محمد الوشيحي

بعيداً عن المصبنة

أشهد أن الدكتور محمد العوضي، الإعلامي الشهير، الكاتب في جريدة «الراي»، ألذ وأشهى من «بسكويت السعادة». تأكل أصابعك وراه، وتأكل القرطاسة أيضاً. وأشهد أن حديثه ممتع، خصوصاً عندما يجلس فوق الطاولة ويكون في قمة مزاجه ويبدأ كلامه بلزمته المعروفة: «يا مولانا الوشيحي»… عليّ النعمة أن هذا النحيف الذي يوحي إليك وجهه أنه لم يضع شيئاً في فمه منذ السبت الماضي، لو أراد إضحاك الجالس على قبر أبيه لاستطاع إلى ذلك سبيلاً. دع عنك ما تقرأه في مقالاته: «وقد أورد هذه الحجة العالم الجليل شاكر حتاته البردعوني في كتابه (طبّق حنّا طبّق ماش) لدار الكبسولة للنشر، في باب (المرقوق والطابوق) وبيّن فيه تجليات اصطدام حبيبات التقشر القطعي، هذا وقد خالَفه المفكر أبو قينقاع الزردعوني…».

دع عنك مصطلحاته هذه وأسماء علمائه ودور نشرهم فهي عدّة الشغل التي يحملها على كتفه صباح كل يوم. واجلس معه جلسة رائقة وستدعو لي نائماً وقائماً.

هو مطّلع لا شك في ذلك ولا عك، وهو يختلف من حيث المبتدأ والخبر عن «مصبنة التديّن» الذين يرون كل من يرفض الشعوذة خارجاً عن الملة بتذكرة «ون وي»! أنت لا تصدّق محاولة الجني الخروج من العين اليسرى للملبوس؟ ولا تصدق أن «الشيخ العالم المعالج» يهدد الجني فيضطر الجني إلى الإذعان والتسلل عبر الإصبع البنصر في القدم اليسرى خاسئاً وهو حسير، أنت لا تصدق هذا؟ إذاً أنت علماني ليبرالي من يهود القوقاز. اللي بعده.

تصرخ في وجوههم: هل سمعتم يوماً أن ابن باز رحمه الله تحدث مع جنيّ؟ أو هل سمعتم أن الدكتور عجيل النشمي مثلاً أمسك بعصا وجَلَدَ بها ظهر عجوز بحجة أن جنّياً ذكراً ترك فاتنات النساء في الكرة الأرضية وجاء ليتلبّس هذه العجوز المغلوبة على مرض مفاصلها وارتفاع ضغطها وسكّرها؟ كم هو فاحش هذا الجني، وكم هو عديم ذوق. طيّح الله حظه. اعنبوه ترك فاتنات الجامعة وحسناوات المقاهي والحفلات وتوَرسَلَ هذه العجيّز التي لا تقرأ ولا تكتب. أو جنية تركت وائل كفوري وبراد بيت وتوَرسَلتْ شيخاً طاعناً في الانحناء لم تعد تنفع معه الحبوب الزرقاء.

ما علينا. قبل فترة، كتبت الكاتبة السعودية نادين بدير مقالة قرأها الكثير من الناس، تقول فيها ما معناه: لماذا يحق للرجل الزواج من نساء أربع، ولا يحق للمرأة الزواج من رجال أربعة؟ وراحت تفصّل وتطرح الأمثلة أرضاً.

وبعيداً عن ردود الباحثين عن الشعبية، وما أكثرهم، جريتُ مهرولاً إلى مقالات الدكتور العوضي كي أقرأ الرد المفحم الملجم بالأدلة والوثائق والمستندات. فوجدته متشعبطاً على جدار كلمة قالتها نادين، تاركاً لبّ الموضوع وصفار بيضه. وهات يا شتم واستهزاء بالكاتبة مخلوطاً بما قاله العالم الجليل «شحتة السندويني» في كتابه «الطرطعاني في المعاني» لدار عيون المها للنشر. فخرجت من مقالاته أضرب صدغاً بكف وكفاً بصدغ، والبادئ أظلم.

فيا مولانا العوضي، رحم الله جدك الأكبر، تأكد أننا تعرضنا لمثل هذا السؤال كثيراً في أسفارنا: لماذا يحق للرجل المسلم الزواج من نساء أربع، ولا يحق للمرأة الزواج من رجال أربعة؟ وأعلنّا بعد جدل عَجْزَنا عن الإجابة، وأحلنا السائلين إلى مفكرينا ومشايخنا، وأنت منهم. فإما أن تقول يا مولانا: «لا أعرف الإجابة»، أو «هكذا هو ديننا»، أو فلتطرح حجتك وردك المقنعين، بلا شتائم، أو بشتائم إن أردت، كي نستخدم حجتك نحن أيضاً.

هذا، وندعو الله أن يحشرنا وياك مع علمائك الأجلاء السندويني والزردعوني والبردعوني ودور نشرهم. وجزاك الله خيراً. 

