ما إنْ أشرف بعض المستثمرين في مدينة صغيرة في تكساس على وضع اللمسات الأخيرة على ديكور مقهى وبار في شارع المدينة الرئيسي، حتى بدأ راعي الكنيسة المعمدانية فيها بحملة دعائية تضمنت إلقاء خطب وتوزيع منشورات وتقديم عرائض لسكان المدينة وكبار مسؤولي البلدية، تطالب بمنع فتح البار. كما دعا القس أتباعه للصلاة من أجل وقف العمل في ذلك المكان الذي يحمل صورة الخطيئة، وقام المصلون بسد الطريق لمنع أصحاب المقهى/البار وعماله من الاستمرار في عملهم، وقبل أسبوع فقط من موعد الافتتاح ضربت صاعقة جوية المبنى الذي يقع فيه البار وأحرقته بكامله! وهنا تنفس راعي الكنيسة ومرتادوها الصعداء وشعروا بالزهو لتقبل السماء دعاءهم، ولكن فرحتهم لم تطل كثيرا، وابتسامات التشفي سرعان ما اختفت عندما قام أصحاب المشروع برفع شكوى للمحكمة، طالبين من الكنيسة التعويض عليهم بمبلغ كبير لدورها في حرق المقهى والبار، وأن الكنيسة وراعيها مسؤولان، بطريقة مباشرة أو بغير ذلك، عما أصاب مبناهم من دمار تام.
رفض راعي الكنيسة بطبيعة الحال التهمة بشكل قاطع، ونفى في بيان مكتوب المسؤولية عن الحادث أو أي صلة بما أصابه من دمار. وعندما وضعت الشكوى ورد الكنيسة أمام قاضي المدينة، وانتهى من المداولة وتقليب الامر، قال: لا أعرف كيف يمكنني الحكم بعدالة متناهية في هذه القضية، فمن واقع ما أمامي من أوراق يبدو جليا أن أصحاب البار مؤمنون بالله وبقضائه وقدره، وبفرضية الاستجابة للدعاء عن طريق الصلاة، ولكن في الجانب الآخر، كما أرى من الأوراق التي أمامي، كنيسة بكامل مكوناتها من راع ورعية غير مؤمنين بقوة الاستجابة للدعاء!
***
• ذهب رجل إلى طبيب يشكو ضعف سمع زوجته، فطلب منه إحضارها للفحص، فقال إنها لا تعترف بأنها لا تسمع، وتشعر بحساسية من هذا الموضوع، وسأل إن كان لديه دواء يستطيع وضعه في شرابها من دون أن تعرف، أو يضع نقطا منه في أذنها وهي نائمة.. فقال الطبيب ان هذا سهل، ولكن يحتاج الأمر معرفة المسافة، وان على الزوج العودة الى لبيت وقياس قوة سمع زوجته. وهكذا كان، حيث ذهب فوجدها واقفة امام الفرن وظهرها للباب، فسألها -وهو على بعد 30 مترا- عما حضرته طعاما للغداء، فلم يسمع جوابا، فاقترب اكثر ووجه السؤال نفسه فلم ترد، اقترب اكثر واكثر وسأل للمرة الثالثة والرابعة فلم ترد، وعندما أصبح على بعد عشرة أمتار فقط، وما ان فتح فمه للسؤال حتى التفتت إليه صارخة: هل أنت أطرش؟ لقد قلت لك أربع مرات ان غداءنا سمك مشوي!
***
* منقول من الإنترنت بتصرف كبير
أحمد الصراف
[email protected]
الشهر: ديسمبر 2009
من ثديها الأيسر يا غبي
شهادات إم آي تي
تعتبر جامعة، او معهد ماساشوستس للتكنولوجيا MIT فخر اميركا، أما الهند فإنها تفتخر بمعهد الهند للتكنولوجيا IIT، وهذا المعهد ليس جامعة واحدة بعد 15 جامعة تحمل الاسم نفسه وتنتشر في كل أرجاء القارة الهندية، ولكل واحدة استقلالها الذاتي.
