا أقصد هنا اسرائيل، فالجهل والتخلف المستحكمان في امورنا وحياتنا اكبر منها بكثير، وبيننا امثال هؤلاء الجهلة السفلة.. وأليس هؤلاء، ومثلهم ذلك الداعية والامام والنجم التلفزيوني، الذي سبق ان تسبب قبل سنوات قليلة في اقتراف جريمة قتل مماثلة في حق مواطن، الذي لا نزال ننتظر منه تنفيذ تهديداته، أليسوا جميعا نتاج هذا المجتمع الذي يعتقد البعض انه اصبح اكثر عفة وفضيلة وشرفا مع الصحوة المباركة؟!
وهل أُلام إنْ قررتُ الهجرة إلى الأبد من ديار الأحبة؟!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

آسف

فالمليارا دينار على أقل تقدير لشراء فوائد القروض كفيلة بأن تبني دولة وأكرر دولة بشوارعها وقطاراتها ومدارسها وملاعبها على حد تعبير المرحوم خالد النفيسي، فما الجدوى إذن من أن نسقط فوائد القروض ونكافئ المقترض على قراره الخاطئ الذي أرهقه؟

لذا فأنا أعتذر بأنني لم أتخذ قرار القرض، فكانت النتيجة أن أعاقب لاتخاذي القرار الصحيح! وآسف أيضا لأنني صرت في مركب واحد مع نواب كمحمد المطير وجاسم الخرافي!

***

اعتقدت أن القانون هو الدولة، فدافعت عنه وحرصت عليه حتى إن كنت غير مقتنع به، وإن كبّلت يداي فلا أستطيع الذهاب إلى المحكمة الدستورية لأرفض ما أراه غير دستوري، وعلى الرغم من كل هذا فإنني كنت مدافعا عنه حريصا عليه، لكن على ما يبدو أن الخروج على القانون هو الدولة وهو الهيبة وهو القوة، فمن وقف مع القانون هو من تسبب في أزمة الرياضة، ومن رفض الفرعية هو الحاقد الطبقي العنصري، ومن طالب بالدستور هو العلماني الكافر الذي يرفض شرع الله، فالرجولة هي كسر القانون بل محاسبة ومعاقبة من يرغب في تطبيقه، وعليه فأنا آسف أيضا لسوء فهمي وتمسكي بالقانون، الله يهديني.

***

أنا من جيل مسلسلات الغرباء «كامل الأوصاف» ومدينة الرياح «علقم» وقد رسخت هذه المسلسلات التي كنت أعتقد أنها هادفة بألا بقاء للظلم، وأنه زائل لا محالة، ولكن فيما يبدو أنها كانت مجرد مسلسلات أطفال تسليهم وتلهيهم وتريح الأهل من إزعاجهم، لذا فهذا اعتذار أخير مني لأنني كنت أعتقد فعلا أن الخير لا بد أن ينتصر.

 خارج نطاق التغطية:

 الزميل سعد العجمي أشرس المدافعين في الصحافة عن التكتل الشعبي، وهو أمر نحترمه ونقدره إن كان موضوعيا في دفاعه، كتب العزيز سعد يوم أمس مقالا يرد فيه على أخي الكبير أحمد عيسى يدافع فيه عن النائب علي الدقباسي ويعدد مناقبه وفضائله وشمائله، قد يكون كل ما قلته يا عزيزي سعد صحيحاً، ولكن كل ما قيل يسقط لأن الدقباسي شارك وفاز في فرعية أو تشاورية كما هو المصطلح الجديد، وهو فعل يقسم أبناء الوطن كما فعل الجويهل.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

قضايا الاثنين

رغم الوضع البائس جدا للقضية الفلسطينية فلا يوجد في الأفق أي بوادر حل للخلاف المستشري بين فتح وحماس على السلطة، فهناك عدم ثقة بين الطرفين، إضافة الى عدم ثقة بين الطرفين وأي وسيط يتدخل بينها، حيث يُتهم عادة بأنه منحاز للطرف الآخر وحتى خيار الانتخاب والاحتكام للشعب أصبح خيارا مرفوضا ويشترط ان يسبقه توافق بين الأطراف التي لا ترضى قط بأن.. تتفق..!

