اليوم: 27 ديسمبر، 2009
ازدواجية الجنسية.. المشكلة والحل
للتعرف اولا على أسس المشكلة علينا ان نقرأ المادة 11 من قانون الجنسية التي تنص على «يفقد الكويتي الجنسية اذا تجنس مختارا بجنسية اجنبية.. الخ» والمادة 11 مكرر التي تنص على «على الاجنبي الذي حصل على الجنسية الكويتية ان يتنازل عن جنسيته الاجنبية خلال 3 أشهر من تاريخ حصوله على الجنسية الكويتية.. الخ»، مما سبق نجد ان الجنسية الكويتية تسقط بشكل تلقائي اذا تجنس الكويتي بجنسية اخرى او لم يسقط المتجنس جنسيته الأخرى خلال 3 أشهر وتسقط جنسية من حصل عليها معه بالتبعية أي الزوجة والأبناء.
ولنبحث عن حلول لذلك الإشكال الذي كاد ان يفجر البلد، وسنضع بواقعية شديدة، ودون تحيز، الخيارات المتاحة وهي:
(1) بقاء الاوضاع على ما هي عليه ومن ثم ان نبقي على ألغام تنتظر التفجير في أي لحظة مع عدم منطقية سن قوانين هامة في البلد لها تبعات كبرى دون وجود نية لتطبيقها.
(2) التطبيق الفوري لمواد قانون الجنسية ومن ثم اسقاط الجنسية عن المئات او آلاف (الله اعلم) ممن اكتسبوا أو كانت لديهم جنسيات خليجية وعربية وأوروبية – وأميركية وسيمتد تطبيق القانون – ان تم – لاكثر من ذلك حيث سيحدد طبقا للوثائق تاريخ اسقاط منفصل لكل حالة ومن ثم تعتبر كل الرواتب والمزايا والمنازل التي تم الحصول عليها «ككويتي» بعد ذلك التاريخ أمورا تمت بطريق الغش والتدليس والتزوير والخداع يقع فاعلها تحت قوانين الجزاء المرعية مما سيشكل معضلة حقيقية في البلد.
(3) إعطاء فترة سماح لعام أو عامين يختار بعدها الشخص المعني إما الحفاظ على الجنسية الكويتية او الجنسية الاخرى ولا تسترد منه الرواتب والعطايا كون تاريخ الاسقاط يحدد بانتهاء فترة السماح تلك.
(4) تعديل القوانين والسماح المطلق للجميع بازدواج الجنسية دون قيد او شرط، او مع وضع شروط وحدود لتقلد بعض المراكز والمناصب الحساسة في الدولة كحال بعض الدول الاخرى مع فرض قضية الافصاح.
(5) السماح بازدواج الجنسية مع بعض أو كل دول مجلس التعاون دون قيد او شرط او مع شرط المعاملة بالمثل.
(6) السماح بازدواجي الجنسية مع بعض او جميع دول مجلس التعاون مع اشتراط عدم الحصول على مزايا وعطايا متشابهة من اكثر من بلد، أي منع ازدواجية السكن والتوظيف.. الخ، لعدم عدالة ذلك الأمر.
7 – العمل تحت مظلة الامانة العامة لتوحيد الجنسية في دول مجلس التعاون كحال الدعوة لتوحيد العملة الخليجية ويحدد تاريخ مستقبلي لذلك التوحيد ويسمح بالازدواجية حتى ذلك التاريخ ثم تستبدل بعده الجنسيات بالجنسية الموحدة، يتبقى ان ما سبق هو اجتهادات شخصية قد تخطئ او تصيب والمستغرب اننا لم نسمع حتى هذه اللحظة من نواب مجلس الامة والخبراء الدستوريين والحقوقيين اي مقترحات لحل تلك القضية الهامة فهل نسمع ذلك بعد اليوم؟!