يعتبر معهد الهند للتكنولوجيا مؤسسة علمية مميزة أنشئت بعد استقلال الهند في نهاية اربعينات القرن الماضي بقانون من البرلمان الهندي، على اعتبار انها «مصلحة قومية»، وكان وراء فكرة انشائها رجل الهند العظيم، جواهر لال نهرو! وعلى الرغم من ان منهجها هو الاصعب في العالم، اضافة الى اشتراطات وامتحانات دخولها الاكثر صعوبة، والتي لا يجتازها عادة اكثر من 5.2% من المتقدمين، مقارنة بــ10% للجامعات الاميركية العريقة، لكن عدد خريجيها في التخصصات الهندسية كالكيمياء والكهرباء وهندسة الكمبيوتر تزيد على مخرجات هارفارد وإم. آي. تي مجتمعتين. كما انها ستبلغ ذروة اتساعها في عام 2012 مع نهاية الخطة الخمسية الحادية عشرة التي لم تحظ الكويت كدولة، حتى بما يماثل خطة واحدة منها! وعلىالرغم من الاستقلالية العالية التي يتمتع بها كل فرع، فان متطلبات الانضمام اليها واحدة، حيث تقبل كل عام 4000 طالب وطالبة، ويبلغ عدد طلبتها الآن 15500، اضافة الى عدد مقارب في الدراسات العليا والمعاهد والمختبرات المتخصصة، ومجموعهم يزيد على عدد طلبة جامعة الكويت. ويمكن القول ان دخول هذه الجامعة، التي تكلف سنتها الدراسية 7000 دولار اميركي، تتحمل الدولة 20% منها، يعني لطلبتها نقطة تحول كاملة في حياتهم، وبداية لأخرى جديدة. ففي نهاية كل عام دراسي تتنافس الشركات الصناعية الكبرى، وصائدو الكفاءات من الدول الغربية، على الفوز بأحسن خريجيها، الذين اصبحوا اليوم من اكبر صادرات الهند واعظمها! وعلىالرغم من كل ما يعنيه دخول هذه الجامعة من فرص نادرة ليس أقلها السفر والإقامة الدائمة في اميركا والعمل في شركاتها العالمية، فان انظمة القبول والامتحان فيها لا تزال تقاوم اي تدخل خارجي، الامر الذي لا يمكن قوله بثقة عن بعض الجامعات الاميركية الشهيرة، والتي أشيع، من خلال ما تسرب من تقارير للسي. آي. أي، ان بعضا منها تعرض لضغوط سياسية «لتسهيل» حصول بعض ابناء قياديي وسياسيي مجموعة من دول العالم الثالث، على شهاداتهم! كما لم يكن مستغربا ان اسم «معهد الهند للتكنولوجيا» لم يكن بين أسماء الجامعات التي حصل الكثير من «شبابنا»، ومنهم ملتحون وملتزمون دينيا، كما تبين اشكالهم، على شهاداتهم العالية في مختلف العلوم «الخرطي»!.
بلد واحد جائع ومتخلف متعدد الاعراق والديانات واللغات متسع الاطراف قارب عدد سكانه الستمائة مليون نسمة وقت تأسيس هذا المعهد العظيم، اتخذ احد قادته قرارا سياسيا واحدا ادى الى تغيير صورة الى الابد لعملاق صناعي مكتف ذاتيا في «كل شيء»، بعد ان كان بحاجة لــ «كل شي».
حدث ذلك رغم تضاعف افواه سكانه بنسبة الضعف خلال اكثر من نصف قرن بقليل. ونحن في الكويت، وعلىالرغم من كل ثرائنا المادي الظاهر والمزيف، تحاول حكومتنا منذ اقل من نصف قرن بقليل بذل المحاولة تلو الاخرى والهبة بعد التالية والمكرمة في ظهر اختها لكي ترضي شعبها وتكسب وده وتسقط قروضه، للمرة العاشرة، ولكن من دون جدوى، فهؤلاء المتكالبون على المال العام لن تتوقف محاولاتهم في المطالبة بالمزيد، واضعين نصب اعينهم اقتسام كامل ثروة البلاد، ليذهب بعدها كل طرف على راحلته او مركبته او مركبه الى حيث ألقت ام عبد رحالها، ولكن ليس قبل بيع حصصهم المستقبلية من النفط لصاحب اعلى عرض شراء من بوركينا فاسو!
أحمد الصراف
[email protected]
الحاشية الانتهازية وتدمير الملكية المصرية
اجرت معي صحيفة «ايلاف» واسعة الانتشار لقاء قبل مدة قصيرة اعدت فيه طرح مقترح عودة الملكية لمصر كوسيلة لاستقرار مصر السياسي والاقتصادي في مرحلة ما بعد عام 2011، ومن ثم استقرار وطننا العربي الكبير الذي تمثل مصر فيه مكانة القلب من الجسد، وهو ما يطرح سؤالا تاريخيا مهما حول كيفية سقوط الملكية في مصر التي استمرت لاكثر من 5 آلاف عام، وهل تستحق اي حاشية ان يضحى بالممالك والاوطان لاجل اسعادها وهي التي تخفي ما تبطن ولا تهتم الا بنفسها وسمعتها كما حدث في مصر الملكية؟
استُقبل الملك فاروق عام 1937 لدى وصوله من انجلترا بعد وفاة والده الملك فؤاد بشكل اسطوري لا مثيل له، حيث اصطف الشعب المصري بأكمله على طريق الاسكندرية ـ القاهرة مبديا حبه ووده للملك الشاب، وكان يفترض ان يستمر حكم اسرة محمد علي متصلا حتى هذه الايام ممثلا بابناء واحفاد الملك فاروق لولا الادوار السيئة والخطيرة لبعض المقربين منه ممن يصح تسميتهم بـ «البرامكة الجدد».
