احمد الصراف

عقليات الدعاة والمبشرين

من الظواهر الغريبة التي لا تصعب ملاحظتها أن غالبية المتشددين من الدعاة والمبشرين الدينيين، من مسلمين ومسيحيين، المعنيين أكثر من غيرهم بــ«هداية وتبشير» غير المنتمين لديانتيهم، جهلهم بالكثير من حقائق الحياة التي لو علموا بها لكانت البشرية في حال أفضل، ولكان السلام أعم وأشمل. ومن هذه الحقائق أن سكان الكرة الأرضية، الذين وصل عددهم لأكثر من 6.8 مليارات، يتبعون عشرات آلاف الأديان والمذاهب واللغات والثقافات، وهم غالبا راضون بايمانهم ومعتقداتهم سعداء بعاداتهم وتقاليدهم. وربما لا يعلم غالبية هؤلاء الدعاة أن الأرض مثلا تزيد مساحتها على 510 ملايين كيلومتر مربع، منها 18 ألفا للكويت، وأنها تبعد عن الشمس، في أقصى نقطة، أكثر من 152 مليون كيلومتر، وأن الأرض وجدت قبل 4.54 مليارات سنة، وظهرت الحياة عليها بعد مليار عام، ومن المتوقع أن تنتهي الحياة على الكرة الأرضية، بتأثير من الشمس، خلال 1.5 مليار سنة، وأن سنة الأرض تبلغ بالضبط 365.256366 يوما. وأن في الصين مليارا و300 مليون نسمة، غالبيتهم العظمى على غير استعداد لتغيير قشة في نمط حياتهم، دع عنك تغيير معتقداتهم، فهكذا كانوا لستة آلاف سنة، وهكذا سيبقون رضي الدعاة والمبشرون أم رفضوا. كما أن تفاوت أطوال الليل والنهار وتفاوت درجات حرارة الأرض التي تبلغ في أدنى درجاتها 98 بالناقص وترتفع لما فوق 57 مئوية بقليل تجعل من الصعب، ان لم يكن من المستحيل، أن نسيّر البشر على نمط ونظام واحد، مهما اعتقدنا بصحته. وما زال بين هؤلاء الدعاة من لا يود أن يصدق أن الأرض تدور حول الشمس وحول نفسها، وليس كما ورد في بعض الكتب الدينية من أن الأرض ثابتة وبغير ذلك سيختلط على المسلمين مثلا اتجاه الكعبة خلال اليوم الواحد عدة مرات! كما لا يعلم هؤلاء المبشرون والدعاة، الذين يستميتون لهداية بقية أهل الكرة الأرضية، بأن من المستحيل فعل ذلك، حتى لو أحببنا، وأن عدد المسلمين الحالي الذي يقل قليلا عن عدد المسيحيين لا يعني الا أن السباق على كسب المزيد من الأتباع والمهتدين لن يعني شيئا في نهاية الأمر، خاصة أن كم البسطاء والمسحوقين من البشر الذي يكسبه كل طرف الى جانبه في كل عام لن يغنيهم عن شيء ان كان لضآلة الأعداد أو تواضع المستوى العلمي والمالي والثقافي للمهتدين الجدد، وأن من الأفضل بكثير صرف كل هذا الجهد والمال على رفع مستوى المسلمين والمسيحيين ليكونوا أكثر محبة وتقاربا بعضهم لبعض، بدلا من كسب أناس جدد لكل دين، فالعالم سيكون حتما في حال أحسن لو تركنا بعضنا بعضا نعيش مع معتقداتنا ولا نسفه ونحتقر ونسخر من معتقدات الآخر! ولكن كيف يمكن اقناع تجار الدين ورجاله بمثل هذا الكلام الواضح والبسيط، وأن ليس بامكان أحد اقناع الطرف، أو الأطراف الأخرى، بأنه يمتلك الحق الأوحد والصحيح. ولو تمعنا في نتيجة عشرات مؤتمرات التقارب المسيحي والاسلامي، دع عنك بقية الديانات الأخرى، لوجدنا أن النتيجة كانت دائما صفرا. فاذا كانت هذه نتيجة عشرات اجتماعات المتعلمين والمثقفين، فما الذي سيكون عليه الوضع لو تولى الأمر السفهاء وأنصاف المتعلمين منا ومنهم، وهم ليسوا ببعيدين عن بلوغ هذا الهدف..؟!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

