الشهر: ديسمبر 2009
ازدواجية الجنسية.. المشكلة والحل
للتعرف اولا على أسس المشكلة علينا ان نقرأ المادة 11 من قانون الجنسية التي تنص على «يفقد الكويتي الجنسية اذا تجنس مختارا بجنسية اجنبية.. الخ» والمادة 11 مكرر التي تنص على «على الاجنبي الذي حصل على الجنسية الكويتية ان يتنازل عن جنسيته الاجنبية خلال 3 أشهر من تاريخ حصوله على الجنسية الكويتية.. الخ»، مما سبق نجد ان الجنسية الكويتية تسقط بشكل تلقائي اذا تجنس الكويتي بجنسية اخرى او لم يسقط المتجنس جنسيته الأخرى خلال 3 أشهر وتسقط جنسية من حصل عليها معه بالتبعية أي الزوجة والأبناء.
ولنبحث عن حلول لذلك الإشكال الذي كاد ان يفجر البلد، وسنضع بواقعية شديدة، ودون تحيز، الخيارات المتاحة وهي:
(1) بقاء الاوضاع على ما هي عليه ومن ثم ان نبقي على ألغام تنتظر التفجير في أي لحظة مع عدم منطقية سن قوانين هامة في البلد لها تبعات كبرى دون وجود نية لتطبيقها.
(2) التطبيق الفوري لمواد قانون الجنسية ومن ثم اسقاط الجنسية عن المئات او آلاف (الله اعلم) ممن اكتسبوا أو كانت لديهم جنسيات خليجية وعربية وأوروبية – وأميركية وسيمتد تطبيق القانون – ان تم – لاكثر من ذلك حيث سيحدد طبقا للوثائق تاريخ اسقاط منفصل لكل حالة ومن ثم تعتبر كل الرواتب والمزايا والمنازل التي تم الحصول عليها «ككويتي» بعد ذلك التاريخ أمورا تمت بطريق الغش والتدليس والتزوير والخداع يقع فاعلها تحت قوانين الجزاء المرعية مما سيشكل معضلة حقيقية في البلد.
(3) إعطاء فترة سماح لعام أو عامين يختار بعدها الشخص المعني إما الحفاظ على الجنسية الكويتية او الجنسية الاخرى ولا تسترد منه الرواتب والعطايا كون تاريخ الاسقاط يحدد بانتهاء فترة السماح تلك.
(4) تعديل القوانين والسماح المطلق للجميع بازدواج الجنسية دون قيد او شرط، او مع وضع شروط وحدود لتقلد بعض المراكز والمناصب الحساسة في الدولة كحال بعض الدول الاخرى مع فرض قضية الافصاح.
(5) السماح بازدواج الجنسية مع بعض أو كل دول مجلس التعاون دون قيد او شرط او مع شرط المعاملة بالمثل.
(6) السماح بازدواجي الجنسية مع بعض او جميع دول مجلس التعاون مع اشتراط عدم الحصول على مزايا وعطايا متشابهة من اكثر من بلد، أي منع ازدواجية السكن والتوظيف.. الخ، لعدم عدالة ذلك الأمر.
7 – العمل تحت مظلة الامانة العامة لتوحيد الجنسية في دول مجلس التعاون كحال الدعوة لتوحيد العملة الخليجية ويحدد تاريخ مستقبلي لذلك التوحيد ويسمح بالازدواجية حتى ذلك التاريخ ثم تستبدل بعده الجنسيات بالجنسية الموحدة، يتبقى ان ما سبق هو اجتهادات شخصية قد تخطئ او تصيب والمستغرب اننا لم نسمع حتى هذه اللحظة من نواب مجلس الامة والخبراء الدستوريين والحقوقيين اي مقترحات لحل تلك القضية الهامة فهل نسمع ذلك بعد اليوم؟!
آخر محطة:
1 – نحن بكل تأكيد مجتمع قمعي لا ديموقراطي لم نأخذ من الديموقراطية بعد نصف قرن من الممارسة إلا مسماها وزخرفها الخارجي والا فكيف نفسر رفع راية التخوين الوطني والارهاب الفكري مع كل قضية تطرح بدلا من الحوار البناء لحلها.
