محمد الوشيحي

امسحوا السبورة… أولاً

أوقاتكم ندى… بعد غيبة أسبوعين، اشتاق القلم إلى تسريح شعره والوقوف على ناصية الصفحة مستنداً على الهامش ليُغازل بُنيّات الفكر ويداعب حسناوات اللغة، فيختار المفردات القطط، إذ هو كصاحبه يهوى الأنثى القطة… على أنه (القلم) يتمنى مغازلة مشاريع الحكومة ومراقصة خدماتها، ليفكّ تبويزته التي لازمت شفتيه، وتكشيرته التي أتعبت حاجبيه، لكن العين بصيرة واليد قصيرة، كما يقول الكسالى والفاشلون في أمثلتهم.

هذه الأيام، لشدة فرحة الحكومة بخطتها التنموية التي قدمتها، ملأت الدنيا زغاريد تحدّت فيها أم العريس السورية، «أوييييها والقمر في حضن ابني، أوييييها وكل شيء فيها بيعجبني، أويييييها ليليليش»، ونحن حولها نريد أن نشاركها الفرحة، أن نضرب الدفوف، أن ننثر النقوط وحبّات الأرز، لكننا نعرف أن العريس سيُزفُّ إلى ذات الجسم المترهل، الحكومة… الحكومة التي جعلت البلد مثل «يوم السبت»، نام وهو أول الأسبوع واستيقظ وهو آخره، دنيا، كان الله في عون العريس وعون أمه التي ستنقلب زغاريدها إلى نواح… صباحية الدخلة.

نعرف أن بعض المسؤولين يعتبر الخطة كنزاً يفوز به من يتسلل إليه ليلاً، تحت بطن الظلام، ونعرف أنهم سيسرقون. ووالله لو رأيتُ وزيراً يزرع شجرة تفاح، ثم يختلس تفاحة ويضعها في جيبه وهو يتلفت، لوضعت تفاحة ثانية في جيبه الآخر، وأنا أتلفت، ولامتشقت القلم وكتبت: يا للقوي الأمين. المهم أن تزرعوا أشجار التفاح ومن ثم اسرقوا تفاحتين وثلاثاً بالهناء والشفاء.

«فيكم من يحفظ السر؟»، أرى أن نائب رئيس الوزراء الشيخ أحمد الفهد «في عينه العشاء»، كما نقول في أمثلتنا البدوية، أي أنه متحمس للعمل ويمكن أن يصل إلى نتيجة، لكنني لا أرى في عيون كثير من الوزراء والوكلاء ومساعديهم حتى قطعة جبنة يغيّر بها الفأر طعم حلقه. وبالطبع، الوزير العفاسي أيضاً سيعشّيك ويعشّي جدك لأبيك، فهو من خيرة الوزراء، لكن المشكلة – كما قلت سابقاً ولاحقاً – في الأدوار السفلية، من الوكيل وأنت نازل على الدرج، ممن تم تعيينهم بالغمز والهمز واللمز.

لذا، أجزم جزماً مغلظاً، أن الحكومة لن تعشينا ولن تقدم لنا إلا أطباق الخطابات العلقمية التي نحفظها عن ظهر قرف، وسننام على لحم بطوننا، كما عودتنا دائماً.

حالة واحدة فقط يمكن أن تجعلنا نصدق ونؤمن بتنفيذ الخطة، وهي أن تتغير الوجوه، ويأتينا من يجرؤ على النهوض ومسح السبورة وتنظيفها بالماء المبلل، ومعاقبة المشاغبين، أما قبل ذلك فمعلش… يعني لا تطلبوا منا أن نصدق أن الحكومة التي تعجز عن عمل صحن فول يمكن أن تطبخ لنا وليمة فيها أربعون بعيراً، ولا تطلبوا منا أن نصدق أن الحكومة ستعاقب من يفتري ونحن لم نسمع يوماً أن تاجراً أُدخل السجن لجرائمه المليارية، معلش، هذا كذب فاحش، أكثر فحشاً من رواية «برهان العسل» لسلوى النعيمي، لكنه ليس أصدق بالتأكيد… حدثونا بما يعقل وسنصدقكم، وامسحوا السبورة وحاسبوا المشاغبين، وشدّوا بطن الحكومة بوكلاء ومساعدين أكفاء، أولاً، ومن ثم أطلقوا الـ»أويييها» كي نضرب نحن الدفوف من حولكم وننثر حبات الأرز. 

