احمد الصراف

وفاء هلال.. وحُلم يوسف!

كتب الطبيب الإنسان هلال الساير، وزير الصحة، مقالا في «القبس» نعى فيه الدكتور الهندي جاكوب أومن، الذي خدم في الكويت لسنوات طويلة. ولم يتردد الدكتور الساير في مقاله من الاعتراف بأنه كان أحد تلاميذ د. أومن، وكيف أنه وجيلا كاملا من أطباء الجراحة تدربوا عنده وتعلموا على يديه الكثير. كما بيّن في مقاله مدى تفاني د. أومن وإخلاصه، وكيف كرمته الحكومة قبل الغزو الصدامي القبيح، وأرسلته لتلقي العلاج لقلبه في الخارج. كما قام د. هلال الساير بنشر نعي في عدد من الصحف تضمن إشادة بمناقب الدكتور أومن وفضله على الكثيرين من أطباء ومواطنين ومقيمين! ومن المحزن القول، وربما الجزم، أن -المرحوم- جاكوب أومن لم يكن ليتلقى هذه اللفتة وتلك الإشادة لو كان وزير الصحة شخصاً آخر، خاصة من جماعة الغم والهم وناكري جميل الغير وإحسانهم، خاصة أن الجميل صادر من غير الجماعة ومن خارج الحظيرة!
فشكراً يا دكتور هلال لكلمتك ونعيك، فقد كان الدكتور أومن خير صديق للكويت وأهلها، فقد خدمها بأفضل ما يمكن وقضى فيها زهرة شبابه، وعرفناه عن كثب، وكان سيعود ليعمل ويموت بها، لولا أحداث الغزو التي منعته وقتها من العودة للكويت.
وفي السياق نفسه تقريبا، ورد في «القبس» 23/11، من مصادر في جامعة الكويت أن قانون منع الاختلاط الجامعي سيكلف الدولة 300 مليون دينار، أي ما يزيد على مليار دولار، بسبب الاضطرار الى إنشاء مبان منفصلة للذكور وأخرى للإناث، في كليات المدينة الطبية في جامعة صباح السالم في الشدادية! وما يجعل الأمور أكثر تعقيدا أن أعداد الطالبات أكثر من الطلاب بكثير، كما ان الفصل سيتسبب في تأخير الإنجاز وافتتاح الجامعة لسنتين أخريين، وكل ذلك لأن فكرا متخلفا شاء أن تكون حالنا تعليميا غير حال بقية دول العالم الإسلامي، ويا صديقي يوسف الجاسم يبدو أن حلمك قد تأخر تحقيقه أكثر وأكثر!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