«من شاف ليس كمن سمع»، لولا المعابر الرسمية وسكوت السلطات المصرية ورضاها عن الأنفاق لاستسلم ومات القطاع، حيث لا زراعة ولا صناعة ولا عمل ولا مال هناك عدا ما تدفعه السلطة من رام الله من رواتب تمر عبر البنوك الإسرائيلية لعشرات الآلاف من الموظفين في غزة، البضائع القادمة من مصر مدعومة ورخيصة بعكس البضائع القادمة من المعابر الإسرائيلية حيث يباع لتر البنزين الإسرائيلي بـ 6 شيكل والمصري المهرب بـ 1 شيكل.

أسرّ لي احد الزملاء إبان زيارتنا لغزة بأن القياديين الثلاثة الذين التقيناهم من «الدكاترة» وكانت ملاحظتي هي الإعجاب بقدرتهم على التفكير والتنظير وتناغم أقوالهم، حيث لا تناقض بين ما يقوله هذا المسؤول أو ذاك، الا انني ذكرت الزميل بأن من أضاع غزة والقدس بالأمس ـ مع الفارق الكبير بالطبع ـ هم للمصادفة.. ثلاثة دكاترة!

ففي فبراير 1966 حدث انقلاب في سورية أوصل للحكم ثلاثة دكاترة أطباء جمع بينهم اشتراكهم في حرب تحرير الجزائر هم د.نور الدين الاتاسي رئيس الجمهورية ود.يوسف زعين رئيس الوزراء ود.ابراهيم ماخوس وزير الخارجية، وقد زايد ودغدغ وتشدد الثلاثة وأعلنوا بدء الحرب الشعبية لتحرير كامل التراب الفلسطيني وتحويل دمشق الى «هانوي العرب» ورفضوا الحلول الاستسلامية وصمت الرئيس عبدالناصر على مرور السفن الإسرائيلية عبر مضائق تيران مما جعله يأمر بإغلاقها وبدء حرب حزيران 67 التي أضاعت ما تبقى من فلسطين إضافة الى احتلال أراضي 3 دول عربية أخرى، والغريب ان تلك الحرب الشعبية التي يفترض ان يؤججها احتلال تلك الأراضي لم تبدأ بعد ذلك قط ولم يسمع بها احد.

استغرب كثيرون مما ذكرناه من وجود جسر ضخم فوق قناة السويس تمر من تحته السفن العابرة وقالوا انهم لم يعلموا بوجود ذلك الجسر الذي انشئ بدعم ياباني ويربط قارتي آسيا وافريقيا، وقد تم افتتاحه دون ضجة في اكتوبر 2001 بعكس ما كان يحدث ابان الحكم الثوري وطنطنته الكبرى تجاه مشروع السد العالي الذي هو في النهاية سد عادي يقام العديد من امثاله وأكبر منه في دول العالم الثالث كالهند والبرازيل وكازاخستان.. إلخ.

والحقيقة ان عدم الانجاز في مرحلة الثوريات التي تفرغت للحروب والنكسات جعلها تطبل وتزمر لمشروع السد غير العالي حيث لا يعد من الأعلى أو الأكثر تخزينا للمياه في العالم كما أتى في كتاب «Top 10» الموسوعي الشهير، اما حقبة الانتصار والانجاز القائمة فلا تجد لديها حاجة للتهليل والتطبيل لكل انجاز يتم حتى لو كان بحجم ذلك الجسر الرائع، وقديما قيل «من يتكلم لا ينجز ومن ينجز لا يتكلم».

آخر محطة:

من الأمور المستغربة هذه الأيام ان كثيرين مازالوا يلبسون الدشاديش البيضاء ونحن في عز الشتاء.

