سامي النصف

نجاد ونجد

المنطقة متوترة ومتضررة بسبب تشدد الرئيس نجاد السياسي، وتطرف بعض علماء نجد غير الرسميين الديني، وبعد الطرفين عن حقائق الحياة وفقه الواقع وتأثير اقوالهم وافعالهم على وحدة الاوطان الخليجية والعربية والاسلامية وانشغال شعوبنا بالتبعية بالازمات والاشكالات السياسية والامنية والاقتصادية مما يعرقل نموها وتطورها.

فمن شمال لبنان الى صعدة وشمال البصرة فشمال باكستان وجنوب طهران وشرق افغانستان، تستغل المشاعر الاسلامية لبسطاء الناس أسوأ استغلال من قبل المتشددين سياسيا والمتطرفين دينيا من كل المذاهب والملل حتى بتنا نشك في أنهم ينسقون فيما بينهم رغم ادعائهم العداء الظاهر، حيث انهم الكاسب الاكبر والمستفيد الاول من تخندق شعوبنا وغياب العقل عن حكمائنا مما قد يتسبب بالتبعية في انشطار اوطاننا.

والملاحظ ان القاسم المشترك في الحروب الاهلية التي اشعلها قتلة الزرقاوي وميليشيات مقتدى الصدر وجماعة فتح الاسلام وقبائل الحوثيين وغيرهم، انها معارك لا امل لهم بالنصر فيها، بل تسوق ويغرى بها الغر الصغار ممن يعانون من الجهل والفقر وشظف العيش عبر اقناعهم بأنها الطريق الاقصر للتخلص من عذاب الدنيا الزائلة والتمتع بجنات الخلد الباقية، لذا نجدهم يتسابقون في الاغلب للموت دون ان يسألوا قياداتهم عن سبب هروبهم او اختفائهم، وهو ما يطيل من امد تلك الحروب والمعاناة المصاحبة لها رغم نتائجها المحسومة والمعلومة سلفا.

وقد شغلت الكويت قبل مدة قصيرة بإشكالين سياسيين تسبب فيهما كل من السيد الفالي والشيخ العريفي، وقد تابعت بعض ما قالاه فلم ار صحة فيما طرحاه، فالسيد الفالي على سبيل المثال تحدث في احد لقاءاته عن مدينة «فاطمة» البرتغالية التي زرتها واعرف تاريخها تماما، وقد جانبه الصواب والصحة فيما قال، كما تابعت لقاء المسيحي «جورج» ضمن برنامج د.العريفي وقد احرجه وأفحمه الشيخ بالاسئلة والمعلومات ردا على مداخلته الهاتفية والتي انهاها المتصل جورج بمقولة «جزاك الله كل خير يا شيخ»، فانكشف الملعوب، فكيف نصدق بعد ذلك من لا يصدق في قوله او عمله وكيف نقبل من يفشي دعاوى الكراهية بيننا ويتسبب في أزماتنا السياسية الطاحنة؟!

آخر محطة: 1 ـ لينظر بعض نوابنا وكتابنا الافاضل لخارطة الكويت وموقعها الجغرافي حيث يحدنا اهلنا السنة جنوبا وغربا واهلنا الشيعة شمالا وشرقا، فأين الحكمة في اساءة علاقتنا بأي طرف منهما؟! لست أدري.

2 ـ على «اليوتيوب» مكالمة مسجلة لمتشدد اسلامي كويتي مع سفير دولة عربية في الكويت تدور على ارضها حرب اهلية هذه الايام، ضمن التسجيل كلام خطير حيث يدعي المتشدد سهولة اختراق حدود الكويت بالمال! كما يبلغ السفير بأن جماعة القاعدة ستصعد ضد بلده، السؤال: بأي صفة يتحدث المتشدد وكيف علم بتصعيد العمليات القادم لذلك البلد الشقيق؟!