آخر محطة:
1 – نحن بكل تأكيد مجتمع قمعي لا ديموقراطي لم نأخذ من الديموقراطية بعد نصف قرن من الممارسة إلا مسماها وزخرفها الخارجي والا فكيف نفسر رفع راية التخوين الوطني والارهاب الفكري مع كل قضية تطرح بدلا من الحوار البناء لحلها.
(2) أدعو كل مواطن عاقل ومخلص ومحب لوطنه ان يزور موقع مجلس الامة على الانترنت ويحصي عدد الاقتراحات العبثية غير المسبوقة في تاريخ الأمم الأخرى والكفيلة بإفلاس الكويت والقضاء على مستقبلها فيما لو طبقت والتي يقصد منها فقط الدغدغة واعادة الانتخاب وكل شيء يضحى به بعد ذلك لأجل الكراسي الخضراء ومنافعها ومكاسبها وما أكثرها.
التدين وإهانة الناس
«.. لاحظت أن الدين عندهم عملية اجرائية لها خطوات محددة لا تتعدى ابداً الشكل (الخارجي) والعبادات، وبالتالي فإن هؤلاء المتدينين لا يجدون أي تناقض بين اهانة الناس ونقائهم الديني. هذا التدين الناقص، الذي يفصل العقيدة عن السلوك، ينتشر في بلادنا كالوباء. فكم شخص نلقاه اليوم نجده حريصاً للغاية على شعائر الدين ولكن ما ان نتعامل معه في الأمور المادية حتى نكتشف أن سلوكه يناقض مظهره. واننا في مصر (وجميع الدول الاسلامية) أصبحنا أكثر حرصاً على مظاهر التدين وأقل تديناً.. وكنا قبل انتشار الأفكار الوهابية أقل اهتماماً بمظاهر الدين وأكثر تديناً بالمعنى الحقيقي وأكثر عدلاً وأمانة وتسامحاً..!».
هذه فقرة من مقال نشره الروائي المصري المعروف علاء الأسواني قبل فترة قصيرة، وقد ذكرتني، فور الانتهاء من قراءتها، بقريب لي شديد التدين حريص على التمسك بكل مظاهره، وهو الذي وضع الحجاب على رأس بناته قبل بلوغهن العاشرة من العمر، والذي لم يترك مكاناً مقدساً إلا وقام بزيارته عدة مرات تقرباً لله والنبي والأئمة، ولكن مع ورعه لم يكن يستنكف عن الحديث علناً عن الرشوة وطرقها مع أي مسؤول حكومي، ان تطلب الأمر ذلك، سواء لتمرير معاملة أو للحصول على خدمة مميزة. وقد سمعته مرة ينصح والده باللجوء الى طرق محددة لتمرير معاملة مخالفة في إحدى الدوائر الحكومية، وأن عليه قول كذا وكذا للمسؤول لكي يطمئن ويوافق على تجميد الغرامة المقررة والغائها في فترة لاحقة.
هذا وغيره الكثيرون، من أمثال القرضاوي و«قمم» دينية عديدة، يذكرونني بحقيقة أن في داخل كل هؤلاء كماً هائلاً من الغضب على استعداد للانفجار في تظاهرة غاضبة ان صدرت عن أي منا ولو كلمة واحدة بحق أي رمز ديني، ولكنهم على غير استعداد لرفع إصبع واحدة في حال تعرض الحريات المدنية للأمة بأكملها للخطر، ولا تعني لهم قضايا حقوق الانسان شيئاً ولا يأبهون لموت المئات في حروب دينية عنصرية، ولا يرف جفن لمسلم ان فجّرت مساجد تخص مذهباً آخر، وهكذا، فكل هذه الأمور لا تثير غضبهم، لأن التدين الذي تعلمه هؤلاء لا يشمل الدفاع عن القيم الانسانية ولا عن الحرية، دع عنك المساواة والاخاء والعدالة للجميع، بل عما يسر خاطرهم ومعتقداتهم الدينية الضيقة، وانظر حولك فستجد الكثير من هؤلاء.