سامي النصف

ما سبب الهجوم على «الغرفة»؟!

في 28/6/1959 صدر القانون 229 بإنشاء غرفة التجارة والصناعة وتولى صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله رئاستها الفخرية منذ ذلك اليوم حتى اليوم، وليس صحيحا ان المغفور له الشيخ عبدالله السالم لم يوقع على مرسوم انشائها، بل تم التوقيع على الصفحة الأولى من المرسوم الا ان ما نشر في الجريدة الرسمية هو الصفحة الثالثة متذكرين ان الكويت آنذاك كانت في بداية مشوارها الإداري والتنظيمي وكانت بعض المراسيم توقع من قبل مديري الإدارات.

 

وقد نختلف شخصيا ويختلف معنا آخرون مع بعض توجهات الغرفة السياسية السابقة إلا ان ما يتفق عليه هو الدور الوطني والمتجرد للغرفة ورجالاتها الأفاضل حيث كانت الداعم الأول لترسيخ مبادئ الديموقراطية والمساواة والحرية في البلد وكان ابرز رجالاتها اعضاء في المجلس التأسيسي الذي خلق الدستور الذي يستظل بعض مهاجميها بظله هذه الأيام.

 

وما يعترض البعض عليه من استحصال الغرفة على رسوم اشتراكات ضئيلة جدا من الأعضاء، وهي بالمناسبة الأقل في الخليج، هو أمر يدفع مقابل الخدمات التي تقدمها للأعضاء، كما أن الغرفة مشابهة لكثير من جمعيات النفع العام التي تفرض الانضمام والانتساب اليها ودفع الرسوم لها كي يمارس المهني كالطبيب والمهندس والمحامي مهنته، وفي هذا السياق قامت الغرفة بتأسيس اتحاد الغرف التجارية الخليجية ولعبت دورا بارزا ومهما ابان الغزو الصدامي عندما تسلمت وأمنت بضائع الكويتيين بعد تحويلها لموانئ الخليج الأخرى.

 

وغرفة تجارة وصناعة الكويت هي لربما الغرفة الوحيدة في العالم التي وقفت ضد احتكار الوكلاء للوكالات وتقدمت بمقترح قانون لعدم حماية الوكيل التجاري رغم أن كثيراً من اعضائها الفاعلين هم وكلاء ـ بحكم أقدميتهم في العمل التجاري – للوكالات الكبرى، وقالت إن على الموكل ـ لا الدولة ـ حماية الوكيل ان اراد.

 

ولم يعرف خلال تاريخ الغرفة وجود اي تجاوزات مالية على ما يدفع من اشتراكات والتي يذهب اغلبها للتدريب على العمل التجاري والاقتصادي وقد حصلت الغرفة على المركز الأول دوليا في خدمات الانترنت والكمبيوتر وتحصد دائما مكانة متقدمة على العالم أجمع ضمن تصنيف الغرف التجارية، فما المراد من محاولة إدخالها ضمن الروتين الحكومي الذي يعمل العالم جاهدا والكويت من ضمنه للتخلص منه والتحول للخصخصة وكأن هناك من يريد الحج والناس عائدة؟!

 

آخر محطة: (1) قضية إدخال السياسة في الاقتصاد والتقصد القائم على الهوية لا القضية واستهداف مؤسسة ناجحة كالغرفة لا يراد منه الخير للبلد، بل ان يكون للبعض النيابي دلالة للتوسط وتكبيل الغرفة بالبيروقراطية الحكومية.

(2) لو كانت الغرفة تحرص على مصالح الكبار لما اهتمت بعدم إلزام اصحاب الحرف الصغيرة بالاشتراك في عضويتها ولسعدت بتحولها لناد للأثرياء فقط.

سعيد محمد سعيد

خريجون وخريجات (ظلمتهم) الوظائف؟!