احمد الصراف

البريعصي والروبوت

تمتاز السحالي (وبالذات البريعصي) بقدرتها على السير على الجدران والأسقف بأنواعها، من دون أن تتعرض للسقوط. وقد حيرت هذه الخاصية العلماء لسنوات طويلة إلى أن اكتشف العلم أخيرا أن لدى السحالي قدرة التفاعل الذري مع السطح الذي تزحف أو تسير عليه، حيث توجد في أرجلها ذرات بالغة الصغر تمكنها من التفاعل مع ذرات السطح الذي تسير عليه، من دون استخدام أي مواد لاصقة أو خاصة، وهذه الخاصة اللاصقة، إن صح التعبير، تمكنها من السير على أي سطح بكل سهولة وسرعة.
وفي جانب آخر، نجح علماء دول العالم المتقدم، واليابان على الأخص، في نصف القرن الماضي في تطوير طريقة عمل «الروبوت» أو الإنسان الآلي الذي بإمكانه أداء مختلف الوظائف والأعمال الميكانيكية المعقدة من دون تدخل بشري. وفي المجال ذاته نجح مهندسون علماء من جامعة «ديفيد بن غورين» في إسرائيل في صنع جهاز بإمكانه السير على الحوائط والجدران بأنواعها، وتسلقها من دون مخالب أو مواد لاصقة أو حتى بخاصية التفريغ الهوائي. وقد أبدى الجيش الإسرائيلي اهتماما شديدا بهذا الاختراع الجديد، وغير المسبوق، والذي سيساعده في القيام بعمليات عسكرية متعددة كان يصعب عليه حتى تخيل أدائها في الماضي.
أما في بلداننا، فلا تزال القواعد العسكرية لكثير منها تحتوي على صناديق أسلحة تقليدية كثيرة، وقطع غيار غير لازمة، تم شراؤها بقوت الشعوب المغلوبة على أمرها، وتم قبض عمولاتها، وستبقى كذلك إلى أن تتحول إلى قطع أثرية، وهنا سيتلقفها يوسف العميري في يوم ما لكي يستخدمها في تعبئة متحفه، أو بيته الكويتي العائلي الوطني!
يحدث ذلك في إسرائيل، أما في جانبنا فنحن لا نزال على خلاف على قضية بناء الجدار الحديدي الحاجز، الظاهر منه والمدفون، بين قطاع غزة ومصر، وهل نعزز بناءه أم نقاومه ونزيله؟ علما بأن بناءه سيمنع حتى سحالي غزة من دخول مصر…إلا بإذنها!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

البضائع الرخيصة المجانية:فضائح السنة والشيعة (3)

 

من خلال التواصل مع القراء الكرام، عبرالسيل الكبير من الاتصالات الهاتفية أو اللقاءات، حتى العابرة أو اللحظية منها، التي تمحورت بشأن موضوع “البضائع المجانية الرخيصة”، يمكن أن نكتشف تلك النفسية البحرينية والإسلامية الحقيقية التي ترفض العبث بالعلاقات بين أبناء المجتمع بمختلف طوائفهم، على أيدي مثيري الفتن المتفننون في بث السموم والجراثيم عبر اليوتيوب خصوصا، والمواقع الإلكترونية عموما.

ولعلني شخصيا، أكن كل الاحترام والتقدير للقراء الكرام، من الطائفتين الكريمتين، الذين لم يألوا جهدا في التحدث معي مباشرة أو الالتقاء بي هنا وهناك وهم يجمعون على أن مثل تلك البضائع التي تملأ الدكاكين الطائفية كثيرة، ولكنها، إنصافا تصدر من العابثين والمؤدلجين من أبناء الطائفتين، وإن بدرجات متفاوتة، ولا يمكن تبرئة أي طرف يأتي بذات الفعل، خصوصا وأنه ليس فعلا وعظيا أو إنسانيا أو أخويا صادقا، فتبقى مقاطع التكفير والدعوات للقتل ونشر العداوة والبغضاء والتناحر والتخويف والتخوين والتشكيك في الولاء والانتماء والاستهزاء بالمعتقدات، هي السلع الأكثر انتشارا، ولها زبائنها، لكنهم لا يختلفون إطلاقا عن زبائن الدكاكين النتنة وبيوت الخسّة.

المهم، أن الصورة المشرفة التي وقفت عليها شخصيا، وهي مكنونة لديّ من قبل، هي أن أصحاب الضمائر الحية والنفوس المطمئنة، من السنة والشيعة، لا يرتضون بمثل هذه البضائع الكريهة، انطلاقا من احترام معتقدات كل البشر، ولهذا، اختتمت عمود يوم الخميس الماضي بهذا التساؤل :”لماذا؟ وما هي أسباب ودوافع هذه الخطابات؟”، ولعلني أجيب عليه باختصار.