(2) أدعو كل مواطن عاقل ومخلص ومحب لوطنه ان يزور موقع مجلس الامة على الانترنت ويحصي عدد الاقتراحات العبثية غير المسبوقة في تاريخ الأمم الأخرى والكفيلة بإفلاس الكويت والقضاء على مستقبلها فيما لو طبقت والتي يقصد منها فقط الدغدغة واعادة الانتخاب وكل شيء يضحى به بعد ذلك لأجل الكراسي الخضراء ومنافعها ومكاسبها وما أكثرها.
التدين وإهانة الناس
«.. لاحظت أن الدين عندهم عملية اجرائية لها خطوات محددة لا تتعدى ابداً الشكل (الخارجي) والعبادات، وبالتالي فإن هؤلاء المتدينين لا يجدون أي تناقض بين اهانة الناس ونقائهم الديني. هذا التدين الناقص، الذي يفصل العقيدة عن السلوك، ينتشر في بلادنا كالوباء. فكم شخص نلقاه اليوم نجده حريصاً للغاية على شعائر الدين ولكن ما ان نتعامل معه في الأمور المادية حتى نكتشف أن سلوكه يناقض مظهره. واننا في مصر (وجميع الدول الاسلامية) أصبحنا أكثر حرصاً على مظاهر التدين وأقل تديناً.. وكنا قبل انتشار الأفكار الوهابية أقل اهتماماً بمظاهر الدين وأكثر تديناً بالمعنى الحقيقي وأكثر عدلاً وأمانة وتسامحاً..!».
هذه فقرة من مقال نشره الروائي المصري المعروف علاء الأسواني قبل فترة قصيرة، وقد ذكرتني، فور الانتهاء من قراءتها، بقريب لي شديد التدين حريص على التمسك بكل مظاهره، وهو الذي وضع الحجاب على رأس بناته قبل بلوغهن العاشرة من العمر، والذي لم يترك مكاناً مقدساً إلا وقام بزيارته عدة مرات تقرباً لله والنبي والأئمة، ولكن مع ورعه لم يكن يستنكف عن الحديث علناً عن الرشوة وطرقها مع أي مسؤول حكومي، ان تطلب الأمر ذلك، سواء لتمرير معاملة أو للحصول على خدمة مميزة. وقد سمعته مرة ينصح والده باللجوء الى طرق محددة لتمرير معاملة مخالفة في إحدى الدوائر الحكومية، وأن عليه قول كذا وكذا للمسؤول لكي يطمئن ويوافق على تجميد الغرامة المقررة والغائها في فترة لاحقة.
هذا وغيره الكثيرون، من أمثال القرضاوي و«قمم» دينية عديدة، يذكرونني بحقيقة أن في داخل كل هؤلاء كماً هائلاً من الغضب على استعداد للانفجار في تظاهرة غاضبة ان صدرت عن أي منا ولو كلمة واحدة بحق أي رمز ديني، ولكنهم على غير استعداد لرفع إصبع واحدة في حال تعرض الحريات المدنية للأمة بأكملها للخطر، ولا تعني لهم قضايا حقوق الانسان شيئاً ولا يأبهون لموت المئات في حروب دينية عنصرية، ولا يرف جفن لمسلم ان فجّرت مساجد تخص مذهباً آخر، وهكذا، فكل هذه الأمور لا تثير غضبهم، لأن التدين الذي تعلمه هؤلاء لا يشمل الدفاع عن القيم الانسانية ولا عن الحرية، دع عنك المساواة والاخاء والعدالة للجميع، بل عما يسر خاطرهم ومعتقداتهم الدينية الضيقة، وانظر حولك فستجد الكثير من هؤلاء.
