محمد الوشيحي

علنيّتكم …
تُرزقون

ناصحاً الحكومة أقول: قدمي استقالتك، وسلّمي عهدتك، واحزمي حقائبك، وودعي جيرانك، واذرفي دمعتين حارتين، ومع ألف مليون سلامة. فنتيجة المعركة السياسية المقبلة معروفة قبل التقاء الجمعين… جيش يتقدم ويطلب النزال، والجيش المقابل يبحث عن طريق للهرب! الجيش الأول يقوده أبطال حروب متمرسون، عجنتهم المعارك الكبرى، وصقلتهم الأيام، فلا يشغلهم دوي القنابل ولا غبار الخنادق ولا هدير الطائرات عن رسم الخطط واتخاذ القرارات الصحيحة، بينما الجيش الثاني «يعتفس» ويرتبك لو سمع أزيز رصاصة يتيمة تاهت عن قطيع الرصاص… الجيش الأول يضع الخريطة أمامه ويتفقد المواقع ويدرس الموقف ويتبادل قادته الآراء، والجيش الثاني يتبادل قادته الولولة والنحيب.

الجيش الأول يدعمه أهل البلد بالخبز والماء وكل ما تحت أيديهم، والجيش الثاني يختبئ قادته وضباطه عن أعين الناس، ويراقبون الأوضاع من خلال ثقب الباب، وإذا جاعوا أرسلوا أحدهم متنكراً يشتري لهم الخبز. الجيش الأول تشكّل دفاعاً عن قضية، والجيش الثاني تشكل بحثاً عن «غنائم حرب»، وستنسحب بعض قواته قريباً لتنضم إلى صفوف الخصوم عندما تدرك أن الغنائم في الجهة الأخرى.

وهنا دعوني أتحدث مع النائب الدكتور محمد الحويلة على انفراد، وهو الذي لم يكشف موقفه بعد، ولا ندري هل يؤيد سرية الاستجواب أم علنيته… الاختباء تحت السرير ليس لأمثالك يا دكتور، فاخرج إلى الناس مكشوف الرأس والجسد، وأرجو ألا تنتظر وصول الحظ لإنقاذك، فالحظ مبتلش بنفسه، ولا يدري مَن ينقذ ومَن يترك، أنت أم المويزري أم الصرعاوي أم الحكومة. والحظ له طاقة محدودة كما تعلم.

أما نواب التجمع السلفي الثلاثة، السلطان والعمير والمطير، فلا أظنهم سيلعبون دور «خوجة»، وهو رجل الدين المعمم في اللغة التركية، الذي يوفّر الفتاوى «للباب العالي» بحسب المواقف. فعندما احتلت بريطانيا اسطنبول، أذعن لها السلطان وحيدالدين حرصاً على عرشه من ضباط الجيش الأتراك، فثارَ الناس، فاستدعى السلطان «الخوجة الكبير»، وهو مفتي الخلافة، وبقية «الخوجات» الكبار، وأمرهم بالتصرف بسرعة، فخطبوا في الناس: «إن احتلال بريطانيا لاسطنبول قضاء وقدر، ومن لا يؤمن بالقدر فقد خرج من الملّة وكفر»، فألقى الناس أسلحتهم وأذعنوا للقدر، الذي هو الجيش البريطاني، إلى أن ثار أتاتورك وهزم البريطانيين. عندها استدعى أتاتورك «الخوجة الكبير»، وسأله: «كيف يترك (القدر) خيامه ومدفعيته ويلوذ بالفرار»؟، فأدرك «الخوجة» أن مصيره الهلاك فقال: «سيدي أنت (قدرٌ فوق قدر)، اغفر لي وسأعلن للناس أنك من سلالة النبي، خصوصاً أنك في صباك رعيت الغنم مثله»، فانتابت أتاتورك هستيريا ضحك حتى كاد يفقد عقله، ورفس «الخوجة» في بطنه، وقال لمن حوله: «أبعدوا هذه القمامة عني». وما إن خرج «الخوجة» حتى هاجمه العامة – بعدما اكتشفوا حقيقته – وأحرقوا لحيته.