وقبل أن أجيب، اطلعت على أحد المواقع الإلكترونية الطائفية الشهيرة، وهو ليس موقعا بحرينيا على أي حال، ووجدت فيها نقاشا بشأن ما كتبته في الحلقتين الماضيتين، ووجدت ولله الحمد، أن هناك من اعترف بأنه عمل وسعى واجتهد لإصدار نماذج من المقاطع والأعمال التي تثير العداوة بين أبناء الأمة الإسلامية، وانتبه في لحظة من اللحظات بأن ما يفعله أمر خطير، ومع صحوة الضمير، يأتي الاعتراف (الفاضل) بأن لكل مسلم الحق في اتباع المذهب الذي يرتضيه، وأن أي ممارسات سيئة بغيضة تكفيرية أو عدائية، لا يمكن أن تنسب إلى المذهبين الكريمين، إنما تنسب إلى المرضى من المنحرفين عن الخط القويم.

ولذلك أجيب بالقول أن الأسباب والدوافع ليست صادقة النية في الدفاع عن الدين كما يبرر تجّار تلك البضائع الوضيعة، إنما هناك، وببساطة، من يدفع الأموال الطائلة ويخصص المواقع والمراكز المجهزة، ويستخدم في العمل فئة من الشباب المتطرفين ذوي الأدمغة المغسولة، ويدفع لهم الأعطيات الكبيرة والهدايا ويبارك عملهم، ويمزج تلك النوايا بشعارات القتل والنيل من الإسلام، فيما يشرب رؤوس الفتنة من مشايخ التشدد والتطرف نخب الانتصار فرحين بما يشاهدون، لكنهم يستاءون حينما يجدون أن هناك مدّا كبيرا من المخلصين، يتصدون لفضح تلك البضائع.

في إمكان الأجهزة الحكومية المختصة في كل الدول العربية والإسلامية، إن كانت تؤمن بمبدأ استقرار أوطانها، أن تترصد لمثل أولئك التجار، وكما كان متاحا منح المواقع الإباحية النجسة، بالإمكان أيضا التصدي لمثل هذه النجاسات، لكن هل من قرار؟

سامي النصف

د.العريفي والسيد السيستاني

نتفهم ان ينتقد د.محمد عبدالرحمن العريفي جماعة الحوثيين المنشقة، فبلده ومعه اليمن في حرب معهم، وهم لا يختلفون كثيرا عن جماعة فتح الاسلام المتشددة التي قاتلها الجيش اللبناني حتى اخضعها لسلطة الدولة، ما لا يقبل من د.العريفي هو ان يتسبب في ضرب الوحدة الوطنية للمملكة العربية السعودية عبر تعديه غير المبرر على الشيعة من امامية وزيدية واسماعيلية وهم من تدور رحى الحرب في مناطقهم، فهل في ذلك تقوية للمملكة ام إضعاف لها؟!

كما انه ليس مقبولا على الاطلاق التعدي على احد كبار رجال الدين المسلمين كحال السيد علي السيستاني ممن اشتهر بالتسامح والطيبة ودعمه القوي للوحدة الوطنية في العراق والتآخي بين السنة والشيعة، ورفضه القاطع عبر فتاواه لدعاوى الفتنة والاقتتال الطائفي، حيث اصدر جملة فتاوى عقب تفجير مرقدي الامامين العسكريين في سامراء رفض خلالها التعدي على السنة ومساجدهم كوسيلة للانتقام، وقال ان عدم الانتقام يمتد حتى لو تم التعدي عليه شخصيا، فهل بعد ذلك التسامح تسامح؟!

كما اصدر قبل ذلك فتوى ردا على سؤال عن جواز اقتحام مساجد السنة وطرد ائمة الجماعة منها بالقول نصا «هذا العمل مرفوض تماما ولابد من رفع التجاوز وتوفير الحماية لامام الجماعة واعادته الى مسجده معززا مكرما»، كما وقف موقفا مشرفا من مقتل الشيخ خالد السعدون امام مسجد اسامة بن زيد في الزبير، واصدر فتوى بتحريم مثل تلك التعديات حتى اسماه بعض السنة «ابا العراق».