اول البرامكة او رجال الحاشية الذي ساهم في تدمير الحكم والملكية وتغيير صورة الملك لدى الناس هو احمد حسنين باشا اقرب المقربين له والذي ساهم بشكل فاعل في خلق حالة شقاق وافتراق بين الملك فاروق وافراد عائلته، فدس بينه وبين ولي عهده الامير محمد علي حتى عزله، ثم عمل على افساد وفضح عائلته المباشرة امام الناس والشعب، ويرى مؤرخ مصر العظيم د.عبدالعظيم رمضان ان الملكية كانت ستبقى قائمة لو قام الملك بالاستماع لنصح الزعيم عزيز باشا المصري وعزل حسنين باشا قبل ان يتسبب في النهاية بانهيار النظام.
ثاني البرامكة هو السياسي المخادع المتدثر برداء الوطنية علي ماهر باشا الذي حرضه ـ ولم يمض عليه الا 3 اشهر في الحكم ـ على عمل غير مسبوق في التاريخ السياسي المصري، وهو «اقالة» الزعيم الشعبي مصطفى النحاس فخسر بالتبعية تأييد الشعب المحب لذلك الزعيم، كما شجعه فيما بعد على تأييد دول المحور في الحرب الكونية الثانية مما خسره تأييد دول الغرب الحليفة له واضطر بريطانيا العظمى لارسال الدبابات لقصره لارغامه على تعيين مصطفى النحاس رئيسا للوزراء في حادثة فبراير 1942 الشهيرة.
الثالث هو بوللي ذو الاصول الايطالية المكروه بشدة من كل الناس، حيث كان يمارس مهنة رذيلة متممة لاقدم المهن في التاريخ، وكان يدعي في الاماكن العامة وبكل وقاحة انه يدخل الى غرفة نوم الملك ليأخذ الاوامر مباشرة منه ثم امتد نفوذه واصبح يمارس تجارة السلاح والتوريد للبلاط الملكي، وبسببه خسر الملك فاروق تأييد حزبي الاحرار الدستوريين والسعديين على معطى تقرير الرقابة الادارية ضد صفقات بوللي والمستشار الاقتصادي السياسي اندراوس التي عقدت في باريس، مما ساهم بحالة عدم الاستقرار السياسي الشديد في فترة يناير ـ يوليو 1952 التي تشكلت خلالها 6 وزارات (حكومات النحاس، علي ماهر (1)، نجيب الهلالي (1)، حسين سري، الهلالي (2)، علي ماهر (2) الذي عين بعد انقلاب الجيش).
البرمكي الرابع هو كريم ثابت الذي استغل صداقته مع الملك لاستخدام قربه منه للسرقات والتجاوزات التي ازكمت الأنوف وأثارت غضب الناس حتى انه قام بسرقة الاموال الخيرية المخصصة لمستشفى المواساة ليبني بها شاليهه الخاص، وفيما بعد وضمن محاضر محكمة الثورة التي عقدت في اكتوبر 1953 لم يتعرض احد من رجال ساسة العهد الملكي الذين عاداهم الملك فاروق (الوفد، الاحرار الدستوريين، السعديين) بكلمة واحدة مسيئة للملك بينما تطوع الوضيع كريم ثابت بالحديث المسيء لاسابيع عدة لانقاذ نفسه عبر تشويه سمعة الملك، وهذه هي النهاية الطبيعية لاحاطة النفس بأرذال القوم بدلا من كرامهم واشرافهم.
آخر محطة:
1 – العزاء الحار للزميل العزيز فيصل الزامل بوفاة والده، لفقيد الكويت الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان، انا لله وانا اليه راجعون.
2 – انتقلت الى رحمة الله قبل ايام الاميرة فريال آخر بنات الملك فاروق، وقد اعادت قناة «اوربت» بالمناسبة لقاءها المطول مع الاعلامي عمرو اديب ومما قالته نصا في ختام اللقاء كإجابة عن سؤاله عن السبب الرئيسي لسقوط الملكية في مصر «ان السبب الوحيد هو الحاشية الانتهازية التي احاطت بالملك والتي لو تخلص منها لكانت الملكية قائمة حتى اليوم».
