احمد الصراف

الغضب الساطع آتٍ

ما نقرأ عنه في الصحف والمطبوعات ونشاهده في السينما والأفلام الوثائقية ورسائل الإنترنت ومقاطع اليوتيوب وغيرها من وسائل الإعلام، إضافة إلى ما نراه رأي العين من مسيرات وتظاهرات الغضب والألم التي تخترق شوارع مدن الحزن والبلاء من أرخبيل أندونيسيا وحتى أطلس المغرب، كلها وأقل منها، كافٍ لإلقاء الرعب في أقسى القلوب وإرسال قشعريرة لأقوى فقرات الظهر وبث الهلع لدى سياسيي أعتى الأنظمة، فهذا الغضب الإسلامي والتظاهرات الدموية والسيوف التي تقطر دما والرؤوس الموشحة بأربطة سوداء وصفراء وحمراء، والسلاسل التي تلهب الظهور والأكف التي تحرق الصدور والوعيد الملهب للحناجر، متوعدة الأعداء من غربيين وكفرة ويهود، وحتى مسلمين عرب وعجم، بأبشع النهايات، وكل تلك العيون الفلسطينية واللبنانية والإيرانية والعراقية وغيرها التي تقدح شررا، وهي تسمع خطبا نارية تقطر دما وتفجر النفوس وتدفعها للجهاد والموت في سبيل العقدة والعقيدة، مع ما يصاحب ذلك من صور أطفال يتوعدون «أعداءهم» بالموت والأحزمة الناسفة تطوق صدورهم والقنابل تتعلق بأحزمتهم والشعارات المتطرفة تملأ الفضاء من حولهم، وأمهاتهم وآباؤهم يهللون ويزغردون خلفهم، متمنين لهم الشهادة في سبيل الوطن والدين، متوعدين الغرب وإسرائيل والعالم الآخر برمته بالقتل والسحل والموت والدمار، كل هذه ما هي إلا بدايات نهاية العقل والمنطق لدينا، مع كل آثار كراهية الاخر المتمثلة في العمليات الانتحارية، ما ينفذ منها وما يحبط، وما تنشره من موت ودمار عبثي وسط مناحات وأدخنة سوداء تملأ فضاءات المدن والعقول في كل مكان، وما يتبعها من ردود فعل وتشدد ضد كل ما هو عربي وإسلامي في الشرق والغرب، ليطاردوا كحثالات البشر وآفات وأوبئة يجب التخلص منها بإبعادها ليفقد الآلاف مصادر عيشهم ويطردوا من أعمالهم ويرحلوا لسابق أوطانهم، حيث الاعتقال والاستجواب والتعذيب وربما الفناء الأبدي!
نعم العالم مصدوم ومبهور ومندهش وخائف من كل هذا الغضب الديني والزخم العقائدي الذي نصدره لهم كل يوم في مختلف الصور والأشكال، ولكن هل نحن حقا بكل هذه القوة النفسية والعسكرية والعلمية، لكي نشكل تهديدا حقيقيا للسلم العالمي؟ الجواب «لا» كبيرة، فلا قوة ولا حول لنا في أن نشن حربا أو نفوز في معركة ضد أي من أعدائنا، صغر أم كبر! ولكن هذا لا يعني أن حكوماتنا، المعنية أكثر من غيرها بالأمر، يجب أن تترك الأمور على الغارب، فإمكان حصول قلة مجنونة منا على أسلحة دمار شامل ووضع العالم على شفير الهاوية، أو التسبب في فناء جزء كبير من البشر لا تزال قوية، وأن علينا السعي بكل ما نملك لوقف هذا المصير المظلم الذي سنكون أكبر ضحاياه! ولكن هل باستطاعتنا حقا القيام بأي شيء لوقف الكارثة القادمة لا محالة، هاجرنا أم لم نهاجر؟

أحمد الصراف

سامي النصف

العرب بين القيادات الحكيمة والغاضبة والاستعمار!

مع بداية هذا العام زرت غزة (فلسطين القديمة) والسودان (فلسطين الجديدة) وبذلك اكتملت لدي صورة وطننا العربي الكبير بعد ان زرت جميع دوله وأصبحت مؤهلا لتقسيم دولنا العربية بشكل أفضل من تقسيم الأستاذ محمد حسنين هيكل (دول القلب ودول الأطراف) الذي لم يزر إلا 5 دول عربية كونه يمضي كل أوقاته وجل اجازاته في أميركا وأوروبا (العدوة)!

 

فلا شيء يجمع دول القلب (بيروت، القاهرة، بغداد، دمشق.. الخ) ولا شيء يجمع كذلك بين دول الأطراف (الدار البيضاء، مقديشو، جيبوتي، مسقط، ابوظبي.. الخ) لا في التوجه السياسي ولا الانجاز الحضاري ولا حتى المستوى المعيشي عدا عن عنصرية هذا الطرح ممن يدعي الايمان بالقومية العربية وهو المحارب الأول لها عبر تقسيم أبنائها وتصنيفهم بشكل مهين بين أهل حضارة وأهل بداوة.

