تحدثت ذات مرة مع مستشار اقتصادي كويتي حول ما يجري في احدى امارات الخليج موضحا النهاية الكوارثية التي تتجه إليها، حيث ستبلغ الفقاعة العقارية مداها نظرا لعدم منطقية بناء اكبر المولات والمطارات والمباني في بلد لا يزيد عدد سكانه عن المليون نسمة، ما ان انتهيت من الحديث حتى عقّب بالقول «مثلي الاعلى هي تلك الامارة وليتنا نصل الى عشر ما عملته».. ولا حول ولا قوة الا بالله.
لا أعلم لماذا سمحنا للامانة العامة للجامعة العربية بمحاولة افشال أول قمة اقتصادية عربية وجعل قراراتها كحال قرارات القمم السياسية أي حبر على ورق، وذلك عبر تقديم مشاريع «وهمية» لا يمكن انجازها كحال انشاء سكك حديدية تربط الخليج بنواكشوط الموريتانية وشمال العراق بجنوب الصومال! الآن وبعد مرور عام على القمة هل تم انجاز متر واحد من مشاريع السكة الحديدية التي يفترض ان يتجاوز طولها 45 ألف كم؟ وهل خصص دولار واحد لمثل تلك المشاريع؟ ألم يكن من الافضل ان نطلب منهم استبدال ذلك «الوهم» بالربط البري «الواقعي» وعبر تحسين كل دولة عربية لشبكة الطرق التي تربطها بالبلد العربي المجاور؟!
وما دمنا في الامانة العامة للجامعة العربية، فهناك أزمة كبرى بين اكبر دولتين عربيتين هما مصر والجزائر، وهناك حرب دامية تشارك فيها قوات دول عربية كبرى كالسعودية واليمن، وهناك إشكال سياسي ضخم في دولة بحجم العراق ومثله اشكال اقتصادي في دبي بدأ يؤثر على العالم أجمع، فهل سمع أحد بتحرك للامانة لحل تلك الاشكالات أو لتخفيف حدتها وضررها؟ اصبح لدينا يقين بأن الامانة العامة تسعد بالجلوس متفرجة على تلك الكوارث متمنية المزيد منها!
هناك مشاريع ثقوب اقتصادية سوداء ستجتاح المنطقة العربية الممتدة من الخليج الى المحيط ستكون محاورها سقوط وإفلاس دول وشركات وبنوك ومشاريع ورجال اعمال من العيار الثقيل، وسيفقد العرب بالتبعية سلاح المال الذي ضيعوه بسبب فقدان الحكمة والتخطيط طويل المدى والتركيز على قضايا البهرجة والمظاهر، وقى الله الجميع شر تلك الثقوب التي بدأت سحبها الداكنة تظهر في أفق الخليج مهددة بسقوط امطار خراب ودمار لا تبقي ولا تذر.
آخر محطة:
(1) نرجو أن يكون أساس التنمية في البلد هو صرف الاموال على مشاريع تأتي بالاموال التي قد يشهد المستقبل شحا شديدا فيها بسبب انخفاض حاد في اسعار النفط.. فالحكمة الحكمة.
(2) يجب ان نعلم في المرحلة الحرجة المقبلة ان الذكاء والمعرفة والحكمة الموجودة لدى بعض كبار السن اكثر كفاءة وقدرة على التنبؤ المستقبلي للاحداث من بعض اصحاب الشهادات التخصصية الكبرى التي يمكن ان تباع وتشترى و… بأبخس الاثمان!