محمد الجاسم وشيكات الرئيس
قلة فقط يمكنها القول ان لا مشاعر مختلطة تتنازعها ذات اليمين وذات الشمال في موضوع استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء. وقد تكون غالبية هؤلاء، ولاي طرف انتموا، من الواهمين في مواقفهم، أو المنحازين لهذه الجهة أو تلك لسبب أو لآخر أو لمصلحة ما. والشيء ذاته يمكن قوله في موضوع حجز حرية السيد محمد عبدالقادر الجاسم وإطلاق سراحه، وأيضا في ما يتعلق بمجمل مواقفه. فمنذ كان السيد محمد الجاسم رئيسا لتحرير صحيفة الوطن وحتى خروجه منها، والبدء بكتابة مقالاته وتحديد مواقفه السياسية الجديدة من قضايا المجتمع، وحتى ساعة اعتقاله لدى السلطات الأمنية المسؤولة عن الجنايات، ومشاعر عدة مختلطة ومتضاربة تنتابني، ولا تزال، بخصوص تحديد موقفي منه. فمن جهة لا أملك الا التعاطف معه في البعض من أقواله، وهذا ما دفعني لأكون في الصفوف الأمامية في ندوة عقدت للتضامن معه اثناء فترة حجزه في المباحث «الجنائية». ومن جهة اخرى، لا استطيع بسهولة تجاوز سابق مواقفه وآرائه عندما كان رئيسا لتحرير «الوطن»، من القضايا نفسها التي يستميت الآن في الدفاع عنها، فعلى أي الموقفين يجب أن أبني موقفي منه؟
لا اعتقد، من خلال ما اعرف عنه، وعن سابق ولاحق طموحاته السياسية، انه كان سيقف معي أو مع غيري، أيا كان، لو تعرضنا لمثل ما تعرض له! أقول ذلك بسبب ما وصلني من انتقاد من البعض لحضوري جانبا من ندوة التأييد تلك، فقد كنت أجلس على مقعد وأنا على ثقة بانه لم يكن ليجلس عليه لو كنت انا في مكانه، فلم يعرف عن السيد الجاسم ذلك التعاطف الجم مع الغير، والمودة مع أصحاب القلم أو حتى مع هواة الكتابة اليومية، ولو أننا لا نستطيع أن ننكر عليه صدق مواقفه الحالية، فنحن لا نعرف حقيقة سرائره ولا حقيقة منطلقاته وطموحاته السياسية، بالرغم من انه أظهر تلك الطموحات بجلاء أكثر من مرة من خلال ترشحه لانتخابات مجلس الأمة.
نعم، نحن مع الجاسم من منطلق إيماننا بحرية الرأي وليس من منطلقات شخصية، فليس في قلبنا حقد ولا ضغينة عليه لنطالب باستمرار مضايقته، أو النيل من حريته وحجب موقعه الإلكتروني، فقضايا الحرية لا تتجزأ. وربما من المفيد أن نتعلم من قصة الجاسم اننا عندما نرتفع في الأهمية والثراء والمنصب فإننا يجب ألا ننسى من نمر بهم في طريقها، فقد نحتاج اليهم عندما نبدأ بالسقوط، وهو أمر وارد دائما! ولهذا لم يكن مستغربا ملاحظة عدم اكتراث، وربما تشفّي، جهات عدة، كان ولا يزال لها دور كبير في قضايا الحرية، عدم اكتراثها بقضية الجاسم أو حتى مجرد محاولة التعليق عليها، وكأن الأمر لا يعنيهم، وليس من السهل لوم هذه الجهات على مواقفها، فلا تزال الحقيقة.. غائبة!
أحمد الصراف
[email protected]
علنيّتكم … تُرزقون
ناصحاً الحكومة أقول: قدمي استقالتك، وسلّمي عهدتك، واحزمي حقائبك، وودعي جيرانك، واذرفي دمعتين حارتين، ومع ألف مليون سلامة. فنتيجة المعركة السياسية المقبلة معروفة قبل التقاء الجمعين… جيش يتقدم ويطلب النزال، والجيش المقابل يبحث عن طريق للهرب! الجيش الأول يقوده أبطال حروب متمرسون، عجنتهم المعارك الكبرى، وصقلتهم الأيام، فلا يشغلهم دوي القنابل ولا غبار الخنادق ولا هدير الطائرات عن رسم الخطط واتخاذ القرارات الصحيحة، بينما الجيش الثاني «يعتفس» ويرتبك لو سمع أزيز رصاصة يتيمة تاهت عن قطيع الرصاص… الجيش الأول يضع الخريطة أمامه ويتفقد المواقع ويدرس الموقف ويتبادل قادته الآراء، والجيش الثاني يتبادل قادته الولولة والنحيب.