كما رفض في فتاواه قتل منضوي حزب البعث او الاجهزة الامنية السابقة وكاتبي التقارير ضد المؤمنين، كما اتى في احد الاسئلة، وطالب بتسليمهم للاجهزة المعنية، ورفض تعليق صوره على المباني وافتى بحرمة حيازة الآثار المسروقة، وطالب باعادتها للمتحف الوطني، كما حث على تحاب وتواد العراقيين من كل الاديان والطوائف حفاظا على الوطن، فهل يستحق من يقوم بتلك الاعمال الجليلة التي تخدم كل المسلمين الشكر والمدح أم الذم والقدح؟!

يتبقى ان علينا في الكويت ان نضع «مسطرة واحدة» للتعامل مع من يتعدى على عقائد الآخرين، فإما رفض دخولهم جميعا دون ضجة او افتعال ازمة سياسية كوسيلة لردعهم املا ان تشاركنا الدول الاخرى ذلك الفعل الحافظ للوحدة الوطنية في بلداننا، او ان نسمح بدخولهم جميعا مع اعطاء الفرصة لمن لا يتفق معهم بمناظرتهم وانتقادهم في الصحافة ووسائل الاعلام.

آخر محطة:
 
1 ـ العزاء الحار لآل المرزوق الكرام بوفاة المغفور له صلاح المرزوق، فللفقيد الرحمة والمغفرة ولاهله وذويه الصبر والسلوان.

2 ـ العزاء الحار للصديق العزيز د.عبدالعزيز الفايز سفير المملكة العربية السعودية في الكويت بوفاة المغفور له خاله عبدالله الصالح، فللفقيد الرحمة والمغفرة ولاهله وذويه الصبر والسلوان.

3 ـ واطال الله في عمر الزميل د.احمد البغدادي الذي أعتقد ان وصيته التي نشرت كمقالة هي قضية خاصة تم نشرها بـ «الخطأ»، حيث ان وصايا المثقفين توجه عادة للامة قاطبة ولا تعكس توصيات شخصية كحال الافراد العاديين.

4 ـ دعوة لزيارة مدينة الاحمدي في المساء حيث يذهل الزائر من معالم الزينة الرائعة لتلك المدينة التاريخية، فالشكر الجزيل لمحافظها الشيخ د.ابراهيم الدعيج ولمؤسسة البترول ولشركة نفط الكويت المحدودة.

احمد الصراف

الوحدة الدينية النفعية

ابتسمتُ وأنا أقرأ بداية تصريح رجل الدين راضي حبيب في «الوطن» الاسبوع الماضي، الذي استنكر فيه قيام النائب رولا دشتي برفع دعوى قضائية ضد زميلها سعدون حماد العتيبي! واتسعت ابتسامتي اكثر ومعها نظراتي وانا اقرأ كلامه بان النائب رولا كانت تحض ناخباتها في ندواتها الانتخابية لمجلس الامة، على المشاركة السياسية والتعبير عن آرائهن بحرية تطبيقا لمواد الدستور، ولكنها عادت الآن وناقضت نفسها برفع دعوى على النائب سعدون حماد الذي اختلف معها في الرأي(!!).
وعند قراءة الفقرة الاخيرة من التصريح لم أتمالك نفسي من القهقهة بصوت عال عندما وصلت الى الفقرة التي «أكد» فيها الشيخ راضي ان النائب سعدون حماد «معروف بحرصه الشديد وتفانيه في حفظ الاموال العامة»! وانه لا يلام على كشف الحقائق عن الوضع السيئ الذي تمر به الدولة، وما تمثله جهوده من تحقيق لمطالب «الشعب» والدستور والمحافظة على ممتلكات الدولة وحمايتها من العبث!
لا ادري، كيف وصف الشيخ راضي اتهام النائب سعدون حماد لزميلته رولا دشتي باقتراض، او لهف 50 مليون دينار من البنك الصناعي، بانه مجرد اختلاف في الرأي ووجهات النظر، ولا ادري على ماذا اعتمد؟ وهل سيعتبر مثلا اعتدائي اللفظي عليه، او القول مثلا بانه مدفوع من سعدون حماد لقول هذا الكلام بحق زميلة ايضا مجرد اختلاف في الرأي، ام انه سيفكر في الاعتراض قضائيا؟
نعترف هنا بان من الصعب -تحت الظروف الحالية- السير خطوة واحدة في طريق علمنة الدولة، او ان تكون لنا القدرة على قطع الحبل السري الذي يربط «المؤسسات الدينية» باطراف متنفذة في الحكومة، كما اننا نفتقد القدرة على التخفيف من نفوذ رجال الدين، والسياسيين والمتشددين منهم بالذات، في تسيير امور الدولة بغير الكتابة، وبالتالي فكل احلامنا وامانينا صعبة التحقق والمنال، في الوقت الحاضر على الاقل، ولكن ألا يحق لنا وألا تستحق هذه الامة رجال دين من نوعية افضل واحسن؟ وهل «كتب علينا» ان نعاني من مثل هذه العقليات الى الابد؟ وبعدين «كجا مرحبا» الشيخ راضي حبيب بمسألة الدفاع عن سعدون حماد.. بالذات؟ هل في الامر وحدة نفعية بعد ان سقطت الوحدة الوطنية بالضربة القاضية؟