احمد الصراف

هل تنجح موضي؟

تردت مقررات المدارس الحكومية وتخلفت الأنظمة التعليمية وقواعد الرقابة على أداء المعلمين في العقود الثلاثة الأخيرة إلى مستويات بائسة وخطيرة، نتج عنها أن ولاء الكثير من المخرجات التعليمية أصبح للقوى الدينية والسياسية في الخارج، أكثر مما هو لوطنهم، مما نتج عنه فقدان الهوية لدى هؤلاء وإصابتهم بتشويش فكري واضح بسبب تداخل الديني والوطني في أذهانهم، الأمر الذي نتج عنه كل هذا الدمار في الممتلكات والخسائر في الأرواح التي فقدت في الكثير من العمليات الإرهابية دون هدف تحقق، والتي لا تزال الكثير من آثارها نائمة تنظر لحظة الانقضاض المقبلة.
وفي حركة، نتمنى أن تكون محسوبة، بدأت وزارة التربية اخيرا بالاتجاه نحو تعزيز المواطنة الصالحة في المدارس الحكومية والتأكيد على دور قيم التسامح والتشديد على ضرورة محبة الآخر واحترام أفكار الغير ومعتقداتهم، وما لكل هذه الأمور من أهمية في بناء الشخصية السوية وتهيئتها لمواجهة الظواهر الدخيلة والهدامة التي غزت مجتمعنا الصغير في السنوات الثلاثين الماضية، وأيضا لمواجهة الأزمات الطائفية والعرقية المتكررة، وربما المفتعلة، الأخيرة التي أصبحت تواجهها الكويت بشكل متكرر.
قد يكون الحلم سهلا وتدبيج الخطة أكثر سهولة، ولكن التطبيق على أرض الواقع هو الصعب، وأقرب للاستحالة.. إلا قليلا، ولكن بالإصرار والعزم المستمر يمكن أن ننقذ ما تبقى من عقول النشء من طغيان التعصب الأعمى، والتشدد ضد الآخر، ورفض المختلف، وهذا لا يمكن أن يتم دون الاستعانة بالخبرات العالمية في تطوير مناهجنا، وهو الأمر الذي سبق ان أكدنا عليه لسنوات وسنوات من خلال المقالات والمقابلات، فبغير الاستعانة بهم لا يمكن الوصول الى شيء إيجابي بسبب عدم جدوى الاستعانة بـ«الخبرات» السابقة نفسها، العربية أو المحلية، في إعادة النظر الشاملة في مناهج مدارسنا التي أتلفت بكاملها على أيدي هؤلاء.
نتمنى النجاح للوزيرة السيدة موضي الحمود في ما فشل فيه من سبقها من وزراء، هذا على افتراض أن أيا منهم حاول أصلا القيام بشيء، وربما كان المرحوم أحمد الربعي الوحيد الذي «فكر» في القيام بانقلاب ما قريب من ذلك، ولكن عدم قدرته على وقف قانون الاختلاط قضى على بقية أحلامه ونواياه.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

بعيداً عن المصبنة

أشهد أن الدكتور محمد العوضي، الإعلامي الشهير، الكاتب في جريدة «الراي»، ألذ وأشهى من «بسكويت السعادة». تأكل أصابعك وراه، وتأكل القرطاسة أيضاً. وأشهد أن حديثه ممتع، خصوصاً عندما يجلس فوق الطاولة ويكون في قمة مزاجه ويبدأ كلامه بلزمته المعروفة: «يا مولانا الوشيحي»… عليّ النعمة أن هذا النحيف الذي يوحي إليك وجهه أنه لم يضع شيئاً في فمه منذ السبت الماضي، لو أراد إضحاك الجالس على قبر أبيه لاستطاع إلى ذلك سبيلاً. دع عنك ما تقرأه في مقالاته: «وقد أورد هذه الحجة العالم الجليل شاكر حتاته البردعوني في كتابه (طبّق حنّا طبّق ماش) لدار الكبسولة للنشر، في باب (المرقوق والطابوق) وبيّن فيه تجليات اصطدام حبيبات التقشر القطعي، هذا وقد خالَفه المفكر أبو قينقاع الزردعوني…».

دع عنك مصطلحاته هذه وأسماء علمائه ودور نشرهم فهي عدّة الشغل التي يحملها على كتفه صباح كل يوم. واجلس معه جلسة رائقة وستدعو لي نائماً وقائماً.