سامي النصف

لا تهزوا دعائم البيت

التباين في الآراء ضمن جدران البيت الواحد هو امر مقبول في جميع الديموقراطيات الاخرى التي لا يسمع ولا يعلم احد بما يدور في غرفها وما بين ابنائها حتى لا يتم استغلال تلك التباينات للاضرار بالساكنين من قبل بعض الجيران المتربصين.

هناك همس تحول الى صراخ في الكويت يشكك وبحق فيمن يدعون عشق الديموقراطية وهم يعملون جاهدين لوأدها فألسنتهم معها وأفعالهم عليها، ومن يدعون الحفاظ على البيت الآمن الذي يظلنا جميعا وهم يطرقون بالمعاول والمطارق اسس بنيانه كي يهدم على رؤوس الجميع بعد ان يفروا كالفئران منه لأحضان محرضيهم وداعميهم.

ومن معاول الهدم التي يستخدمونها بخبث ومكر ودهاء محاربة التنمية ودعم المشاريع التي تفلس الدولة ثم افشاء «الشعور الكاذب بالظلم» لدى المواطنين عند ردها او عدم الموافقة عليها كونها غير مسبوقة او معمول بها في «جميع» الدول الاخرى الاكثر ثراء وذكاء وحكمة وتعقلا من بعض مشرعينا ما يجعل المواطن حانقا وغاضبا طوال الوقت ناسيا رغد العيش الذي ينعم به والذي يحسده عليه اغلب شعوب الدول الاخرى.

ومن معاول الهدم الاخرى استخدام الاقلام ووسائل الاعلام والرسائل النصية والمنتديات الالكترونية بشكل مدروس ومخطط لخلق انطباع عام بعدم الرضا وقمع الآراء العاقلة وتشجيع الآراء المحرضة والمستفزة وجميع تلك الامور تستغل تدني مستوى الثقافة العامة وصمت القائمين على الاجهزة الحكومية المختصة وايمان كثيرين بمبدأ.. «مع الخيل يا شقرا» الشهير!

ومن الوسائل المستخدمة لهز دعائم بيت الكويت الذي يظلنا جميعا تضخيم وتكبير اي حادثة فردية يفترض التعامل معها بالقوانين المرعية والعقوبات الرادعة وهيبة السلطة، والمستغرب اننا كنا اول من تقدم بمقترح تجريم وتشديد العقوبات على أقوال وأفعال الكراهية والذي تبناه جمع طيب من النواب لم يكن منهم قادة التحريض والتأجيج.

آخر محطة:
 
1 – الكويت كما نرى مستهدفة، مستهدفة، مستهدفة وهناك من يرغب في ان يحولنا الى ساحة حرب وكالة اخرى نضرب خلالها اعناق بعضنا البعض ونحرق بلدنا المعطاء لإرضاء الآخرين فهل نطاوعهم ونحقق لهم طلبهم؟!

2 – يجب ان يشمل قانون تجريم الكراهية في نصه او مذكرته التفسيرية المفردات التي تثير الحساسية والبغضاء بين افراد المجتمع الواحد ومن ثم تحريم استخدامها وتشديد العقوبات بشأنها حتى يرتدع من يود حرق الكويت.. بقصد او دونه.

3 – ماذا نسمي اطلاق ألقاب قميئة ودنيئة مثل «البياسر» و«الدماء الزرقاء» من قبل نواب على زملائهم النواب الآخرين وهل في ذلك رص للوحدة الوطنية المتباكى عليها ام هدم شديد لها؟! نرجو من قانون الكراهية ان يجرم تلك المسميات نصا.

احمد الصراف

محنة البغدادي

قلة في الكويت لم تسمع بالأستاذ أحمد البغدادي، الأستاذ الجامعي والمحاضر والباحث والمدافع الصلب عن الحريات وحقوق الإنسان. وعندما يجري الحديث عن مثقفي الكويت، خصوصا في الخارج، يأتي اسم أحمد البغدادي على رأس القائمة، التي لا أعتقد بطولها أصلا. فهو، بلا جدال، واحد من القلة المثقفة التي أعتز بصداقتها، وأعترف شخصيا بأنني استفدت منه. والرائع في البغدادي إخلاصه وتفانيه في أي عمل يؤديه، وأجزم بأنه لكان على أمانته وإخلاصه نفسهما كأستاذ جامعي، لو كان مسؤولا عن مالية الدولة.
يمر الأستاذ أحمد منذ فترة طويلة بمحنة صحية أثرت فيه نفسيا إلى حد ما، لأنها منعته من الاستمرار في عمله الأكاديمي وفي القيام بما يعشق، وهو البحث الأكاديمي والكتابة الصحفية، وهي الأمور التي تعلق بها وأدمنها حتى الثمالة (التي لم يعرفها قط!)، وعلى الرغم من جدية القائمين على تقديم العلاج له وخبرتهم وإخلاصهم، فإن صحته لم تتحسن كثيرا، وكاد يلقى حتفه أكثر من مرة، الأمر الذي تطلب بقاءه في المستشفى لفترة طويلة، بعد أن تبين أن قلبه الكبير قد أصبح، بسبب إخلاصه، و«محاتاته» المستمرة، غير قادر على تلبية مطالب نفسه الكبيرة، وأنه، بالتالي، بحاجة إلى قلب جديد! وهنا تنادَينا ومجموعة من محبي هذا الإنسان وأصدقائه، للقيام بما يلزم، وتغطية تكاليف علاجه في الخارج، بعد أن تسبب روتين إدارة العلاج في الخارج في تأخير سفره أكثر من اللازم.. ولكن مبادرة كريمة من سمو الأمير الكبير سبقتنا جميعا، وشملت برعايتها تغطية تكاليف علاج المواطن أحمد البغدادي، الذي طالما أنارت محاضراته ودروسه وخطبه وكتبه وأبحاثه طريق الكثير من الشباب، وأبعدتهم عن الدروب الزلقة.
سيغادرنا الأستاذ أحمد خلال يومين لتلقي قلب جديد في أحد المراكز الطبية في الخارج. ونتمنى، بطبيعة الحال، أن يتمكن الأطباء هناك من إقناع قلبه بالاستمرار في عمله، وأن يعود سريعا الى أهله ومحبيه وجمهور قرائه، وأثناء ذلك ستكون أفكارنا وقلوبنا جميعا معه إلى أن يعود سالما وهو بصحة تامة.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