أحمد الصراف
إنهم أصحاب الحسين «ع»
في كربلاء، منظومة من القيم الدينية والإنسانية والفكرية والخيرية، ما يجعل الإنسان ينحني إجلالا وتقديسا لها، ولو ترسخت في نفوس بني الإسلام، وجعلوها منهجا في الحياة، لأصابوا الخير الكثير، فهي منظومة جاء بها رسول الأمة محمد (ص) الذي قال عنه تعالى: «وإنك لعلى خلق عظيم» (القلم: 4).
ولو أردنا أن ننهل من منبع كربلاء الخالدة، في العلاقة بين سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) وأصحابه، لوجدنا كيف يتمثل الخلق النبوي العظيم في حفيد الحبيب المصطفى، ولهذا، جاء في كتاب «إبصار العين في أنصار الحسين» للمؤلف محمد السماوي، و «حياة الإمام الحسين» لباقر شريف القرشي، و «القيم الأخلاقية في النهضة الحسينية» لمحمد العذاري، محور مشترك بينهم جميعا، وهو محور العلاقة بين القائد والأتباع.
ففي كل نهضة، كما يقول العذاري، هنالك قيادة وطليعة وقاعدة ترتبط بروابط مشتركة من أهداف وبرامج ومواقف، والقيادة دائما هي القدوة التي تعكس أخلاقها على أتباعها. وفي النهضة الحسينية تجسدت الأخلاق الفاضلة في العلاقات والروابط حيث الإخاء والمحبة والتعاون والود والاحترام بين القائد وأتباعه وبين الأتباع أنفسهم، فالأتباع ارتبطوا بالقيم والمثل ثم ارتبطوا بالقائد الذي جسدها في فكره وعاطفته وسلوكه، فالأتباع يتلقون الأوامر بقبول ورضى وطمأنينة.
ومن هذه القيم كان الإمام الحسين يخاطب حامل لوائه وهو أخوه: «يا عباس اركب بنفسي أنت»، ويخاطب أتباعه قائلا: «قوموا يا كرام»، ويخاطبهم أيضا: «صبرا بني الكرام فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة»، ونتيجة لهذا الترابط الروحي بين القائد والأتباع، رفض الأتباع أن يتركوا الإمام الحسين لوحده بعد أن سمح لهم بالتفرق عنه، فهذا مسلم بن عوسجة يخاطب الإمام (عليه السلام) قائلا: «أما والله لو علمت أني اقتل ثم أحيا ثم احرق ثم أحيا ثم أذر يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك»، وبعد الشهادة كان الإمام (ع) يقف على جسد جون وهو عبد أسود ويدعو له: «اللهم بيَّض وجهه وطيب ريحه»، ويعتنق واضح التركي وهو يجود بنفسه واضعا خده على خده.
لقد أنكر أتباع الإمام الحسين «ع» ذواتهم وذابوا في القيادة التي جسدت المنهج الإلهي في واقعها المعايش، فلم يُبقوا لذواتهم أي شيء سوى الفوز بالسعادة الأبدية، فكان الإيثار والتفاني من أهم الخصائص التي اختصوا بها، وتنافسوا في أن يقتلوا بين يديه.
وقبل المعركة وصل بُرير رضوان الله عليه ومعه جماعة إلى النهر، فقال لهم حماته ـ بعد أن عجزوا عن قتالهم: «اشربوا هنيئا مريئا بشرط ألا يحمل أحد منكم قطرة من الماء للحسين، فكان جوابهم: «ويلكم نشرب الماء هنيئا والحسين وبنات رسول الله يموتون عطشا، لا كان ذلك أبدا».
وفي شدة العطش رفض العباس «ع» شرب الماء قبل الإمام الحسين «ع»، وارتجز يقول:
يا نفس من بعد الحسيـن هوني
وبعده لا كنت أن تكوني
هذا حسين وارد المنون
وتشربين بارد المعين
إنهم أصحاب الحسين (ع)، نفوس أبية أرادت أن تلقى الله ونبيه (ص) بعنوان الشهادة في سبيل الله
حتى لا نصبح ساحة حرب وكالة أخرى!