لذا أتمنى على النائب خالد السلطان وفريقه أن يفتونا: «هل الشيكات ومصاريف الديوان قضاء وقدر، من ناقشها فقد كفر أم ماذا؟»… أفتونا يا أيها السلف الصالح مشكورين، كما أفتيتمونا سابقاً في فوائد القروض.

على أننا لانزال ننتظر معرفة موقفي النائبين عبدالله الرومي وأسيل العوضي من السرية، كي نقرر هل ننزع أجهزة التنفس عن المريض ليموت ويرتاح، أم أن هناك أملاً في شفائه.

وقبل أن تطلب الحكومة تأجيل المعركة، فتفاجأ بأن «الوقت» انضم إلى صفوف خصومها، أعود لأقول لها: انسحبي يا حكومة حقناً للدماء والأموال، فالمعركة هذه أكبر من قدراتك وطاقاتك وشجاعتك. 

سامي النصف

مملكة الهدوء والحكمة

حضرنا قبل أيام ملتقى قادة الإعلام العربي الأول الذي عقد في مملكة البحرين برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة ونظمته وزارة الثقافة والإعلام البحرينية ووزيرتها المثقفة الشيخة مي آل خليفة التي أظهرت عناية كبيرة منذ ان كانت وكيلة وزارة شؤون الثقافة والتراث والمتاحف في البحرين فحافظت على ذاكرة الأمة عبر حفاظها على تلك المعالم التاريخية الجميلة.

وقد كان التنظيم الذي أشرف عليه أمين عام الملتقى الصديق ماضي الخميس غاية في الدقة، وتمت تغطية الأنشطة بشكل كبير من قبل الصحافة والفضائيات الخليجية والعربية والدولية، لذا لن نتطرق إلى تفاصيل ما جرى منعا للتكرار وانما سنشير الى بعض جوانب المؤتمر وبعض انطباعاتنا الشخصية عن مملكة البحرين التي لم نزرها منذ سنوات طوال.

في الجلسة الختامية التي أدارها باحتراف الزميل د.محمد الرميحي حول مستقبل الإعلام العربي أبدينا تشاؤمنا من ذلك المستقبل كونه جزءا لا يمكن فصله عن الواقع العربي الشامل الذي يظهر انه مقبل على مزيد من التشرذم والتخندق والخروقات الأمنية والأزمات السياسية والكوارث الاقتصادية، إضافة إلى أن البعض كما سمعت من المداخلات الأخرى يعرّف المستقبل المشرق للإعلام بإعطائه مزيدا من الحريات غير المنضبطة دون تحميله أي مسؤوليات مما سيجعله الجسر الذي ستعبر فوقه كل أجندات الخراب والدمار والتشطير والتجزئة القادمة للمنطقة، فنحن أمة لا تستفيد أبدا من أخطائها السابقة ولا تذكر دور الإعلام غير المسؤول فيها.

وقد قمت بجولة بعد انتهاء أعمال المؤتمر في البحرين وسعدت بما رأيت، فذلك الحراك الإعلامي هو انعكاس لنهضة شاملة كبرى تشهدها المملكة منذ ان تولى الملك حمد بن عيسى مقاليد الحكم قبل عقد من الزمن، فالأرض تتسع عبر عمليات ردم البحر، والمشاريع الإنمائية الضخمة والبنى الأساسية تسير بحركة سريعة منتظمة لم توقفها الأزمات العالمية كونها قد درست بعناية بالغة لم تترك شيئا للصدفة.