احمد الصراف

الصقر والعادات والتقاليد

لو وضعنا الصقر الجراج أو الحوام Buzzard في قفص أبعاده 6x20x8 أقدام.. ومفتوح من أعلى فان هذا الطير، بالرغم من قدراته الكبيرة في الطيران، سوف يبقى سجين ذلك الخن الصغير، لأن هذا النوع من الطيور يبدأ طيرانه من الأرض وحتى علو 10 الى 12 قدما، وعندما لا يجد مهربا يعود للأرض ولا يحاول أبدا النظر للسقف المفتوح من أعلى.
كما ان الخفاش بقدراته العجيبة لا يستطيع الطيران من سطح منبسط، بل يحتاج لأن يتسلق شيئا أو مكانا مرتفعا لكي يرمي بجسمه في الفضاء وينطلق. ولو ألقينا بنحلة طناطة، الكبيرة الحجم، في وعاء فانها تبقى فيه باحثة عن مخرج حولها، ولا تفكر ابدا بالنظر الى اعلى الوعاء المفتوح والخروج منه، وتبقى هناك حتى تموت. والبعض منا يشبه في تصرفاته ذلك الصقر الحوام أو الفراشة الطنانة أو الخفاش، في طريقة تعاملنا مع مشاكلنا وخيبات أملنا غير مدركين أن كل ما هو مطلوب منا هو النظر الى اعلى، فهو طريق الهرب والخلاص، والحل لأي مشكلة، أي التفكير بطريقة غير تقليدية، ورفض البقاء في قفص «العادات والتقاليد»، خاصة البالي والسخيف منها، فهذه العادات والتقاليد لم تكن لتصبح كذلك لو لم يفكر من ابتدعها في الخروج مما سبقها من عادات وتقاليد، فلكل زمان «عاداته وتقاليده»، ونحن عندما نتحسر على ما اختفى منها لا ندرك أن من سبقنا قال الشيء ذاته، كما سيتحسر على عاداتنا وتقاليدنا الحالية من سيأتي بعدنا، وبالتالي من المهم الفكاك من أسرها الآن والانطلاق الى رحاب الحرية والإبداع، ففيها وحدها يكمن الخلاص من أسر الماضي وارهاصاته النفسية المقيدة لحركة العقل.
يقول مايك جورج، خبير التأمل والروحانيات، نقلا عن تجارب شرقية قديمة، اننا مهما فعلنا فاننا لا نستطيع تغيير الآخرين، ان لم يكونوا يرغبون في ذلك. وان علينا ان نتوقف، أو نضع نقطة على السطر، فور قيامنا بالشكوى من وضع معين أو توجيه اللوم للآخرين، فهاتان العادتان تحطمان ما نمتلك من قوة داخلية، لأن الشكوى والقاء اللوم تبينان اننا نتوقع الحل والتغيير من الآخرين. والأفضل أن نغير ما بأنفسنا قبل أن نبدأ بالطلب من الآخرين أن يتغيروا، وهو أصلا أمر لا يمكن تحقيقه.
وفي هذا الموضوع تقول آني تنزن بالمو، وهي راهبة بوذية من أصل بريطاني تعيش في الهند، في كتابها «ترياق الغضب» نقلا عن شانتيديفا البوذية العالية الثقافة، والتي عاشت في القرن الثامن، ان الارض تمتلئ بالحصى والصخور والأشواك، فكيف يمكن أن نحمي أصابع أقدامنا من الجروح والآلام؟ هل سنقوم بفرش سجادة على سطح الكرة الأرضية بكاملها؟ لا يمكن بطبيعة الحال فعل ذلك، وعليه يكفي ان نأخذ قطعة من الجلد ونغطي بها بطحات أرجلنا، كنعال او أحذية، وهنا نستطيع السير أينما نشاء، وهذا يعني اننا في غنى عن تغيير العالم والناس حولنا، ليكونوا طبقا لمواصفاتنا، فهناك البلايين من البشر ولكن هناك واحدا «أنا»، فكيف بإمكاننا منفردين دفع العالم ليقوم بفعل ما نرغب فيه؟! أليس من الأسهل أن نتغير نحن قبلها، وان ننظر برحمة لمن يتسبب في إيذائنا وشعورنا بآلام وان نعتبره صديقاً، فمثل هؤلاء هم الذين يساعدوننا في أن نتعلم وأن نتحول.. للأحسن؟!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سعيد محمد سعيد

أنصاف معلمات!

 

تواجه شريحة من المعلمات اللواتي يطلقن على أنفسهن اسم «معلمات النصف»، وهن أولئك المعلمات اللواتي يعملن في مدرستين، ظروف عمل تتطلب نظرة من قبل المسئولين، لذلك، فهن يعلقن آمالا على أن تصل شكواهن إلى وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي، وهن على ثقة أيضا، بأن الملاحظات التي يطرحنها ستلقى اهتماما من قبل الوزير.

أنصاف المعلمات، هن أولئك اللواتي لديهن نصاب قليل في المدرسة التي يعملن بها، ووفقا لنظام متبع، يتم نقلهن إلى مدرسة أخرى، في بعض الأيام، وهو وضع يشق عليهن كثيرا لعدة أسباب أهمها:

– تعدد المناهج، فنصف المعلمة، تضطر إلى التحضير ووضع امتحانات في كلا المدرستين.

– كثرة الأعباء والأعمال الملقاة على عاتقهن من كلا المدرستين.