لنبدأ بالموقف الصحيح لأهل السنّة، فلو عاد التاريخ واحتشد الجمع في كربلاء لكان المسلمون جميعا سنّتهم وشيعتهم في معسكر سيد الشهداء الحسين رضي الله عنه، لذا لا صحة لمن يدّعي تمثيل السنّة دون وكالة ويدعو للفرح في يوم استشهاده، وفي هذا السياق هل من مصلحة المسلمين في شيء دعوة أحدهم في المهرجان الخطابي إلى إزالة الكنائس في الكويت وكيف سيعامل الآخرون مساجدنا لو قمنا بذلك الفعل الجائر؟!
منذ عقود ودول المنطقة ساحة لحروب الوكالة للآخرين، ففي أوائل عام 1975 كان الحديث الرئيسي في لبنان يدور حول تعلمهم من درس الحرب الأهلية التي اشتعلت في بلدهم عام 1958، واستحالة انتقال الحروب الأهلية التي أحرقت الأردن (عام 1970) وقبرص (عام 1974) لأرضهم، ولكن ما ان حل ربيع ذلك العام حتى تدهورت الأوضاع سريعا بعد مظاهرات الصيادين في صيدا واغتيال النائب معروف سعد وحادثة باص عين الرمانة واشتعلت الحرب الأهلية بأيدي قيادات لبنانية مرتشية بعد ان أعمت الأحقاد والكراهية أبصار وبصائر الأتباع.
وتكرر الأمر في عراق 2003 عندما تحدثوا جميعا، مفكرهم ومثقفهم قبل جاهلهم، عن استحالة «لبننة» الوضع العراقي فباتوا هذه الأيام في وضع أسوأ من اللبننة، ومثلهم فلسطينيو حماس وفتح ممن أنكروا بشدة عام 2007 انهم سيلجأون للسلاح لحل خلافاتهم فانتهى الأمر بحرب أهلية أكلت الأخضر واليابس وقتلت منهم أكثر مما قتله أعداؤهم وأضاعت الأمل في الوصول لحل عادل لإشكالهم المزمن.
إن جميع حروب المنطقة – وما أكثرها – ومن ضمنها حرب فتح الإسلام ضد الجيش اللبناني وحروب الحوثيين وجند القاعدة الحالية ضد الجيشين اليمني والسعودي هي حروب وكالة بامتياز تبدأ عادة بطرح قضايا عادلة إلا أنها تنتهي رغم الأحاديث الساخنة عن الوحدة الوطنية واستحالة انحدار الأمور إلى ما لا تحمد عقباه إلى السقوط في الهاوية وتدمير البلدان التي قبلت بتغييب الدور الحازم للدولة وسمحت بضرب هيبة السلطة وتغاضت عن فتح الجيوب لمن يملؤها من أموال الخارج بعد أن يرفع شعار الوحدة الوطنية وهو الهادم الأكبر لها.. إن الخشية الكبرى هي أن نتحول سريعا لبيدق آخر من بيادق حروب الوكالة في منطقتنا الملتهبة، فلسنا أكثر حنكة ودراية من أهل لبنان وفلسطين والعراق واليمن والأردن.. الخ.
ثم نعود للتذكير لاحقا فيما حذرنا منه سابقا وحكاية.. على من تقرأ مزاميرك يا داود.. المتكررة!
آخر محطة: (1) يذكر د.شفيق الريس في كتابه «التحدي اللبناني» ضمن فصل «أحداث الكويت» ان كرة النار التي أحرقت الأردن وقبرص ولبنان كانت تتجه سريعا لحرق الكويت آنذاك لولا الحزم الذي أبدته الحكومة الكويتية ومسكها الأمور بيد من حديد.. فالحزم الحزم ولا تنتظروا «وقوع الفاس في الراس» عبر رصاصة مجهولة تطلق في الظلام على شخصية ملتهبة فتلهب البلد وتحرقه كما جرى لدى دول أخرى.
