شكّ كثيرون في إمكان نجاح المشاركين في مؤتمر المناخ في كوبنهاغن، الذي عقد برعاية الأمم المتحدة، وتواجد أكثر من 100رئيس في مناقشاته الأخيرة، في الخروج بقرارات حاسمة، دع عنك وضع تلك القرارات موضع التنفيذ، لإنقاذ الأرض ومن عليها من كوارث بيئية محققة تطلبت -ولا تزال- تضافر جهود دول العالم أجمع في هذا المجال، خصوصا الدول الصناعية الكبرى، مثل الصين والولايات المتحدة.
وعلى الرغم من مشاركة بعض الدول العربية و«شقيقاتها ورفيقاتها» الأخرى، في اعمال المؤتمر، لكنها، ولعوامل «أخلاقية» وبيولوجية ومصلحية بحتة، بدت غير معنية كثيرا بمناخ الكرة الأرضية، أكثر من اهتمامها بمناخ مزاجها.
وبخلاف دولنا العظمى المنتجة للنفط، فإن جهات عدة، كشركات النفط والشركات الصناعية الكبرى والدول التي تنبعث من مصانعها اكثر الغازات حرارة، حاول إعاقة الوصول إلى أي اتفاق نموذجي يضر بمصالحها، على الرغم من تضارب هذه المصالح مع مصالح سكان الكرة الأرضية، والتي يمارس فيها الغالبية حياتهم بلا مسؤولية مفرطة من خلال الاستخدام السيئ لموارد الأرض الآيلة للنضوب حتما، خصوصا في الدول «الثرية». وقد لجأ كثير من هؤلاء المستفيدين من أنماط الاستهلاك الحالية الى ترويج رسائل على الانترنت، تدعي أنها صادرة عن شخصيات وجهات علمية، تشكك في كل ما يقال عن الآثار السلبية لتغير مناخ الأرض، وأن الأمر لا يعدو أن يكون خدعة من بعض الدول الكبرى! ولكن، غنيّ عن القول أن من واجبنا جميعا كبشر أن نتحلى بقدر أكبر من المسؤولية، وأن نسعى، ولو بالتمني، لكي تعود الدول الكبرى، كالصين والولايات المتحدة بالذات إلى صوابها، وأن تتفق على خطة طموحة وملزمة لجميع الدول، بعد ان أصبحت مناطق كثيرة من الكرة الأرضية مهددة بعواصف غير مسبوقة وفيضانات مدمرة مقابل جفاف قاتل في مناطق أخرى ونشوب معارك، وأخرى على وشك الوقوع، في أفريقيا ودول أخرى بسبب شح المياه. وقد تم اعتبار العقد الحالي المنتهي في نهاية عام 2010 كأكثر عهود الأرض حرارة حتى الآن، وأن هناك سنويا أكثر من 300 ألف ضحية بشرية بسبب التغيرات المناخية.
ان قضية المناخ في العالم لا يمكن أن تحل بمفردها، ويحتاج الأمر إلى تضافر جهود الجميع. وليس صحيحا القول انه ليس بإمكاننا فعل شيء إزاء ظاهرة ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي التي وصلت آثارها إلى الكويت بالانخفاض الواضح في مساحة الأراضي المغمورة من الجزر الكويتية، وبالذات بوبيان، فبإمكاننا مثلا التوقف عن تناول اللحوم والأسماك والدواجن، أو بالتقليل من تناولها على الأقل، والحفاظ على أمن الأرض بتقليل استهلاك مواردها، والتقليل من استهلاك المواد الكيماوية، وغير ذلك كثير، وهذا أقل ما يمكن ان نقوم به!
* * *
• ملاحظة: نهنئ العالم المسيحي، خصوصا المتسامح منه، بحلول عيد الميلاد المجيد، متمنين للجميع السعادة والفرح والسلام في عيد ميلاد سيد السلام.
أحمد الصراف