 

تقدم الطرح في هذا الزاوية يوم الخميس الماضي متناولا فئة الخريجين والخريجات من الجامعيين العاطلين (من غير الراغبين في العمل)، ولابد من التشديد والتكرار على أن فئة الجامعيين التي اختارت هي بمحض إرادتها البقاء في دائرة البطالة، لا تشمل – قطعا – كل الجامعيين من الساعين للحصول على وظائف مناسبة، أو من المنتظرين لإنهاء إجراءات توظيفهم.

ولا أخفي سعادتي الكبيرة بالاتصالات الهاتفية التي تلقيتها – حتى مساء الجمعة – من الكثير من الأخوة والأخوات من الجامعيين العاطلين عن العمل، وخصوصا أولئك الذين شعروا بالغبن لوصفهم بأنهم (لا يريدون الوظائف) وأن هذه الكلمة أثرت فيهم كثيرا، وأنا أيضا أشكر تفهمهم لانتقاد (فئة من الخريجين والخريجات) الذين لا يريدون الوظائف، ونماذجهم كثيرة لا تخفى، على ألا يصنفوا أنفسهم ضمن تلك الفئة إطلاقا، فالفرق واضح بيّن.

ولعل عدد من الأخوة المسئولين في إدارات التوظيف أو أولئك العاملين في إدارات الموارد البشرية كان لهم رأي في الموضوع، فقد أجمعوا على أن بعضا من (ونكرر بعضا من) العاطلين الجامعيين يريدون وظائف وأجور وأوقات عمل على أمزجتهم وهذا أمر غير ممكن، مطالبين بأن يتم تكثيف طرح الموضوع لتغيير الأفكار الخاطئة لدى الجامعيين الذين يصرون على عدم العمل إلا وفق شروطهم الخاصة.

واليوم، وليسمح لي أيضا المسئولون في شئون التوظيف، سواء في ديوان الخدمة المدنية أم في وزارات الدولة أو في وزارة العمل خصوصا والقطاع الخاص عموما، أن يتقبلوا الحديث عن فئة الجامعيين العاطلين الراغبين في العمل، مثلما قبلوا انتقاد فئة الجامعيين العازفين عن العمل! ولعلني أرى أنه من المهم أن يطول الحديث عن الجامعيين العاطلين الذين ينتظرون الوظائف بصبر وتفاؤل أكثر من غيرهم، سواء كانت الفرص في القطاع الحكومي أم القطاع الخاص.

ونتساءل أولا :«على مستوى الوظائف الحكومية، ما الذي يمنع توظيف الجامعيين؟»، إن كانت الإجابة بعنوان التشبع ومحدودية الفرص، فهي إجابة غير واقعية نظرا لاستحداث وظائف في كل وزارات الدولة سنويا وتجدد الشواغر، إضافة إلى أحقية أبناء البلد في التوظيف في القطاع الحكومي كأولوية على غير البحرينيين، وإن كانت الإجابة تنحصر في الحاجة إلى تخصصات معينة، فمن بين العاطلين الجامعيين العشرات من المتخصصين في مختلف المجالات، إلا أنه لابد من الاعتراف بأن جوهر مشكلة حرمان العاطلين الجامعيين المؤهلين من الوظائف الحكومية هو إقصاء مبدأ تكافؤ الفرص وتقديم الواسطات والمحسوبيات كشرط للتوظف، وهذه النقطة تحتاج إلى مساحة أوسع للبحث سنأتي عليها مستقبلا.

وعلى صعيد القطاع الخاص، يبدي الكثير من الجامعيين استعدادهم للعمل، على ألا يتم فرض ظروف عمل قاسية لساعات طويلة أو أجور مجحفة هزيلة، فهذا القطاع في رأي الكثير من الجامعيين، أفضل من فرص وظيفية كثيرة في القطاع الحكومي إذا توافر التقدير للعاطل الجامعي وتم توفير فرصة عمل تناسب تخصصه وقدمت له امتيازات تفوق ما هو متوفر في القطاع الحكومي! لكن، ماذا عن ممارسات الإقصاء والتهميش و(التطفيش) وتعمد ترشيح الجامعي إلى مجال غير تخصصه أو يبعد عنه بكثير؟ وماذا عن الجامعيين الذين وجدوا أنفسهم على قارعة الطريق؟

للحديث صلة..