محمد الوشيحي

حلق الشوارب

والله العظيم إن وزير الإعلام والنفط، الشيخ أحمد العبد الله، غلبان غلب اليتامى الجياع، حتى ولو بدَت هدومه قشيبة مهندمة مرتبة. ووالله العظيم، ثانيةً، إن الكثيرين متأكدون من عدم قدرته على اتخاذ إجراءات ضد وسائل الإعلام المخالفة. معلش يعني. كل واحد يلزم حدوده. فبعض أصحاب وسائل الإعلام يصعدون إلى الأدوار العليا بالأصانصير، بينما هو يصعد بالدرج، والناس مقامات.

الرجل أراد منصباً وبشتاً، فعرضوا عليه وزارة الشؤون، فضرب على فخذيه: «مابي مابي مابي، أبي العسل، أبي وزارة النفط». فأعطوه العسل ودسوا له السم، وزارة الإعلام. هذه هي كل الحكاية.

وعندما كنا في تجمع الأندلس، كانت الكلمة الأكثر دوراناً بيننا هي «متوبكة»! أي أن خطة الحكومة مُحكمة. والحكاية ليست مجرد خروج الجويهل على الشاشة وشتْم القبائل، ووضع فواصل من أصوات الأغنام والربابة في استهزاء سافر بالقبائل وبيئتهم، والتحجج بعد ذلك بالحديث عن ازدواجية الجنسية. لا أبداً. الهدف الذي لا يعلمه الجويهل ولا الشيخ أحمد العبد الله، لأنه أكبر منهما بكثير، هو العبث بالحريات من أجل قمعها لاحقاً وحلق الأشناب كخطوة أولى، تمهيداً لخنق الدستور. لذا كانت لوحاتنا ويافطاتنا التي رفعناها في التجمع الثاني، تجمع العقيلة، تعلن وبالصوت العريض أن «دستورنا… سورنا».

والحديث عن أن قوانين النشر والمرئي والمسموع الحالية كافية لتقويم أي اعوجاج، وأن العاجز يبحث دائماً عن مبررات ومبرّدات، كما كان يفعل المعلق السعودي عندما كان منتخبنا يهزم منتخبهم بالثلاثة والأربعة: «الهواء ضدنا والجمهور ضدنا والحكم ضدنا»، أقول إن الحديث عن هذا الأمر مضيعة للوقت. وأحمد العبد الله أضعف من أن يقود وزارة واحدة فما بالك بوزارتين. وكلنا لاحظنا كيف ابتلش بلشة الأبلشين في وزارة الإعلام، وقرر منع البرامج السياسية، على اعتبار أنها «باب يأتي منه الريح»، ونسيَ أن وزارة الإعلام تعيش في العراء العاري، لا سقف لها ولا حيطان. وهو بمنعه البرامج السياسية كمن وضع باباً في الصحراء، وضاعت حسبته. واليوم ذلك تريد الحكومة إقناعنا أن العبد الله يرسم الخطط ويشرف على تنفيذها. خير إن شاء الله.

والمضحك أن الصحف المتباكية اليوم على الحريات، هي ذات الصحف التي تمنع نقد الرئيسين، رئيس الحكومة ورئيس البرلمان، خوفاً وطمعاً، لكنها للأمانة توفر للكاتب الحبر والقرطاس والقلم وشاي سيلان لنقد الرئيس أحمد السعدون، تقرباً للرئيسين وتزلفاً.

وما يحدث اليوم أشبه بحلاقة شوارب جماعية بـ "موس" واحدة، وإركاع على الركبتين المجردتين. وفي أمك خير، أو في خالتك، انتقدهما. والمطلوب أن نتحول كلنا إلى مارادونا، نحاور ونناور في متر مربع واحد، بعدما ضاقت المساحة وضاق الفضاء. والبعض سلّم شاربه للموس طواعية، والبعض الثاني اقتيد عنوة، والبعض الثالث عظ شليله، ووضع كفّه على شاربه، وأطلق ساقيه للعاصفة.

وبعد إقرار القانون الجديد، لن نستطيع الكتابة حتى عن رئيس قسم بالوكالة، دع عنك رئيس الحكومة. لذا سأتفق مع القراء على رموز وإشارات للوزراء، فإذا غمزت بعيني اليسرى فالمقصود وزير الخارجية، وإذا عملت شقلبة فالمقصود وزير الداخلية، وهكذا، إلى أن يتراجع ترتيبنا في الحرية الصحافية إلى حيث الدفء، بجانب الشقيقة كوبا.