مأجورين

 

عام بعد عام، تثبت مملكة البحرين أنها الدولة الخليجية والعربية والإسلامية الوحيدة التي تتصدر قائمة الدول في اهتمامها بإحياء ذكرى عاشوراء الحسين (ع) من دون توقف منذ مئات السنين، وهذا التواصل الكريم في إحياء الذكرى المجيدة يمثل أصدق صورة لوحدة المجتمع البحريني الذي لم تتمكن حوادث تاريخية متفرقة وقعت هنا وهناك من تغييب هذه الذكرى عن الوجدان، أو عن ارتباطها الوثيق بأصالة المجتمع البحريني بكل طوائفه.

ووفقا لما نشرته “الوسط” يوم الأحد الماضي الذي صادف العاشر من المحرم، في صفحة القرية، فإن قرى البحرين عرفت المجالس الحسينية منذ قرون مضت، ويذكر الكثير من الخطباء والمؤرخين أن أهل البحرين سنة وشيعة، كانوا يمتازون بحب أهل البيت (ع)، والاشتراك في إحياء مراسم الذكرى، وكانت المجالس الحسينية قديما تقام في البيوت أو المساجد أو العرشان والغرف الخشبية، ثم تطور الوضع ليتأسس المأتم بإشراف الأوقاف، وتشير بعض المصادر الى أن أول حسينية تأسست في البحرين كانت في العام 104 هجرية لبني تميم أو زيد مناة، وآراء أخرى ذهبت الى أن جماعة يرجع نسبهم الى عبدالقيس هم من أسس أول حسينية.

موسم عاشوراء هذا العام كان متميزا بدرجة تصاعدية أعلى من السنوات السابقة، وهذا ما سيكون عليه الحال في السنوات المقبلة بعون الله، فكل الأجهزة الحكومية الخدمية، وهي تستحق كل الشكر والثناء، عملت على قدم وساق لتوفير كافة التسهيلات والمتطلبات التي أسهمت في نجاح الموسم بهدوء وبمشاركة ضخمة من المعزين، في حين لم يقتصر النشاط العاشورائي على الحسينيات والمواكب العزائية، ليتطور النشاط الثقافي من مشروعات كبيرة كمشروع (عاشوراء البحرين) بجمعية التوعية الإسلامية تحت شعار “نحو أخلاق الحسين”، ومهرجانات عاشوراء التي شهدتها مختلف القرى، ومشاركة الجمعيات واللجان كجمعية المرسم الحسيني والتصوير الضوئي ومهرجان عاشوراء الفني للفنان عباس الموسوي وغيرها الكثير مما لا يعد ولا يحصى بدءا بحملات التبرع بالدم والأنشطة الفنية والثقافية والاجتماعية انتهاء عند جمع المساعدات المالية للأسر المحتاجة.

في البحرين، تمثل ذكرى عاشوراء موسما دينيا وطنيا فريدا من نوعه، حتى لو تسابقت دول أخرى في إحياء ذكرى سيد الشهداء في نهضته الإسلامية الإنسانية العظيمة المخلدة، فسيبقى قصب السبق للبحرين، حكومة وشعبا، في تقديم نموذج رائع لتلاقي الجهود الحكومية والأهلية، وهو موسم تحرص القيادة الرشيدة على أن يحظى بكل دعم ممكن على كافة الأصعدة.

نسأل الله أن يعيد هذه الذكرى على بلادنا الغالية وعلى الأمة الإسلامية جمعاء في خير ونماء وتقدم وأمن وأمان، ونقول للجميع: مأجورين، بارك الله فيكم.

