تقدم الطرح في هذا الزاوية يوم الخميس الماضي متناولا فئة الخريجين والخريجات من الجامعيين العاطلين (من غير الراغبين في العمل)، ولابد من التشديد والتكرار على أن فئة الجامعيين التي اختارت هي بمحض إرادتها البقاء في دائرة البطالة، لا تشمل – قطعا – كل الجامعيين من الساعين للحصول على وظائف مناسبة، أو من المنتظرين لإنهاء إجراءات توظيفهم.
ولا أخفي سعادتي الكبيرة بالاتصالات الهاتفية التي تلقيتها – حتى مساء الجمعة – من الكثير من الأخوة والأخوات من الجامعيين العاطلين عن العمل، وخصوصا أولئك الذين شعروا بالغبن لوصفهم بأنهم (لا يريدون الوظائف) وأن هذه الكلمة أثرت فيهم كثيرا، وأنا أيضا أشكر تفهمهم لانتقاد (فئة من الخريجين والخريجات) الذين لا يريدون الوظائف، ونماذجهم كثيرة لا تخفى، على ألا يصنفوا أنفسهم ضمن تلك الفئة إطلاقا، فالفرق واضح بيّن.
ولعل عدد من الأخوة المسئولين في إدارات التوظيف أو أولئك العاملين في إدارات الموارد البشرية كان لهم رأي في الموضوع، فقد أجمعوا على أن بعضا من (ونكرر بعضا من) العاطلين الجامعيين يريدون وظائف وأجور وأوقات عمل على أمزجتهم وهذا أمر غير ممكن، مطالبين بأن يتم تكثيف طرح الموضوع لتغيير الأفكار الخاطئة لدى الجامعيين الذين يصرون على عدم العمل إلا وفق شروطهم الخاصة.
واليوم، وليسمح لي أيضا المسئولون في شئون التوظيف، سواء في ديوان الخدمة المدنية أم في وزارات الدولة أو في وزارة العمل خصوصا والقطاع الخاص عموما، أن يتقبلوا الحديث عن فئة الجامعيين العاطلين الراغبين في العمل، مثلما قبلوا انتقاد فئة الجامعيين العازفين عن العمل! ولعلني أرى أنه من المهم أن يطول الحديث عن الجامعيين العاطلين الذين ينتظرون الوظائف بصبر وتفاؤل أكثر من غيرهم، سواء كانت الفرص في القطاع الحكومي أم القطاع الخاص.
ونتساءل أولا :«على مستوى الوظائف الحكومية، ما الذي يمنع توظيف الجامعيين؟»، إن كانت الإجابة بعنوان التشبع ومحدودية الفرص، فهي إجابة غير واقعية نظرا لاستحداث وظائف في كل وزارات الدولة سنويا وتجدد الشواغر، إضافة إلى أحقية أبناء البلد في التوظيف في القطاع الحكومي كأولوية على غير البحرينيين، وإن كانت الإجابة تنحصر في الحاجة إلى تخصصات معينة، فمن بين العاطلين الجامعيين العشرات من المتخصصين في مختلف المجالات، إلا أنه لابد من الاعتراف بأن جوهر مشكلة حرمان العاطلين الجامعيين المؤهلين من الوظائف الحكومية هو إقصاء مبدأ تكافؤ الفرص وتقديم الواسطات والمحسوبيات كشرط للتوظف، وهذه النقطة تحتاج إلى مساحة أوسع للبحث سنأتي عليها مستقبلا.
وعلى صعيد القطاع الخاص، يبدي الكثير من الجامعيين استعدادهم للعمل، على ألا يتم فرض ظروف عمل قاسية لساعات طويلة أو أجور مجحفة هزيلة، فهذا القطاع في رأي الكثير من الجامعيين، أفضل من فرص وظيفية كثيرة في القطاع الحكومي إذا توافر التقدير للعاطل الجامعي وتم توفير فرصة عمل تناسب تخصصه وقدمت له امتيازات تفوق ما هو متوفر في القطاع الحكومي! لكن، ماذا عن ممارسات الإقصاء والتهميش و(التطفيش) وتعمد ترشيح الجامعي إلى مجال غير تخصصه أو يبعد عنه بكثير؟ وماذا عن الجامعيين الذين وجدوا أنفسهم على قارعة الطريق؟
للحديث صلة..