(2) تحية إجلال وإكبار من رجال الكويت الكبار ومن أطفال الكويت الصغار للنواب الأفاضل أسيل العوضي، سلوى الجسار، رولا دشتي، صالح الملا، عادل الصرعاوي، عبدالرحمن العنجري، عبدالله الرومي، علي العمير، محمد المطير، مرزوق الغانم، ناجي العبدالهادي، خالد السلطان (!) ومعهم الوزير التاريخي مصطفى الشمالي ممن رفضوا أن يبيعوا مستقبل الكويت وديمومتها بشراء حاضرهم الشخصي وبقائهم على الكراسي الخضراء في قضية غير شرعية وغير عادلة وغير دستورية، والعتب قبل ذلك وبعده على من يدعي الالتزام بالشرع والحث على العدالة والتمسك بنصوص الدستور وهو يصوت على ما يهدم أسس الثلاثة.
قمة الدانمرك
شكّ كثيرون في إمكان نجاح المشاركين في مؤتمر المناخ في كوبنهاغن، الذي عقد برعاية الأمم المتحدة، وتواجد أكثر من 100رئيس في مناقشاته الأخيرة، في الخروج بقرارات حاسمة، دع عنك وضع تلك القرارات موضع التنفيذ، لإنقاذ الأرض ومن عليها من كوارث بيئية محققة تطلبت -ولا تزال- تضافر جهود دول العالم أجمع في هذا المجال، خصوصا الدول الصناعية الكبرى، مثل الصين والولايات المتحدة.
وعلى الرغم من مشاركة بعض الدول العربية و«شقيقاتها ورفيقاتها» الأخرى، في اعمال المؤتمر، لكنها، ولعوامل «أخلاقية» وبيولوجية ومصلحية بحتة، بدت غير معنية كثيرا بمناخ الكرة الأرضية، أكثر من اهتمامها بمناخ مزاجها.
وبخلاف دولنا العظمى المنتجة للنفط، فإن جهات عدة، كشركات النفط والشركات الصناعية الكبرى والدول التي تنبعث من مصانعها اكثر الغازات حرارة، حاول إعاقة الوصول إلى أي اتفاق نموذجي يضر بمصالحها، على الرغم من تضارب هذه المصالح مع مصالح سكان الكرة الأرضية، والتي يمارس فيها الغالبية حياتهم بلا مسؤولية مفرطة من خلال الاستخدام السيئ لموارد الأرض الآيلة للنضوب حتما، خصوصا في الدول «الثرية». وقد لجأ كثير من هؤلاء المستفيدين من أنماط الاستهلاك الحالية الى ترويج رسائل على الانترنت، تدعي أنها صادرة عن شخصيات وجهات علمية، تشكك في كل ما يقال عن الآثار السلبية لتغير مناخ الأرض، وأن الأمر لا يعدو أن يكون خدعة من بعض الدول الكبرى! ولكن، غنيّ عن القول أن من واجبنا جميعا كبشر أن نتحلى بقدر أكبر من المسؤولية، وأن نسعى، ولو بالتمني، لكي تعود الدول الكبرى، كالصين والولايات المتحدة بالذات إلى صوابها، وأن تتفق على خطة طموحة وملزمة لجميع الدول، بعد ان أصبحت مناطق كثيرة من الكرة الأرضية مهددة بعواصف غير مسبوقة وفيضانات مدمرة مقابل جفاف قاتل في مناطق أخرى ونشوب معارك، وأخرى على وشك الوقوع، في أفريقيا ودول أخرى بسبب شح المياه. وقد تم اعتبار العقد الحالي المنتهي في نهاية عام 2010 كأكثر عهود الأرض حرارة حتى الآن، وأن هناك سنويا أكثر من 300 ألف ضحية بشرية بسبب التغيرات المناخية.
ان قضية المناخ في العالم لا يمكن أن تحل بمفردها، ويحتاج الأمر إلى تضافر جهود الجميع. وليس صحيحا القول انه ليس بإمكاننا فعل شيء إزاء ظاهرة ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي التي وصلت آثارها إلى الكويت بالانخفاض الواضح في مساحة الأراضي المغمورة من الجزر الكويتية، وبالذات بوبيان، فبإمكاننا مثلا التوقف عن تناول اللحوم والأسماك والدواجن، أو بالتقليل من تناولها على الأقل، والحفاظ على أمن الأرض بتقليل استهلاك مواردها، والتقليل من استهلاك المواد الكيماوية، وغير ذلك كثير، وهذا أقل ما يمكن ان نقوم به!