أحمد الصراف

احمد الصراف

قراءة في الزمن الجميل

خرج المواطن (..) وزوجته من حفل دبلوماسي، وبسبب زيادة ما تناوله من مشروبات، فقد شعر بأنه غير قادر على قيادة سيارته بطريقة سليمة، ولعدم معرفة زوجته بالقيادة قرر الوقوف بجانب الطريق لبعض الوقت، وما هي إلا لحظات حتى وقفت دورية شرطة وسأله العسكري عن سبب توقفه، وعندما عرفه طلب منه -باحترام كبير- التنحي عن مقعد القيادة، واشار الى زميله بان يتبعهم، وقاد الشرطي السيارة حتى بيت المواطن في العديلية، وودعه من دون ان يكلف نفسه حتى طلب أوراق ثبوتية منه!
حدث ذلك في نهاية ثمانينات القرن الماضي، اي قبل اقل من 20 عاماً، وعلى الرغم من قصر المدة، فان من الصعب تصور حجم الانقلاب الكبير الذي اكتسح حياتنا في زمن «الصحوة»، التي سادت المجتمع، فمن الصعب حتى تخيل صدور مثل هذا التصرف الراقي الآن من غالبية شرطتنا، كما ان احصائيات الجرائم الكبيرة، والاخلاقية بالذات، تبين اننا ابعد ما نكون عن الاستقامة التي سبق ان عرف بها الكويتي، بعد ان تغيرت التركيبة والعقلية في الكثير من مراكز اتخاذ القرار، وربما تكون اجراءات إلقاء القبض على المواطن محمد الجويهل -التي تخللها «اقتحام» الطائرة وتصفيده امام الجميع واقتياده كالمجرم الخطر، وسط خوف وهلع الركاب واستنكارهم من كم العنف الذي استخدم معه- دليلا على نوعية «السلوك» الذي اصبح مسيطرا على المناط بهم حفظ الأمن.
وبهذه المناسبة، ورد في مقال للكاتب العراقي أحمد الحبوبي ان النائبة مها الدوري طالبت حكومتها بان تحذو حذو محافظة البصرة وتمنع تناول الخمر في العراق جميعه، وقد سخر الكاتب من طلبها قائلا انه يأتي بعد انتهاء مشاكل العراق، واصبح الماء وفيرا والكهرباء مستمرة والأمن مستتبا والشوارع «مبلطة» والمدارس مفتوحة، والاقتصاد مزدهرا والاتصالات والمواصلات ممتازة، وبعد ان ضمنوا للجميع حياة هانئة، وبالتالي لم يبق للسلطات الا الانشغال بارسال الناس الى الجنة من خلال منع بيع الخمور، متناسين انه حيثما منع الخمر وجد العقل البشري بطريقة بديلة وفعالة للالتفاف على القرار، اما بتهريبه او صنعه «محلياً»، او بايجاد طرق اكثر كلفة وخطرا، والامثلة من الدول المجاورة للعراق اكثر من ان تحصى، ففيها يمنع تعاطي المشروبات، ولكن تنتشر فيها المخدرات وحبوب الهلوسة السهلة التهريب! وقال الكاتب ان العراق، منذ الدولة الاموية وحتى اليوم، كانت فيه مشروبات روحية، ولم يسمع قط ان شخصا خرج من حانة لينفد عملية ارهابية يقتل فيها المئات. وينهي الكاتب مقاله بالقسم بانه ليس ضد الدين، ولكن هكذا كانت الحال في العراق، وليس هناك ما يثبت انه سيصبح احسن ان منع الخمر فيه، وان الوضع الأمني الهش والحدود المستباحة وتفشي الرشوة في كل مفاصل الدولة وسعي مافيا المخدرات لفتح اسواق جديدة تفرض على السلطات تجنيب قواها الامنية حملا ثقيلاً لا تحتمله!
ولو نظرنا لحالنا في الكويت، منذ تطبيق قانون حظر المشروبات في ستينات القرن الماضي، لوجدنا ان جميع القوانين والاجراءات المتخذة من السلطة لم تُجْد. نفعا في منع دخولها البلاد وتوافرها لمن شاء بسهولة نسبية، وان الفرق كان في السعر المرتفع لمصلحة المهرب، المتنفذ عادة! اضافة الى ما نتج عن المنع من زيادة هائلة في استهلاك المخدرات وحبوب الهلوسة وارتفاع عدد ضحاياها، فهل هناك من يريد ان يفهم..؟!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