هو مطّلع لا شك في ذلك ولا عك، وهو يختلف من حيث المبتدأ والخبر عن «مصبنة التديّن» الذين يرون كل من يرفض الشعوذة خارجاً عن الملة بتذكرة «ون وي»! أنت لا تصدّق محاولة الجني الخروج من العين اليسرى للملبوس؟ ولا تصدق أن «الشيخ العالم المعالج» يهدد الجني فيضطر الجني إلى الإذعان والتسلل عبر الإصبع البنصر في القدم اليسرى خاسئاً وهو حسير، أنت لا تصدق هذا؟ إذاً أنت علماني ليبرالي من يهود القوقاز. اللي بعده.

تصرخ في وجوههم: هل سمعتم يوماً أن ابن باز رحمه الله تحدث مع جنيّ؟ أو هل سمعتم أن الدكتور عجيل النشمي مثلاً أمسك بعصا وجَلَدَ بها ظهر عجوز بحجة أن جنّياً ذكراً ترك فاتنات النساء في الكرة الأرضية وجاء ليتلبّس هذه العجوز المغلوبة على مرض مفاصلها وارتفاع ضغطها وسكّرها؟ كم هو فاحش هذا الجني، وكم هو عديم ذوق. طيّح الله حظه. اعنبوه ترك فاتنات الجامعة وحسناوات المقاهي والحفلات وتوَرسَلَ هذه العجيّز التي لا تقرأ ولا تكتب. أو جنية تركت وائل كفوري وبراد بيت وتوَرسَلتْ شيخاً طاعناً في الانحناء لم تعد تنفع معه الحبوب الزرقاء.

ما علينا. قبل فترة، كتبت الكاتبة السعودية نادين بدير مقالة قرأها الكثير من الناس، تقول فيها ما معناه: لماذا يحق للرجل الزواج من نساء أربع، ولا يحق للمرأة الزواج من رجال أربعة؟ وراحت تفصّل وتطرح الأمثلة أرضاً.

وبعيداً عن ردود الباحثين عن الشعبية، وما أكثرهم، جريتُ مهرولاً إلى مقالات الدكتور العوضي كي أقرأ الرد المفحم الملجم بالأدلة والوثائق والمستندات. فوجدته متشعبطاً على جدار كلمة قالتها نادين، تاركاً لبّ الموضوع وصفار بيضه. وهات يا شتم واستهزاء بالكاتبة مخلوطاً بما قاله العالم الجليل «شحتة السندويني» في كتابه «الطرطعاني في المعاني» لدار عيون المها للنشر. فخرجت من مقالاته أضرب صدغاً بكف وكفاً بصدغ، والبادئ أظلم.

فيا مولانا العوضي، رحم الله جدك الأكبر، تأكد أننا تعرضنا لمثل هذا السؤال كثيراً في أسفارنا: لماذا يحق للرجل المسلم الزواج من نساء أربع، ولا يحق للمرأة الزواج من رجال أربعة؟ وأعلنّا بعد جدل عَجْزَنا عن الإجابة، وأحلنا السائلين إلى مفكرينا ومشايخنا، وأنت منهم. فإما أن تقول يا مولانا: «لا أعرف الإجابة»، أو «هكذا هو ديننا»، أو فلتطرح حجتك وردك المقنعين، بلا شتائم، أو بشتائم إن أردت، كي نستخدم حجتك نحن أيضاً.

هذا، وندعو الله أن يحشرنا وياك مع علمائك الأجلاء السندويني والزردعوني والبردعوني ودور نشرهم. وجزاك الله خيراً. 

سامي النصف

لا تهزوا دعائم البيت

التباين في الآراء ضمن جدران البيت الواحد هو امر مقبول في جميع الديموقراطيات الاخرى التي لا يسمع ولا يعلم احد بما يدور في غرفها وما بين ابنائها حتى لا يتم استغلال تلك التباينات للاضرار بالساكنين من قبل بعض الجيران المتربصين.

هناك همس تحول الى صراخ في الكويت يشكك وبحق فيمن يدعون عشق الديموقراطية وهم يعملون جاهدين لوأدها فألسنتهم معها وأفعالهم عليها، ومن يدعون الحفاظ على البيت الآمن الذي يظلنا جميعا وهم يطرقون بالمعاول والمطارق اسس بنيانه كي يهدم على رؤوس الجميع بعد ان يفروا كالفئران منه لأحضان محرضيهم وداعميهم.

