علي محمود خاجه

الجويهل قال كلامكم

وبغض النظر عن كلامه السيئ والمقدار العالي من الشتيمة التي تتعدى حدود الوقاحة، فإن ما قاله الجويهل ليس بالجديد على المجتمع الكويتي، حتى إن رفض واعتصم وندد الكثيرون.

دعونا نكشف الغطاء عن وجوهنا ونجول في شوارعنا ونسمع كلام بعضنا لبعض، أوليس الشعب الكويتي هو من استحدث مصطلحات «أصيل» و«بيسري» قبل أن نعرف من يكون الجويهل؟ أولسنا نحن من قسمنا معارفنا وأصدقاءنا، بل حتى بيوتنا وجيراننا بناء على الأصل؟ فهذا المطيري يتكدس في هذه البقعة، والعازمي في تلك، والشيعي الأعجمي في هذه، والشيعي الحساوي في تلك، ألم يكن كل ذلك حتى قبل أن يبلغ الجويهل الحلم؟

حتى في وظائفنا وأعمالنا تكون الحظوة لابن القبيلة والفخذ وابن الطائفة والمرجع وابن العائلة، بل حتى في حكومتنا يجب أن يكون ابن القبيلة والطائفة والعائلة حاضرا حتى إن لم يكن الأكفأ، وإن لم تكن القيامة قامت على الحكومة، ألا نتذكر المجلس السابق؟ وكيف أثار البعض زوبعة كبيرة لمجرد عدم وجود جهراوي في المجلس؟

ألم يكن من المنددين لكلام الجويهل والمهددين بمحاسبته أمس أناس ضربوا بالكويت عرض الحائط، واختزلوا كل الكويت في قبائلهم ليجروا انتخابات فيما بينهم قبل الانتخابات الرسمية، وعزلوا بقية الكويتيين عن المنافسة المشروعة في الانتخابات؟

أولم نتابع ما يحدث في الجمعيات التعاونية والأندية من انتخابات فئوية على مر السنين؟ كل ذلك حدث، ولم يزل يحدث بوجود الجويهل ومن دونه، فما الجديد؟ وما الذي أغضب الناس حقا؟ أهو الظهور علانية والبوح بمكنونات الأنفس والممارسات الدائمة لكثير من الكويتيين؟ أم أنها المطالبة الفئوية بعكس اتجاه المطالبات الأخرى؟

لماذا ننافق أنفسنا وندعي الوحدة ولمّ الشمل ونحن أول من نمزقها، قد يقمع الجويهل، وقد يضرب، وقد يقتل، وقد تمنع سمومه من البث، ولكن كل ذلك لن يغير ما في نفوسنا تجاه بعضنا بعضا، فستظل التصفيات الطائفية القبلية العائلية مستمرة في الانتخابات، وسنظل نقسم الناس إلى رافضي وناصبي، وإلى دماء زرقاء وأخرى حمراء، وفي هذه الحال لن ينفعنا وزير إعلام أو داخلية أو رئيس وزراء من تصفية نفوسنا وتغيير مكنوناتها.

ضمن نطاق التغطية:

هل فعلا تملك الحكومة حق منع قناة الجويهل؟ ماذا لو أقام استديوهاته إن وجدت خارج الكويت؟ فماذا سنفعل حينها؟ وكيف لنا أن نعاقبه؟ إن الإعلام بات حراً ولا يمكن التحكم به، ولكن النفوس والعقليات هي ما يجب أن يتغير حقا.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

عندما قارب البلد على الاحتراق

في منتصف يوليو الماضي كتبت مقالا نشرته على مدى يومي الاحد والاثنين 12 و13 يوليو (يمكن قراءته على موقع «الأنباء» عبر النقر على: مقالات أخرى للكاتب) أسميته «جذور الحرب الأهلية الكويتية» بدأته بالتذكير بأن مثقفي ومفكري الدول التي ابتليت بالحروب الأهلية في المنطقة كانوا دائما ينكرون النيران الخافية تحت الرماد ويكابرون عبر القول ان تلك الأمور تحدث فقط لدى الآخرين ولا يمكن أن تحدث أبدا لدينا.

