علي محمود خاجه

بئس الإنقاذ يا عقيلة

نعم يستحق الجويهل أن يحاسب قانونيا على ما أثاره إعلاميا من شتيمة علنية وتشهير وهمي على أغلب الظن، لكن ألم يقسّم البعض، من ضمائر الأمة، المجتمع الكويتي من ذي قبل؟ أولم يصنّف كل من يملك الدنانير بأنه حوت يهدف إلى مص دماء الشعب ولا تهمه الكويت؟ أولم يصنّف أبناء المناطق الداخلية كما يحلو للبعض تسميتهم بأنهم عنصريون وانبطاحيون في الوقت نفسه، في استجواب الشريع لنورية الصبيح والاستجواب الأول لجابر الخالد؟

إذن فازدواجية المعايير موجودة لدينا أو لدى بعضنا إن صح التعبير، فمتى ما مست كراماتهم أصبحنا بحاجة إلى إنقاذ الوطن، ومتى ما قسمت أفواههم وتصرفاتهم الكويتيين إلى حيتان وتماسيح وحملان فالوحدة الوطنية بخير، وهم لا يكونون حينذاك سوى ضمير حي ولسان صريح وجريء.

أنا هنا لا أستنكر أو أرفض إنقاذ الوطن كمسمى وشعار، ولكن هذا الإنقاذ لا يتحقق بمعايير مزدوجة أبدا.

على أي حال لنتجه إلى ما حدث الثلاثاء الماضي في الندوة المشهورة بعنوان ندوة العقيلة عند النائب خالد الطاحوس، فقد تداعت القوى السياسية وبحضور جماهيري غير مسبوق إلى قتل الوطن لا إنقاذه.

فأن يكون أكثر من نصف المتحدثين من خريجي الانتخابات الفرعية التي تختزل الكويتيين في قبيلة وفخذ ليتحدثوا عن إنقاذ الوطن فهذه مهزلة، وأن يكون أحد المتحدثين متعدياً على الأموال العامة، ويريد أن ينتقم من فشله في تكملة تعديه على الأموال، وفشله في نيل ثقة الناخبين، ليأتي ويتحدث باسم الوطن/ البلد، وليس الوسيلة الإعلامية، فتلك هي الطامة.

أن يكون أيضا من المشاركين «حدس» حدس؟؟ حدس؟؟ أي وطن هذا؟ وأي إنقاذ؟ وأن يقمع أحد المدعوين من الحديث ضاربين عرض الحائط بحرية التعبير المكفولة دستوريا، ويدّعون بعد ذلك أن اجتماعهم هو لإنقاذ الوطن ودستور الوطن فعن أي وطن تتحدثون؟!

العتب كل العتب على السياسي المخضرم عبدالله النيباري الذي صوّر ذلك التجمع بأنه شبيه بدواوين الاثنين، وشتان ما بين المطالبة بالدستور «يابو محمد» ومن بارك وصفق لناس تسعى إلى وأد الدستور.

والعتب الآخر على الصديق والسياسي الواعد خالد الفضالة الذي قبل بالمشاركة مع أغلبية متجاوزة القانون، وجرمهم برأيي لا يقل عن جرم الجويهل يا «بوسند».

نحن فعلاً بحاجة إلى إنقاذ الوطن، من تجمع إنقاذ الوطن في يوم الثلاثاء الماضي.

خارج نطاق التغطية:

لا أستطيع أن أتجاوز حادثاً مفجعاً آلمني كثيرا برحيل شاب يافع هو ابن عمي يوم الأربعاء الماضي، ولكن عزائي الوحيد أن عمره الصغير لم يتح المجال لهذه الدنيا أن تلطخه بأوساخها، فإلى جنة الخلد يا جعفر محمد تقي خاجه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة 

سامي النصف

مال الفقراء وليس مال الحكومة

بعد تدمير الكويت سياسيا وشرخ الوحدة الوطنية عبر الممارسات العبثية التي تجري في البرلمان، بدأ البعض بالعمل الجاد لإفلاس الكويت اقتصاديا عبر مقترحات مجنونة لم يشهد لها التاريخ الإنساني مثيلا، ولم نسمع أو نر أمرا قريبا منها لدى الدول الأخرى الأكثر غنى ورفاها منا بمراحل مما يعني اننا أمام حكم إعدام مزدوج صادر بحق وطن معطاء لا يستحق قط مثل هذا التعامل الجاحد معه.

