تعتبر الدول الخليجية الأقل اهتماما واكتراثا بقضية دولية أصبحت الشغل الشاغل لعدد متزايد من المنظمات والسلطات الصحية العالمية، ألا وهي قضية المتاجرة بالأعضاء البشرية. ويعود سبب ذلك لغنى مواطني هذه الدول وتزايد أعداد المحتاجين منهم لأعضاء بشرية، بسبب أنماط معيشتهم الشرهة والمتطرفة، وقدرتهم على شرائها من أي مصدر كان. وبالرغم من هذه الحقيقة، وكل مظاهر التدين التي تنتشر بها، فإن أيا من رجال الدين أو جهات الإفتاء فيها لم تكلف نفسها يوما لتحريم استغلال حاجة شعوب الدول الفقيرة للمال واضطرارهم لبيع أعضائهم للأثرياء العرب والمسلمين وغيرهم.
وبالرغم من أن الجهود الدولية الداعية لتنظيم عملية التبرع بالأعضاء تعود لأكثر من 30 عاما، فإن الكويت، ومعها بقية الدول العربية، لا تزال تفتقر للتشريعات المنظمة في هذا المجال، ولا تزال الغلبة فيها لكلمة رجل الدين في تحديد الموت، وليس للطب، بسبب إصرارنا على التخلف الذي نأبى إلا التمسك بكل نواجذنا بتلابيبه!
ولو قام أي مسؤول صحي، وهنا نعني وزير أو وكيل وزارة الصحة بالذات، مع عدد من النواب الذين لا يزال فيهم خير، بزيارة الجمعية الكويتية للتبرع بالأعضاء، التي أسسها وأدارها الدكتور مصطفى الموسوي باقتدار كبير لسنوات طويلة، لوجد أن هناك الكثير الذي يمكن القيام به في هذا المجال. وأن لدينا خبرات ومواهب يمكن عن طريقها، مع بعض التنظيم، الوصول الى الاكتفاء ذاتيا بالأعضاء البشرية ووقف استغلال حاجة الآخرين في الدول الفقيرة وشراء أعضائهم البشرية بأثمان بخسة وتشجيع المتاجرة بها، ولكي توفر الدولة ملايين الدنانير سنويا التي تصرف على «سياحة شراء الأعضاء». فهناك دائما في الكويت من هو على استعداد للتبرع بأعضائه، في حال إصابته بحادث ما، كما هي الحال معنا ومع غيرنا. ولا أدري إن كانت بطاقة التبرع بالأعضاء التي احملها في محفظتي تخول المستشفى أو الطبيب القيام بنقل أعضائي دون خوف من المساءلة القانونية، وهذا ما هو مطلوب التأكد منه مع ضرورة قيام الدولة بتشجيع المواطنين على الانضمام الى جمعية التبرع بالأعضاء وحصر تحديد الميت بيد الطب فقط دون تدخل من خريج علوم شرعية.
أحمد الصراف