الجيش الأول يدعمه أهل البلد بالخبز والماء وكل ما تحت أيديهم، والجيش الثاني يختبئ قادته وضباطه عن أعين الناس، ويراقبون الأوضاع من خلال ثقب الباب، وإذا جاعوا أرسلوا أحدهم متنكراً يشتري لهم الخبز. الجيش الأول تشكّل دفاعاً عن قضية، والجيش الثاني تشكل بحثاً عن «غنائم حرب»، وستنسحب بعض قواته قريباً لتنضم إلى صفوف الخصوم عندما تدرك أن الغنائم في الجهة الأخرى.
وهنا دعوني أتحدث مع النائب الدكتور محمد الحويلة على انفراد، وهو الذي لم يكشف موقفه بعد، ولا ندري هل يؤيد سرية الاستجواب أم علنيته… الاختباء تحت السرير ليس لأمثالك يا دكتور، فاخرج إلى الناس مكشوف الرأس والجسد، وأرجو ألا تنتظر وصول الحظ لإنقاذك، فالحظ مبتلش بنفسه، ولا يدري مَن ينقذ ومَن يترك، أنت أم المويزري أم الصرعاوي أم الحكومة. والحظ له طاقة محدودة كما تعلم.
أما نواب التجمع السلفي الثلاثة، السلطان والعمير والمطير، فلا أظنهم سيلعبون دور «خوجة»، وهو رجل الدين المعمم في اللغة التركية، الذي يوفّر الفتاوى «للباب العالي» بحسب المواقف. فعندما احتلت بريطانيا اسطنبول، أذعن لها السلطان وحيدالدين حرصاً على عرشه من ضباط الجيش الأتراك، فثارَ الناس، فاستدعى السلطان «الخوجة الكبير»، وهو مفتي الخلافة، وبقية «الخوجات» الكبار، وأمرهم بالتصرف بسرعة، فخطبوا في الناس: «إن احتلال بريطانيا لاسطنبول قضاء وقدر، ومن لا يؤمن بالقدر فقد خرج من الملّة وكفر»، فألقى الناس أسلحتهم وأذعنوا للقدر، الذي هو الجيش البريطاني، إلى أن ثار أتاتورك وهزم البريطانيين. عندها استدعى أتاتورك «الخوجة الكبير»، وسأله: «كيف يترك (القدر) خيامه ومدفعيته ويلوذ بالفرار»؟، فأدرك «الخوجة» أن مصيره الهلاك فقال: «سيدي أنت (قدرٌ فوق قدر)، اغفر لي وسأعلن للناس أنك من سلالة النبي، خصوصاً أنك في صباك رعيت الغنم مثله»، فانتابت أتاتورك هستيريا ضحك حتى كاد يفقد عقله، ورفس «الخوجة» في بطنه، وقال لمن حوله: «أبعدوا هذه القمامة عني». وما إن خرج «الخوجة» حتى هاجمه العامة – بعدما اكتشفوا حقيقته – وأحرقوا لحيته.
لذا أتمنى على النائب خالد السلطان وفريقه أن يفتونا: «هل الشيكات ومصاريف الديوان قضاء وقدر، من ناقشها فقد كفر أم ماذا؟»… أفتونا يا أيها السلف الصالح مشكورين، كما أفتيتمونا سابقاً في فوائد القروض.
على أننا لانزال ننتظر معرفة موقفي النائبين عبدالله الرومي وأسيل العوضي من السرية، كي نقرر هل ننزع أجهزة التنفس عن المريض ليموت ويرتاح، أم أن هناك أملاً في شفائه.
وقبل أن تطلب الحكومة تأجيل المعركة، فتفاجأ بأن «الوقت» انضم إلى صفوف خصومها، أعود لأقول لها: انسحبي يا حكومة حقناً للدماء والأموال، فالمعركة هذه أكبر من قدراتك وطاقاتك وشجاعتك.
مملكة الهدوء والحكمة
حضرنا قبل أيام ملتقى قادة الإعلام العربي الأول الذي عقد في مملكة البحرين برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة ونظمته وزارة الثقافة والإعلام البحرينية ووزيرتها المثقفة الشيخة مي آل خليفة التي أظهرت عناية كبيرة منذ ان كانت وكيلة وزارة شؤون الثقافة والتراث والمتاحف في البحرين فحافظت على ذاكرة الأمة عبر حفاظها على تلك المعالم التاريخية الجميلة.