وذكّرت بما حدث بين «الهوتو» و«التوتسي»، وان الحروب تقوم دائما على معطى «أيديولوجيا الكراهية» التي يسبقها عادة إضعاف للروح الوطنية وتعميم الحقد، وحذرت من ربط المسؤولين أسماءهم بأسماء مكروهة في المجتمع، حيث ان الكراهية ستنتقل منها الى من تدعي انها تمثله، واكملت بأن الأمر بالفعل «خطير»، كما حذرت مما يأتي في بعض محطات التلفزة، وكررت المطالبة بالتجريم السريع والمغلظ لمن يساهم في نشر «جرائم الكراهية».

ما حدث مساء أمس الأول هو تماما ما تنبأنا به وبداية خطيرة لما حذرنا منه، وقد اصاب المسؤولون بإيقاف بث بعض القنوات، كما كان جميلا ان تمثل مختلف الطوائف وشرائح المجتمع بالاعتراض والاحتجاج، وقد حان الوقت لإقرار قانون «جرائم الكراهية» الموجود مثله في جميع الدول المتقدمة والمجتمعات الآمنة المستقرة، فلا فائدة من اقرار ذلك التشريع اذا ما تأخر ووصل بعد خراب البصرة.. أو خراب البلد الواقع جنوبها.

وحتى تكتمل الصورة ونحافظ بحق على وحدتنا الوطنية ونمنع من يدغدغنا ويقتات على تفرقنا وتشرذمنا، فعلى الجميع ان يتوحد كذلك ضد من يستقصد باستجوابه واقواله الجارحة ـ كما حصل مرارا وتكرارا في الماضي ـ شريحة معينة من الوزراء النزهاء وغير المتجاوزين مقابل السكوت عن كبار المتجاوزين من غيرهم، ففي مثل ذلك العمل خرق وجرح شديد للوحدة الوطنية.

كما على الجميع ان يقف ضد دعاوى الفتنة التي تطالب البعض منا «بالتوحد» لا ضد أعداء الوطن الخارجيين أو ضد من غزانا، بل ضد شركاء الوطن في الداخل، وعلينا ان نقف جميعا ضد من يقدم انتماء ومصالح الخارج على ولاء ومصالح الداخل، ولنقف كذلك ضد من يعرقل ويوقف مشاريع التنمية في الكويت بنفَس فئوي فيساهم بقصد او بدونه في القضاء على حاضرنا وتسويد مستقبلنا.

إن علينا ان نرفع جميعا شعار «لا مجاملة بعد اليوم» بعد ان قارب البلد على الاحتراق والضياع، ولنرفع الأيدي ضد المتجاوزين ومن يتعامل مع الكويت على أنها بلد زائل سريعا ومحطة وقود تعبأ منها الجيوب قبل الرحيل الأخير، اننا امام منعطف تاريخي ومفترق طرق حرج مرت به أمم أخرى، فإما أن نصحو ونعي ونغير خارطة البناء السابقة التي ادت بنا الى المخاطر والمهالك، أو نستمر في العمل بها وعندها لن يرحمنا التاريخ أو أجيالنا المقبلة.

آخر محطة: بعد أن ثبت أن تغيير الحكومات ومجالس الأمة لم يغير شيئا، ألا يعني هذا الحاجة الضرورية لتغيير الحاشية او البطانة التي ـ كما أخبرتنا تجارب الأمم التي سبقتنا ـ بصلاحها وأمانتها وكفاءتها وسمعتها الحسنة وإخلاصها للمسؤولين يصلح المسار وتنتهي المشاكل ويحصدوا بالتبعية المزيد من المحبة، وبانتهازية البطانة ولعبها على التناقضات وكراهية الناس لها يستمر المسار في الانحدار الى ما لا تحمد عقباه.