سامي النصف

قضايا الأربعاء

انتقدنا في حينه استجواب وزير النفط الشيخ علي الجراح القائم على الشخصنة، وقلنا بعدم عدالة لوم الوزير على رحلة عمل يقوم بها احد موظفيه، وقد أتى في صحف امس حكم براءة موظفي مكتب طوكيو وتساءل المحامي نجيب الوقيان عمن سيقوم بردّ مظلمة هؤلاء الموظفين وكذلك مظلمة وزير النفط الذي ابتعد عن الوزارة بسبب تلك التهم الباطلة ومن ثم فقدت الكويت كفاءة كان بإمكانها ان تضيف الكثير لذلك القطاع الهام.

بإمكان كثير من التجمعات ان تحارب «مع» الحكومة قوانين افلاس الدولة الجائرة القادمة سريعا على الطريق، ولكن لا احد يستطيع ان يحارب «عن» الحكومة، نعلم ان هناك كثيرا من النواب وحتى الكتّاب يأكلون حتى الشبع من عطايا الحكومة، فكيف يصح وقوفهم ضدها بالموقف والقول والمقال في العديد من قضايا الدغدغة؟! حركوا هؤلاء قبل ان تكر السبحة وتفلس الدولة، وقديما قيل «من يأكل من صحن السلطان يضرب بسيفه» ولم يقولوا «… يضربه بسيفه» عبر مناكفته في كل مشاريعه.

هل الكويت ثالث أغنى الدول العربية كما أتى في صحف أمس؟! اي هل يصح اعتبار الدخل فقط دلالة الثراء دون النظر للمعطيات الأخرى؟! بمعنى انه لو كان هناك فقير لا يملك شروى نقير حصل بشكل مفاجئ على راتب «مؤقت» قدره 20 ألف دينار، فهل يجوز القول انه اكثر ثراء من شخص آخر يبلغ راتبه 5 آلاف دينار الا انه يملك مصانع ومزارع وعمارات وغيرها من مقومات الثراء الحقيقية؟ ان تلك المقولات ومثلها مقولات فائض الميزانية «المؤقتة» تسيل لعاب الطامعين وتضر أكثر مما تنفع فلنتوقف عن القول بها.

ومادمنا في سيرة الرواتب فنّد رئيس اللجنة المالية في لقائه مع قناة «سكوب» مقولة د.رولا دشتي عن وجود مسؤولين في الدولة رواتبهم 4 ـ 5 آلاف دينار لا يجوز شراء المال العام لفوائد مديونياتهم، بالقول انه كان وزيرا وراتبه لم يتعد ألفين ومائتي دينار (!)، ماذا يا دكتور عن مكافأة الوزير السنوية وقدرها 100 ألف دينار والتي ان قسمت على 12 لأصبح راتب الوزير الشهري 10.500 دينار عدا مخصصات السفر واللجان، فهل لم تكن تعلم بتلك المكافأة أو لم تحصل عليها؟!

ومما قاله د.يوسف الزلزلة ضمن نفس المقابلة ان كل ما يعمله هو بر وتنفيذ لقسمه الدستوري ثم ذكر كلمتين من القسم وتوقف كونه تذكر على الأرجح تبعات ذلك القسم العظيم، ونذكّر الدكتور الفاضل ونذكر بقية النواب الأفاضل بالنص الكامل لذلك القسم وهو «أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا للوطن وللأمير وان أحترم الدستور وقوانين الدولة وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله وأؤدي أعمالي بالأمانة والصدق» المادة 91 من الدستور.

