اليوم: 3 ديسمبر، 2009
الصقر والعادات والتقاليد
لو وضعنا الصقر الجراج أو الحوام Buzzard في قفص أبعاده 6x20x8 أقدام.. ومفتوح من أعلى فان هذا الطير، بالرغم من قدراته الكبيرة في الطيران، سوف يبقى سجين ذلك الخن الصغير، لأن هذا النوع من الطيور يبدأ طيرانه من الأرض وحتى علو 10 الى 12 قدما، وعندما لا يجد مهربا يعود للأرض ولا يحاول أبدا النظر للسقف المفتوح من أعلى.
كما ان الخفاش بقدراته العجيبة لا يستطيع الطيران من سطح منبسط، بل يحتاج لأن يتسلق شيئا أو مكانا مرتفعا لكي يرمي بجسمه في الفضاء وينطلق. ولو ألقينا بنحلة طناطة، الكبيرة الحجم، في وعاء فانها تبقى فيه باحثة عن مخرج حولها، ولا تفكر ابدا بالنظر الى اعلى الوعاء المفتوح والخروج منه، وتبقى هناك حتى تموت. والبعض منا يشبه في تصرفاته ذلك الصقر الحوام أو الفراشة الطنانة أو الخفاش، في طريقة تعاملنا مع مشاكلنا وخيبات أملنا غير مدركين أن كل ما هو مطلوب منا هو النظر الى اعلى، فهو طريق الهرب والخلاص، والحل لأي مشكلة، أي التفكير بطريقة غير تقليدية، ورفض البقاء في قفص «العادات والتقاليد»، خاصة البالي والسخيف منها، فهذه العادات والتقاليد لم تكن لتصبح كذلك لو لم يفكر من ابتدعها في الخروج مما سبقها من عادات وتقاليد، فلكل زمان «عاداته وتقاليده»، ونحن عندما نتحسر على ما اختفى منها لا ندرك أن من سبقنا قال الشيء ذاته، كما سيتحسر على عاداتنا وتقاليدنا الحالية من سيأتي بعدنا، وبالتالي من المهم الفكاك من أسرها الآن والانطلاق الى رحاب الحرية والإبداع، ففيها وحدها يكمن الخلاص من أسر الماضي وارهاصاته النفسية المقيدة لحركة العقل.
يقول مايك جورج، خبير التأمل والروحانيات، نقلا عن تجارب شرقية قديمة، اننا مهما فعلنا فاننا لا نستطيع تغيير الآخرين، ان لم يكونوا يرغبون في ذلك. وان علينا ان نتوقف، أو نضع نقطة على السطر، فور قيامنا بالشكوى من وضع معين أو توجيه اللوم للآخرين، فهاتان العادتان تحطمان ما نمتلك من قوة داخلية، لأن الشكوى والقاء اللوم تبينان اننا نتوقع الحل والتغيير من الآخرين. والأفضل أن نغير ما بأنفسنا قبل أن نبدأ بالطلب من الآخرين أن يتغيروا، وهو أصلا أمر لا يمكن تحقيقه.
وفي هذا الموضوع تقول آني تنزن بالمو، وهي راهبة بوذية من أصل بريطاني تعيش في الهند، في كتابها «ترياق الغضب» نقلا عن شانتيديفا البوذية العالية الثقافة، والتي عاشت في القرن الثامن، ان الارض تمتلئ بالحصى والصخور والأشواك، فكيف يمكن أن نحمي أصابع أقدامنا من الجروح والآلام؟ هل سنقوم بفرش سجادة على سطح الكرة الأرضية بكاملها؟ لا يمكن بطبيعة الحال فعل ذلك، وعليه يكفي ان نأخذ قطعة من الجلد ونغطي بها بطحات أرجلنا، كنعال او أحذية، وهنا نستطيع السير أينما نشاء، وهذا يعني اننا في غنى عن تغيير العالم والناس حولنا، ليكونوا طبقا لمواصفاتنا، فهناك البلايين من البشر ولكن هناك واحدا «أنا»، فكيف بإمكاننا منفردين دفع العالم ليقوم بفعل ما نرغب فيه؟! أليس من الأسهل أن نتغير نحن قبلها، وان ننظر برحمة لمن يتسبب في إيذائنا وشعورنا بآلام وان نعتبره صديقاً، فمثل هؤلاء هم الذين يساعدوننا في أن نتعلم وأن نتحول.. للأحسن؟!
