محمد الوشيحي

الداب الاشهب

قبل كل شيء، أقدم اعتذاري على طبق من خجل لعدم نشر مقالة الثلاثاء الماضي…

رحمتك يا رحيم. شاهدتُ أمس صوراً قديمة لي أثناء خدمتي العسكرية على الحدود الكويتية – العراقية، تعود إلى نحو ست عشرة سنة. عليّ النعمة أرعَبَتني، ولا حول ولا قوة إلا بالله… إحداها يبدو أنها التُقطت لي ذات عصرية صيف قائظ. ظهرتُ فيها كما الداب* الأشهب، الحَنَش. لم يكن ينقصني إلا أن أتمدد في المساء على ظهري وأرفع رقبتي إلى الأعلى، فتظنني العصافير جذع نخلة هاوية وتقع على فمي فألتهمها بريشها، وفي النهار أتلوّى على صخرة، فإذا مرت غزالة شاردة قفزت وتلوّيت عليها فعصرتها وهشمت عظامها والتهمتها في لقمة واحدة. ولو شاهدني أهل البيئة لنقلوني مباشرة إلى محمية صباح الأحمد. كنت هيكلاً عظمياً طويلاً له حواجب، يضع في طرف فمه سيجارة، كائناً أشهب، نحيفاً، ممطوط القوام، أقرع الرأس، أشعر الذراعين. أعوذ بالله من كآبة المنظر.

ولا أتذكر اسم الأديب المصري الذي سُئل عن مدينته فقال: «أنا من قنا، وقنا… عذاب النار»، يصف شدة حرارتها. ولو أنه عاش معي على الحدود متنقلاً ما بين «سنام» و»البحيث» و»جريشان» لأدرك أن قنا قطعة من الجنة، أو قطعة واحد في الجنة! يا رجل، في صحراء البحيث، سقتها المزن، يمر عليك في اليوم الواحد سبعٌ وعشرون عقرباً وخمس عشرة حية وستة وثلاثون ضبّاً متشرداً. كرنفال. زحمة زواحف. الكتف على الكتف! وفي صحراء جريشان تشعر أن الشمس تتراجع تسع خطوات إلى الخلف ثم تندفع بأقصى سرعتها – وهي تشتم وتلعن – لترتطم برؤوسنا ووجوهنا وجباهنا، وكأننا قتلنا معيلها الوحيد. أحياناً ينتابنا إحساس أن الشمس ساديّة، تتلذذ بتعذيبنا… وأنت تقول لي «قنا عذاب النار»؟ أقول صلِّ على النبي بس ولا تسيّس السياسة، على رأي الدوقة سلوى الجسار. قال قنا قال.

وكانت المواقع الثلاثة المذكورة هي المنفى للضباط المغضوب عليهم والضالين. تماماً كما كان يحدث مع ضباط الشرطة الأسبان المغضوب عليهم، عندما تم نقلهم إلى مدينة الغجر في غرناطة. والغجر، كما هو معروف عنهم، يعشقون العزلة، لا يختلطون بأحد ولا يقبلون الغريب بينهم. وتعال شوف واقرأ حكايات ومذكرات هؤلاء الضباط وعذاباتهم.

وصورة أخرى التُقطت لي وأنا أتناول الغداء في ظلال سيارتي العسكرية وأضع على رأسي غترة مبللة تخفف انتقام الشمس، وأضحك ببلاهة وبؤس. ضحكة مرعبة مفزعة. اهِبْ يا أنا. تفحصت وجهي فتحيّرت، كيف كنت أحلق لحيتي دون أن تخرج عظامي على العلن؟ وتحيّرت أكثر، كيف كنت أقرأ الروايات والكتب في أوضاع وأوقات كتلك؟ أي مزاج هذا؟

وفي الصورة الثالثة، شاهدت لأول مرة في حياتي، حنشاً يرقص العرضة وفي يده بندقية، وفرحان. على ماذا؟ علم ذلك عند ربي وعند خبراء الزواحف.