– تعدد الأمزجة الإدارية لكلتا المدرستين، فكلاهما تعتبران المعلمة ملكا خاصا للمدرسة، يجوز التصرف فيها كيفما تشاء، ولا يجوز للمعلمة التذمر، ولا حتى قول (لا)!، والسبب كما ذكرت إحدى المعلمات، أن مديرة بإحدى المدارس قالت، وربما خانها التعبير، إن الوزارة (اشترت) المعلمة، وعليها أن تعمل ليل نهار!

– الكمية الكبيرة من الملفات والامتحانات التي تحملها المعلمة معها إلى المنزل لتصحيحها، ورصد درجاتها والتي تسبب الكثير من العبء الأسري والاجتماعي وكذلك النفسي.

– التكلفة المادية التي ترهق (نصف المعلمة)، إذ تصرف المبالغ لتوفير الأحبار والأوراق ولوازم أخرى كثيرة تضطر لتوفيرها لكسب الوقت نظرا لضيقه في كلتا المدرستين.

– معاملة بعض مديرات المدارس للمعلمة النصف التي تعمل بمعدل يومين لديها، وكأنها ترتكب مخالفة إدارية كبيرة لأنها لم تتواجد في الأيام الأخرى.

– الضغط النفسي الكبير على أنصاف المعلمات من قبل بعض المديرات، إذ تضغط بعضهن على هذه المعلمة وتحملها الكثير من المسئوليات.

وما لا شك فيه، فإن نظاما كهذا، لابد وأن يكون له تبعات متعددة وسلبيات، لكن، لابد من التأكيد على أن واجب المعلمة المقدس، سواء كانت معلمة (كاملة) أو (نصف معلمة)، يلزمها القيام بدورها الوطني في أداء دورها في تعليم أبنائنا وهذا ينطبق أيضا على المعلمين الذكور، ومع ذلك، فإنه من الأهمية بمكان أن ينظر المسئولون بالوزارة، إلى الملاحظات التي تطرحها (أنصاف المعلمات) والعمل على تصحيحها بغرض الاستفادة من جهد كل معلمة بحيث تتمكن من العطاء بشكل أفضل.

ويبدو أن قائمة معاناة المعلمين والمعلمات طويلة ومتشعبة وبعضها معقد، وكلما طال أمد بقاء تلك المعاناة، كلما تضرر الأداء في المدارس، ولعل المسئولين بوزارة التربية والتعليم أكثر اطلاعا منا على حقيقة الوضع، وكذلك، هم الأخبر بما سيتم اتخاذه من خطوات لتصحيح بعض الأوضاع الخاطئة، وسنكون سعداء بالاطلاع عليها.

سامي النصف

الثقوب الاقتصادية السوداء القادمة

تحدثت ذات مرة مع مستشار اقتصادي كويتي حول ما يجري في احدى امارات الخليج موضحا النهاية الكوارثية التي تتجه إليها، حيث ستبلغ الفقاعة العقارية مداها نظرا لعدم منطقية بناء اكبر المولات والمطارات والمباني في بلد لا يزيد عدد سكانه عن المليون نسمة، ما ان انتهيت من الحديث حتى عقّب بالقول «مثلي الاعلى هي تلك الامارة وليتنا نصل الى عشر ما عملته».. ولا حول ولا قوة الا بالله.

لا أعلم لماذا سمحنا للامانة العامة للجامعة العربية بمحاولة افشال أول قمة اقتصادية عربية وجعل قراراتها كحال قرارات القمم السياسية أي حبر على ورق، وذلك عبر تقديم مشاريع «وهمية» لا يمكن انجازها كحال انشاء سكك حديدية تربط الخليج بنواكشوط الموريتانية وشمال العراق بجنوب الصومال! الآن وبعد مرور عام على القمة هل تم انجاز متر واحد من مشاريع السكة الحديدية التي يفترض ان يتجاوز طولها 45 ألف كم؟ وهل خصص دولار واحد لمثل تلك المشاريع؟ ألم يكن من الافضل ان نطلب منهم استبدال ذلك «الوهم» بالربط البري «الواقعي» وعبر تحسين كل دولة عربية لشبكة الطرق التي تربطها بالبلد العربي المجاور؟!