أحمد الصراف
habibi [email protected]
أنصاف معلمات!
تواجه شريحة من المعلمات اللواتي يطلقن على أنفسهن اسم «معلمات النصف»، وهن أولئك المعلمات اللواتي يعملن في مدرستين، ظروف عمل تتطلب نظرة من قبل المسئولين، لذلك، فهن يعلقن آمالا على أن تصل شكواهن إلى وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي، وهن على ثقة أيضا، بأن الملاحظات التي يطرحنها ستلقى اهتماما من قبل الوزير.
أنصاف المعلمات، هن أولئك اللواتي لديهن نصاب قليل في المدرسة التي يعملن بها، ووفقا لنظام متبع، يتم نقلهن إلى مدرسة أخرى، في بعض الأيام، وهو وضع يشق عليهن كثيرا لعدة أسباب أهمها:
– تعدد المناهج، فنصف المعلمة، تضطر إلى التحضير ووضع امتحانات في كلا المدرستين.
– كثرة الأعباء والأعمال الملقاة على عاتقهن من كلا المدرستين.
– تعدد الأمزجة الإدارية لكلتا المدرستين، فكلاهما تعتبران المعلمة ملكا خاصا للمدرسة، يجوز التصرف فيها كيفما تشاء، ولا يجوز للمعلمة التذمر، ولا حتى قول (لا)!، والسبب كما ذكرت إحدى المعلمات، أن مديرة بإحدى المدارس قالت، وربما خانها التعبير، إن الوزارة (اشترت) المعلمة، وعليها أن تعمل ليل نهار!
– الكمية الكبيرة من الملفات والامتحانات التي تحملها المعلمة معها إلى المنزل لتصحيحها، ورصد درجاتها والتي تسبب الكثير من العبء الأسري والاجتماعي وكذلك النفسي.
– التكلفة المادية التي ترهق (نصف المعلمة)، إذ تصرف المبالغ لتوفير الأحبار والأوراق ولوازم أخرى كثيرة تضطر لتوفيرها لكسب الوقت نظرا لضيقه في كلتا المدرستين.
– معاملة بعض مديرات المدارس للمعلمة النصف التي تعمل بمعدل يومين لديها، وكأنها ترتكب مخالفة إدارية كبيرة لأنها لم تتواجد في الأيام الأخرى.
– الضغط النفسي الكبير على أنصاف المعلمات من قبل بعض المديرات، إذ تضغط بعضهن على هذه المعلمة وتحملها الكثير من المسئوليات.
وما لا شك فيه، فإن نظاما كهذا، لابد وأن يكون له تبعات متعددة وسلبيات، لكن، لابد من التأكيد على أن واجب المعلمة المقدس، سواء كانت معلمة (كاملة) أو (نصف معلمة)، يلزمها القيام بدورها الوطني في أداء دورها في تعليم أبنائنا وهذا ينطبق أيضا على المعلمين الذكور، ومع ذلك، فإنه من الأهمية بمكان أن ينظر المسئولون بالوزارة، إلى الملاحظات التي تطرحها (أنصاف المعلمات) والعمل على تصحيحها بغرض الاستفادة من جهد كل معلمة بحيث تتمكن من العطاء بشكل أفضل.
ويبدو أن قائمة معاناة المعلمين والمعلمات طويلة ومتشعبة وبعضها معقد، وكلما طال أمد بقاء تلك المعاناة، كلما تضرر الأداء في المدارس، ولعل المسئولين بوزارة التربية والتعليم أكثر اطلاعا منا على حقيقة الوضع، وكذلك، هم الأخبر بما سيتم اتخاذه من خطوات لتصحيح بعض الأوضاع الخاطئة، وسنكون سعداء بالاطلاع عليها.