وقد كان التنظيم الذي أشرف عليه أمين عام الملتقى الصديق ماضي الخميس غاية في الدقة، وتمت تغطية الأنشطة بشكل كبير من قبل الصحافة والفضائيات الخليجية والعربية والدولية، لذا لن نتطرق إلى تفاصيل ما جرى منعا للتكرار وانما سنشير الى بعض جوانب المؤتمر وبعض انطباعاتنا الشخصية عن مملكة البحرين التي لم نزرها منذ سنوات طوال.
في الجلسة الختامية التي أدارها باحتراف الزميل د.محمد الرميحي حول مستقبل الإعلام العربي أبدينا تشاؤمنا من ذلك المستقبل كونه جزءا لا يمكن فصله عن الواقع العربي الشامل الذي يظهر انه مقبل على مزيد من التشرذم والتخندق والخروقات الأمنية والأزمات السياسية والكوارث الاقتصادية، إضافة إلى أن البعض كما سمعت من المداخلات الأخرى يعرّف المستقبل المشرق للإعلام بإعطائه مزيدا من الحريات غير المنضبطة دون تحميله أي مسؤوليات مما سيجعله الجسر الذي ستعبر فوقه كل أجندات الخراب والدمار والتشطير والتجزئة القادمة للمنطقة، فنحن أمة لا تستفيد أبدا من أخطائها السابقة ولا تذكر دور الإعلام غير المسؤول فيها.
وقد قمت بجولة بعد انتهاء أعمال المؤتمر في البحرين وسعدت بما رأيت، فذلك الحراك الإعلامي هو انعكاس لنهضة شاملة كبرى تشهدها المملكة منذ ان تولى الملك حمد بن عيسى مقاليد الحكم قبل عقد من الزمن، فالأرض تتسع عبر عمليات ردم البحر، والمشاريع الإنمائية الضخمة والبنى الأساسية تسير بحركة سريعة منتظمة لم توقفها الأزمات العالمية كونها قد درست بعناية بالغة لم تترك شيئا للصدفة.
والجو العام في المملكة مريح ويمتاز بالهدوء والحكمة، فلا ضجيج ولا صراخ يوجع الرأس كما هو الحال لدينا، والأرقام الدولية التي ترصد مؤشرات الاستقرار السياسي والانفتاح الاقتصادي وقضايا الشفافية وغيرها تضع المملكة دائما في المقدمة حتى ان تقريرا دوليا لبنك «اتش اس بي سي» وضع البحرين في المركز «الأول» في العالم قبل كندا واستراليا واميركا كالدولة الأكثر حميمية للوافدين لأرضها، لذا فالمقال هو دعوة لمن لم يزر البحرين القريبة والمحبة لزيارتها للتمتع بهدوئها وبمشاريعها التنموية وأسواقها القديمة وإنجازاتها… وما أكثرها!
آخر محطة:
أقام الزميل أحمد الجارالله حفل غداء للوفود المشاركة في منتجع «البندر» الذي أقامه بالبحرين بعد ان نشف حبر قلمه وجفت صحفه وهو يدعو لإعطاء المستثمرين فرصة العمل بالكويت، وقد سرّت وانبهرت الوفود بما رأت، وهي دعوة أخرى لمن سيزور البحرين لأن «يبندر» في البندر ويستمتع بالماء والخضرة والوجوه الباسمة والخدمة المميزة للعاملين في المنتجع.
كفاح العميري والفلاح
لا ادري لماذا اتذكر دائما السيد يوسف العميري، الذي عين نفسه وبعض افراد اسرته مشرفين على اعمال «بيت الكويت للاعمال الوطنية»، كلما قرأت خبرا عن انجازات السيد عادل الفلاح، وكيل وزارة الاوقاف، الذي لا يكل ولا يمل من تقديم مشروع ضخم وفخم ليلحقه بآخر اكثرعظمة وفخامة، فمن مشروع الوسطية الى شقيقه الاكبر المركز العالمي للوسطية الى تابعهما «مشروع علماء المستقبل» وهلم جرا، وكأنه شعلة ابداع ونشاط ومصدر نور لا ينتهي. اكتب ذلك بمناسبة التصريح الاخير للسيد الفلاح في جريدة السياسة، (26 ـــ 11)، والذي اعلن فيه ان 2150 شخصا تقدموا لشغل وظيفة إمام، وان 29 فردا فقط تمكنوا من اجتياز اختبارات القبول الشفهية والتحريرية. وهذا يعني نسبة اقل من واحد ونصف في المائة، مقارنة بأكثر من ضعف تلك النسبة في معهد الهند للتكنولوجيا ITT، وهو اختبار القبول الاصعب في العالم اجمع!
