سامي النصف

إذا كنا جميعاً نحبها فمن يسرقها؟!

في قصيدة خالدة لأمير الشعراء أحمد شوقي يذكر بسخرية شديدة ـ تحولت فيما بعد إلى واقع مرير لدينا ـ قصة صاحب الكلب الذي يذرف الدمع مدرارا على كلبه الذي يموت أمام عينيه من الجوع إلا انه يبخل عليه بقطعة صغيرة من الخبز الذي يحمله بيديه قائلا «إلى هذا الحد لم تبلغ مودتنا»!

علاقة كثيرين بالكويت المظلومة تتطابق كثيرا مع مقولة صاحب الكلب، فالكل يدعي وصلا وحبا وهياما بالكويت ويذرف الدمع الساخن عليها إلا ان مودتهم للكويت لا توقف قط سرقاتهم لها وتفريطهم الشديد في أموالها، فالسرقة الكويتية هي للعلم الأسوأ في العالم حيث لا يمانع السراق في تضييع مئات وآلاف الملايين من الأموال العامة كي يدخل جيوبهم مليون أو اثنان.. قبل البكاء على الكويت.. وبعده!

ومن خصائص السرقات الكويتية التي تميزنا كذلك عن سرقات العالم أجمع والتي تظهر وبحق ان من يدعي حب الكلب هو من يروم فعلا قتله وموته، ظاهرة عدم الاكتفاء بهدر وسرقة المال العام بل الإصرار على ألا يكون هناك شيء يستحق بالمقابل، لذا يتم الحرص على شراء أسوأ أنواع مواد البناء والمعدات والمضخات… إلخ حتى ننتهي دائما بخرائب وأطلال دون فائدة.

ومن أكبر دلائل الرغبة الحقيقية في موت وقتل الكويت عدم محاسبة ـ ان لم نقل مكافأة ـ من يضر بها عبر سرقة أموالها العامة والخاصة، فمشاريعنا الكبرى هي سرقات كبرى، وشركاتنا المساهمة وأسواقنا المالية هي أمكنة مشاعة ومباحة للنهب والسلب والنصب دون حسيب أو رقيب، وهل سمع أحد قط بمساءلة أو محاسبة واحدة لمن دمر البلد أو أضر به؟! وهل شهد التاريخ بلدا ترتكب فيه مثل تلك الجرائم العظمى دون القبض ولو مرة واحدة على الفاعلين؟!

ومن الدلالات الأكيدة على عدم حب البلد محاربة الأكفاء والأمناء والمنجزين والمخلصين له، وتدليل وتقريب المستغلين والمدمرين وتسليمهم المراكز الرئيسية والمفصلية التي تضمن وصول خرابهم المالي والإداري لكل ركن من أركان الدولة، وقد كشف ذات مرة ان سقوط دولة عظمى كالاتحاد السوفيتي قد تم على معطى تجنيد أعدائها لبعض مسؤوليها وتوصيتهم بشيء واحد فقط هو إبعاد الأذكياء والأكفاء وتسليم المناصب لغير المؤهلين، الاتحاد السوفيتي أسقطه الأعداء أما بلدنا فيدمره كل يوم من يدعي الوصل به ولا حول ولا قوة إلا بالله.

آخر محطة:
 
(1) اذا كان الجميع يدعي حب الكويت والإخلاص لها فمن حقا يقوم بسرقتها وتدمير مستقبلها؟!

(2) من يحب الكويت فعلا لا قولا يخلق ويفعّل آليات محاسبة شديدة للمتجاوزين والمتلاعبين في السلطات الثلاث ودون ذلك.. على الكويت السلام.

احمد الصراف

وفاء هلال.. وحُلم يوسف!

كتب الطبيب الإنسان هلال الساير، وزير الصحة، مقالا في «القبس» نعى فيه الدكتور الهندي جاكوب أومن، الذي خدم في الكويت لسنوات طويلة. ولم يتردد الدكتور الساير في مقاله من الاعتراف بأنه كان أحد تلاميذ د. أومن، وكيف أنه وجيلا كاملا من أطباء الجراحة تدربوا عنده وتعلموا على يديه الكثير. كما بيّن في مقاله مدى تفاني د. أومن وإخلاصه، وكيف كرمته الحكومة قبل الغزو الصدامي القبيح، وأرسلته لتلقي العلاج لقلبه في الخارج. كما قام د. هلال الساير بنشر نعي في عدد من الصحف تضمن إشادة بمناقب الدكتور أومن وفضله على الكثيرين من أطباء ومواطنين ومقيمين! ومن المحزن القول، وربما الجزم، أن -المرحوم- جاكوب أومن لم يكن ليتلقى هذه اللفتة وتلك الإشادة لو كان وزير الصحة شخصاً آخر، خاصة من جماعة الغم والهم وناكري جميل الغير وإحسانهم، خاصة أن الجميل صادر من غير الجماعة ومن خارج الحظيرة!
فشكراً يا دكتور هلال لكلمتك ونعيك، فقد كان الدكتور أومن خير صديق للكويت وأهلها، فقد خدمها بأفضل ما يمكن وقضى فيها زهرة شبابه، وعرفناه عن كثب، وكان سيعود ليعمل ويموت بها، لولا أحداث الغزو التي منعته وقتها من العودة للكويت.
وفي السياق نفسه تقريبا، ورد في «القبس» 23/11، من مصادر في جامعة الكويت أن قانون منع الاختلاط الجامعي سيكلف الدولة 300 مليون دينار، أي ما يزيد على مليار دولار، بسبب الاضطرار الى إنشاء مبان منفصلة للذكور وأخرى للإناث، في كليات المدينة الطبية في جامعة صباح السالم في الشدادية! وما يجعل الأمور أكثر تعقيدا أن أعداد الطالبات أكثر من الطلاب بكثير، كما ان الفصل سيتسبب في تأخير الإنجاز وافتتاح الجامعة لسنتين أخريين، وكل ذلك لأن فكرا متخلفا شاء أن تكون حالنا تعليميا غير حال بقية دول العالم الإسلامي، ويا صديقي يوسف الجاسم يبدو أن حلمك قد تأخر تحقيقه أكثر وأكثر!

أحمد الصراف
habibi [email protected]