ونسأل الفاضل رئيس اللجنة والسؤال موصول لبعض النواب الأفاضل، أين الإخلاص للوطن عندما نبدد المليارات من ثرواته في قضايا غير شرعية وغير دستورية وغير عادلة تجعلنا أضحوكة للأمم كقانون شراء فوائد القروض؟! وأين الإخلاص للأمير من قبل من يطعن في صندوق المعسرين الذي هو بادرة انسانية جميلة من صاحب السمو، لا مثيل لها في الدول الأخرى اضافة الى تجاهل مطالب سموه المتكررة بالحفاظ على الوحدة الوطنية؟ وأين احترام الدستور وقوانين الدولة وكل ما في مقترح اللجنة قفز على مواد الدستور التي تحض على العدالة والمساواة بين المواطنين وتخص 1 من كل 4 مواطنين بالمنح والعطايا؟ وأين الذود عن مصالح الشعب وأمواله ولن يبقى بعد طوفان المقترحات المدغدغة فلس أحمر في خزائن الدولة نحفظه لأجيالنا المقبلة.

آخر محطة

(1): وصلني صباح الأمس هاتف من مسؤول سعدت به كونه يستفسر عن أمر ما، لو قام كل مسؤول بالاستفسار المباشر بدلا من الاعتماد على كلام البطانة الكاذبة لاختفت على الفور الكثير من مشاكل البلد.

(2) ظاهرة مدمرة أخرى بدأت بالانتشار وهي استخدام سلاح دعاوى الطائفية والفئوية لمحاربة الإصلاح في الجهاز الوظيفي المترهل، فما ان يعاقب موظف ـ حاله كحال الآخرين ـ لإهماله في عمله او لتجاوزه على الأموال العامة حتى يصرخ بدعاوى الاضطهاد والاستقصاد، كيف يمكن تطبيق دعاوى الإصلاح في أجواء موبوءة كهذه؟!

احمد الصراف

دولة موظفي الحكومة

الكويت تقاد «تشريعيا» بأهواء ورغبات أكبر نقابة فيها، ألا وهي «نقابة موظفي الدولة»، بالرغم من انها غير مشهرة! فهذه النقابة هي التي تقف وراء قانون العار المسمى بقانون «اسقاط الفوائد وجدولة القروض»، ولو وافق مجلس الامة اليوم على منع موظفي الدولة من المشاركة في انتخابات مجلس الأمة القادم، أسوة بالعسكريين، لسقط قانون القروض في مداولته الثانية، فالذي يسيّر المجلس ليس المصلحة العامة بقدر ما هي رغبات وأهواء شرذمة من أصحاب الأصوات العالية الذين لا تهمهم الا مصالحهم.
لقد عملت في المصارف سنوات طويلة، داخليا وفي الخارج، ولا تزال صلتي بها، وبعد نصف قرن، متينة، وبإمكاني القول إنه لا شيء طرأ او استجد لكي تصبح لدينا مشكلة قروض تستحق صرف عشرة مليارات دولار لحلها، وان حدث ذلك فسيكون عارا علينا جميعا، فلا تزال نسبة القروض المتعثرة، ضمن نطاقها الطبيعي، وأقل من ذلك، ولو أخذت جهة ما عينات ممن يُطلق عليهم «المتعثرون» ودرست أحوالهم وظروفهم المعيشية، لوجدت ان نسبة من ليس بإمكانهم سداد ما اقترضوه لا تزيد على النسب العالمية، والتي عادة ما تكون بحدود 3% ، بالتالي لا يوجد ما يبرر اسقاط ديون 97% من المقترضين، لأن 3% او اقل من ذلك غير قادرين على السداد، وهؤلاء يمكن ان يتولى أمرهم، وأضعافهم صندوق المتعثرين او المعسرين!
ان ما ينويه بعض اعضاء مجلس الامة من الاقدام بالموافقة النهائية على القانون السيئ الذكر، لا يمكن ان يخرج عن كونه سرقة واضحة وجماعية للمال العام، الذي نمتلك جميعا حصة فيه، ولمصلحة فئة لا سند لها غير مجموعة من النواب المتهالكين على حلب آخر فلس في خزينة الدولة، من اجل ارضاء ناخبيهم وكسب اصواتهم! ويجب ان يعي هؤلاء انه بالموافقة على هذا القانون وقيام الحكومة بتمريره، انما نكرس الى الابد، وبقانون معيب، حقيقة ان المواطن الملتزم اهبل، والمستقيم فاشل، ومن يسدد ما عليه من ديون شخص خرطي…!