البضائع الرخيصة المجانية: فضائح السنة والشيعة (2)

 

انتهى الحديث في الحلقة الأولى من هذه السلسلة يوم الأحد الماضي، بعد تقديم موجز بشأن شكل الصراع الطائفي البغيض وتبادل الاتهامات والتشويه والعداء بين السنة والشيعة في الوسائط الإعلامية الحديثة على شبكة الإنترنت، بإشارة لاستعراض بضع نماذج هي متوافرة دون شك على الـ “يوتيوب” ومنها ما هو مستقطع من مشاهد بثتها بعض القنوات الفضائية الهادفة للفتنة، ومنها ما هو قادم من كل حدب وصوب.

ولابد من التأكيد مجددا، على أن صراع (الفضائح الخفي)، لا يستثني طائفة دون أخرى طالما أن الهدف الحقيقي من ورائها هو اشعال فتيل الفتنة والعداوة والتناحر بين أبناء المجتمع الإسلامي، وليس كما يدعي تجارها من أن عملهم المتستر في الحجرات المظلمة هو: “الدفاع عن الدين الإسلامي والتحذير من الروافض من جهة، أو من النواصب من جهة أخرى”، فكلا الطرفين، لا ينتهجان القاعدة الدعوية الإسلامية الواضحة التي حددها القرآن الكريم في الآية الشريفة: “ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” النحل 125، وفيها قال بعض المفسرين: “إن الخطاب لكل من يصح أن يتوجه إليه الخطاب”، مع تقسيمات لسنا في وارد شرحها.

بالنظر الى موجة الكراهية المعتمدة على الوسائل الإعلامية الحديثة لترويج البضائع المجانية الرخيصة، فإنه ما من شك في أن أسلوبها لا يتوافق اطلاقا مع الآية القرآنية الكريمة!ولا تتمحور أبدا على ركائز الحكمة والموعظة الحسنة، إنما هي شكل متجدد رديء من أشكال إثارة الأحقاد الطائفية والعداوات، وهي على أي حال، لا تلقى قبولا لدى المعتدلين والصالحين من أبناء الأمة، ويكتفي بها من أصيب بمرض الطائفية قبل ولادته وسيبقى معه حتى يوم وفاته.

هناك نماذج عديدة لخطابات أقل ما يقال عنها “عدائية وتحريضية” منتشرة بصورة كبيرة على اليوتيوب، وفي مجملها يتحدث معممون متشددون من الطائفتين السنية والشيعية ضد طوائف بعضهما بطريقة تلعن رموزا دينية يفترض أن يحترمها جميع المسلمين أو تكفر أتباع طائفة بكاملها، لكن للأمانة، وكحال الكثيرين من أمثالهم، فهم لا يمثلون أي مذهب بقدر ما يمثلون أنفسهم، وخطابهم ليس خطاب مذهب إسلامي متسامح قطعا.

لماذا؟ وما هي أسباب ودوافع هذه الخطابات؟ سيأتي الجواب مستقبلا.

سامي النصف

وداعاً للمتفائل المبتسم دائماً

تولى الفقيد وليد خالد المرزوق رئاسة تحرير «الأنباء» في مرحلة حرجة من تاريخها وتاريخ الكويت وهي الفترة الممتدة من عام 90 حتى عام 95 والتي حفلت بقضايا كبرى ابتدأت بالغزو وانتهت بمرحلة إعمار ما دمر.

