احمد الصراف

قمة الدانمرك

شكّ كثيرون في إمكان نجاح المشاركين في مؤتمر المناخ في كوبنهاغن، الذي عقد برعاية الأمم المتحدة، وتواجد أكثر من 100رئيس في مناقشاته الأخيرة، في الخروج بقرارات حاسمة، دع عنك وضع تلك القرارات موضع التنفيذ، لإنقاذ الأرض ومن عليها من كوارث بيئية محققة تطلبت -ولا تزال- تضافر جهود دول العالم أجمع في هذا المجال، خصوصا الدول الصناعية الكبرى، مثل الصين والولايات المتحدة.
وعلى الرغم من مشاركة بعض الدول العربية و«شقيقاتها ورفيقاتها» الأخرى، في اعمال المؤتمر، لكنها، ولعوامل «أخلاقية» وبيولوجية ومصلحية بحتة، بدت غير معنية كثيرا بمناخ الكرة الأرضية، أكثر من اهتمامها بمناخ مزاجها.
وبخلاف دولنا العظمى المنتجة للنفط، فإن جهات عدة، كشركات النفط والشركات الصناعية الكبرى والدول التي تنبعث من مصانعها اكثر الغازات حرارة، حاول إعاقة الوصول إلى أي اتفاق نموذجي يضر بمصالحها، على الرغم من تضارب هذه المصالح مع مصالح سكان الكرة الأرضية، والتي يمارس فيها الغالبية حياتهم بلا مسؤولية مفرطة من خلال الاستخدام السيئ لموارد الأرض الآيلة للنضوب حتما، خصوصا في الدول «الثرية». وقد لجأ كثير من هؤلاء المستفيدين من أنماط الاستهلاك الحالية الى ترويج رسائل على الانترنت، تدعي أنها صادرة عن شخصيات وجهات علمية، تشكك في كل ما يقال عن الآثار السلبية لتغير مناخ الأرض، وأن الأمر لا يعدو أن يكون خدعة من بعض الدول الكبرى! ولكن، غنيّ عن القول أن من واجبنا جميعا كبشر أن نتحلى بقدر أكبر من المسؤولية، وأن نسعى، ولو بالتمني، لكي تعود الدول الكبرى، كالصين والولايات المتحدة بالذات إلى صوابها، وأن تتفق على خطة طموحة وملزمة لجميع الدول، بعد ان أصبحت مناطق كثيرة من الكرة الأرضية مهددة بعواصف غير مسبوقة وفيضانات مدمرة مقابل جفاف قاتل في مناطق أخرى ونشوب معارك، وأخرى على وشك الوقوع، في أفريقيا ودول أخرى بسبب شح المياه. وقد تم اعتبار العقد الحالي المنتهي في نهاية عام 2010 كأكثر عهود الأرض حرارة حتى الآن، وأن هناك سنويا أكثر من 300 ألف ضحية بشرية بسبب التغيرات المناخية.
ان قضية المناخ في العالم لا يمكن أن تحل بمفردها، ويحتاج الأمر إلى تضافر جهود الجميع. وليس صحيحا القول انه ليس بإمكاننا فعل شيء إزاء ظاهرة ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي التي وصلت آثارها إلى الكويت بالانخفاض الواضح في مساحة الأراضي المغمورة من الجزر الكويتية، وبالذات بوبيان، فبإمكاننا مثلا التوقف عن تناول اللحوم والأسماك والدواجن، أو بالتقليل من تناولها على الأقل، والحفاظ على أمن الأرض بتقليل استهلاك مواردها، والتقليل من استهلاك المواد الكيماوية، وغير ذلك كثير، وهذا أقل ما يمكن ان نقوم به!

* * *
• ملاحظة: نهنئ العالم المسيحي، خصوصا المتسامح منه، بحلول عيد الميلاد المجيد، متمنين للجميع السعادة والفرح والسلام في عيد ميلاد سيد السلام.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

عاشوراء الذكرى… شيء من الكلام الصريح

 

تناولت في هذه الزاوية، يوم الأحد الماضي، وتحت عنوان :(عاشوراء الذكرى و«محركات الفتنة») ما تيسر من الحديث عن الممارسات الفتنوية من قبل بعض ضعاف النفوس الذين يستغلون هذا الموسم الديني العظيم لإثارة النعرات الطائفية بين أبناء المجتمع عبر صور مختلفة من العداء والتحريض والتأجيج وعناوين التكفير والشرك والضلال.