أحمد الصراف

احمد الصراف

مقالات الشيخ راشد الحمود

أعترف بأنني لا أقرأ ما يقوم الشيخ راشد حمود الصباح بكتابته في «الوطن» منذ فترة، وليس في ذلك ما يسيء اليه بالطبع، ولكن عنوان مقاله الأخير «الصباح هم الصباح» جذبني وكانت بدايته موفقة وجميلة، كما أن نصيحته للمسؤولين بالتمسك بالدستور كانت أكثر من مقنعة، لو يتم الاخذ بها! كما أن ملاحظاته عن خلافات المجتمع الكويتي وأنها لا تختلف عن أي مجتمع آخر كانت أيضا لا بأس بها. ثم تطرق الى المعارضة، حيث وصف جزءا منها بالبنّاءة، وأخرى غير ذلك، وأن هدف الأخيرة المعارضة فقط لوجود مصالح خاصة، مستغلين علو أصواتهم للتهجم على المسؤولين. وحذر في المقال من الحلول غير الدستورية وأن ذلك سيجر البلاد إلى مشاكل لا يعرف مداها. ولكن في منتصف المقال تقريبا وردت الفقرة التالية: وهناك معارضة محترفة تحتضنها منظمات وأحزاب، وتدرب عناصرها على الأهداف التي تصب في مصلحتها وتعمل تحت تسمية «القومية العربية والناصرية والبعث»! بينما هم في حقيقة الأمر يعملون، بوعي وعلم وإدراك أو بغير ذلك، في خدمة «الماسونية العالمية»، وهي المنظمة التي تخضع للوبي الصهيوني بعد أن أسسها اليهود الصهاينة قبل عدة قرون للهيمنة على القرار العالمي! وقال الشيخ راشد ان العراب من أمثال هؤلاء -وان د. أحمد الخطيب يتبعه- تعرضوا لعملية غسل مخ في شبابهم!
وهنا فقط، عرفت لماذا لم أكن أميل الى قراءة مقالات الشيخ الفاضل، ولماذا لم أسمع أبدا أحدا يتكلم عنها، مدحا أو ذما؟! فأي ماسونية عالمية يا شيخ وأي أحزاب وخطط وسيطرة وغسل مخ لدولة كانت -عندما تعرض هؤلاء للتجنيد في أربعينات القرن الماضي، وفق زعمكم- لا تعني الكثير لأحد؟! وإن كانت تلك القوى تعرف قبل 60 عاما ما ستنتهي اليه الأوضاع في الكويت اليوم، فأنا أول من يقف معها محييا سطوتها وقوتها وخبرتها! ولكن إذا كانت هذه القوى في خدمة الصهيونية العالمية، فلماذا فشلت في الفترة نفسها في القضاء على مقاومة الشعب الفلسطيني الأعزل في غالبه وانتفاضة أطفال الحجارة طوال العقدين الماضيين؟!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

بئس الإنقاذ يا عقيلة

نعم يستحق الجويهل أن يحاسب قانونيا على ما أثاره إعلاميا من شتيمة علنية وتشهير وهمي على أغلب الظن، لكن ألم يقسّم البعض، من ضمائر الأمة، المجتمع الكويتي من ذي قبل؟ أولم يصنّف كل من يملك الدنانير بأنه حوت يهدف إلى مص دماء الشعب ولا تهمه الكويت؟ أولم يصنّف أبناء المناطق الداخلية كما يحلو للبعض تسميتهم بأنهم عنصريون وانبطاحيون في الوقت نفسه، في استجواب الشريع لنورية الصبيح والاستجواب الأول لجابر الخالد؟

إذن فازدواجية المعايير موجودة لدينا أو لدى بعضنا إن صح التعبير، فمتى ما مست كراماتهم أصبحنا بحاجة إلى إنقاذ الوطن، ومتى ما قسمت أفواههم وتصرفاتهم الكويتيين إلى حيتان وتماسيح وحملان فالوحدة الوطنية بخير، وهم لا يكونون حينذاك سوى ضمير حي ولسان صريح وجريء.