أحمد الصراف
إنهم أصحاب الحسين «ع»
في كربلاء، منظومة من القيم الدينية والإنسانية والفكرية والخيرية، ما يجعل الإنسان ينحني إجلالا وتقديسا لها، ولو ترسخت في نفوس بني الإسلام، وجعلوها منهجا في الحياة، لأصابوا الخير الكثير، فهي منظومة جاء بها رسول الأمة محمد (ص) الذي قال عنه تعالى: «وإنك لعلى خلق عظيم» (القلم: 4).
ولو أردنا أن ننهل من منبع كربلاء الخالدة، في العلاقة بين سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) وأصحابه، لوجدنا كيف يتمثل الخلق النبوي العظيم في حفيد الحبيب المصطفى، ولهذا، جاء في كتاب «إبصار العين في أنصار الحسين» للمؤلف محمد السماوي، و «حياة الإمام الحسين» لباقر شريف القرشي، و «القيم الأخلاقية في النهضة الحسينية» لمحمد العذاري، محور مشترك بينهم جميعا، وهو محور العلاقة بين القائد والأتباع.
ففي كل نهضة، كما يقول العذاري، هنالك قيادة وطليعة وقاعدة ترتبط بروابط مشتركة من أهداف وبرامج ومواقف، والقيادة دائما هي القدوة التي تعكس أخلاقها على أتباعها. وفي النهضة الحسينية تجسدت الأخلاق الفاضلة في العلاقات والروابط حيث الإخاء والمحبة والتعاون والود والاحترام بين القائد وأتباعه وبين الأتباع أنفسهم، فالأتباع ارتبطوا بالقيم والمثل ثم ارتبطوا بالقائد الذي جسدها في فكره وعاطفته وسلوكه، فالأتباع يتلقون الأوامر بقبول ورضى وطمأنينة.
ومن هذه القيم كان الإمام الحسين يخاطب حامل لوائه وهو أخوه: «يا عباس اركب بنفسي أنت»، ويخاطب أتباعه قائلا: «قوموا يا كرام»، ويخاطبهم أيضا: «صبرا بني الكرام فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة»، ونتيجة لهذا الترابط الروحي بين القائد والأتباع، رفض الأتباع أن يتركوا الإمام الحسين لوحده بعد أن سمح لهم بالتفرق عنه، فهذا مسلم بن عوسجة يخاطب الإمام (عليه السلام) قائلا: «أما والله لو علمت أني اقتل ثم أحيا ثم احرق ثم أحيا ثم أذر يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك»، وبعد الشهادة كان الإمام (ع) يقف على جسد جون وهو عبد أسود ويدعو له: «اللهم بيَّض وجهه وطيب ريحه»، ويعتنق واضح التركي وهو يجود بنفسه واضعا خده على خده.
لقد أنكر أتباع الإمام الحسين «ع» ذواتهم وذابوا في القيادة التي جسدت المنهج الإلهي في واقعها المعايش، فلم يُبقوا لذواتهم أي شيء سوى الفوز بالسعادة الأبدية، فكان الإيثار والتفاني من أهم الخصائص التي اختصوا بها، وتنافسوا في أن يقتلوا بين يديه.
وقبل المعركة وصل بُرير رضوان الله عليه ومعه جماعة إلى النهر، فقال لهم حماته ـ بعد أن عجزوا عن قتالهم: «اشربوا هنيئا مريئا بشرط ألا يحمل أحد منكم قطرة من الماء للحسين، فكان جوابهم: «ويلكم نشرب الماء هنيئا والحسين وبنات رسول الله يموتون عطشا، لا كان ذلك أبدا».
وفي شدة العطش رفض العباس «ع» شرب الماء قبل الإمام الحسين «ع»، وارتجز يقول:
يا نفس من بعد الحسيـن هوني
وبعده لا كنت أن تكوني
هذا حسين وارد المنون
وتشربين بارد المعين
إنهم أصحاب الحسين (ع)، نفوس أبية أرادت أن تلقى الله ونبيه (ص) بعنوان الشهادة في سبيل الله