مع بداية هذا العام زرت غزة (فلسطين القديمة) والسودان (فلسطين الجديدة) وبذلك اكتملت لدي صورة وطننا العربي الكبير بعد ان زرت جميع دوله وأصبحت مؤهلا لتقسيم دولنا العربية بشكل أفضل من تقسيم الأستاذ محمد حسنين هيكل (دول القلب ودول الأطراف) الذي لم يزر إلا 5 دول عربية كونه يمضي كل أوقاته وجل اجازاته في أميركا وأوروبا (العدوة)!
فلا شيء يجمع دول القلب (بيروت، القاهرة، بغداد، دمشق.. الخ) ولا شيء يجمع كذلك بين دول الأطراف (الدار البيضاء، مقديشو، جيبوتي، مسقط، ابوظبي.. الخ) لا في التوجه السياسي ولا الانجاز الحضاري ولا حتى المستوى المعيشي عدا عن عنصرية هذا الطرح ممن يدعي الايمان بالقومية العربية وهو المحارب الأول لها عبر تقسيم أبنائها وتصنيفهم بشكل مهين بين أهل حضارة وأهل بداوة.
فالفارق الوحيد بين دولنا العربية يكمن في الانجاز الذي سببه المباشر هو نوعية الإدارات الحاكمة فأغلب الدول العربية التي تملك كل شيء من نفط وماء وطقس وسياحة واتساع أراض والمؤهلة لان تصبح أغنى دول العالم حيث لا ينقصها شيء من مقومات الثراء الحقيقي، هي في الواقع الأفقر بسبب القيادات الثورية الغاضبة التي حكمتها، واما الدول العربية المنجزة فهي الأقل بالموارد حيث لا تملك إلا النفط المتوافر لدى الآخرين الا انها الأكثر ثراء وتقدما بسبب القيادات الحكيمة التي احالت الصحارى الجرداء إلى جنات خضراء.
نذكر تلك الحقيقة ونحن في بداية عقد جديد يجب ان نقرر خلاله مستقبلنا ومنهاج حياتنا فإما مسار الحكمة والهدوء والسعادة والانجاز، واما مسار الغضب والحقد والتعاسة و«التقدم للخلف» المعتاد حتى ينتهي الحال بنا كحال الدول الثورية التي زرناها والتي تتمنى شعوبها المغلوبة على أمرها ولو جزءا قليلا من الرفاه الذي نعيشه والذي لا يشعر به ضحايا ظاهرة «الظلم الكاذب» المتفشية لدينا هذه الأيام.
آخر محطة: 1 ـ مع تواتر الانباء عن كارثة زلزال «هاييتي»، نتذكر اننا نعيش في بلدان آمنة من الزلازل والبراكين والأعاصير والثلوج والسيول.
2ـ يذكر راحلنا الكبير د.احمد الربعي انه قال لبائع سمك في احدى الدول الثورية ان أسعاره أغلى بكثير من الأسعار في عهد الاستعمار فأجابه البائع: ارجع لنا عهد الاستعمار وخذ السمك بالمجان.
(3) ويروي الزميل العزيز فؤاد الهاشم انه سأل ذات مرة مرافقه حال وصوله لمطار احدى الدول الثورية عمن بنى المطار فأجابه المرافق: «الإنجليز» وسأله مرة أخرى عمن بنى الطريق الذي يسيران فوقه فأجابه: «الانجليز» وحال وصولهما للفندق العام سأله عمن بناه فأجابه: «الانجليز» فسأله الهاشم وانتم ماذا فعلتم فأجابه: «نحن من طرد الانجليز».. كفو.