أنا هنا لا أستنكر أو أرفض إنقاذ الوطن كمسمى وشعار، ولكن هذا الإنقاذ لا يتحقق بمعايير مزدوجة أبدا.

على أي حال لنتجه إلى ما حدث الثلاثاء الماضي في الندوة المشهورة بعنوان ندوة العقيلة عند النائب خالد الطاحوس، فقد تداعت القوى السياسية وبحضور جماهيري غير مسبوق إلى قتل الوطن لا إنقاذه.

فأن يكون أكثر من نصف المتحدثين من خريجي الانتخابات الفرعية التي تختزل الكويتيين في قبيلة وفخذ ليتحدثوا عن إنقاذ الوطن فهذه مهزلة، وأن يكون أحد المتحدثين متعدياً على الأموال العامة، ويريد أن ينتقم من فشله في تكملة تعديه على الأموال، وفشله في نيل ثقة الناخبين، ليأتي ويتحدث باسم الوطن/ البلد، وليس الوسيلة الإعلامية، فتلك هي الطامة.

أن يكون أيضا من المشاركين «حدس» حدس؟؟ حدس؟؟ أي وطن هذا؟ وأي إنقاذ؟ وأن يقمع أحد المدعوين من الحديث ضاربين عرض الحائط بحرية التعبير المكفولة دستوريا، ويدّعون بعد ذلك أن اجتماعهم هو لإنقاذ الوطن ودستور الوطن فعن أي وطن تتحدثون؟!

العتب كل العتب على السياسي المخضرم عبدالله النيباري الذي صوّر ذلك التجمع بأنه شبيه بدواوين الاثنين، وشتان ما بين المطالبة بالدستور «يابو محمد» ومن بارك وصفق لناس تسعى إلى وأد الدستور.

والعتب الآخر على الصديق والسياسي الواعد خالد الفضالة الذي قبل بالمشاركة مع أغلبية متجاوزة القانون، وجرمهم برأيي لا يقل عن جرم الجويهل يا «بوسند».

نحن فعلاً بحاجة إلى إنقاذ الوطن، من تجمع إنقاذ الوطن في يوم الثلاثاء الماضي.

خارج نطاق التغطية:

لا أستطيع أن أتجاوز حادثاً مفجعاً آلمني كثيرا برحيل شاب يافع هو ابن عمي يوم الأربعاء الماضي، ولكن عزائي الوحيد أن عمره الصغير لم يتح المجال لهذه الدنيا أن تلطخه بأوساخها، فإلى جنة الخلد يا جعفر محمد تقي خاجه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة 

سامي النصف

مال الفقراء وليس مال الحكومة

بعد تدمير الكويت سياسيا وشرخ الوحدة الوطنية عبر الممارسات العبثية التي تجري في البرلمان، بدأ البعض بالعمل الجاد لإفلاس الكويت اقتصاديا عبر مقترحات مجنونة لم يشهد لها التاريخ الإنساني مثيلا، ولم نسمع أو نر أمرا قريبا منها لدى الدول الأخرى الأكثر غنى ورفاها منا بمراحل مما يعني اننا أمام حكم إعدام مزدوج صادر بحق وطن معطاء لا يستحق قط مثل هذا التعامل الجاحد معه.

وأحد المفاهيم الاقتصادية المدمرة القائمة هو تسويق فكرة خاطئة فحواها ان المال العام هو مال الحكومة «الخاص» لذا يجب التسابق على صرفه وهدره وبدعم كامل – ويا للغرابة – ممن يفترض أن يكونوا أكثر الناس حرصا عليه، ونعني الفقراء ومحدودي الدخل من المواطنين ممن سيكونون المتضرر الأكبر من عجز الميزانية العامة وافلاس مؤسسات الدولة كالتأمينات الاجتماعية وتوقف صرف الرواتب وهي أمور كالساعة قادمة لا ريب فيها ما لم تتوقف الأغلبية الصامتة.. وتبدأ بالصراخ قبل وقوع الفأس في الرأس.