فبعد مرحلة قصيرة من تولي أبي خالد رئاسة تحرير جريدة «الأنباء» تم غزو الكويت وكان خارجها آنذاك فاتجه مع أخت الرجال شقيقته بيبي لإصدارها من القاهرة، حيث كانت أول جريدة كويتية تصدر ابان الغزو وتوزع بالمجان في الدول العربية وأوروبا لإثبات أن الكويت باقية رغم ما حدث ولبث روح التفاؤل بين الكويتيين في الداخل والخارج.

ومع تحرير بلدنا الذي تنبأ وكتب عنه المتفائل دائما المرحوم وليد خالد المرزوق، بدأت عملية اعمار الدمار وكانت القوات الصدامية قد تعمدت ألا تبقي في دار «الأنباء» حجرا على حجر، حيث سرقت المطابع ودمرت المكاتب وكتب اسم هولاكو العصر صدام على كل ركن وزاوية من الجريدة.

وقد التقيت الراحل مرارا وتكرارا في الجريدة أحيانا، وعلى الطائرة أحيانا اخرى، حيث كثيرا ما كان يفتح باب كابينة القيادة ليطل أبو خالد باسما ومسلما على الطاقم وكانت اغلب رحلاته الى القاهرة، حيث توجد أعمال شركاته.

فرحم الله راحل الكويت وليد خالد المرزوق وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان (وإنا لله وإنا إليه راجعون).

آخر محطة:

ما أحب الناس عبدا الا وأحبه الله فقد امتلأت المقبرة وديوان عائلة المرزوق الكرام بآلاف المعزين، فلله ما أعطى ولله ما أخذ وعزاؤنا ان فقيدنا أبا خالد باق بأفعاله الخيرة وسيرته العطرة بين الناس.

علي محمود خاجه

أدخلوا العريفي

شخصياً، فإن السيد السيستاني بالنسبة لي هو عالم دين جليل لا أتبع مرجعيته، ولكن أجلِّه كثيراً، وبالنسبة لي شخصياً فهو أقرب بل أفضل من الشيخ محمد العريفي بكثير، لأنه على الأقل لا يصف شيوخ الدين وإن اختلفوا عقائدياً معه بالزندقة والفجور.

لمن لا يعرف فإن السيد علي السيستاني يعتبر مرجعاً شيعياً مهماً جداً، ولمن لا يعرف أيضاً، فإن أي مسلم شيعي من الواجب أن يكون له مرجع يقلّده فالتقليد واجب وليس اختيارياً، أي أنه لا تصح العبادات أو الأحكام الشرعية من دون تقليد إذا كان الشخص غير قادر على استنباط الأحكام الشرعية بنفسه. وجزء كبير من شيعة الكويت إن لم يكونوا غالبية الشيعة هم من مقلدي السيد السيستاني، بناء على هذا الأمر فإن ما قاله الشيخ العريفي ليس شأناً سعودياً عراقياً، كما وصفه النائب وليد الطبطبائي، بل هو مساس مباشر باختيار كل مقلدي السيستاني والكويتيين منهم على وجه الخصوص.

أذكر هذا الكلام لوصف الحالة فحسب لمن يجهلها ويجهل خلفياتها ويعتقد أن تصعيد البعض هو لخلق البلبلة فحسب.

لكن، ولأنني مؤمن بحرية التعبير والاعتقاد والقانون، فإنني بالتأكيد أرفض سلوك المنع ووضع الأقفال الحديدية على الكويت والتضييق يوماً بعد يوم على الرأي والاعتقاد والعقيدة والفكر، على مر عامين منع السيد الفالي من الدخول فهب التيار الديني الشيعي، وتحدث عن حرية التعبير ورفض تكميم الأفواه وسكت أغلب البقية، ومنع بعدها الأستاذ نصر حامد أبوزيد فهب التيار المدني مطالباً بحرية التعبير وسكت أغلب البقية، واليوم منع الشيخ العريفي فهب التيار الديني السُنّي منادياً بالحرية وسكت أغلب البقية.