ولم يجف حبر ما كتبت، إن جاز لي التعبير، حتى برزت (فتنة) قادمة من إحدى الدول الخليجية الشقيقة من خلال عبارة عرضها 12 مترا نصبت في مواقع بشوارع رئيسية مكتوب عليها: «عاشوراء يوم فرح وسرور»، ولكن كما قلت، فإن المجتمع البحريني – بسنته وشيعته – كان ولا يزال حائط الصد القوي ضد تلك الأشكال السيئة من الممارسات البغيضة التي لا تنوي الا الشر مهما ظن أصحابها بأنهم (من كبار المدافعين عن الدين وثوابته). وتبدو الصورة واضحة، ليس في مجتمعنا فحسب، بل حتى في تلك الدولة الخليجية الشقيقة التي أثارت عبارة (عاشوراء يوم فرح وسرور)فيها ما أثارت من لغط ورفض وردود فعل غاضبة على مثل هذه التصرفات الهمجية المريضة، فصدر قرار بإزالة اللافتات وحذرت الحكومة من يقف وراء تلك اللافتات من مغبة إثارة الفتنة في هذا الموسم، بل وسمحت للبلدية بأن تبقي المخيمات الكبيرة التي أقيمت في مناطق متعددة لإحياء مراسم عاشوراء حتى يوم الثالث عشر من المحرم، في رسالة واضحة لأولئك المرضى بأن الحكومة لا تسمح بأفعالهم الدنيئة، ولا تتهاون مع أي طرف يريد أن يصبّ جام غضبه وأحقاده على المجتمع ككل حتى لو ادّعى أنه يدافع عن الإسلام ويتصدى للشرك والطقوس الدخيلة، وأن تلك الأفكار والأفعال ليست سوى أفعال شيطانية في حقيقتها، ولا يمكن أن يكون مصيرها إلا الخزي والعار.

وكما قلت أيضا، أن الموسم سيشهد دون ريب محاولات وأصوات منكرة تحت عنوان «الفتنة» سيكون مآلها السقوط حتما، ولعل هذا ما بدا من خلال إثارة قصة تحويل منزلين في البسيتين إلى مأتمين غير مرخصين! تبعتها دعوات لشنّ الحرب التي أفسح لها أحد المنتديات المعروفة بتأجيج الخلافات مساحة لا بأس بها!

بغض النظر عن كل ما تقدم، فنحن بخير ولله الحمد في مملكة البحرين، ولا يمكن أن ننكر جهود الدولة في تقديم التسهيلات على اختلافها لإنجاح الموسم، ومشاركة كبار التجار والمؤسسات في دعم المآتم والمواكب، لكن لابد من اليسير من الكلام الصريح حول ظواهر مستمرة منذ سنين، تتطلب شفافية وصراحة في الطرح لكي تتم معالجتها دون الاكتفاء بنفيها على رغم وجودها. من تلك المظاهر، بروز خلافات حول إدارة المأتم أو مسار موكب العزاء يثيرها بعض الأفراد دون إدراك بتبعاتها ونتائجها المضرة، ومنها أيضا رفع اللافتات القماشية التي تحمل عبارات أو مقولات لم يدقق كاتبها فيها جيدا وفيها الكثير من الأخطاء، وبعضها أصلا يثير الفتنة بين أتباع المراجع على اختلافهم! ولا يمكن أن نغفل انتشار المعاكسات والتبرج المتعمد والاستعراضات الكريهة في مواكب العزاء ولا سيما في ليالي الإحياء بالعاصمة المنامة، وتعمد الكثير من الناس لرمي المخلفات وتلويث مسارات المواكب وسد الطرقات بالوقوف الخاطئ. ولا شك في أن الكثير من الخطباء لا يقصرون في القيام بواجبهم الإرشادي في هذا الموسم، لكن ذلك يتطلب تكثيفا وطرحا معتدلا مؤثرا بإيجابية، ويلزم أولياء الأمور بأن يوجهوا الأولاد والبنات لاحترام الذكرى، بل ويتوجب عليهم مراقبة ملابسهم، خصوصا بالنسبة للفتيات اللواتي لا يعرفن من الذكرى إلا (استعراض أزياء). التغيير لن يتم بالسرعة التي نتوقعها، لكن لا بأس من أن يحمل الجميع مسئولية الحفاظ على هذه الذكرى ونشر مبادئها الإسلامية السامية التي ضحى من أجلها سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي «عليهما السلام» وأصحابه وأهل بيته، حفاظا على قيم الدين والإنسانية والخير والعلم والرقي.