* * *
• ملاحظة: نهنئ العالم المسيحي، خصوصا المتسامح منه، بحلول عيد الميلاد المجيد، متمنين للجميع السعادة والفرح والسلام في عيد ميلاد سيد السلام.
أحمد الصراف
عاشوراء الذكرى… شيء من الكلام الصريح
تناولت في هذه الزاوية، يوم الأحد الماضي، وتحت عنوان :(عاشوراء الذكرى و«محركات الفتنة») ما تيسر من الحديث عن الممارسات الفتنوية من قبل بعض ضعاف النفوس الذين يستغلون هذا الموسم الديني العظيم لإثارة النعرات الطائفية بين أبناء المجتمع عبر صور مختلفة من العداء والتحريض والتأجيج وعناوين التكفير والشرك والضلال.
ولم يجف حبر ما كتبت، إن جاز لي التعبير، حتى برزت (فتنة) قادمة من إحدى الدول الخليجية الشقيقة من خلال عبارة عرضها 12 مترا نصبت في مواقع بشوارع رئيسية مكتوب عليها: «عاشوراء يوم فرح وسرور»، ولكن كما قلت، فإن المجتمع البحريني – بسنته وشيعته – كان ولا يزال حائط الصد القوي ضد تلك الأشكال السيئة من الممارسات البغيضة التي لا تنوي الا الشر مهما ظن أصحابها بأنهم (من كبار المدافعين عن الدين وثوابته). وتبدو الصورة واضحة، ليس في مجتمعنا فحسب، بل حتى في تلك الدولة الخليجية الشقيقة التي أثارت عبارة (عاشوراء يوم فرح وسرور)فيها ما أثارت من لغط ورفض وردود فعل غاضبة على مثل هذه التصرفات الهمجية المريضة، فصدر قرار بإزالة اللافتات وحذرت الحكومة من يقف وراء تلك اللافتات من مغبة إثارة الفتنة في هذا الموسم، بل وسمحت للبلدية بأن تبقي المخيمات الكبيرة التي أقيمت في مناطق متعددة لإحياء مراسم عاشوراء حتى يوم الثالث عشر من المحرم، في رسالة واضحة لأولئك المرضى بأن الحكومة لا تسمح بأفعالهم الدنيئة، ولا تتهاون مع أي طرف يريد أن يصبّ جام غضبه وأحقاده على المجتمع ككل حتى لو ادّعى أنه يدافع عن الإسلام ويتصدى للشرك والطقوس الدخيلة، وأن تلك الأفكار والأفعال ليست سوى أفعال شيطانية في حقيقتها، ولا يمكن أن يكون مصيرها إلا الخزي والعار.
وكما قلت أيضا، أن الموسم سيشهد دون ريب محاولات وأصوات منكرة تحت عنوان «الفتنة» سيكون مآلها السقوط حتما، ولعل هذا ما بدا من خلال إثارة قصة تحويل منزلين في البسيتين إلى مأتمين غير مرخصين! تبعتها دعوات لشنّ الحرب التي أفسح لها أحد المنتديات المعروفة بتأجيج الخلافات مساحة لا بأس بها!
