سامي النصف

أنقذوا السودان قبل فوات الأوان

نزور ضمن وفد جمعية الصحافيين الكويتية ومنذ بداية الأسبوع جمهورية السودان الشقيقة، وقد التقينا العديد من الوزراء والمسؤولين ونأمل أن نلتقي غدا الخميس الرئيس عمر البشير في ولاية دارفور كي تكتمل لدينا صورة المشهد السوداني في حاضره ومستقبله خاصة ضمن الظروف الحرجة القائمة.

وقد لقي الوفد الإعلامي الكويتي المكون من الزملاء والزميلات: عدنان الراشد ود.هيلة المكيمي ومنى ششتر ودينا الطراح وخالد معرفي، كل الحفاوة والترحيب من قبل المسؤولين السودانيين ممن أخجلونا بكرمهم وتواضعهم وتقديرهم لما تقوم به الكويت في قطاعيها الرسمي والشعبي من دعم مباشر للسودان جعلها في مصاف أحد أكبر المستثمرين هناك.

وسنترك لمقال لاحق تفاصيل اللقاءات والزيارات التي تمت لسد مروى ومشروع سكة الكنانة وملتقى النيلين الأزرق والأبيض، والدور الكويتي الفاعل في «مملكة الذهب الأخضر» الذي وضع خطواته الأولى قبل 35 عاما صاحب السمو الأمير، حفظه الله، عندما كان وزيرا للخارجية وعبدالرحمن العتيقي وعبداللطيف الحمد ود.فيصل الكاظمي وموسى أبوطالب والسفير المرحوم عبدالله السريع، ولنطلق صيحة تنبيه وتحذير مما هو قادم سريعا للسودان، ومن ثم الدعوة لفزعة عربية تمنع نكبة وكارثة عربية أخرى أكبر وأشد من نكبة 48.

وعودة للوراء، ففي عام 83 ألغى الرئيس جعفر النميري اتفاقية الحكم الذاتي مع الجنوب السوداني التي عقدت عام 1972 في أديس أبابا وأعلن الحكم بالشريعة الإسلامية مما جعل الجنوب يعلن الثورة بقيادة جون قرنق وبدء حرب أهلية استمرت ما يقارب ربع القرن انتهت بعقد اتفاقية السلام في يناير 2005 والتي تضمنت اعطاء الجنوب السوداني حق تقرير المصير في يناير 2011 أي بعد أشهر قليلة.

وقد اخفقت الجامعة العربية وأمينها العام ـ كالعادة ـ في إعلان النفير العربي العام حول تلك القضية عبر خلق صندوق مالي عربي لدعم خيار بقاء السودان موحدا عن طريق مشاريع تنمية عربية وخليجية في الجنوب السوداني تدق لوحاتها وإعلاناتها في الطرق والقرى والمدن والساحات الجنوبية وإنشاء فضائيات وصحف جنوبية تُسوق للوحدة، فانقسام وانشطار السودان، لا سمح الله، سينتقل سريعا لباقي الدول العربية والأفريقية وسيصيح الجميع في يوم ما.. إنما أكلنا يوم أكل الثور… الأسمر!

آخر محطة:

1 ـ الشكر الجزيل لسفير السودان في الكويت د.الميرغني والوزير المفوض عبدالعظيم الصادق وسفير الكويت في السودان سليمان الحربي أو «سليمان السودان» كما أسماه وزير الإعلام السوداني المثقف الزهاوي إبراهيم مالك ولقطاع الإعلام الخارجي في وزارة الإعلام السودانية الذين قاموا بتسهيل الزيارة وعملوا بكفاءة مميزة جعلت الرحلة تمر بسلاسة ويسر.

2 ـ يناير 2011 قريب في تداعياته العربية والإقليمية من مايو 48 والحاجة الآن ـ إن تعلمنا الدرس ـ لا لفزعة مسلحة من الجيوش العربية بل للفتة إنسانية توجه لأهل الجنوب السوداني وتجعلهم يؤمنون بفوائد البقاء ضمن الدولة السودانية الواحدة، لقد اختلفنا حول فلسطين فضاعت فلنتفق هذه المرة حول السودان كي يبقى ولنقف صفا واحدا حول الجهود الرامية للحفاظ على وحدة أراضيه.