والجو العام في المملكة مريح ويمتاز بالهدوء والحكمة، فلا ضجيج ولا صراخ يوجع الرأس كما هو الحال لدينا، والأرقام الدولية التي ترصد مؤشرات الاستقرار السياسي والانفتاح الاقتصادي وقضايا الشفافية وغيرها تضع المملكة دائما في المقدمة حتى ان تقريرا دوليا لبنك «اتش اس بي سي» وضع البحرين في المركز «الأول» في العالم قبل كندا واستراليا واميركا كالدولة الأكثر حميمية للوافدين لأرضها، لذا فالمقال هو دعوة لمن لم يزر البحرين القريبة والمحبة لزيارتها للتمتع بهدوئها وبمشاريعها التنموية وأسواقها القديمة وإنجازاتها… وما أكثرها!

آخر محطة:

أقام الزميل أحمد الجارالله حفل غداء للوفود المشاركة في منتجع «البندر» الذي أقامه بالبحرين بعد ان نشف حبر قلمه وجفت صحفه وهو يدعو لإعطاء المستثمرين فرصة العمل بالكويت، وقد سرّت وانبهرت الوفود بما رأت، وهي دعوة أخرى لمن سيزور البحرين لأن «يبندر» في البندر ويستمتع بالماء والخضرة والوجوه الباسمة والخدمة المميزة للعاملين في المنتجع.

احمد الصراف

كفاح العميري والفلاح

لا ادري لماذا اتذكر دائما السيد يوسف العميري، الذي عين نفسه وبعض افراد اسرته مشرفين على اعمال «بيت الكويت للاعمال الوطنية»، كلما قرأت خبرا عن انجازات السيد عادل الفلاح، وكيل وزارة الاوقاف، الذي لا يكل ولا يمل من تقديم مشروع ضخم وفخم ليلحقه بآخر اكثرعظمة وفخامة، فمن مشروع الوسطية الى شقيقه الاكبر المركز العالمي للوسطية الى تابعهما «مشروع علماء المستقبل» وهلم جرا، وكأنه شعلة ابداع ونشاط ومصدر نور لا ينتهي. اكتب ذلك بمناسبة التصريح الاخير للسيد الفلاح في جريدة السياسة، (26 ـــ 11)، والذي اعلن فيه ان 2150 شخصا تقدموا لشغل وظيفة إمام، وان 29 فردا فقط تمكنوا من اجتياز اختبارات القبول الشفهية والتحريرية. وهذا يعني نسبة اقل من واحد ونصف في المائة، مقارنة بأكثر من ضعف تلك النسبة في معهد الهند للتكنولوجيا ITT، وهو اختبار القبول الاصعب في العالم اجمع!
وذكر السيد الفلاح في تصريحه كذلك ان اعتماد هؤلاء تم مواكبة لزيادة جمهور المصلين واعداد المساجد! ثم يبدو انه نسي ما ذكره في البداية، حيث صرح قبل النهاية ان هؤلاء «الأئمة» سيكونون جاهزين في وقت الحاجة اليهم (!).
أما اجمل واكمل ما تضمنه تصريح السيد الوكيل فقد كان قوله ان وزارته، التي «كوّش» حزب الاخوان على مقدراتها منذ سنوات، تهتم بتوظيف الائمة والمؤذنين وتسهل تأهيلهم تأهيلا مهنيا عن طريق عقد دورات تدريبية وحضور مؤتمرات خاصة لهم في المساجد وتبادل خبراتهم مع الدول الاخرى(!) فهل اصبح المؤذن في زمن السيد الوكيل من الخبرات النادرة بحيث اصبح يحتاج الى دورات خاصة وتأهيل مهني واقامة مؤتمرات وتبادل خبرات مع الدول الاخرى؟ وكيف لم يكن الامر كذلك منذ الدعوة المحمدية قبل اكثر من 1400 عام وحتى يوم 26-11-2009؟
والاهم من كل ذلك اين ذهب عشرات آلاف الكويتيين الذين انهوا دراساتهم في المعاهد الدينية في الكويت ومصر والسعودية، وآلاف غيرهم ممن صرفت الدولة مئات ملايين الدنانير على تحصيلهم الدراسي والذين انهوا دراساتهم الجامعية في الكويت وغيرها من جامعات الدول الاسلامية في مواد وتخصصات الشريعة؟ فهل اصبحوا جميعا محققين في الداخلية، او في انتظار الوزارة مثلا؟