بغض النظر عن كل ما تقدم، فنحن بخير ولله الحمد في مملكة البحرين، ولا يمكن أن ننكر جهود الدولة في تقديم التسهيلات على اختلافها لإنجاح الموسم، ومشاركة كبار التجار والمؤسسات في دعم المآتم والمواكب، لكن لابد من اليسير من الكلام الصريح حول ظواهر مستمرة منذ سنين، تتطلب شفافية وصراحة في الطرح لكي تتم معالجتها دون الاكتفاء بنفيها على رغم وجودها. من تلك المظاهر، بروز خلافات حول إدارة المأتم أو مسار موكب العزاء يثيرها بعض الأفراد دون إدراك بتبعاتها ونتائجها المضرة، ومنها أيضا رفع اللافتات القماشية التي تحمل عبارات أو مقولات لم يدقق كاتبها فيها جيدا وفيها الكثير من الأخطاء، وبعضها أصلا يثير الفتنة بين أتباع المراجع على اختلافهم! ولا يمكن أن نغفل انتشار المعاكسات والتبرج المتعمد والاستعراضات الكريهة في مواكب العزاء ولا سيما في ليالي الإحياء بالعاصمة المنامة، وتعمد الكثير من الناس لرمي المخلفات وتلويث مسارات المواكب وسد الطرقات بالوقوف الخاطئ. ولا شك في أن الكثير من الخطباء لا يقصرون في القيام بواجبهم الإرشادي في هذا الموسم، لكن ذلك يتطلب تكثيفا وطرحا معتدلا مؤثرا بإيجابية، ويلزم أولياء الأمور بأن يوجهوا الأولاد والبنات لاحترام الذكرى، بل ويتوجب عليهم مراقبة ملابسهم، خصوصا بالنسبة للفتيات اللواتي لا يعرفن من الذكرى إلا (استعراض أزياء). التغيير لن يتم بالسرعة التي نتوقعها، لكن لا بأس من أن يحمل الجميع مسئولية الحفاظ على هذه الذكرى ونشر مبادئها الإسلامية السامية التي ضحى من أجلها سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي «عليهما السلام» وأصحابه وأهل بيته، حفاظا على قيم الدين والإنسانية والخير والعلم والرقي.
مأساة محب الكويت الكابتن نمير الجنابي
أحد الأمور التي تستند أو تعول عليها «الكويتية» في عملية بيعها أو سد خسائرها هو تحصيل بعض أو كل الأحكام الصادرة لها على الخطوط الجوية العراقية والمقدرة بـ 1.2 مليار دولار من قبل المحاكم البريطانية، وقد سبق للعراق ان تقدم عبر الرئيس العراقي جلال الطالباني بعرض تسوية لتلك المشكلة عن طريق دفع مئات الملايين من الدولارات لإسقاط القضايا والأحكام الصادرة والقابلة للتنفيذ.
ولا يمكن الحديث عن تلك التعويضات المقدرة بالمليارات دون الحديث عن مأساة محب الكويت الكابتن العراقي نمير الجنابي الذي وقف وقبل سقوط النظام الصدامي مع «الكويتية» وساعدها بالشهادة معها أمام المحاكم البريطانية مما دفع صدام لإصدار أحكام إعدام وسجن بحقه وحق أقاربه من الدرجة الأولى.
ومع سقوط نظام صدام قام الكابتن نمير الجنابي بالبحث والوصول لقطع غيار «الكويتية» المسروقة والمنهوبة والمقدرة قيمتها بعشرات ومئات ملايين الدولارات وشحنها الى الكويت، ولم يكتف بذلك بل شحن حمولة 3 سيارات سوبربان من الوثائق التي تدين صدام تحديدا في تلك السرقات الى الكويت ومنها الى المحاكم البريطانية التي تكررت شهاداته أمامها مما كان السبب الرئيسي في إصدار الأحكام المليارية سالفة الذكر.
توظف الكابتن نمير في «الكويتية» في الكويت لمدة قصيرة واضطر للاستقالة عام 2005 بعد ان تم تهديد عائلته في العراق، ولو بقي لاضطرت الكويتية «أدبيا» لدفع الملايين لإطلاق سراح أبنائه وأقاربه ممن باتوا عرضة للاغتيال أو الاختطاف نتيجة لوقوفه مع الكويت و«الكويتية».