وذكر السيد الفلاح في تصريحه كذلك ان اعتماد هؤلاء تم مواكبة لزيادة جمهور المصلين واعداد المساجد! ثم يبدو انه نسي ما ذكره في البداية، حيث صرح قبل النهاية ان هؤلاء «الأئمة» سيكونون جاهزين في وقت الحاجة اليهم (!).
أما اجمل واكمل ما تضمنه تصريح السيد الوكيل فقد كان قوله ان وزارته، التي «كوّش» حزب الاخوان على مقدراتها منذ سنوات، تهتم بتوظيف الائمة والمؤذنين وتسهل تأهيلهم تأهيلا مهنيا عن طريق عقد دورات تدريبية وحضور مؤتمرات خاصة لهم في المساجد وتبادل خبراتهم مع الدول الاخرى(!) فهل اصبح المؤذن في زمن السيد الوكيل من الخبرات النادرة بحيث اصبح يحتاج الى دورات خاصة وتأهيل مهني واقامة مؤتمرات وتبادل خبرات مع الدول الاخرى؟ وكيف لم يكن الامر كذلك منذ الدعوة المحمدية قبل اكثر من 1400 عام وحتى يوم 26-11-2009؟
والاهم من كل ذلك اين ذهب عشرات آلاف الكويتيين الذين انهوا دراساتهم في المعاهد الدينية في الكويت ومصر والسعودية، وآلاف غيرهم ممن صرفت الدولة مئات ملايين الدنانير على تحصيلهم الدراسي والذين انهوا دراساتهم الجامعية في الكويت وغيرها من جامعات الدول الاسلامية في مواد وتخصصات الشريعة؟ فهل اصبحوا جميعا محققين في الداخلية، او في انتظار الوزارة مثلا؟
أحمد الصراف
[email protected]
مدينة عريقة…تتحدى الطائفية
أكثر من حادثة «طائفية» شهدتها مدينة المحرق، على مدى سنوات خلت، لكنها لم تتمكن من شق صفوف أهاليها، ولم تترك من الآثار السلبية، إلا ما علق في رؤوس مثيريها فقط!
ومع ذلك، لا يمكن الجزم بأن الممارسات الطائفية التي تهدف إلى اشعال نار فتنة وصراع بين أهالي المحرق ستنتهي بعد حين، إلا أنه يمكن الجزم بأنها ستفشل، فإذا كان هناك من ينوي الاستمرار في فعله الطائفي، فليختصر على نفسه العناء والشقاء والمرض النفسي، ولا بأس من أن يخزي الشيطان، ويعود الى صوابه، ذلك أن ما سيقوم به من عمل، سيكون مآله الفشل وبئس المصير.
وإذا كان الاحتفال بزواج 100 عريس من الطائفتين الكريمتين يوم الجمعة الماضي، يقدم نموذجا لمدينة عريقة تتحدى الطائفية، فإن ثمة أمر لا بد من الإشارة إليه باعتباره السبب الأقوى في تحصين المدينة من أوجاع الممارسات الطائفية، وهو أن أهالي المحرق، وخصوصا علماء الدين والشخصيات والمثقفين من الطائفتين الكريمتين، يدركون أنه من الواجب التصدي لأي بوادر فتنة كائن من يكون صاحب اليد المحرك لها.
لقد كان لرجال المحرق المخلصين، مواقف وطنية ثابتة في قراءة كل تحرك أو ممارسة تستهدف إثارة الفتنة في مدينة تعتبر النموذج الأول للتعايش بين الطائفتين في البلاد، ولا تزال اللقاءات مستمرة بين شخصيات ووجهاء وعلماء الدين في المحرق متواصلة، بل ويمكن القول، إن غالبية مجالس المحرق الشهيرة لأكبر وأعرق عوائلها، هي اليوم بمثابة حائط الصد لأي ممارسة أو فعل شرير ينوي بالمحرق وأهلها شرا، وقد سنحت لي الفرصة لحضور الكثير من اللقاءات في تلك المجالس، في ظروف عاصفة مرت بها المدينة كحادثة عراك الحالة، ومقتل المرحوم مهدي رمضان، وحادثة الكازينو، واثبت أهل المحرق أنهم لن يقبلوا بأي ممارسة خبيثة تقسمهم الى فرق ومذاهب وأحزاب، إيمانا بضرورة القيام بالمسئولية الوطنية والدينية للتصدي لكل من تسول له نفسه العبث بالتلاحم الاجتماعي والنسيج الذي يربطهم مع بعضهم البعض.