وما دمنا في الامانة العامة للجامعة العربية، فهناك أزمة كبرى بين اكبر دولتين عربيتين هما مصر والجزائر، وهناك حرب دامية تشارك فيها قوات دول عربية كبرى كالسعودية واليمن، وهناك إشكال سياسي ضخم في دولة بحجم العراق ومثله اشكال اقتصادي في دبي بدأ يؤثر على العالم أجمع، فهل سمع أحد بتحرك للامانة لحل تلك الاشكالات أو لتخفيف حدتها وضررها؟ اصبح لدينا يقين بأن الامانة العامة تسعد بالجلوس متفرجة على تلك الكوارث متمنية المزيد منها!

هناك مشاريع ثقوب اقتصادية سوداء ستجتاح المنطقة العربية الممتدة من الخليج الى المحيط ستكون محاورها سقوط وإفلاس دول وشركات وبنوك ومشاريع ورجال اعمال من العيار الثقيل، وسيفقد العرب بالتبعية سلاح المال الذي ضيعوه بسبب فقدان الحكمة والتخطيط طويل المدى والتركيز على قضايا البهرجة والمظاهر، وقى الله الجميع شر تلك الثقوب التي بدأت سحبها الداكنة تظهر في أفق الخليج مهددة بسقوط امطار خراب ودمار لا تبقي ولا تذر.

آخر محطة:
 
(1) نرجو أن يكون أساس التنمية في البلد هو صرف الاموال على مشاريع تأتي بالاموال التي قد يشهد المستقبل شحا شديدا فيها بسبب انخفاض حاد في اسعار النفط.. فالحكمة الحكمة.

(2) يجب ان نعلم في المرحلة الحرجة المقبلة ان الذكاء والمعرفة والحكمة الموجودة لدى بعض كبار السن اكثر كفاءة وقدرة على التنبؤ المستقبلي للاحداث من بعض اصحاب الشهادات التخصصية الكبرى التي يمكن ان تباع وتشترى و… بأبخس الاثمان!