انتقل بعد ذلك الكابتن نمير الجنابي للعيش في إحدى الدول العربية دون مورد أو دخل بعد ان خسر راتبه التقاعدي من «العراقية» وبدل خدمة 35 عاما مما جعله يبيع خلال السنوات الماضية بيته وكل مقتنياته ولم يعد يملك «شروى نقير» لذا نرفع الأمر لأولي الأمر ونقول: هل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
آخر محطة: اطلبوا ملفات القضية وتحققوا فإن ثبتت مواقف الرجولة والشهامة من قبل الكابتن نمير الجنابي فأنصفوه ووفروا له ولعائلته الحياة الكريمة التي يستحقها عبر منحه فرصة للعمل او غير ذلك حتى تثبت الكويت الكبيرة أنها لم تتخل قط عمن يقف معها.
حلم دبي في ليلة صيف من عام 1954
لدي مصالح مالية متعددة في دبي، ويهمني بالتالي أن تستقر سياسيا واقتصاديا، وأن تخرج سريعا من ضائقتها المالية، ولا يعني هذا أنني مؤيد تماما لما تتبعه إدارتها من نهج تنموي متسارع معتمد بشكل متضخم على الاقتراض، كما لا يعني ذلك أن ليس من حقي الكتابة عما تعيشه دبي في هذه الأيام العصيبة من تاريخها، فلنا آراؤنا كما لنا مشاعرنا ومصالحنا.
يجب أن نقر أولا بأن كل دول منظومة التعاون الخليجي فشلت في الاستفادة من تجربة دبي من حيث الانتقال التدريجي من الدولة الريعية، المعتمدة كليا على مورد طبيعي واحد، إلى مجتمع متعدد الموارد مميز في قدرته على الاستفادة منها وتنميتها وفق نظام ضريبي متقدم، مقارنة بالآخرين الذين اكتفوا باستثمار، ما لم يتم نهبه أو تضييعه من مال، في أسهم عالمية وأرصدة مصرفية. ومع هذا لم يكن صعبا ملاحظة كم التشفي في تصريحات العديد من مسؤولي الدول الخليجية، والمعلقين الصحافيين، مما أصاب دبي من توقف اقتصادي. وربما، مع الفارق، نستطيع مقارنة نموذج دبي وفشلنا في الاقتداء به، بفشلنا في الاستفادة من التجربة الإسرائيلية التي استطاعت، بقدراتها وما منح لها من معونات، الوصول الى مستويات من التقدم الحضاري التي لا يمكن أن نبلغها، وربما سنفشل حتى في الحلم بها في القادم من القرون.
ومهما كان كم الحقد في قلوبنا على دبي، فإن من الصعب تجاهل ما استطاعت هذه الإمارة الصغيرة تحقيقه خلال أقل من نصف قرن، والانتقال من قرية صغيرة لصيد السمك والغوص على اللؤلؤ الى واحدة من أكبر المراكز التجارية والاقتصادية في العالم، بحيث أصبحت تنافس «لاس فيغاس» شهرة وصيتا. وورد في تحقيق صحفي في الـ «نيويورك تايمز» أن صعود دبي من البداية كان مرتبطا بالاستدانة من أطراف خارجية، وكانت البداية الكبيرة عندما قام حاكم دبي وقتها، الشيخ راشد المكتوم، بطلب 400 ألف جنيه استرليني من حكومة الكويت في عام 1954 لتمويل عمليات تعميق خور دبي واستصلاح أراض تجارية من حوله، والتي أصبحت مع الوقت تساوي المليارات. قد تكون دبي، وشركاتها الحكومية العملاقة، أخطأت في التوسع الضخم من خلال الاقتراض غير المدروس، ولكن لا يمكن إنكار أنها خلقت نموذجا لا يمكن التقليل من قيمته وشأنه غير المسبوقين، وأعتقد أن الشماتة بما أصيبت به من توقف قسري قد لا تطول كثيرا.
لقد كانت دبي حلما، وستبقى كذلك، ومن لا يحلم لا يستحق أن يتقدم. وحلم دبي بدأ عام 1954، بمبلغ متواضع، ولا يزال حيا يرزق.. وسيستمر.
أحمد الصراف
من اليوم…الدفع نقداً
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة