اليوم: 1 ديسمبر، 2009
أفيون حاكيني.. أفيون داويني!
قليلة تلك المجتمعات المتشددة دينياً التي بإمكانها تحريم تعاطي المخدرات من منطلقات دينية، بل تحرمها قوانينها الوضعية بسبب أضرارها الاجتماعية المدمرة على البشر والمال العام، وهذه نظرة حديثة نسبياً لمخاطر المخدرات، نظراً لطول معرفة الانسان بالمخدرات ومعايشته لها عبر التاريخ، من دون ما يمنع الادمان عليه.
في تقرير للـ«سي.إن.إن» CNN عن زراعة المخدرات في أفغانستان ورد أن الأفيون الأفغاني قتل من مواطني دول حلف الناتو في سنة واحدة أكثر مما قتله مسلحو «طالبان» منهم في السنوات الثماني الماضية! فقد قدرت الأمم المتحدة ضحايا الهيرويين والأفيون والمورفين بــ15 مليونا من البشر، من خلال تجارة تزيد على 65 مليار دولار، ويعتقد أن حركة طالبان جنت في السنوات الأربع الأخيرة ما بين 450 مليونا و600 مليون دولار ضرائب على مزارعي الخشخاش في أفغانستان، وأن جزءا من هذا المبلغ ذهب لجيوب مسؤولين حكوميين أفغان، والمشكلة في تفاقم مستمر، فأموال المخدرات تمول العمليات الارهابية في وسط آسيا، بعد أن تحول طريق الحرير لطريق الأفيون. وعلى الرغم من عظم الكميات المهربة من هذه المادة، لكن سلطات الدول المعنية لا تصادر الا كميات قليلة منها لا تزيد على 20%. كما حذر تقرير للأمم المتحدة من أن كميات من الأفيون تعادل انتاج سنتين قد تم تخزينها، وأن 12 ألف طن من هذا المخدر، التي يمكن استهلاكها كما هي أو تحويلها الى هيرويين، قد اختفت في سبتمبر الماضي. ولا يبدو واضحاً من يمتلكها، ولماذا قام بتخزينها سراً؟! ولكن يمكن الاستنتاج أنها «حجزت» للحفاظ على الأسعار من جهة، وكاحتياطي مستقبلي لتمويل العمليات الارهابية من حاصل مبيعاتها من جهة اخرى. وبين تقرير الأمم المتحدة أن الروس والأوروبيين عموماً يستهلكون نصف ما تنتجه أفغانستان من أفيون، وأن ايران (الدولة الاسلامية الأكثر تشدداً التي فيها أكبر عدد من رجال الدين) هي أكبر دولة مستهلكة للأفيون الأفغاني. كما أن حصة الأفيون في السوق الصيني في ازدياد مستمر. وهذا يضع أفغانستان، التي تتحكم حركة طالبان الدينية الأصولية الاسلامية، في جميع مزارع مخدراتها، هي أكبر منتج للأفيون في العالم، مع حصة صغيرة للاوس وبورما وبعض دول أميركا اللاتينية.
وعلى الرغم من عدم وجود ما يؤكد انتشار الأفيون الأفغاني في الأسواق الأميركية والكندية، لكن من المعروف أن هذين السوقين يستهلكان كميات أكبر بكثير مما تنتجه دول أميركا اللاتينية، وهذا يعني أن الأفيون الأفغاني له موضع قدم صلب في شمال أميركا، أو أن المكسيك وكولومبيا تنتجان كميات أفيون أكبر بكثير مما هو معروف.
نكتفي هنا بهذا القدر من الكلام عن المخدرات التي ربما كنا من القلة من جيل ستينات القرن الماضي، وفي فورة حركة الهيبيز، التي لم نعلق بتلابيبها لا من خلال شمة ولا ضمة أو حتى لمة، على الرغم من أننا كنا لفترة طويلة في قلب وعقل مناطق استهلاكها في بريطانيا.. العظمى!
أحمد الصراف
[email protected]