ولو قارنا راتبا وليكن ألف دينار لمواطن كويتي وآخر لأميركي أو أوروبي أو ياباني من رعايا أغنى دول العالم لوجدنا ان المواطن في تلك الدول الثرية يدفع 300 دينار من ذلك الراتب كضريبة دخل، ثم مائة لتعليم الأبناء ومائة أخرى للتأمين الصحي لعدم مجانية التعليم والصحة لديهم، ثم يدفع بعد ذلك ثمن كهرباء ووقود وماء ومواد غذائية وقروض سكن غير مدعومة من حكوماتهم مع عدم ضمان الاستمرار في الوظيفة أو الالتزام بزيادات سنوية أو تقاعد مجز كما يجري لدينا بسبب فوائض الميزانية المستهدف إتلافها وحرقها عبر المطالب المدغدغة.

أما في الكويت، المزمع نحرها من الوريد إلى الوريد، فالوظيفة مضمونة والراتب لا ضرائب عليه، والخدمات التعليمية والصحية مجانية، إضافة إلى الدعم الذي يشمل كل مناحي الحياة من المهد إلى اللحد، ومع ذلك يسعى بعض المدغدغين من النواب للتحريض بألا يدفع المواطن ما عليه تجاه البنوك وشركات الاستثمار التي اقترض منها باختياره رغم قدرته على الدفع خاصة أصحاب الرواتب المرتفعة، وقد قرر بعض النواب الأماجد تجميد 30 مليار دولار (8.5 مليارات دينار) لمدة 15 عاما كي تدفع أرباحها التي هي في النهاية عوائد للفقراء قبل الأغنياء لا لمؤسسات الدولة المودعة كالتأمينات العامة وهيئة الاستثمار وشؤون القصر.. الخ، بل لسداد ديون مقترضين مقتدرين، ومن يدريهم اننا لن نحتاج لذلك المبلغ الضخم وعوائده خلال السنوات القليلة القادمة لتسديد رواتب الموظفين فيما لو انخفض سعر النفط كما يتوقع الخبراء.

آخر محطة:
 
(1) يفرض القانون المجنون ان ندفع جميعا فوائد من اقترض في 14/12/2009 حتى لو كانت مئات الآلاف من الدنانير رغم انه لم يدفع فلسا واحدا من تلك الفوائد فأين العقل وأين العدل؟!

(2) الواجب على الناخبين، وخاصة محدودي الدخل منهم، المحاسبة الشديدة لنواب قوانين إفلاس الدولة كونهم المتضرر – لا المستفيد – الأكبر من تلك التشريعات غير المسبوقة في تاريخ الأمم.

(3) من أعطى نواب الأمة توكيلا عاما من 270 ألف مقترض؟! ومن أعطاهم توكيلا آخر من 730 ألف مواطن غير مقترض لحرق وهدر المال العام وإفلاس الدولة؟ ومن يقول ان مقترضا لم يبق من دينه إلا ألف أو ألفا دينار يرضى بأن تدفع الدولة عشرات المليارات من أمواله وأموال أبنائه لأجل ذلك القانون المسخ؟!

(4) شعارات الوحدة الوطنية وحب الكويت المتغنى بها كذبا وزيفا يجب أن تترجم الى عمل جاد يهدف للحفاظ على مستقبلها والتوقف عن إصدار تشريعات تنتهي بإفلاسها سريعا.

(5) الحل الحقيقي لكثير من إشكالاتنا التشريعية يكمن في تفعيل دور المحكمة الدستورية – كالحال في الديموقراطيات الأخرى – كي تسقط كل قانون أجوف وأخرق لا يراعي العدالة والمساواة والحفاظ على الثروات العامة كما تنص على ذلك مواد الدستور المتباكى عليه، فلم تعد تنفع حكاية «الأكثرية» للحفاظ على الثروات أو حتى.. الحريات العامة!