وأحد المفاهيم الاقتصادية المدمرة القائمة هو تسويق فكرة خاطئة فحواها ان المال العام هو مال الحكومة «الخاص» لذا يجب التسابق على صرفه وهدره وبدعم كامل – ويا للغرابة – ممن يفترض أن يكونوا أكثر الناس حرصا عليه، ونعني الفقراء ومحدودي الدخل من المواطنين ممن سيكونون المتضرر الأكبر من عجز الميزانية العامة وافلاس مؤسسات الدولة كالتأمينات الاجتماعية وتوقف صرف الرواتب وهي أمور كالساعة قادمة لا ريب فيها ما لم تتوقف الأغلبية الصامتة.. وتبدأ بالصراخ قبل وقوع الفأس في الرأس.

ولو قارنا راتبا وليكن ألف دينار لمواطن كويتي وآخر لأميركي أو أوروبي أو ياباني من رعايا أغنى دول العالم لوجدنا ان المواطن في تلك الدول الثرية يدفع 300 دينار من ذلك الراتب كضريبة دخل، ثم مائة لتعليم الأبناء ومائة أخرى للتأمين الصحي لعدم مجانية التعليم والصحة لديهم، ثم يدفع بعد ذلك ثمن كهرباء ووقود وماء ومواد غذائية وقروض سكن غير مدعومة من حكوماتهم مع عدم ضمان الاستمرار في الوظيفة أو الالتزام بزيادات سنوية أو تقاعد مجز كما يجري لدينا بسبب فوائض الميزانية المستهدف إتلافها وحرقها عبر المطالب المدغدغة.

أما في الكويت، المزمع نحرها من الوريد إلى الوريد، فالوظيفة مضمونة والراتب لا ضرائب عليه، والخدمات التعليمية والصحية مجانية، إضافة إلى الدعم الذي يشمل كل مناحي الحياة من المهد إلى اللحد، ومع ذلك يسعى بعض المدغدغين من النواب للتحريض بألا يدفع المواطن ما عليه تجاه البنوك وشركات الاستثمار التي اقترض منها باختياره رغم قدرته على الدفع خاصة أصحاب الرواتب المرتفعة، وقد قرر بعض النواب الأماجد تجميد 30 مليار دولار (8.5 مليارات دينار) لمدة 15 عاما كي تدفع أرباحها التي هي في النهاية عوائد للفقراء قبل الأغنياء لا لمؤسسات الدولة المودعة كالتأمينات العامة وهيئة الاستثمار وشؤون القصر.. الخ، بل لسداد ديون مقترضين مقتدرين، ومن يدريهم اننا لن نحتاج لذلك المبلغ الضخم وعوائده خلال السنوات القليلة القادمة لتسديد رواتب الموظفين فيما لو انخفض سعر النفط كما يتوقع الخبراء.

آخر محطة:
 
(1) يفرض القانون المجنون ان ندفع جميعا فوائد من اقترض في 14/12/2009 حتى لو كانت مئات الآلاف من الدنانير رغم انه لم يدفع فلسا واحدا من تلك الفوائد فأين العقل وأين العدل؟!

(2) الواجب على الناخبين، وخاصة محدودي الدخل منهم، المحاسبة الشديدة لنواب قوانين إفلاس الدولة كونهم المتضرر – لا المستفيد – الأكبر من تلك التشريعات غير المسبوقة في تاريخ الأمم.

(3) من أعطى نواب الأمة توكيلا عاما من 270 ألف مقترض؟! ومن أعطاهم توكيلا آخر من 730 ألف مواطن غير مقترض لحرق وهدر المال العام وإفلاس الدولة؟ ومن يقول ان مقترضا لم يبق من دينه إلا ألف أو ألفا دينار يرضى بأن تدفع الدولة عشرات المليارات من أمواله وأموال أبنائه لأجل ذلك القانون المسخ؟!

(4) شعارات الوحدة الوطنية وحب الكويت المتغنى بها كذبا وزيفا يجب أن تترجم الى عمل جاد يهدف للحفاظ على مستقبلها والتوقف عن إصدار تشريعات تنتهي بإفلاسها سريعا.