لقد عاشت المحرق ليلة من ليالي الفرح والسرور بحضور أهلها من الطائفتين، ولم تسمع في تلك الليلة، إلا أصوات الخير والمحبة، أما أصوات النشاز فكانت غائبة، وستغيب على الدوام، لكن لابد من التأكيد على أهمية أن (التربص المريض)لاستغلال بعض الحوادث وتأجيج المواقف بناء عليها، يتطلب قطع الأيدي التي لا تزال تنوي شرا، فاستهداف المحرق هو استهداف لنموذج وطني فذ، ولا تكفي حسن النوايا فقط للركون الى العافية.
ألف مبروك للعرسان وذويهم، وألف مبروك لأهالي المحرق جميعا على هذا العطاء البحريني الأصيل الذي تستمد منه البحرين كلها، عطاءها وكرمها
إذا كنا جميعاً نحبها فمن يسرقها؟!
في قصيدة خالدة لأمير الشعراء أحمد شوقي يذكر بسخرية شديدة ـ تحولت فيما بعد إلى واقع مرير لدينا ـ قصة صاحب الكلب الذي يذرف الدمع مدرارا على كلبه الذي يموت أمام عينيه من الجوع إلا انه يبخل عليه بقطعة صغيرة من الخبز الذي يحمله بيديه قائلا «إلى هذا الحد لم تبلغ مودتنا»!
علاقة كثيرين بالكويت المظلومة تتطابق كثيرا مع مقولة صاحب الكلب، فالكل يدعي وصلا وحبا وهياما بالكويت ويذرف الدمع الساخن عليها إلا ان مودتهم للكويت لا توقف قط سرقاتهم لها وتفريطهم الشديد في أموالها، فالسرقة الكويتية هي للعلم الأسوأ في العالم حيث لا يمانع السراق في تضييع مئات وآلاف الملايين من الأموال العامة كي يدخل جيوبهم مليون أو اثنان.. قبل البكاء على الكويت.. وبعده!
ومن خصائص السرقات الكويتية التي تميزنا كذلك عن سرقات العالم أجمع والتي تظهر وبحق ان من يدعي حب الكلب هو من يروم فعلا قتله وموته، ظاهرة عدم الاكتفاء بهدر وسرقة المال العام بل الإصرار على ألا يكون هناك شيء يستحق بالمقابل، لذا يتم الحرص على شراء أسوأ أنواع مواد البناء والمعدات والمضخات… إلخ حتى ننتهي دائما بخرائب وأطلال دون فائدة.
ومن أكبر دلائل الرغبة الحقيقية في موت وقتل الكويت عدم محاسبة ـ ان لم نقل مكافأة ـ من يضر بها عبر سرقة أموالها العامة والخاصة، فمشاريعنا الكبرى هي سرقات كبرى، وشركاتنا المساهمة وأسواقنا المالية هي أمكنة مشاعة ومباحة للنهب والسلب والنصب دون حسيب أو رقيب، وهل سمع أحد قط بمساءلة أو محاسبة واحدة لمن دمر البلد أو أضر به؟! وهل شهد التاريخ بلدا ترتكب فيه مثل تلك الجرائم العظمى دون القبض ولو مرة واحدة على الفاعلين؟!
ومن الدلالات الأكيدة على عدم حب البلد محاربة الأكفاء والأمناء والمنجزين والمخلصين له، وتدليل وتقريب المستغلين والمدمرين وتسليمهم المراكز الرئيسية والمفصلية التي تضمن وصول خرابهم المالي والإداري لكل ركن من أركان الدولة، وقد كشف ذات مرة ان سقوط دولة عظمى كالاتحاد السوفيتي قد تم على معطى تجنيد أعدائها لبعض مسؤوليها وتوصيتهم بشيء واحد فقط هو إبعاد الأذكياء والأكفاء وتسليم المناصب لغير المؤهلين، الاتحاد السوفيتي أسقطه الأعداء أما بلدنا فيدمره كل يوم من يدعي الوصل به ولا حول ولا قوة إلا بالله.
آخر محطة:
(1) اذا كان الجميع يدعي حب الكويت والإخلاص لها فمن حقا يقوم بسرقتها وتدمير مستقبلها؟!
(2) من يحب الكويت فعلا لا قولا يخلق ويفعّل آليات محاسبة شديدة للمتجاوزين والمتلاعبين في السلطات الثلاث ودون ذلك.. على الكويت السلام.