احمد الصراف

أنا أحبك وأنا جاسوس

في فيلم أميركي مشوق قالت الفتاة لوالدها الذي كان يراقصها في حفل زفافها: إني أحبك يا أبي! فرد قائلا: وأنا أحبك أكثر. فقالت: لماذا كلما قلت لك إني أحبك ترد علي بأنك تحبني أكثر؟ فقال: انتظري حتى يصبح لديك أبناء لتعرفي ما أعنيه!
وهكذا نحن نشتكي ونتألم ونقاسي الكثير مما يفعله أبناؤنا بنا، ولكننا نادرا ما نتذكر ما سببناه لوالدينا من آلام وقلق. فحبنا لهما لم يكن يوما بمقدار حبهما لنا. وقد ذكرني المشهد السينمائي بتجربة مررت بها قبل 42 عاما عندما سجنت في العراق، وكان ذلك بعد حرب «الأيام الستة» بأشهر، وكنت وقتها أدير قسما صغيرا في بنك الخليج، فقد قررت يومها انا وصديق السفر في إجازة إلى إيران، عن طريق البصرة، كما كان يفعل أقراننا بحثا عن الإمتاع والمؤانسة، وكذلك لغرض بيع سيارتي الفورد الموستانغ هناك، بعد أن تأثر سعرها في الكويت وندرت قطع غيارها نتيجة مقاطعة الدول العربية للشركة المصنعة. وفي المركز الحدودي عثر مفتش مركز صفوان على بعض الأجهزة الكهربائية معي واعتبر الأمر تهريبا، وأن علي دفع غرامة مالية كبيرة، ولكن بالبحث أكثر عثر في درج السيارة على رسالة موجهة لإسرائيل! وهنا تم التحفظ علي وأرسلت مخفورا، بتهمة التخابر مع العدو، لإدارة مكافحة التجسس في البصرة. وهناك شرحت قصة الرسالة وكيف أن موظفا فلسطينيا من أهالي غزة يعمل معي في القسم، طلب مني، بعد أن علم بنيتي السفر إلى إيران، أن أساعده في إرسال رسالته من إيران، لوجود علاقات وقتها بين نظام الشاه وإسرائيل، فربما تصل لأهله الذين انقطعت صلته بهم كليا.
تفحص «الخبير» العراقي الرسالة بتمعن شديد وقربها من الضوء ووضع قطرات من سائل خاص على بعض حروفها، ربما لكشف الحبر السري، وعندما لم يجد شيئا قرر سجني وإحالة الرسالة الى مختبر متخصص! أثناءها عاد من كان معي ليخبر أهلي بالقصة وليقوم والدي بإرسال سائقه، وكان فلسطينيا يعمل أخوه الأكبر في مهنة معروفة للكثيرين في البصرة، ليساعدني في الخروج من ورطتي، وهكذا كان، ولكن بعد أن مرت علي أيام أربعة متعبة، ولولا الطعام «الفاخر» الذي كان يرسل لي داخل السجن، والذي ساعدني في كسب مودة الكثير من المجرمين في داخل المعتقل لكانت معاناتي أشد بكثير!
وخلال هذه المعاناة، وغيرها الكثير طوال 60 عاما، لم أفكر يوما بما تسببت فيه تصرفاتي وحماقاتي وحتى أمراضي من آلام وقلق وسهر وسهد لوالدي، فنحن غالبا ما نتعامل مع محبة الوالدين كأنها أمور مسلم بها، وهي كذلك، وأن محبتهما لنا أمر مفروغ منه، وهذا صحيح، ولكن علينا، لكي تستمر إنسانيتنا، ألا ننسى فضلهما علينا وأن نسدد ولو جزءا صغيرا من حقهما علينا، وهذا المقال إقرار مني بذلك.

أحمد الصراف