3 ـ تجارب التاريخ تخبرنا بأن عمليات الانفصال تعمّد، رغم كل ما يقال، ببحور من الدماء وسلسلة حروب أهلية لا تنتهي.

4 ـ أخبرنا أحد كبار المسؤولين السودانيين بأن سفير الكويت الأسبق المرحوم عبدالله السريع الشهير بعبدالله جوبا (لحب أهل الجنوب له) لو نزل الانتخابات في الجنوب لحاز أصواتا أكثر من الراحل جون قرنق.

5 ـ سيرة جون قرنق هي نسخة من سيرة بشير الجميل الذي قتله إصراره على وحدة لبنان.

احمد الصراف

نعم ثانية للهجرة

أعترف بأنني دهشت، سواء لعدد أو لمدى حدة الردود التي وردت «القبس» وصحيفة الآن الإلكترونية والنقال على مقال «الهجرة من الكويت»! وعلى الرغم من أن غالبية الردود كانت سقيمة المعنى والأسلوب، ومنها ذلك الذي كتبه احد الكتاب، وهو يعرف نفسه، فان بعضا منها كان إيجابيا، وبعضها الآخر مؤدبا ومتسائلا، ولهؤلاء أكتب هذا التوضيح، ولكن قبل ذلك أود أن أبيّن أنني لم أهدد بالهجرة ولا أعتقد أن أحدا سيتأثر بأي من قراراتي الشخصية، فلست بالسياسي ولا بالشخصية العامة أو الفنان ليفتقد أحد -غير أحبتي- وجودي، بل كل ما هدفت اليه هو أن أبين مقدار أسفي من إقرار قانون اعتبرته القشة التي قصمت ظهر البعير، ولا يعني هذا أن البعير لم تنله ضربات أشد وأقسى من قبل من قوانين أكثر جورا وظلما، ولكنه صبر إلى أن فاض به الكيل فصرح وكتب ما كتب.
* * *
ما هي الكويت بالنسبة الى الكثيرين، أليست شعبا وأرضا وفوق هذا ثروة؟!
ومن الذي بإمكانه الادعاء بأن هذه الثروة، أو حتى الدخل البسيط، لم يكونا -وحتى الأمس القريب- العامل الذي جذب المواطن والمقيم للكويت منذ نشأتها وحتى اليوم؟ ومن سيبقى إن تبخرت هذه الثروة، ولم يجد الشعب عملا أو قوتا يقيمان أوده؟ وما الحكمة التي ارتجاها مشرعو الزمن الجميل عندما أقروا قانون «رصيد الأجيال القادمة»، والفريد من نوعه، ألم يكن في بالهم أن الثروة النفطية لن تبقى الى الأبد وستنضب يوما، وان عجز حكوماتنا المتعاقبة عن جعل الكويت مكتفية ذاتيا، ولو إلى حد ما، أو خلق بديل لتلك الثروة، كان وراء ذلك القانون، فقط لكي يجد أحفادنا مستقبلا ما يحميهم، ولو لفترة ما، من ذل السؤال والفاقة؟! فكيف إذاً نُصرّ على التصرف كالسفهاء، ونصرف ما في الجيب، خاصة على من لا يستحق، ونحن نعلم أن الغيب لا يعتمد عليه، وأنه قاس ومظلم؟!
نعم، سأهاجر عندما أُقر القانون في النهاية، ليس احتجاجا فقط، ولكن لأن تلك ستكون بداية الانحدار باتجاه خسارة بقية الحقوق وتكريس عدم الاكتراث بأي واجبات.. فهل ستنتظرون معي ذلك اليوم، أم أن علينا جميعا أن نحتج ونرفع الصوت من الآن ونطالب بتحكيم العقل، وألا ندع ثقافة الصحراء، التي تدفع بتناول الكلأ قبل جفافه، والماء قبل تبخره، تتحكم في أهوائنا ومقدراتنا، بحجة أن هذا هو حكم الديموقراطية، فاللعنة عليها إن هي سلبت وطني وأبنائي وأحفادي ضمان مستقبلهم!
أما بخصوص مواقفي من القوانين المالية الماضية، فأرشيف مقالاتي خير شاهد عليها، وبإمكان المتشكك والمعترض العودة اليها.

أحمد الصراف