أحمد الصراف
[email protected]

سعيد محمد سعيد

مدينة عريقة…تتحدى الطائفية

 

أكثر من حادثة «طائفية» شهدتها مدينة المحرق، على مدى سنوات خلت، لكنها لم تتمكن من شق صفوف أهاليها، ولم تترك من الآثار السلبية، إلا ما علق في رؤوس مثيريها فقط!

ومع ذلك، لا يمكن الجزم بأن الممارسات الطائفية التي تهدف إلى اشعال نار فتنة وصراع بين أهالي المحرق ستنتهي بعد حين، إلا أنه يمكن الجزم بأنها ستفشل، فإذا كان هناك من ينوي الاستمرار في فعله الطائفي، فليختصر على نفسه العناء والشقاء والمرض النفسي، ولا بأس من أن يخزي الشيطان، ويعود الى صوابه، ذلك أن ما سيقوم به من عمل، سيكون مآله الفشل وبئس المصير.

وإذا كان الاحتفال بزواج 100 عريس من الطائفتين الكريمتين يوم الجمعة الماضي، يقدم نموذجا لمدينة عريقة تتحدى الطائفية، فإن ثمة أمر لا بد من الإشارة إليه باعتباره السبب الأقوى في تحصين المدينة من أوجاع الممارسات الطائفية، وهو أن أهالي المحرق، وخصوصا علماء الدين والشخصيات والمثقفين من الطائفتين الكريمتين، يدركون أنه من الواجب التصدي لأي بوادر فتنة كائن من يكون صاحب اليد المحرك لها.

لقد كان لرجال المحرق المخلصين، مواقف وطنية ثابتة في قراءة كل تحرك أو ممارسة تستهدف إثارة الفتنة في مدينة تعتبر النموذج الأول للتعايش بين الطائفتين في البلاد، ولا تزال اللقاءات مستمرة بين شخصيات ووجهاء وعلماء الدين في المحرق متواصلة، بل ويمكن القول، إن غالبية مجالس المحرق الشهيرة لأكبر وأعرق عوائلها، هي اليوم بمثابة حائط الصد لأي ممارسة أو فعل شرير ينوي بالمحرق وأهلها شرا، وقد سنحت لي الفرصة لحضور الكثير من اللقاءات في تلك المجالس، في ظروف عاصفة مرت بها المدينة كحادثة عراك الحالة، ومقتل المرحوم مهدي رمضان، وحادثة الكازينو، واثبت أهل المحرق أنهم لن يقبلوا بأي ممارسة خبيثة تقسمهم الى فرق ومذاهب وأحزاب، إيمانا بضرورة القيام بالمسئولية الوطنية والدينية للتصدي لكل من تسول له نفسه العبث بالتلاحم الاجتماعي والنسيج الذي يربطهم مع بعضهم البعض.

لقد عاشت المحرق ليلة من ليالي الفرح والسرور بحضور أهلها من الطائفتين، ولم تسمع في تلك الليلة، إلا أصوات الخير والمحبة، أما أصوات النشاز فكانت غائبة، وستغيب على الدوام، لكن لابد من التأكيد على أهمية أن (التربص المريض)لاستغلال بعض الحوادث وتأجيج المواقف بناء عليها، يتطلب قطع الأيدي التي لا تزال تنوي شرا، فاستهداف المحرق هو استهداف لنموذج وطني فذ، ولا تكفي حسن النوايا فقط للركون الى العافية.

ألف مبروك للعرسان وذويهم، وألف مبروك لأهالي المحرق جميعا على هذا العطاء البحريني الأصيل الذي تستمد منه البحرين كلها، عطاءها وكرمها