احمد الصراف

بعد 60 سنة أنا نباتي

منذ انغماسي في قضايا تطوير الذات، وأنا أبتعد أكثر فأكثر عن تناول اللحوم. وعلى الرغم من أن التوقف عن عادة عمرها أكثر من 60 عاما ليس بالأمر السهل، أو هكذا كنت أتخيل، فإن الأمر لم يكن بكل تلك الصعوبة، ربما لأنه جاء لأسباب منطقية، ومن منطلقات إنسانية أكثر منها صحية أو مادية. ومعروف ان النباتيين هم أولئك الذين لا يتناولون أي نوع من اللحوم والأسماك، وأحيانا كثيرة يمتنعون عن تناول أشياء مثل البصل والثوم والبهارات الحارة، إضافة بالطبع الى المشروبات الكحولية والسجائر، وهؤلاء النباتيون أعدادهم في ازدياد مستمر. ولو نظرنا الى غالبية الأمراض والأوبئة العصرية التي أصابت البشر والشجر والمواشي لوجدنا ان الحيوان هو المصدر الأساسي لغالبية تلك الأوبئة. وقد ورد في خبر لقناة السي.إن.إن (CNN) أن الكاتب الأميركي جوناثان فوير يستعد لإصدار كتاب يبين فيه أن اقبال البشر الشره على تناول لحوم الحيوانات هو السبب الرئيسي للأمراض الجديدة التي تظهر بين الفينة والأخرى، كما أن هذا الإقبال الكبير مسؤول كذلك عن ظاهرة الاحتباس الحراري، وما تظهره البكتيريا والجراثيم من مقاومة شرسة للأدوية والمضادات الحيوية.
كما أن الاعتماد المكثف على تناول اللحوم قد أثر في البيئة، ودفع الإنسان الى خلق سلالات حيوانية ضعيفة بغية انتاج أكبر كمية من اللحوم، منها عن طريق التوالد المفرط في الحظائر. وقال الكاتب فوير لـ CNN، انه اهتم بكتابة ابحاثة عن أنظمة الغذاء لدى البشر، بعدما رُزق بطفل، فبدأ يفكر في مدى ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه لجهة اختيار نوعية الطعام الصحي الذي يجب أن يقدمه لطفله. وقال إن تقارير الأمم المتحدة تعتبر تربية قطعان الماشية هي المساهم الأكبر في اصدار الغازات المسببة للاحتباس الحراري، حيث تنتج الحيوانات التي تربى لأجل لحومها غازات تفوق ما تنتجه جميع وسائل النقل الموجودة على كوكب الارض مجتمعة. ووفق أبحاثه، فإن المشاكل تتواصل وتتزايد مع تخزين اللحوم بالأساليب المعتمدة في المصنع حاليا، حيث تتكاثر فيها الفطريات الضارة، ما يسبب حالات شبيهة بالإنفلونزا تستمر لمدة 24 ساعة تقريبا، تنتهي بإسهال يرتاح المريض من بعده، مشيرا الى ان هذه الحالات، التي يعتقد الناس انها إنفلونزا تصيب 76 مليون شخص سنويا في اميركا وحدها، واضاف ان تربية الحيوانات في المزارع تتم بصورة لا تنسجم مع المعايير الصحية، كما ان الامراض بين القطعان باتت محتمة بسبب التوالد المكثف من ماشية تتصل ببعضها بصلات قرابة، وقال ان ذلك دفع المزارعين الى معالجة الوضع عن طريق تقديم المضادات الحيوية بكثافة اكبر للماشية مع الوجبات، حتى وان لم تكن تظهر عليها آثار المرض، وقد ادى ذلك الى حقيقة ان الماشية أصبحت تستهلك 18 مليون رطل من المضادات الحيوية سنويا، والدواجن ما يقارب 25 ألف رطل، اما البشر فيستهلكون ثلاثة ملايين رطل فقط! ويقول فوير ان الاستعمال المفرط للمضادات الحيوية ادى الى ظهور فصائل من البكتيريا والجراثيم التي تتمتع بمناعة ضد هذه العقاقير، بدليل ان مقاومتها لكل دواء كانت تزداد بمجرد تقديمه للماشية، ففي عام 2002 قدم مربو الماشية عقار سيبرو للابقار والدواجن، وكانت النتيجة ارتفاع مقاومته لدى البشر من صفر الى 18 في المائة.
ويضيف فوير ان البشر هم الذين يمولون هذه الامور من خلال استمرار اقبالهم على تناول اللحوم، ما يجعلهم اكثر عرضة للامراض التي تظهر بشكل وبائي، مثل انفلونزا الخنازير والطيور.
وذكر ان هذه الاستنتاجات سبق ان تبنتها مؤتمرات علمية، بينها مؤتمر عقد عام 2004، وضم منظمات الاغذية في الولايات المتحدة والامم المتحدة والمنظمة الدولية للصحة البيطرية في اعقاب ظهور مرض انفلونزا الطيور، والذي اشار بيانه الختامي الى ان «تزايد الاقبال على المنتجات والبروتينات الحيوانية» من بين اسباب ظهور هذه الاوبئة، ويعتقد فوير ان المزارع الاميركية هي المكان الوحيد الذي يمكن ان تظهر فيه فيروسات حديثة تجمع خصائص امراض تصيب البشر والحيوانات والطيور في آن واحد، مثل انفلونزا الخنازير، مضيفا ان العلماء تمكنوا من اكتشاف ان المزارع في الولايات المتحدة تحتوي على آثار لستة اوبئة من اصل ثمانية ضربت العالم في السنوات الاخيرة.
والآن، هل انت على استعداد لان تكون نباتيا مثلي، او على الأقل مستهلكا اقل للحوم؟ ان مصير البشرية هو في يد كل واحد منا!