الخوف على البحرين..الحرص على البحرين

 

«رسائل مهمة جدا من سمو ولي العهد»… تحت هذا العنوان، طرحت في هذه الزاوية بتاريخ 30 أغسطس/آب من العام الماضي الموافق لليوم التاسع من شهر رمضان المبارك جملة من الرسائل الدينية والاجتماعية والوطنية المهمة أرسلها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى في زياراته لعدد من المجالس الرمضانية برفقة نجله سمو الشيخ محمد، وهي إضاءات حقيقية ورائدة توجب وضعها في الاعتبار لدى كل مسئول وكل سياسي وكل خطيب وكل ناشط، بل وهي مهمة لكل مواطن أيا كان موقعه، وأوجزتها وقت ذاك في عدة نقاط منها أنه على عاتق علماء الدين تقع مسئولية الحفاظ على الوحدة الوطنية في المجتمع البحريني، وأن عليهم الحث على الموعظة الحسنة والدفع بالتي هي أحسن، والدعوة الى الاعتدال ونبذ التطرف، وأن التواصل الصادق كفيل بوحدة المجتمعات وتكافلها، بالإضافة الى أن المجالس الرمضانية محطة للوقوف على احتياجات المواطنين، التباحث مع المواطنين في المجالس التي زارها سموه في الشأن العام والخاص من دون قيود.

ولست أفشي سرا حينما أقول أنه بذات الحماسة التي تابعت فيها زيارات سموه للمجالس في شهر رمضان المبارك، تابعت أيضا برنامج «لقاء خاص» الذي بثته قناة العربية مساء أمس الأول الجمعة مع سموه والذي استطاع خلاله أن يقدم بصورة مباشرة وبإيجاز وبعمق، إجابات لها دلالاتها الكثيرة التي تتصل – بعمق أيضا – بثوابت السياسة البحرينية تجاه قضايا كثيرة مهمة، داخلية على صعيد تراب الوطن الغالي، وإقليمية على مستوى منطقة الشرق الأوسط والعالم.

ومن بين الكم الهائل من التساؤلات والمحاور المهمة التي تميز بها اللقاء، لم أجد شخصيا، إن جاز لي التعبير، رسالة مهمة لها دلالاتها أيضا أكبر وأهم من قول سموه ردا على سؤال طرحته المذيعة نصّا :»هل أنت خائف على البحرين؟»، فكانت الإجابة المختصرة والواضحة :»أنا حريص على البحرين»، مع الاعتبار لآراء مهمة كثيرة طرحها سموه بين جنبات اللقاء يتطلب استحضارها وعرضها مساحة أكبر دون شك.

وبعد، لا أظن أن سموه ينتظر كلمات الشكر والثناء والإشادة من «الشيعة»، سواء في بلادنا أو سائر بلدان العالم في شأن رفضه خلع ثوب الشيعة العرب وإلباسهم لباسا آخر من إيران أو غيرها فقط لأننا نختلف معهم! لكن رسالة سموه المهمة – التي لا أرى أنها ستقع في قلوب مثيري الفتن الطائفية موقع التأمل – هي الرفض التام لأن (نصبغ) كل العرب الشيعة بأنهم مدعومون من إيران، فالمذهب الجعفري كما أشار سموه، هو مذهب من المذاهب الإسلامية (نختلف) معهم في طريقة استنباط الأحكام، وأن هناك من السنة من يتبع أفكارا في المنطقة، بل ومن الصين والولايات المتحدة الأميركية، لكن من الخطأ ربط الفكر السياسي بمذهب من المذاهب.

سيكون من اللازم لكل الإعلاميين في المنطقة الذين يمتلكون حسّا وطنيا صادقا ومسئولية «الأمانة»، أن يتأملوا في دعوة سموه للابتعاد عن تلك «الألوان»، فالدين فوق رؤوس الجميع، وأن ما نختلف عليه هو السياسة وليس الدين.

ولا أشك أبدا في أن هناك من «سيكابر»