وبمناسبة شهر ذي القعدة المبارك، أستأذنكم وإدارة التحرير للراحة أياماً معدودات. جاو.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سعيد محمد سعيد

واقع الطفل العربي والخليجي

 

في الحقيقة، يدخلنا الحديث عن واقع الأطفال العرب، سواء في منطقة الخليج العربي، أو على مستوى الوطن العربي بشكل عام، في منطقة شائكة للغاية! ومعقدة بدرجة تحمل معها الكثير من المخاوف المستقبلية، ولكن، ليس بالأمنيات فقط يتحسن وضع الطفل العربي.

الطفولة العربية، ونحن نعيش يوم الطفل العربي والخليجي 15 يناير/ كانون الثاني، مساحة مهمة مهملة من جانب واضعي السياسات في الوطن العربي، ويحضرني تصوير مهم لرئيس تحرير مجلة العربي الكويتية، سليمان العسكري حول واقع الطفولة في الوطن العربي يقول فيه :»الأطفال في عالمنا العربي والسماء فوقهم بهذا الانخفاض، كيف يمكن أن يرفعوا رؤوسهم بكامل قاماتها؟ وكيف يمكن أن يتأملوا الآفاق البعيدة دون فضاء رحب يتيح لهم الانطلاق؟ الأطفال العرب ـ وليس أطفال فلسطين وحدهم ـ محاصرون، ولأنهم مادة المستقبل، فإن هذا يعني أن المستقبل العربي كله محاصر، مساحة الإبداع فيه ضيقة، والقدر المتاح للابتكار معدوم تقريبا».

ولهذا يطرح تساؤل مهم :» من المسئول عن كل هذا؟»، إن أنظمة التعليم العربي لا تخنق الحرية فقط ولكنها تقتلها عمدا، والواقع العربي لا يجعل الطفل يأخذ نصيبه العادل من خبرات الطفولة، هنا، تتوزع مسئولية الحصار الذي يعيشه الأطفال العرب على جهات عدة، على رأسها نظام الأسرة، المؤسسة التعليمية، المؤسسات الثقافية والإعلامية، وتلك الهوة من التخلف التي نعيش فيها والتي ارتضيناها لأنفسنا كأنها قدر محتوم.

لقد أعدت جامعة الدول العربية والمكتب الإقليمي لمنظمة الامم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» دراسة حول واقع الطفولة في الدول العربية تحت عنوان «عالم عربي جدير بالأطفال» بهدف توضيح الصورة الواقعية لأوضاع الأطفال في الدول العربية، ومن ثم العمل والسعي الجاد لتحقيق تقدم أسرع نحو الارتقاء بهذه الأوضاع والتأكيد والاستفادة من الايجابيات فيها، مع معالجة السلبيات منها من خلال تنفيذ أهداف خطة العمل العربية للطفولة، التي أصدرها المؤتمر العربي الثالث لحقوق الطفل في الجمهورية التونسية في يناير من العام 2004.

تلك الدراسة أشارت الى أن عدد الأطفال في كثير من دول العربية يصل الى مايقارب من نصف عدد السكان، بينما ينمو عدد السكان بصورة عامة نموا سريعا! وإذا استمرت معدلات الزيادة الحالية على ما هي عليه، فإنه من المتوقع أن يصل تعداد العالم العربي الذي يبلغ الآن 285 مليون نسمة إلى نحو 650 مليون نسمة بحلول العام 2050، وتصل نسبة من هم دون سن الخامسة عشرة الى 34 في المئة من هذا العدد الإجمالي وهي نسبة لا تزيد عليها إلا نسبتهم في الدول الافريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى وهي 42 في المئة.

ذلك يعني أنه سيكون على الدول العربية أن تنمو أسرع من المعدل الذي كانت تنمو به من قبل حتى في سنوات الانتعاش النفطية، كي يمكنها التعايش مع الأوضاع عندما يكبر هؤلاء الأطفال ويبدأون في البحث عن عمل، وبما أن المعرفة، أكثر من الموارد الطبيعية أو رأس المال، هي أساس ثروة الأمم، فإن الدول العربية عليها الاستثمار في تعليم الأطفال كي يمكنها المنافسة في الاقتصاد الكوني، وإذا استمر معدل سرعة النمو وأنماطه الحالية مستقبلا، فمن الممكن أن نتخيل عالما من البطالة الضخمة، إحباط الشباب، والقمع والفوضى والعنف.

وبناء على ذلك، فإن هذه الدراسة تكرس اهتمامها بوضع الأطفال في العالم العربي، والعمل في إطار المقاربة الصحيحة للتنمية، والسعي لإثبات أن الاستثمار في الأطفال ضروري لتقدم المنطقة، وأن قصور الاستثمار فيهم لن يؤدي إلا إلى خنق التنمية وشل الاقتصاد وإحباط المستقبل.