سامي النصف

قضايا الأربعاء

انتقدنا في حينه استجواب وزير النفط الشيخ علي الجراح القائم على الشخصنة، وقلنا بعدم عدالة لوم الوزير على رحلة عمل يقوم بها احد موظفيه، وقد أتى في صحف امس حكم براءة موظفي مكتب طوكيو وتساءل المحامي نجيب الوقيان عمن سيقوم بردّ مظلمة هؤلاء الموظفين وكذلك مظلمة وزير النفط الذي ابتعد عن الوزارة بسبب تلك التهم الباطلة ومن ثم فقدت الكويت كفاءة كان بإمكانها ان تضيف الكثير لذلك القطاع الهام.

بإمكان كثير من التجمعات ان تحارب «مع» الحكومة قوانين افلاس الدولة الجائرة القادمة سريعا على الطريق، ولكن لا احد يستطيع ان يحارب «عن» الحكومة، نعلم ان هناك كثيرا من النواب وحتى الكتّاب يأكلون حتى الشبع من عطايا الحكومة، فكيف يصح وقوفهم ضدها بالموقف والقول والمقال في العديد من قضايا الدغدغة؟! حركوا هؤلاء قبل ان تكر السبحة وتفلس الدولة، وقديما قيل «من يأكل من صحن السلطان يضرب بسيفه» ولم يقولوا «… يضربه بسيفه» عبر مناكفته في كل مشاريعه.

هل الكويت ثالث أغنى الدول العربية كما أتى في صحف أمس؟! اي هل يصح اعتبار الدخل فقط دلالة الثراء دون النظر للمعطيات الأخرى؟! بمعنى انه لو كان هناك فقير لا يملك شروى نقير حصل بشكل مفاجئ على راتب «مؤقت» قدره 20 ألف دينار، فهل يجوز القول انه اكثر ثراء من شخص آخر يبلغ راتبه 5 آلاف دينار الا انه يملك مصانع ومزارع وعمارات وغيرها من مقومات الثراء الحقيقية؟ ان تلك المقولات ومثلها مقولات فائض الميزانية «المؤقتة» تسيل لعاب الطامعين وتضر أكثر مما تنفع فلنتوقف عن القول بها.

ومادمنا في سيرة الرواتب فنّد رئيس اللجنة المالية في لقائه مع قناة «سكوب» مقولة د.رولا دشتي عن وجود مسؤولين في الدولة رواتبهم 4 ـ 5 آلاف دينار لا يجوز شراء المال العام لفوائد مديونياتهم، بالقول انه كان وزيرا وراتبه لم يتعد ألفين ومائتي دينار (!)، ماذا يا دكتور عن مكافأة الوزير السنوية وقدرها 100 ألف دينار والتي ان قسمت على 12 لأصبح راتب الوزير الشهري 10.500 دينار عدا مخصصات السفر واللجان، فهل لم تكن تعلم بتلك المكافأة أو لم تحصل عليها؟!

ومما قاله د.يوسف الزلزلة ضمن نفس المقابلة ان كل ما يعمله هو بر وتنفيذ لقسمه الدستوري ثم ذكر كلمتين من القسم وتوقف كونه تذكر على الأرجح تبعات ذلك القسم العظيم، ونذكّر الدكتور الفاضل ونذكر بقية النواب الأفاضل بالنص الكامل لذلك القسم وهو «أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا للوطن وللأمير وان أحترم الدستور وقوانين الدولة وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله وأؤدي أعمالي بالأمانة والصدق» المادة 91 من الدستور.