ومن معاول الهدم التي يستخدمونها بخبث ومكر ودهاء محاربة التنمية ودعم المشاريع التي تفلس الدولة ثم افشاء «الشعور الكاذب بالظلم» لدى المواطنين عند ردها او عدم الموافقة عليها كونها غير مسبوقة او معمول بها في «جميع» الدول الاخرى الاكثر ثراء وذكاء وحكمة وتعقلا من بعض مشرعينا ما يجعل المواطن حانقا وغاضبا طوال الوقت ناسيا رغد العيش الذي ينعم به والذي يحسده عليه اغلب شعوب الدول الاخرى.

ومن معاول الهدم الاخرى استخدام الاقلام ووسائل الاعلام والرسائل النصية والمنتديات الالكترونية بشكل مدروس ومخطط لخلق انطباع عام بعدم الرضا وقمع الآراء العاقلة وتشجيع الآراء المحرضة والمستفزة وجميع تلك الامور تستغل تدني مستوى الثقافة العامة وصمت القائمين على الاجهزة الحكومية المختصة وايمان كثيرين بمبدأ.. «مع الخيل يا شقرا» الشهير!

ومن الوسائل المستخدمة لهز دعائم بيت الكويت الذي يظلنا جميعا تضخيم وتكبير اي حادثة فردية يفترض التعامل معها بالقوانين المرعية والعقوبات الرادعة وهيبة السلطة، والمستغرب اننا كنا اول من تقدم بمقترح تجريم وتشديد العقوبات على أقوال وأفعال الكراهية والذي تبناه جمع طيب من النواب لم يكن منهم قادة التحريض والتأجيج.

آخر محطة:
 
1 – الكويت كما نرى مستهدفة، مستهدفة، مستهدفة وهناك من يرغب في ان يحولنا الى ساحة حرب وكالة اخرى نضرب خلالها اعناق بعضنا البعض ونحرق بلدنا المعطاء لإرضاء الآخرين فهل نطاوعهم ونحقق لهم طلبهم؟!

2 – يجب ان يشمل قانون تجريم الكراهية في نصه او مذكرته التفسيرية المفردات التي تثير الحساسية والبغضاء بين افراد المجتمع الواحد ومن ثم تحريم استخدامها وتشديد العقوبات بشأنها حتى يرتدع من يود حرق الكويت.. بقصد او دونه.

3 – ماذا نسمي اطلاق ألقاب قميئة ودنيئة مثل «البياسر» و«الدماء الزرقاء» من قبل نواب على زملائهم النواب الآخرين وهل في ذلك رص للوحدة الوطنية المتباكى عليها ام هدم شديد لها؟! نرجو من قانون الكراهية ان يجرم تلك المسميات نصا.

احمد الصراف

محنة البغدادي

قلة في الكويت لم تسمع بالأستاذ أحمد البغدادي، الأستاذ الجامعي والمحاضر والباحث والمدافع الصلب عن الحريات وحقوق الإنسان. وعندما يجري الحديث عن مثقفي الكويت، خصوصا في الخارج، يأتي اسم أحمد البغدادي على رأس القائمة، التي لا أعتقد بطولها أصلا. فهو، بلا جدال، واحد من القلة المثقفة التي أعتز بصداقتها، وأعترف شخصيا بأنني استفدت منه. والرائع في البغدادي إخلاصه وتفانيه في أي عمل يؤديه، وأجزم بأنه لكان على أمانته وإخلاصه نفسهما كأستاذ جامعي، لو كان مسؤولا عن مالية الدولة.
يمر الأستاذ أحمد منذ فترة طويلة بمحنة صحية أثرت فيه نفسيا إلى حد ما، لأنها منعته من الاستمرار في عمله الأكاديمي وفي القيام بما يعشق، وهو البحث الأكاديمي والكتابة الصحفية، وهي الأمور التي تعلق بها وأدمنها حتى الثمالة (التي لم يعرفها قط!)، وعلى الرغم من جدية القائمين على تقديم العلاج له وخبرتهم وإخلاصهم، فإن صحته لم تتحسن كثيرا، وكاد يلقى حتفه أكثر من مرة، الأمر الذي تطلب بقاءه في المستشفى لفترة طويلة، بعد أن تبين أن قلبه الكبير قد أصبح، بسبب إخلاصه، و«محاتاته» المستمرة، غير قادر على تلبية مطالب نفسه الكبيرة، وأنه، بالتالي، بحاجة إلى قلب جديد! وهنا تنادَينا ومجموعة من محبي هذا الإنسان وأصدقائه، للقيام بما يلزم، وتغطية تكاليف علاجه في الخارج، بعد أن تسبب روتين إدارة العلاج في الخارج في تأخير سفره أكثر من اللازم.. ولكن مبادرة كريمة من سمو الأمير الكبير سبقتنا جميعا، وشملت برعايتها تغطية تكاليف علاج المواطن أحمد البغدادي، الذي طالما أنارت محاضراته ودروسه وخطبه وكتبه وأبحاثه طريق الكثير من الشباب، وأبعدتهم عن الدروب الزلقة.
سيغادرنا الأستاذ أحمد خلال يومين لتلقي قلب جديد في أحد المراكز الطبية في الخارج. ونتمنى، بطبيعة الحال، أن يتمكن الأطباء هناك من إقناع قلبه بالاستمرار في عمله، وأن يعود سريعا الى أهله ومحبيه وجمهور قرائه، وأثناء ذلك ستكون أفكارنا وقلوبنا جميعا معه إلى أن يعود سالما وهو بصحة تامة.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