(5) الحل الحقيقي لكثير من إشكالاتنا التشريعية يكمن في تفعيل دور المحكمة الدستورية – كالحال في الديموقراطيات الأخرى – كي تسقط كل قانون أجوف وأخرق لا يراعي العدالة والمساواة والحفاظ على الثروات العامة كما تنص على ذلك مواد الدستور المتباكى عليه، فلم تعد تنفع حكاية «الأكثرية» للحفاظ على الثروات أو حتى.. الحريات العامة!

احمد الصراف

أنا أحبك وأنا جاسوس

في فيلم أميركي مشوق قالت الفتاة لوالدها الذي كان يراقصها في حفل زفافها: إني أحبك يا أبي! فرد قائلا: وأنا أحبك أكثر. فقالت: لماذا كلما قلت لك إني أحبك ترد علي بأنك تحبني أكثر؟ فقال: انتظري حتى يصبح لديك أبناء لتعرفي ما أعنيه!
وهكذا نحن نشتكي ونتألم ونقاسي الكثير مما يفعله أبناؤنا بنا، ولكننا نادرا ما نتذكر ما سببناه لوالدينا من آلام وقلق. فحبنا لهما لم يكن يوما بمقدار حبهما لنا. وقد ذكرني المشهد السينمائي بتجربة مررت بها قبل 42 عاما عندما سجنت في العراق، وكان ذلك بعد حرب «الأيام الستة» بأشهر، وكنت وقتها أدير قسما صغيرا في بنك الخليج، فقد قررت يومها انا وصديق السفر في إجازة إلى إيران، عن طريق البصرة، كما كان يفعل أقراننا بحثا عن الإمتاع والمؤانسة، وكذلك لغرض بيع سيارتي الفورد الموستانغ هناك، بعد أن تأثر سعرها في الكويت وندرت قطع غيارها نتيجة مقاطعة الدول العربية للشركة المصنعة. وفي المركز الحدودي عثر مفتش مركز صفوان على بعض الأجهزة الكهربائية معي واعتبر الأمر تهريبا، وأن علي دفع غرامة مالية كبيرة، ولكن بالبحث أكثر عثر في درج السيارة على رسالة موجهة لإسرائيل! وهنا تم التحفظ علي وأرسلت مخفورا، بتهمة التخابر مع العدو، لإدارة مكافحة التجسس في البصرة. وهناك شرحت قصة الرسالة وكيف أن موظفا فلسطينيا من أهالي غزة يعمل معي في القسم، طلب مني، بعد أن علم بنيتي السفر إلى إيران، أن أساعده في إرسال رسالته من إيران، لوجود علاقات وقتها بين نظام الشاه وإسرائيل، فربما تصل لأهله الذين انقطعت صلته بهم كليا.
تفحص «الخبير» العراقي الرسالة بتمعن شديد وقربها من الضوء ووضع قطرات من سائل خاص على بعض حروفها، ربما لكشف الحبر السري، وعندما لم يجد شيئا قرر سجني وإحالة الرسالة الى مختبر متخصص! أثناءها عاد من كان معي ليخبر أهلي بالقصة وليقوم والدي بإرسال سائقه، وكان فلسطينيا يعمل أخوه الأكبر في مهنة معروفة للكثيرين في البصرة، ليساعدني في الخروج من ورطتي، وهكذا كان، ولكن بعد أن مرت علي أيام أربعة متعبة، ولولا الطعام «الفاخر» الذي كان يرسل لي داخل السجن، والذي ساعدني في كسب مودة الكثير من المجرمين في داخل المعتقل لكانت معاناتي أشد بكثير!
وخلال هذه المعاناة، وغيرها الكثير طوال 60 عاما، لم أفكر يوما بما تسببت فيه تصرفاتي وحماقاتي وحتى أمراضي من آلام وقلق وسهر وسهد لوالدي، فنحن غالبا ما نتعامل مع محبة الوالدين كأنها أمور مسلم بها، وهي كذلك، وأن محبتهما لنا أمر مفروغ منه، وهذا صحيح، ولكن علينا، لكي تستمر إنسانيتنا، ألا ننسى فضلهما علينا وأن نسدد ولو جزءا صغيرا من حقهما علينا، وهذا المقال إقرار مني بذلك.

أحمد الصراف