سامي النصف

حتى لا نصبح ساحة حرب وكالة أخرى!

لنبدأ بالموقف الصحيح لأهل السنّة، فلو عاد التاريخ واحتشد الجمع في كربلاء لكان المسلمون جميعا سنّتهم وشيعتهم في معسكر سيد الشهداء الحسين رضي الله عنه، لذا لا صحة لمن يدّعي تمثيل السنّة دون وكالة ويدعو للفرح في يوم استشهاده، وفي هذا السياق هل من مصلحة المسلمين في شيء دعوة أحدهم في المهرجان الخطابي إلى إزالة الكنائس في الكويت وكيف سيعامل الآخرون مساجدنا لو قمنا بذلك الفعل الجائر؟!

 

منذ عقود ودول المنطقة ساحة لحروب الوكالة للآخرين، ففي أوائل عام 1975 كان الحديث الرئيسي في لبنان يدور حول تعلمهم من درس الحرب الأهلية التي اشتعلت في بلدهم عام 1958، واستحالة انتقال الحروب الأهلية التي أحرقت الأردن (عام 1970) وقبرص (عام 1974) لأرضهم، ولكن ما ان حل ربيع ذلك العام حتى تدهورت الأوضاع سريعا بعد مظاهرات الصيادين في صيدا واغتيال النائب معروف سعد وحادثة باص عين الرمانة واشتعلت الحرب الأهلية بأيدي قيادات لبنانية مرتشية بعد ان أعمت الأحقاد والكراهية أبصار وبصائر الأتباع.

 

وتكرر الأمر في عراق 2003 عندما تحدثوا جميعا، مفكرهم ومثقفهم قبل جاهلهم، عن استحالة «لبننة» الوضع العراقي فباتوا هذه الأيام في وضع أسوأ من اللبننة، ومثلهم فلسطينيو حماس وفتح ممن أنكروا بشدة عام 2007 انهم سيلجأون للسلاح لحل خلافاتهم فانتهى الأمر بحرب أهلية أكلت الأخضر واليابس وقتلت منهم أكثر مما قتله أعداؤهم وأضاعت الأمل في الوصول لحل عادل لإشكالهم المزمن.

 

إن جميع حروب المنطقة – وما أكثرها – ومن ضمنها حرب فتح الإسلام ضد الجيش اللبناني وحروب الحوثيين وجند القاعدة الحالية ضد الجيشين اليمني والسعودي هي حروب وكالة بامتياز تبدأ عادة بطرح قضايا عادلة إلا أنها تنتهي رغم الأحاديث الساخنة عن الوحدة الوطنية واستحالة انحدار الأمور إلى ما لا تحمد عقباه إلى السقوط في الهاوية وتدمير البلدان التي قبلت بتغييب الدور الحازم للدولة وسمحت بضرب هيبة السلطة وتغاضت عن فتح الجيوب لمن يملؤها من أموال الخارج بعد أن يرفع شعار الوحدة الوطنية وهو الهادم الأكبر لها.. إن الخشية الكبرى هي أن نتحول سريعا لبيدق آخر من بيادق حروب الوكالة في منطقتنا الملتهبة، فلسنا أكثر حنكة ودراية من أهل لبنان وفلسطين والعراق واليمن والأردن.. الخ.

ثم نعود للتذكير لاحقا فيما حذرنا منه سابقا وحكاية.. على من تقرأ مزاميرك يا داود.. المتكررة!

 

آخر محطة: (1) يذكر د.شفيق الريس في كتابه «التحدي اللبناني» ضمن فصل «أحداث الكويت» ان كرة النار التي أحرقت الأردن وقبرص ولبنان كانت تتجه سريعا لحرق الكويت آنذاك لولا الحزم الذي أبدته الحكومة الكويتية ومسكها الأمور بيد من حديد.. فالحزم الحزم ولا تنتظروا «وقوع الفاس في الراس» عبر رصاصة مجهولة تطلق في الظلام على شخصية ملتهبة فتلهب البلد وتحرقه كما جرى لدى دول أخرى.

(2) تحية إجلال وإكبار من رجال الكويت الكبار ومن أطفال الكويت الصغار للنواب الأفاضل أسيل العوضي، سلوى الجسار، رولا دشتي، صالح الملا، عادل الصرعاوي، عبدالرحمن العنجري، عبدالله الرومي، علي العمير، محمد المطير، مرزوق الغانم، ناجي العبدالهادي، خالد السلطان (!) ومعهم الوزير التاريخي مصطفى الشمالي ممن رفضوا أن يبيعوا مستقبل الكويت وديمومتها بشراء حاضرهم الشخصي وبقائهم على الكراسي الخضراء في قضية غير شرعية وغير عادلة وغير دستورية، والعتب قبل ذلك وبعده على من يدعي الالتزام بالشرع والحث على العدالة والتمسك بنصوص الدستور وهو يصوت على ما يهدم أسس الثلاثة.