الخوف على البحرين..الحرص على البحرين

 

«رسائل مهمة جدا من سمو ولي العهد»… تحت هذا العنوان، طرحت في هذه الزاوية بتاريخ 30 أغسطس/آب من العام الماضي الموافق لليوم التاسع من شهر رمضان المبارك جملة من الرسائل الدينية والاجتماعية والوطنية المهمة أرسلها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى في زياراته لعدد من المجالس الرمضانية برفقة نجله سمو الشيخ محمد، وهي إضاءات حقيقية ورائدة توجب وضعها في الاعتبار لدى كل مسئول وكل سياسي وكل خطيب وكل ناشط، بل وهي مهمة لكل مواطن أيا كان موقعه، وأوجزتها وقت ذاك في عدة نقاط منها أنه على عاتق علماء الدين تقع مسئولية الحفاظ على الوحدة الوطنية في المجتمع البحريني، وأن عليهم الحث على الموعظة الحسنة والدفع بالتي هي أحسن، والدعوة الى الاعتدال ونبذ التطرف، وأن التواصل الصادق كفيل بوحدة المجتمعات وتكافلها، بالإضافة الى أن المجالس الرمضانية محطة للوقوف على احتياجات المواطنين، التباحث مع المواطنين في المجالس التي زارها سموه في الشأن العام والخاص من دون قيود.

ولست أفشي سرا حينما أقول أنه بذات الحماسة التي تابعت فيها زيارات سموه للمجالس في شهر رمضان المبارك، تابعت أيضا برنامج «لقاء خاص» الذي بثته قناة العربية مساء أمس الأول الجمعة مع سموه والذي استطاع خلاله أن يقدم بصورة مباشرة وبإيجاز وبعمق، إجابات لها دلالاتها الكثيرة التي تتصل – بعمق أيضا – بثوابت السياسة البحرينية تجاه قضايا كثيرة مهمة، داخلية على صعيد تراب الوطن الغالي، وإقليمية على مستوى منطقة الشرق الأوسط والعالم.

ومن بين الكم الهائل من التساؤلات والمحاور المهمة التي تميز بها اللقاء، لم أجد شخصيا، إن جاز لي التعبير، رسالة مهمة لها دلالاتها أيضا أكبر وأهم من قول سموه ردا على سؤال طرحته المذيعة نصّا :»هل أنت خائف على البحرين؟»، فكانت الإجابة المختصرة والواضحة :»أنا حريص على البحرين»، مع الاعتبار لآراء مهمة كثيرة طرحها سموه بين جنبات اللقاء يتطلب استحضارها وعرضها مساحة أكبر دون شك.