أحمد الصراف
[email protected]

احمد الصراف

أفيون حاكيني.. أفيون داويني!

قليلة تلك المجتمعات المتشددة دينياً التي بإمكانها تحريم تعاطي المخدرات من منطلقات دينية، بل تحرمها قوانينها الوضعية بسبب أضرارها الاجتماعية المدمرة على البشر والمال العام، وهذه نظرة حديثة نسبياً لمخاطر المخدرات، نظراً لطول معرفة الانسان بالمخدرات ومعايشته لها عبر التاريخ، من دون ما يمنع الادمان عليه.
في تقرير للـ«سي.إن.إن» CNN عن زراعة المخدرات في أفغانستان ورد أن الأفيون الأفغاني قتل من مواطني دول حلف الناتو في سنة واحدة أكثر مما قتله مسلحو «طالبان» منهم في السنوات الثماني الماضية! فقد قدرت الأمم المتحدة ضحايا الهيرويين والأفيون والمورفين بــ15 مليونا من البشر، من خلال تجارة تزيد على 65 مليار دولار، ويعتقد أن حركة طالبان جنت في السنوات الأربع الأخيرة ما بين 450 مليونا و600 مليون دولار ضرائب على مزارعي الخشخاش في أفغانستان، وأن جزءا من هذا المبلغ ذهب لجيوب مسؤولين حكوميين أفغان، والمشكلة في تفاقم مستمر، فأموال المخدرات تمول العمليات الارهابية في وسط آسيا، بعد أن تحول طريق الحرير لطريق الأفيون. وعلى الرغم من عظم الكميات المهربة من هذه المادة، لكن سلطات الدول المعنية لا تصادر الا كميات قليلة منها لا تزيد على 20%. كما حذر تقرير للأمم المتحدة من أن كميات من الأفيون تعادل انتاج سنتين قد تم تخزينها، وأن 12 ألف طن من هذا المخدر، التي يمكن استهلاكها كما هي أو تحويلها الى هيرويين، قد اختفت في سبتمبر الماضي. ولا يبدو واضحاً من يمتلكها، ولماذا قام بتخزينها سراً؟! ولكن يمكن الاستنتاج أنها «حجزت» للحفاظ على الأسعار من جهة، وكاحتياطي مستقبلي لتمويل العمليات الارهابية من حاصل مبيعاتها من جهة اخرى. وبين تقرير الأمم المتحدة أن الروس والأوروبيين عموماً يستهلكون نصف ما تنتجه أفغانستان من أفيون، وأن ايران (الدولة الاسلامية الأكثر تشدداً التي فيها أكبر عدد من رجال الدين) هي أكبر دولة مستهلكة للأفيون الأفغاني. كما أن حصة الأفيون في السوق الصيني في ازدياد مستمر. وهذا يضع أفغانستان، التي تتحكم حركة طالبان الدينية الأصولية الاسلامية، في جميع مزارع مخدراتها، هي أكبر منتج للأفيون في العالم، مع حصة صغيرة للاوس وبورما وبعض دول أميركا اللاتينية.
وعلى الرغم من عدم وجود ما يؤكد انتشار الأفيون الأفغاني في الأسواق الأميركية والكندية، لكن من المعروف أن هذين السوقين يستهلكان كميات أكبر بكثير مما تنتجه دول أميركا اللاتينية، وهذا يعني أن الأفيون الأفغاني له موضع قدم صلب في شمال أميركا، أو أن المكسيك وكولومبيا تنتجان كميات أفيون أكبر بكثير مما هو معروف.
نكتفي هنا بهذا القدر من الكلام عن المخدرات التي ربما كنا من القلة من جيل ستينات القرن الماضي، وفي فورة حركة الهيبيز، التي لم نعلق بتلابيبها لا من خلال شمة ولا ضمة أو حتى لمة، على الرغم من أننا كنا لفترة طويلة في قلب وعقل مناطق استهلاكها في بريطانيا.. العظمى!

أحمد الصراف
[email protected]