ونسأل الفاضل رئيس اللجنة والسؤال موصول لبعض النواب الأفاضل، أين الإخلاص للوطن عندما نبدد المليارات من ثرواته في قضايا غير شرعية وغير دستورية وغير عادلة تجعلنا أضحوكة للأمم كقانون شراء فوائد القروض؟! وأين الإخلاص للأمير من قبل من يطعن في صندوق المعسرين الذي هو بادرة انسانية جميلة من صاحب السمو، لا مثيل لها في الدول الأخرى اضافة الى تجاهل مطالب سموه المتكررة بالحفاظ على الوحدة الوطنية؟ وأين احترام الدستور وقوانين الدولة وكل ما في مقترح اللجنة قفز على مواد الدستور التي تحض على العدالة والمساواة بين المواطنين وتخص 1 من كل 4 مواطنين بالمنح والعطايا؟ وأين الذود عن مصالح الشعب وأمواله ولن يبقى بعد طوفان المقترحات المدغدغة فلس أحمر في خزائن الدولة نحفظه لأجيالنا المقبلة.

آخر محطة

(1): وصلني صباح الأمس هاتف من مسؤول سعدت به كونه يستفسر عن أمر ما، لو قام كل مسؤول بالاستفسار المباشر بدلا من الاعتماد على كلام البطانة الكاذبة لاختفت على الفور الكثير من مشاكل البلد.

(2) ظاهرة مدمرة أخرى بدأت بالانتشار وهي استخدام سلاح دعاوى الطائفية والفئوية لمحاربة الإصلاح في الجهاز الوظيفي المترهل، فما ان يعاقب موظف ـ حاله كحال الآخرين ـ لإهماله في عمله او لتجاوزه على الأموال العامة حتى يصرخ بدعاوى الاضطهاد والاستقصاد، كيف يمكن تطبيق دعاوى الإصلاح في أجواء موبوءة كهذه؟!

احمد الصراف

دولة موظفي الحكومة

الكويت تقاد «تشريعيا» بأهواء ورغبات أكبر نقابة فيها، ألا وهي «نقابة موظفي الدولة»، بالرغم من انها غير مشهرة! فهذه النقابة هي التي تقف وراء قانون العار المسمى بقانون «اسقاط الفوائد وجدولة القروض»، ولو وافق مجلس الامة اليوم على منع موظفي الدولة من المشاركة في انتخابات مجلس الأمة القادم، أسوة بالعسكريين، لسقط قانون القروض في مداولته الثانية، فالذي يسيّر المجلس ليس المصلحة العامة بقدر ما هي رغبات وأهواء شرذمة من أصحاب الأصوات العالية الذين لا تهمهم الا مصالحهم.
لقد عملت في المصارف سنوات طويلة، داخليا وفي الخارج، ولا تزال صلتي بها، وبعد نصف قرن، متينة، وبإمكاني القول إنه لا شيء طرأ او استجد لكي تصبح لدينا مشكلة قروض تستحق صرف عشرة مليارات دولار لحلها، وان حدث ذلك فسيكون عارا علينا جميعا، فلا تزال نسبة القروض المتعثرة، ضمن نطاقها الطبيعي، وأقل من ذلك، ولو أخذت جهة ما عينات ممن يُطلق عليهم «المتعثرون» ودرست أحوالهم وظروفهم المعيشية، لوجدت ان نسبة من ليس بإمكانهم سداد ما اقترضوه لا تزيد على النسب العالمية، والتي عادة ما تكون بحدود 3% ، بالتالي لا يوجد ما يبرر اسقاط ديون 97% من المقترضين، لأن 3% او اقل من ذلك غير قادرين على السداد، وهؤلاء يمكن ان يتولى أمرهم، وأضعافهم صندوق المتعثرين او المعسرين!
ان ما ينويه بعض اعضاء مجلس الامة من الاقدام بالموافقة النهائية على القانون السيئ الذكر، لا يمكن ان يخرج عن كونه سرقة واضحة وجماعية للمال العام، الذي نمتلك جميعا حصة فيه، ولمصلحة فئة لا سند لها غير مجموعة من النواب المتهالكين على حلب آخر فلس في خزينة الدولة، من اجل ارضاء ناخبيهم وكسب اصواتهم! ويجب ان يعي هؤلاء انه بالموافقة على هذا القانون وقيام الحكومة بتمريره، انما نكرس الى الابد، وبقانون معيب، حقيقة ان المواطن الملتزم اهبل، والمستقيم فاشل، ومن يسدد ما عليه من ديون شخص خرطي…!

أحمد الصراف