 

فالفارق الوحيد بين دولنا العربية يكمن في الانجاز الذي سببه المباشر هو نوعية الإدارات الحاكمة فأغلب الدول العربية التي تملك كل شيء من نفط وماء وطقس وسياحة واتساع أراض والمؤهلة لان تصبح أغنى دول العالم حيث لا ينقصها شيء من مقومات الثراء الحقيقي، هي في الواقع الأفقر بسبب القيادات الثورية الغاضبة التي حكمتها، واما الدول العربية المنجزة فهي الأقل بالموارد حيث لا تملك إلا النفط المتوافر لدى الآخرين الا انها الأكثر ثراء وتقدما بسبب القيادات الحكيمة التي احالت الصحارى الجرداء إلى جنات خضراء.

 

نذكر تلك الحقيقة ونحن في بداية عقد جديد يجب ان نقرر خلاله مستقبلنا ومنهاج حياتنا فإما مسار الحكمة والهدوء والسعادة والانجاز، واما مسار الغضب والحقد والتعاسة و«التقدم للخلف» المعتاد حتى ينتهي الحال بنا كحال الدول الثورية التي زرناها والتي تتمنى شعوبها المغلوبة على أمرها ولو جزءا قليلا من الرفاه الذي نعيشه والذي لا يشعر به ضحايا ظاهرة «الظلم الكاذب» المتفشية لدينا هذه الأيام.

 

آخر محطة: 1 ـ مع تواتر الانباء عن كارثة زلزال «هاييتي»، نتذكر اننا نعيش في بلدان آمنة من الزلازل والبراكين والأعاصير والثلوج والسيول.

2ـ يذكر راحلنا الكبير د.احمد الربعي انه قال لبائع سمك في احدى الدول الثورية ان أسعاره أغلى بكثير من الأسعار في عهد الاستعمار فأجابه البائع: ارجع لنا عهد الاستعمار وخذ السمك بالمجان.

(3) ويروي الزميل العزيز فؤاد الهاشم انه سأل ذات مرة مرافقه حال وصوله لمطار احدى الدول الثورية عمن بنى المطار فأجابه المرافق: «الإنجليز» وسأله مرة أخرى عمن بنى الطريق الذي يسيران فوقه فأجابه: «الانجليز» وحال وصولهما للفندق العام سأله عمن بناه فأجابه: «الانجليز» فسأله الهاشم وانتم ماذا فعلتم فأجابه: «نحن من طرد الانجليز».. كفو.

احمد الصراف

لم يبقَ من العمر الكثير

بيّن تقرير عن افضلية العيش في مختلف دول العالم ان فرنسا واستراليا وسويسرا تأتي على رأس القائمة، وان الكويت في المرتبة 106 تسبقها الفلبين والاردن والصين وكوبا والهند وتونس(!) وتأتي بعدها موريتانيا والسعودية والعراق وافغانستان، ثم تأتي السودان واليمن والصومال في ذيل القائمة! وان كان لجميع هذه الدول عذر، او اكثر فيما اصابها وجعل الحياة فيها مرهقة مكلفة خطيرة او مقرفة ومملة، فما هو عذر الكويت الدولة الصغيرة الجميلة الثرية المسالمة لكي تصبح في مثل هذا المستوى المتدني من المعيشة؟
لسنا هنا في معرض تحديد الامراض والاعراض ووصف العلاج، فخمال حكوماتنا المتعاقبة، وتساهلها المستمر مع قوى التخلف والردة والشدة، هما اللذان ربما اوصلانا الى ما نحن فيه الآن، وليس هناك حل سريع للخروج من مأزقنا، وما علينا بالتالي غير الاهتمام بصحتنا الجسدية والنفسية والعقلية من خلال رفع مستوى معيشتنا ونوعيتها والمساهمة في اطالة اعمارنا من خلال النصائح التالية:
1 – الضحك، والابتعاد عن الغضب وعما يغضب، والابتسام بقوة حتى عند قراءة تصريح النائب السلطان بأن خطة التنمية الجديدة لا تحمل توجها اسلاميا.
2 – ممارسة التمارين الرياضية يوميا، وبالقرب من الساحل، ولكن بعيدا عن شاطئ المجلسين لتجنب التفكير في قراراتهما.
3 – ضرورة تناول طعام الافطار الغني بالألياف، فهذا يساعد على مقاومة الجوع ويسهم في عملية الهضم، مع الحرص صباحا على عدم قراءة الصحف ومحاضر المجلس وقرارات الحكومة، لتجنب تخريب يومك مبكرا.
4 – اخذ قسط كاف من النوم يوميا، علما بأن جلسة الديوانية لن تساهم في رفع مستوى المعيشة ولا في اطالة العمر، وربما العكس.
5 – ضرورة إلقاء نظرة على «خروجنا»، وليس في ذلك ما يعيب، فالشكل واللون لهما دلالات كثيرة، ليس هنا مجال لسردها، والطبيب هو الاكثر اطلاعا على هذه الامور، ويمكن عن طريق مراقبة الخروج ايجاد العلاج المناسب لمشاكل عسر الهضم والبواسير والاسهال، وهذه كلها يمكن استنتاجها بالقراءة اكثر في هذا الموضوع.
6 – من المهم زيادة الالوان في طعامنا، بتناول اكبر قدر من الخضار والفواكه.
7 – عدم الاكتفاء بتنظيف الاسنان بالفرشاة، بل استخدام وسائل تنظيف اخرى كخيوط الفلوس (وربما مرشات الماء الخاصة بالاسنان).
8 – من الضروري ان نعتاد «شفط» بطوننا، او كروشنا وفي اي وضعية كنا. كما يجب ان نحاول يوميا استنشاق اكبر كمية من الهواء، فهذا يعطينا مادة «نترك اوكسايد» الكيميائية التي توجد في الجزء الخلفي من الانف، والتي يساعد استنشاقها في فتح شرايين الدم وزيادة الاكسجين فيه، وهذا يسهم في شعورنا بالراحة والانتباه اكثر.
9 – ان نعيش حياة اجتماعية بقدر الامكان، ولكن بعيدا عن اصحاب الهم والغم وعذاب القبر، فالوحدة، كما يقال، قاتلة.
10 – تجنب انظمة تخفيض الوزن الشائعة، او الموضة، فالسر يكمن في تقليل الكمية.
11 – التقليل من الانشغال الفكري بالمستقبل والقلق منه، فهذا لن يترك لنا فرصة العيش بهدوء والاستمتاع بالحياة.
12 – ضرورة ممارسة الجنس كلما استطعنا ذلك، فليس هناك ما هو اكثر فائدة منه.
13 – على النساء اجراء الفحص الدوري للصدر، والرجال الفحص الدوري للخصية والبروستات، فهي اكثر الاعضاء تعرضا للاصابة بالسرطان.
نتمنى للجميع صحة طيبة وعمرا مديدا، بعيدا عن منغصات الحياة، وما اكثرها لدينا.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

البضائع الرخيصة المجانية: فضائح السنة والشيعة (1)

 

تحت عناوين متعددة، تتصدرها كلمة الفضيحة/ الفضائح، وتتبعها شعارات بغيضة غبية قبيحة، تكونت شريحة من ينتسبون إلى المجتمع الإسلامي، وغالبيتهم من فئة الشباب من الجنسين مع قيادات متشددة من يفترض فيهم النضج، يستخدمون الوسائل التكنولوجية الحديثة وخصوصا مواقع الـ (يوتيوب) والـ (فيس بوك)، لنشر سموم تفتك بالأمة الإسلامية.

وهذا المد المريض، مع اختلاف الجناة وطوائفهم سواء كانوا من متشددي السنة أم من متشددي الشيعة، أصبح يؤثر في نفوس بعض الناس ممن يصدقون كل ما يمكن الحصول عليه من موضوعات وصور ومعلومات ومشاهد فيديو، وخصوصا على صعيد الخلافات العقائدية بين المذاهب، ومع شديد الأسف، يندر الوقوف على مواقف واضحة من قبل المعتدلين من علماء الأمة من الطائفتين الكريمتين في التحذير من تصديق الأفعال الخبيثة التي يعتقد فاعلوها أنهم إنما يفعلون ذلك لخدمة الدين الإسلامي والدفاع عنه، وهي بلا شك أفعال منكرة قبيحة متسترة وراء شاشات الحواسب الآلية، وفي الغرف المظلمة.

مقاطع الفيديو على (اليوتيوب) هي اليوم من أكثر المواد المتداولة، وليس صعبا اكتشاف الكم الهائل من النوايا التدميرية التي تقوم بها جماعات طائفية بغيضة من خلال بث مواد مرئية خطيرة يتقصد فاعلوها اختيار القضايا الخلافية أو المواقف الشخصية لبعض خطباء أو علماء مفترضين يفتقدون الإحساس بالمسئولية الدينية والوطنية، ومنها ما يدعو إلى شتم الصحابة وأمهات المؤمنين “رض”، ومنها ما يستخرج الآراء الفقهية الشاذة لعلماء من الطائفتين وتُعرض للسخرية وتبادل الشتائم والاتهامات والتكفير والإخراج من الدين الإسلامي، ومنها ما هو مفبرك عمدا لإضفاء المزيد من المشاعر العدائية، وهذه بضاعة رخيصة مجانية رائجة، تنتشر كالنار في الهشيم عبر إرسالها إلى ملايين العناوين الإلكترونية بروابط تنقل المشاهد مباشرة إلى المادة القبيحة لتبدأ مرحلة تبادل الاتهامات والشتائم ودعوات القتل والدموية الوحشية.

ما يلفت النظر، أن بعض القنوات الفضائية، فتحت المجال للمهرجين والممثلين، وقنوات أخرى أوجدت لها أسلوبا منكرا من خلال الترتيب مع بعض المتصلين ليطرحوا، بطريقة مسرحية مكشوفة، تساؤلات أو مداخلات لا هدف منها إلا إثارة أبناء الأمة الإسلامية وبث العداوة والبغضاء التي لا تحتاج إلى مزيد من الوقود لإشعالها في نفوس شريحة كبيرة من البسطاء، وإذا كان مقدم البرنامج والضيف باعتبارهما من أهل الوعظ والإرشاد قبلوا بهذا الأسلوب المنحط، فما بالك بالمشاهدين الذين لن يكونوا جميعهم طبعا من ذوي العقول والألباب ليكتشفوا الطيب من الخبيث!

في الأيام المقبلة سنستعرض بعون الله نماذج من البضائع الرخيصة المجانية

سامي النصف

الانشطار الخطير للسلطنة الزرقاء

السلطنة الزرقاء هو اسم أول مملكة عربية إسلامية قامت في السودان عام 1505، وفي عام 1956 عمل الرئيس جمال عبدالناصر على فصل السودان عن مصر ودفعها للاستقلال عن طريق تسليم ملفها للمعتوه صلاح سالم، وضرب كلا من الشيوعيين (1952)، وأحزاب العهد الملكي (1953) والإخوان المسلمين (1954) وعزل الرئيس محمد نجيب (1954)، ومعاداة الانجليز المؤثرين في السودان، وجميع تلك الكتل والدول كان لها وجود مؤثر جدا في السودان، ما دفعها للانفصال والاستقلال.

وتم خلال الخمسين عاما الماضية السير ضمن نمط ثابت من الحكم في السودان وهو حكومة وطنية يسقطها انقلاب عسكري ثم يتم إسقاطه بثورة شعبية (3 حكومات وطنية، 3 انقلابات عسكرية و3 ثورات شعبية خلال 54 عاما) والسودان يعيش الآن ضمن مرحلة الحكومة الوطنية بعد ان فرض اتفاق السلام في نيفاشا الديموقراطية والتعددية القائمة هذه الأيام على أرضه.

والسودان الذي يعامله البعض على انه «رجل أفريقيا المريض» هو أكبر دولة افريقية وعربية بمساحة 2.5 مليون كم2 ويبلغ عدد سكانه 40 مليونا وقد كان مرشحا لأن يصبح سلة الغذاء لما لا يقل عن مليار نسمة إلا ان الحروب الأهلية المتتالية أضعفته وفرضت عليه إعطاء الجنوب حق الانفصال، مما سيجعله يفقد ما يقارب ثلث أرضه ما لم يتم تدارك تلك الفاجعة القادمة.

وسيفقد السودان عبر انفصال جنوبه (الأندلس الجديدة) جل ثروته من الذهب الأسود (النفط) الموجود أغلبه في الجنوب، والذهب الأبيض (المياه) حيث لا يزيد معدل سقوط الأمطار في الشمال على 20 ملم بينما يزيد في الجنوب على 1000 ملم في العام، والذهب الأخضر (الزراعة) كون أراضي الشمال صحراوية قاحلة بينما تتساقط الفواكه على الأرض في الجنوب دون ان يهتم أحد بالتقاطها لوفرتها، إضافة الى تواجد الذهب الأصفر واليورانيوم والنحاس على أرض الجنوب دون الشمال.

ولا يشعر المراقب بأن هناك أي جهد يبذل سودانيا أو عربيا لمنع انفصال الجنوب، فلم تنشأ فضائيات وصحف في الجنوب تظهر مزايا البقاء ضمن الدولة الواحدة مما سيرجح كفة دعاة الانفصال، وحتى لو أظهرت نتائج الاستفتاء القادم بعد أشهر قليلة الرغبة في البقاء ضمن التراب السوداني فستدعي القوى الجنوبية زيف تلك النتائج وتعلن الحرب والانفصال.

ولن يتوقف الانفصال الدموي على ولايات الجنوب الذي سيتوافر بعد فصله عاملان مهمان سيدفعان بانفصال دارفور وكردفان والمناطق الشرقية، أولهما اتهام القوى الفاعلة في تلك الولايات للقيادة والحكومة القائمة بأنها سبب الانفصال ومن ثم الثورة عليها والانفصال عنها، والثاني ان فقدان ثروة الجنوب الوافرة وخاصة عوائد النفط سيضعف من المشاريع والصرف الحكومي على بقية الولايات، ما سيكون دافعا إضافيا للانفصال في ظل شكوى قائمة من عدم عدالة توزيع الثروة.

آخر محطة:
 
(1) بكى العــرب دمـاً على فقدان 20 ألف كم2 من أرض فلسطين فما الذي سيفعلونه وهم بصدد فقدان 2.5 مليون كم2 من أرض السودان؟! الأرجح لا شيء.

(2) واقع الحال يظهر ان الشمال العراقي والجنوب السوداني قد انفصلا «فعليا» عن باقي الأمة ولم يبق إلا الإعلان الرسمي عن ذلك الأمر.

(3) تعمل للأسف توجهات إسلامية فاعلة جدا في الشمال على دعم انفصال الجنوب «العلماني» و«الكافر» حتى يمكن لها تحقيق حلمها بخلق «إمارة إسلامية نقية» في الشمال.

(4) زيارتنا للخرطوم هي الزيارة الأولى لوفد صحافي كويتي للسودان منذ استقلال البلدين، كما انها أول زيارة لوفد إعلامي مشترك بين جمعية الصحافيين الكويتية و«كونا»، وهو أمر ما كان له أن يتحقق لولا جهد رئيس الجمعية ودعم مدير عام الوكالة.

محمد الوشيحي

حلق الشوارب

والله العظيم إن وزير الإعلام والنفط، الشيخ أحمد العبد الله، غلبان غلب اليتامى الجياع، حتى ولو بدَت هدومه قشيبة مهندمة مرتبة. ووالله العظيم، ثانيةً، إن الكثيرين متأكدون من عدم قدرته على اتخاذ إجراءات ضد وسائل الإعلام المخالفة. معلش يعني. كل واحد يلزم حدوده. فبعض أصحاب وسائل الإعلام يصعدون إلى الأدوار العليا بالأصانصير، بينما هو يصعد بالدرج، والناس مقامات.

الرجل أراد منصباً وبشتاً، فعرضوا عليه وزارة الشؤون، فضرب على فخذيه: «مابي مابي مابي، أبي العسل، أبي وزارة النفط». فأعطوه العسل ودسوا له السم، وزارة الإعلام. هذه هي كل الحكاية.

وعندما كنا في تجمع الأندلس، كانت الكلمة الأكثر دوراناً بيننا هي «متوبكة»! أي أن خطة الحكومة مُحكمة. والحكاية ليست مجرد خروج الجويهل على الشاشة وشتْم القبائل، ووضع فواصل من أصوات الأغنام والربابة في استهزاء سافر بالقبائل وبيئتهم، والتحجج بعد ذلك بالحديث عن ازدواجية الجنسية. لا أبداً. الهدف الذي لا يعلمه الجويهل ولا الشيخ أحمد العبد الله، لأنه أكبر منهما بكثير، هو العبث بالحريات من أجل قمعها لاحقاً وحلق الأشناب كخطوة أولى، تمهيداً لخنق الدستور. لذا كانت لوحاتنا ويافطاتنا التي رفعناها في التجمع الثاني، تجمع العقيلة، تعلن وبالصوت العريض أن «دستورنا… سورنا».

والحديث عن أن قوانين النشر والمرئي والمسموع الحالية كافية لتقويم أي اعوجاج، وأن العاجز يبحث دائماً عن مبررات ومبرّدات، كما كان يفعل المعلق السعودي عندما كان منتخبنا يهزم منتخبهم بالثلاثة والأربعة: «الهواء ضدنا والجمهور ضدنا والحكم ضدنا»، أقول إن الحديث عن هذا الأمر مضيعة للوقت. وأحمد العبد الله أضعف من أن يقود وزارة واحدة فما بالك بوزارتين. وكلنا لاحظنا كيف ابتلش بلشة الأبلشين في وزارة الإعلام، وقرر منع البرامج السياسية، على اعتبار أنها «باب يأتي منه الريح»، ونسيَ أن وزارة الإعلام تعيش في العراء العاري، لا سقف لها ولا حيطان. وهو بمنعه البرامج السياسية كمن وضع باباً في الصحراء، وضاعت حسبته. واليوم ذلك تريد الحكومة إقناعنا أن العبد الله يرسم الخطط ويشرف على تنفيذها. خير إن شاء الله.

والمضحك أن الصحف المتباكية اليوم على الحريات، هي ذات الصحف التي تمنع نقد الرئيسين، رئيس الحكومة ورئيس البرلمان، خوفاً وطمعاً، لكنها للأمانة توفر للكاتب الحبر والقرطاس والقلم وشاي سيلان لنقد الرئيس أحمد السعدون، تقرباً للرئيسين وتزلفاً.

وما يحدث اليوم أشبه بحلاقة شوارب جماعية بـ "موس" واحدة، وإركاع على الركبتين المجردتين. وفي أمك خير، أو في خالتك، انتقدهما. والمطلوب أن نتحول كلنا إلى مارادونا، نحاور ونناور في متر مربع واحد، بعدما ضاقت المساحة وضاق الفضاء. والبعض سلّم شاربه للموس طواعية، والبعض الثاني اقتيد عنوة، والبعض الثالث عظ شليله، ووضع كفّه على شاربه، وأطلق ساقيه للعاصفة.

وبعد إقرار القانون الجديد، لن نستطيع الكتابة حتى عن رئيس قسم بالوكالة، دع عنك رئيس الحكومة. لذا سأتفق مع القراء على رموز وإشارات للوزراء، فإذا غمزت بعيني اليسرى فالمقصود وزير الخارجية، وإذا عملت شقلبة فالمقصود وزير الداخلية، وهكذا، إلى أن يتراجع ترتيبنا في الحرية الصحافية إلى حيث الدفء، بجانب الشقيقة كوبا.

وبمناسبة شهر ذي القعدة المبارك، أستأذنكم وإدارة التحرير للراحة أياماً معدودات. جاو.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سعيد محمد سعيد

واقع الطفل العربي والخليجي

 

في الحقيقة، يدخلنا الحديث عن واقع الأطفال العرب، سواء في منطقة الخليج العربي، أو على مستوى الوطن العربي بشكل عام، في منطقة شائكة للغاية! ومعقدة بدرجة تحمل معها الكثير من المخاوف المستقبلية، ولكن، ليس بالأمنيات فقط يتحسن وضع الطفل العربي.

الطفولة العربية، ونحن نعيش يوم الطفل العربي والخليجي 15 يناير/ كانون الثاني، مساحة مهمة مهملة من جانب واضعي السياسات في الوطن العربي، ويحضرني تصوير مهم لرئيس تحرير مجلة العربي الكويتية، سليمان العسكري حول واقع الطفولة في الوطن العربي يقول فيه :»الأطفال في عالمنا العربي والسماء فوقهم بهذا الانخفاض، كيف يمكن أن يرفعوا رؤوسهم بكامل قاماتها؟ وكيف يمكن أن يتأملوا الآفاق البعيدة دون فضاء رحب يتيح لهم الانطلاق؟ الأطفال العرب ـ وليس أطفال فلسطين وحدهم ـ محاصرون، ولأنهم مادة المستقبل، فإن هذا يعني أن المستقبل العربي كله محاصر، مساحة الإبداع فيه ضيقة، والقدر المتاح للابتكار معدوم تقريبا».

ولهذا يطرح تساؤل مهم :» من المسئول عن كل هذا؟»، إن أنظمة التعليم العربي لا تخنق الحرية فقط ولكنها تقتلها عمدا، والواقع العربي لا يجعل الطفل يأخذ نصيبه العادل من خبرات الطفولة، هنا، تتوزع مسئولية الحصار الذي يعيشه الأطفال العرب على جهات عدة، على رأسها نظام الأسرة، المؤسسة التعليمية، المؤسسات الثقافية والإعلامية، وتلك الهوة من التخلف التي نعيش فيها والتي ارتضيناها لأنفسنا كأنها قدر محتوم.

لقد أعدت جامعة الدول العربية والمكتب الإقليمي لمنظمة الامم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» دراسة حول واقع الطفولة في الدول العربية تحت عنوان «عالم عربي جدير بالأطفال» بهدف توضيح الصورة الواقعية لأوضاع الأطفال في الدول العربية، ومن ثم العمل والسعي الجاد لتحقيق تقدم أسرع نحو الارتقاء بهذه الأوضاع والتأكيد والاستفادة من الايجابيات فيها، مع معالجة السلبيات منها من خلال تنفيذ أهداف خطة العمل العربية للطفولة، التي أصدرها المؤتمر العربي الثالث لحقوق الطفل في الجمهورية التونسية في يناير من العام 2004.

تلك الدراسة أشارت الى أن عدد الأطفال في كثير من دول العربية يصل الى مايقارب من نصف عدد السكان، بينما ينمو عدد السكان بصورة عامة نموا سريعا! وإذا استمرت معدلات الزيادة الحالية على ما هي عليه، فإنه من المتوقع أن يصل تعداد العالم العربي الذي يبلغ الآن 285 مليون نسمة إلى نحو 650 مليون نسمة بحلول العام 2050، وتصل نسبة من هم دون سن الخامسة عشرة الى 34 في المئة من هذا العدد الإجمالي وهي نسبة لا تزيد عليها إلا نسبتهم في الدول الافريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى وهي 42 في المئة.

ذلك يعني أنه سيكون على الدول العربية أن تنمو أسرع من المعدل الذي كانت تنمو به من قبل حتى في سنوات الانتعاش النفطية، كي يمكنها التعايش مع الأوضاع عندما يكبر هؤلاء الأطفال ويبدأون في البحث عن عمل، وبما أن المعرفة، أكثر من الموارد الطبيعية أو رأس المال، هي أساس ثروة الأمم، فإن الدول العربية عليها الاستثمار في تعليم الأطفال كي يمكنها المنافسة في الاقتصاد الكوني، وإذا استمر معدل سرعة النمو وأنماطه الحالية مستقبلا، فمن الممكن أن نتخيل عالما من البطالة الضخمة، إحباط الشباب، والقمع والفوضى والعنف.

وبناء على ذلك، فإن هذه الدراسة تكرس اهتمامها بوضع الأطفال في العالم العربي، والعمل في إطار المقاربة الصحيحة للتنمية، والسعي لإثبات أن الاستثمار في الأطفال ضروري لتقدم المنطقة، وأن قصور الاستثمار فيهم لن يؤدي إلا إلى خنق التنمية وشل الاقتصاد وإحباط المستقبل.

محمد الوشيحي

الداب الاشهب

قبل كل شيء، أقدم اعتذاري على طبق من خجل لعدم نشر مقالة الثلاثاء الماضي…

رحمتك يا رحيم. شاهدتُ أمس صوراً قديمة لي أثناء خدمتي العسكرية على الحدود الكويتية – العراقية، تعود إلى نحو ست عشرة سنة. عليّ النعمة أرعَبَتني، ولا حول ولا قوة إلا بالله… إحداها يبدو أنها التُقطت لي ذات عصرية صيف قائظ. ظهرتُ فيها كما الداب* الأشهب، الحَنَش. لم يكن ينقصني إلا أن أتمدد في المساء على ظهري وأرفع رقبتي إلى الأعلى، فتظنني العصافير جذع نخلة هاوية وتقع على فمي فألتهمها بريشها، وفي النهار أتلوّى على صخرة، فإذا مرت غزالة شاردة قفزت وتلوّيت عليها فعصرتها وهشمت عظامها والتهمتها في لقمة واحدة. ولو شاهدني أهل البيئة لنقلوني مباشرة إلى محمية صباح الأحمد. كنت هيكلاً عظمياً طويلاً له حواجب، يضع في طرف فمه سيجارة، كائناً أشهب، نحيفاً، ممطوط القوام، أقرع الرأس، أشعر الذراعين. أعوذ بالله من كآبة المنظر.

ولا أتذكر اسم الأديب المصري الذي سُئل عن مدينته فقال: «أنا من قنا، وقنا… عذاب النار»، يصف شدة حرارتها. ولو أنه عاش معي على الحدود متنقلاً ما بين «سنام» و»البحيث» و»جريشان» لأدرك أن قنا قطعة من الجنة، أو قطعة واحد في الجنة! يا رجل، في صحراء البحيث، سقتها المزن، يمر عليك في اليوم الواحد سبعٌ وعشرون عقرباً وخمس عشرة حية وستة وثلاثون ضبّاً متشرداً. كرنفال. زحمة زواحف. الكتف على الكتف! وفي صحراء جريشان تشعر أن الشمس تتراجع تسع خطوات إلى الخلف ثم تندفع بأقصى سرعتها – وهي تشتم وتلعن – لترتطم برؤوسنا ووجوهنا وجباهنا، وكأننا قتلنا معيلها الوحيد. أحياناً ينتابنا إحساس أن الشمس ساديّة، تتلذذ بتعذيبنا… وأنت تقول لي «قنا عذاب النار»؟ أقول صلِّ على النبي بس ولا تسيّس السياسة، على رأي الدوقة سلوى الجسار. قال قنا قال.

وكانت المواقع الثلاثة المذكورة هي المنفى للضباط المغضوب عليهم والضالين. تماماً كما كان يحدث مع ضباط الشرطة الأسبان المغضوب عليهم، عندما تم نقلهم إلى مدينة الغجر في غرناطة. والغجر، كما هو معروف عنهم، يعشقون العزلة، لا يختلطون بأحد ولا يقبلون الغريب بينهم. وتعال شوف واقرأ حكايات ومذكرات هؤلاء الضباط وعذاباتهم.

وصورة أخرى التُقطت لي وأنا أتناول الغداء في ظلال سيارتي العسكرية وأضع على رأسي غترة مبللة تخفف انتقام الشمس، وأضحك ببلاهة وبؤس. ضحكة مرعبة مفزعة. اهِبْ يا أنا. تفحصت وجهي فتحيّرت، كيف كنت أحلق لحيتي دون أن تخرج عظامي على العلن؟ وتحيّرت أكثر، كيف كنت أقرأ الروايات والكتب في أوضاع وأوقات كتلك؟ أي مزاج هذا؟

وفي الصورة الثالثة، شاهدت لأول مرة في حياتي، حنشاً يرقص العرضة وفي يده بندقية، وفرحان. على ماذا؟ علم ذلك عند ربي وعند خبراء الزواحف.

واليوم أضع على وجهي كريماً مرطباً بعد الحلاقة، وأدهن جسمي بكريم «وايت ماسك» برائحة الفانيليا واللوتس، وأتناول غدائي في الشيراتون وعشائي في كراون بلازا، وبعد غد قد أتناوله في السجن المركزي. وهكذا دواليك ودواليب… وانتو شلونكم؟ وش جاب طاري هالسالفة؟

* الثعبان 

سعيد محمد سعيد

الشيشة والنقال

 

يبدو أن هناك أسبابا جديدة ستضاف إلى قائمة مسببات ودوافع الطلاق بين الأسر الخليجية والعربية، ولعلها تدخل ضمن (التطور التقني) والتحول في أنماط الحياة، أو ربما هي جزء من ضريبة العصر، لكن على أي حال، فإن المشاكل الأسرية المعهودة لا تحتمل إضافة مسببات أخرى كما ورد في بعض القصص التالية:

طلق مواطن خليجي زوجته بعد زواج دام لأكثر من عشر سنوات بسبب فاتورة هاتفه النقال، ولم يقبل الزوج أعذار زوجته التي تسبب جهلها بصدور الفاتورة حاملة مبلغا هائلا لم يكن يتوقعه، وكان الزوج، وهو أب لثلاثة أطفال، صدم بفاتورة هاتفه النقال، في الوقت الذي تقدم فيه شركة الاتصالات عرض شهر مجاني لعملائها، إذ استغلت فيه الزوجة العرض لتتصل بكل صديقاتها وقريباتها اللواتي انقطعت عنهن منذ زمن.

وبررت الزوجة لزوجها ما حدث بأنها كانت تجهل أن العرض يسري فقط على عملاء شركة الاتصالات، بينما راحت تثقل كاهل فاتورة زوجها باتصالات مختلفة ولساعات طويلة على عدة شركات أخرى.

ودفعت صدمة الزوج إلى تطليقه زوجته بعد عِشرة دامت لأكثر من عشر سنوات أنجبا خلالها ثلاثة أطفال، وذلك بعد نقاش حاد استمر بينهما لساعات.

قصة أخرى تقول إن زوجا عربيا يقيم في إحدى الدول الخليجية أصر على تطليق زوجته لإصرارها على مواصلة تدخين “الشيشة” بعد فشل محاولاته في نصحها بالتوقف عن هذه العادة الضارة، وتقدم الزوج بطلب إلى دائرة المحاكم في رأس الخيمة لتطليق زوجته، للضرر الواقع عليه وعلى أبنائه بسبب إدمان الأم لتدخين “الشيشة”وإصرارها عليها، وهو ما أدى إلى وقوع الخلافات بين الزوجين وصلت إلى أروقة المحاكم، وفي قصة مشابهة، طلق مواطن خليجي زوجته التي تبلغ من العمر 33 عاما وأم لثلاثة من الأطفال بعد فشل محاولاته في نصحها بالتوقف عن تدخين “الشيشة”، ولم تنجح محاولات الأقارب في تقريب وجهات النظر ونصح الزوجة، إلا أن الزوج أصر على إجراءات الطلاق، وخصوصا أنه كان امتنع عن التدخين منذ خمس سنوات نزولا عند رغبة الزوجة.

وفي سابقة هي الأولى من نوعها كما وصفتها الصحافة، طلق خليجي زوجته نتيجة استخدامها غشاء البكارة الصيني الذي مازال يثير جدلا أخلاقيا في بعض الدول، واستخدمت الزوجة السعودية الغشاء الصيني في الذكرى الثانية لزواجها في محاولة منها لمفاجأة زوجها وإدخال السرور إلى نفسه وفقا لوجهة نظرها، إلا أنها فُجعت بردة فعل زوجها الذي أعلن طلاقها بعد أن أوضحت له سر استعادتها غشاء البكارة بعد عامين من زواجها، وقرار الطلاق جاء بعد غضب الزوج من استخدام زوجته هذا الغشاء وساورته الشكوك من استخدامها مثل هذا الغشاء الصناعي!

وعلى أية حال، هناك الكثير من القصص التي تثير القلق بشأن استقرار الأسرة الخليجية، لكن، لاتزال فئة من الناس تتجه بجنون نحو هدم الأسرة لأسباب أقل ما يقال عنها سخيفة.

سامي النصف

أنقذوا السودان قبل فوات الأوان

نزور ضمن وفد جمعية الصحافيين الكويتية ومنذ بداية الأسبوع جمهورية السودان الشقيقة، وقد التقينا العديد من الوزراء والمسؤولين ونأمل أن نلتقي غدا الخميس الرئيس عمر البشير في ولاية دارفور كي تكتمل لدينا صورة المشهد السوداني في حاضره ومستقبله خاصة ضمن الظروف الحرجة القائمة.

وقد لقي الوفد الإعلامي الكويتي المكون من الزملاء والزميلات: عدنان الراشد ود.هيلة المكيمي ومنى ششتر ودينا الطراح وخالد معرفي، كل الحفاوة والترحيب من قبل المسؤولين السودانيين ممن أخجلونا بكرمهم وتواضعهم وتقديرهم لما تقوم به الكويت في قطاعيها الرسمي والشعبي من دعم مباشر للسودان جعلها في مصاف أحد أكبر المستثمرين هناك.

وسنترك لمقال لاحق تفاصيل اللقاءات والزيارات التي تمت لسد مروى ومشروع سكة الكنانة وملتقى النيلين الأزرق والأبيض، والدور الكويتي الفاعل في «مملكة الذهب الأخضر» الذي وضع خطواته الأولى قبل 35 عاما صاحب السمو الأمير، حفظه الله، عندما كان وزيرا للخارجية وعبدالرحمن العتيقي وعبداللطيف الحمد ود.فيصل الكاظمي وموسى أبوطالب والسفير المرحوم عبدالله السريع، ولنطلق صيحة تنبيه وتحذير مما هو قادم سريعا للسودان، ومن ثم الدعوة لفزعة عربية تمنع نكبة وكارثة عربية أخرى أكبر وأشد من نكبة 48.

وعودة للوراء، ففي عام 83 ألغى الرئيس جعفر النميري اتفاقية الحكم الذاتي مع الجنوب السوداني التي عقدت عام 1972 في أديس أبابا وأعلن الحكم بالشريعة الإسلامية مما جعل الجنوب يعلن الثورة بقيادة جون قرنق وبدء حرب أهلية استمرت ما يقارب ربع القرن انتهت بعقد اتفاقية السلام في يناير 2005 والتي تضمنت اعطاء الجنوب السوداني حق تقرير المصير في يناير 2011 أي بعد أشهر قليلة.

وقد اخفقت الجامعة العربية وأمينها العام ـ كالعادة ـ في إعلان النفير العربي العام حول تلك القضية عبر خلق صندوق مالي عربي لدعم خيار بقاء السودان موحدا عن طريق مشاريع تنمية عربية وخليجية في الجنوب السوداني تدق لوحاتها وإعلاناتها في الطرق والقرى والمدن والساحات الجنوبية وإنشاء فضائيات وصحف جنوبية تُسوق للوحدة، فانقسام وانشطار السودان، لا سمح الله، سينتقل سريعا لباقي الدول العربية والأفريقية وسيصيح الجميع في يوم ما.. إنما أكلنا يوم أكل الثور… الأسمر!

آخر محطة:

1 ـ الشكر الجزيل لسفير السودان في الكويت د.الميرغني والوزير المفوض عبدالعظيم الصادق وسفير الكويت في السودان سليمان الحربي أو «سليمان السودان» كما أسماه وزير الإعلام السوداني المثقف الزهاوي إبراهيم مالك ولقطاع الإعلام الخارجي في وزارة الإعلام السودانية الذين قاموا بتسهيل الزيارة وعملوا بكفاءة مميزة جعلت الرحلة تمر بسلاسة ويسر.

2 ـ يناير 2011 قريب في تداعياته العربية والإقليمية من مايو 48 والحاجة الآن ـ إن تعلمنا الدرس ـ لا لفزعة مسلحة من الجيوش العربية بل للفتة إنسانية توجه لأهل الجنوب السوداني وتجعلهم يؤمنون بفوائد البقاء ضمن الدولة السودانية الواحدة، لقد اختلفنا حول فلسطين فضاعت فلنتفق هذه المرة حول السودان كي يبقى ولنقف صفا واحدا حول الجهود الرامية للحفاظ على وحدة أراضيه.

3 ـ تجارب التاريخ تخبرنا بأن عمليات الانفصال تعمّد، رغم كل ما يقال، ببحور من الدماء وسلسلة حروب أهلية لا تنتهي.

4 ـ أخبرنا أحد كبار المسؤولين السودانيين بأن سفير الكويت الأسبق المرحوم عبدالله السريع الشهير بعبدالله جوبا (لحب أهل الجنوب له) لو نزل الانتخابات في الجنوب لحاز أصواتا أكثر من الراحل جون قرنق.

5 ـ سيرة جون قرنق هي نسخة من سيرة بشير الجميل الذي قتله إصراره على وحدة لبنان.