ليدخل الفالي وأبوزيد والعريفي مهما اختلفنا أو اتفقنا معهم، فالحرية لا تتجزأ، ولمن يجد أن أحدهم أساء إليه أو إلى معتقده فليتقدم بشكواه والقضاء هو الفيصل، أما أن نجعل الكويت وكالة بألف بوّاب كل له مزاجه في من يدخل ويخرج، فإن هذا يعني أننا لسنا في دولة، فلا يعتقد الشيعة اليوم أو التيارات الدينية السُنيّة من ذي قبل أنهم انتصروا، فهم لم يزيدوا الكويت إلا قيداً كريهاً آخر، أما التيار المدني المأسوف عليه فعليه أن يكون جريئاً واضحاً وصريحاً وليطالب بدخول العريفي وغير العريفي، ولتسري الحرية في العروق قبل أن تقضي ثقافة المنع على ما تبقى من مجتمعنا.

ملاحظة: اقتبست مسألة وجوب المرجعية حرفياً من موقع «ويكيبيديا» العربي.

خارج نطاق التغطية:

لم تقم اللجنة الأولمبية الكويتية إلى اليوم بإرسال ربع رسالة إلى اللجنة الأولمبية الدولية بعد مرور أسبوعين من إيقافنا أولمبياً، سؤال بسيط، هل فعلاً يستطيع أحد مواجهة أحمد الفهد؟

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

وباء «التعميم» القاتل

وباء خطير يجتاح البلاد له تداعيات أشد وأقسى علينا بكثير من وباء إنفلونزا الخنازير، ذلك الوباء هو «التعميم» الذي يدل على السذاجة والتسطيح وقلة الثقافة العامة ويتسبب تفشيه وانتشاره السريع والواسع في تشطير وتقسيم البلاد وضرب وحدتها الوطنية في مقتل.

 

فما ان يتضايق حضري من ممارسة موظف قبلي او العكس حتى يعمم ما يشعر به على جميع الآخرين، والأمر كذلك بين منتمي الطوائف المختلفة فأي غلطة او هفوة لشيعي او سني يتم تحميل كل المنتمين الآخرين لهذا المذهب او ذاك تبعات تلك الغلطة او المقولة.

 

وقد حاول البعض ان يستخدم ثقافة «التعميم» الخاطئة لتحميل المال العام كلفة تقارب 30 مليار دولار (8.5 مليارات دينار) عبر تعميم خطأ، تعرض له مقترض، على 270 الفا من المقترضين الآخرين دون دليل أو قرينة تثبت ان الجميع تعرضوا لمثل ذلك الخطأ.. إن تم!

ومثل ذلك قانون البدون الذي ساوى و«عمم» حقوق من تواجد على أرض الكويت منذ الستينيات ويستحق الجنسية حسب القوانين المرعية، ومن قدم إليها في التسعينيات او حتى بعدها من أصحاب «الهوسات»، وقد تلقيت في هذا السياق رسالة من الزميل الكاتب فيصل حامد السوري المقيم في الكويت منذ أكثر من 50 عاما (نصف قرن) يشتكي فيها مر الشكوى من وضعه القائم ويطلب لقاء المسؤولين لرفع معاناته المستمرة مع الإقامة والكفلاء.

 

ومن قضايا التعميم المسيئة مسميات قميئة وقبيحة مثل «أصحاب الدماء الزرقاء» غير المسبوقة في القواميس السياسية والإعلامية للدول الأخرى والتي يطلقها من يشاء على من يشاء بقصد الإساءة دون ان يعلم مطلقها بأنه يسيء لنفسه قبل غيره كونه يقر بالدونية تجاه الآخرين فهم حسب مقولته اصحاب دماء أنقى وأطهر من دمائه، والغريب ان من توجه لهم تلك السهام الظالمة من الأبرياء لم يقل أحد منهم قط إن دمه او وضعه أفضل من الآخرين، فهل بعد تلك المظلمة مظلمة؟!

 

آخر محطة: ضمن المبادرات الطيبة والمعتادة لـ «السفراء» عبدالعزيز البابطين توجه وفد شعبي كويتي صباح امس للرياض حيث التقى سمو الأمير الملكي سلمان بن عبدالعزيز أمير الرياض وسمو الأمير الملكي احمد بن عبدالعزيز نائب وزير الداخلية قبل ان يلتقي بعد الظهر بولي العهد السعودي سمو الأمير الملكي سلطان بن عبدالعزيز للتحمد له بسلامة الوصول بعد رحلة علاجه بالخارج وقد حمل كبار المسؤولين السعوديين الوفد الكويتي أجمل وأطيب التحيات للكويت قيادة وشعبا.. وشكرا وما قصرتوا.