واليوم أضع على وجهي كريماً مرطباً بعد الحلاقة، وأدهن جسمي بكريم «وايت ماسك» برائحة الفانيليا واللوتس، وأتناول غدائي في الشيراتون وعشائي في كراون بلازا، وبعد غد قد أتناوله في السجن المركزي. وهكذا دواليك ودواليب… وانتو شلونكم؟ وش جاب طاري هالسالفة؟

* الثعبان 

سعيد محمد سعيد

الشيشة والنقال

 

يبدو أن هناك أسبابا جديدة ستضاف إلى قائمة مسببات ودوافع الطلاق بين الأسر الخليجية والعربية، ولعلها تدخل ضمن (التطور التقني) والتحول في أنماط الحياة، أو ربما هي جزء من ضريبة العصر، لكن على أي حال، فإن المشاكل الأسرية المعهودة لا تحتمل إضافة مسببات أخرى كما ورد في بعض القصص التالية:

طلق مواطن خليجي زوجته بعد زواج دام لأكثر من عشر سنوات بسبب فاتورة هاتفه النقال، ولم يقبل الزوج أعذار زوجته التي تسبب جهلها بصدور الفاتورة حاملة مبلغا هائلا لم يكن يتوقعه، وكان الزوج، وهو أب لثلاثة أطفال، صدم بفاتورة هاتفه النقال، في الوقت الذي تقدم فيه شركة الاتصالات عرض شهر مجاني لعملائها، إذ استغلت فيه الزوجة العرض لتتصل بكل صديقاتها وقريباتها اللواتي انقطعت عنهن منذ زمن.

وبررت الزوجة لزوجها ما حدث بأنها كانت تجهل أن العرض يسري فقط على عملاء شركة الاتصالات، بينما راحت تثقل كاهل فاتورة زوجها باتصالات مختلفة ولساعات طويلة على عدة شركات أخرى.

ودفعت صدمة الزوج إلى تطليقه زوجته بعد عِشرة دامت لأكثر من عشر سنوات أنجبا خلالها ثلاثة أطفال، وذلك بعد نقاش حاد استمر بينهما لساعات.

قصة أخرى تقول إن زوجا عربيا يقيم في إحدى الدول الخليجية أصر على تطليق زوجته لإصرارها على مواصلة تدخين “الشيشة” بعد فشل محاولاته في نصحها بالتوقف عن هذه العادة الضارة، وتقدم الزوج بطلب إلى دائرة المحاكم في رأس الخيمة لتطليق زوجته، للضرر الواقع عليه وعلى أبنائه بسبب إدمان الأم لتدخين “الشيشة”وإصرارها عليها، وهو ما أدى إلى وقوع الخلافات بين الزوجين وصلت إلى أروقة المحاكم، وفي قصة مشابهة، طلق مواطن خليجي زوجته التي تبلغ من العمر 33 عاما وأم لثلاثة من الأطفال بعد فشل محاولاته في نصحها بالتوقف عن تدخين “الشيشة”، ولم تنجح محاولات الأقارب في تقريب وجهات النظر ونصح الزوجة، إلا أن الزوج أصر على إجراءات الطلاق، وخصوصا أنه كان امتنع عن التدخين منذ خمس سنوات نزولا عند رغبة الزوجة.

وفي سابقة هي الأولى من نوعها كما وصفتها الصحافة، طلق خليجي زوجته نتيجة استخدامها غشاء البكارة الصيني الذي مازال يثير جدلا أخلاقيا في بعض الدول، واستخدمت الزوجة السعودية الغشاء الصيني في الذكرى الثانية لزواجها في محاولة منها لمفاجأة زوجها وإدخال السرور إلى نفسه وفقا لوجهة نظرها، إلا أنها فُجعت بردة فعل زوجها الذي أعلن طلاقها بعد أن أوضحت له سر استعادتها غشاء البكارة بعد عامين من زواجها، وقرار الطلاق جاء بعد غضب الزوج من استخدام زوجته هذا الغشاء وساورته الشكوك من استخدامها مثل هذا الغشاء الصناعي!

وعلى أية حال، هناك الكثير من القصص التي تثير القلق بشأن استقرار الأسرة الخليجية، لكن، لاتزال فئة من الناس تتجه بجنون نحو هدم الأسرة لأسباب أقل ما يقال عنها سخيفة.