وبعد، لا أظن أن سموه ينتظر كلمات الشكر والثناء والإشادة من «الشيعة»، سواء في بلادنا أو سائر بلدان العالم في شأن رفضه خلع ثوب الشيعة العرب وإلباسهم لباسا آخر من إيران أو غيرها فقط لأننا نختلف معهم! لكن رسالة سموه المهمة – التي لا أرى أنها ستقع في قلوب مثيري الفتن الطائفية موقع التأمل – هي الرفض التام لأن (نصبغ) كل العرب الشيعة بأنهم مدعومون من إيران، فالمذهب الجعفري كما أشار سموه، هو مذهب من المذاهب الإسلامية (نختلف) معهم في طريقة استنباط الأحكام، وأن هناك من السنة من يتبع أفكارا في المنطقة، بل ومن الصين والولايات المتحدة الأميركية، لكن من الخطأ ربط الفكر السياسي بمذهب من المذاهب.

سيكون من اللازم لكل الإعلاميين في المنطقة الذين يمتلكون حسّا وطنيا صادقا ومسئولية «الأمانة»، أن يتأملوا في دعوة سموه للابتعاد عن تلك «الألوان»، فالدين فوق رؤوس الجميع، وأن ما نختلف عليه هو السياسة وليس الدين.

ولا أشك أبدا في أن هناك من «سيكابر»

سامي النصف

ماذا بقي من الديموقراطية الكويتية؟!

ليس هناك قاسم مشترك بين الديموقراطية المعمرة التي أنشأها الآباء المؤسسون وديموقراطية النهب والسلب والإرهاب والإرعاب التي نعيشها هذه الأيام إلا الاسم والرداء الخارجي، ولو عاد الآباء المؤسسون للحياة لتبرّأوا تماما مما يرون ويسمعون ولما ارتضوا بممارسات العبث والهدر وشتائم أطفال الشوارع والتي جعلت ديموقراطية هذه الأيام القدوة السيئة لباقي شعوب المنطقة بعد أن كانت ديموقراطية الأمس القدوة الحسنة لهم.

لقد بدأ التغييب الحقيقي للديموقراطية الكويتية والإساءة للدستور وتفريغه من محتواه على يد من يدعون زيفا وبهتانا الدفاع عنه وذلك عندما حولوا أدواته الخيرة كالاستجواب إلى وسيلة لشل العمل السياسي وتعطيل التنمية في البلد وإبعاد المسؤولين الأكفاء، كما استنسخوا نموذج المقبور صدام وغيره من الطغاة ممن اعتادوا استحضار «الشجّيعة» و«الهتّيفة» لإرعاب أصحاب الآراء الأخرى.

ومنع وقمع الآباء الزائفون للدستور أي رأي آخر يُطرح على الساحة كحال تعديل الدوائر والمديونيات وغيرهما من قضايا هامة رغم أن صُلب الديموقراطية هو تشجيع الحوار والأخذ بالرأي والرأي الآخر، وتسابق هؤلاء الآباء على تقديم ودعم مقترحات تنسف نصوص الدستور وروحه التي توجب الحفاظ على الثروات العامة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة والفصل بين السلطات (المواد التي تجاوز عليها بشكل متكرر من يدعون أبوة الدستور هي 7، 8 ، 17، 20، 23، 24، 29، 30، 31، 32، 34، 35، 36، 40، 41، 42، 50، 56، 66، 91، 94، 107، 108، 110، 120، 121، 151، 163، 174، 175) والتجاوز على بقية مواد الدستور قادم على الطريق مادام يحقق المكاسب الشخصية والبقاء على الكراسي.. الخضراء!

وساد الفساد التشريعي المجلس الذي يفترض به الرقابة ومنع الفساد وتحول إلى وسيلة للإثراء غير المشروع بعد أن منع «حماة الدستور» إنشاء لجنة قيم تحاسب وتعاقب الفاسدين والمفسدين من النواب، وأوقفوا قوانين النزاهة و« من أين لك هذا» بعد أن لاحظ الناس الثراء غير المبرر على العديد منهم ولم يعلم أحد ما إذا كانت الأموال التي تملأ الجيوب داخلية أم خارجية أم.. الاثنتين معا!

آخر محطة:

لضمان أن يبقى الفساد التشريعي والفوضى قائمين، تم كذلك منع مقترح عقد دورات تدريبية للنواب كي يرتقي الأداء ويستفيد البلد، ومرحبا بمن يتعامل مع الكويت على أنها بلده الثاني.. بعد المائة!